تعاني المرأة أثناء الحمل، منذ بدايته حتى الوصول لمرحلة الولادة من آلام وتقلصات في البطن، ومنطقة أسفل البطن، وكل من هذه التقلصات له دلالته والتي تعرف حسب قوة التقلص ومدة حدوثه، كما يمكن للطبيب كذلك عمل فحص بالموجات الفوق الصوتية للوقوف على مدى تأثير هذه التقلصات على صحة الأم والجنين. أما عن التقلص الرحمي فهو عبارة عن انقباضات تختلف قوتها من امرأة لأخرى تبدأ في الحدوث منذ الأسابيع الأولى من الولادة بسبب تمدد عضلات الرحم وكبر حجم الجنين، وصولاً لما قبل الولادة. ويمكن لنا القول بأن أكثر التقلصات قوة وخطراً على الجنين هي تلك التي تحدث في الشهر الثاني والثالث من الحمل، والتي تعرف بتقلصات براكستون هيكس، فما هي أعراضها، أسبابها، وما الخطر الذي تشكله على الحمل، وكيف يمكن تجنب التقلص الرحمي أثناء الحمل؟
أسباب حدوث التقلص الرحمي وطرق علاجه
ما هي التقلص الرحمي؟
التقلص الرحمي هي ارتخاء في عضلة الرحم ثم انقباض وتضيق بشكل متعاقب، وتحدث تقلصات الرحم في مرحلة الدورة الشهرية، وأثناء الولادة أيضاً. تختلف تقلصات الرحم حسب الحالة، فتقلصات الدورة الشهرية تتميز بضعفها وزوالها بمجرد نزول الدورة الشهرية، أما التقلص الرحمي أثناء الحمل، فتختلف قوتها ووقت حدوثها، فالتقلصات الرحمية التي تحدث في الشهور الثلاث الأولى، والمعروفة بتقلصات براكستون هيكس، من أكثر التقلص الرحمي انتشاراً بين الحوامل، وتستمر مدتها ما بين 30 ثانية ودقيقة، وقد تستمر أكثر من ذلك بقليل، ويمكن التغلب عليها بسهولة عن طريق ممارسة تمرين البسط والاسترخاء لمدة ثلاث دقائق، يتخللها تنفس عميق منتظم. ولنا أن نعرف أيضاً أن هذه التقلصات ما هي إلا عرض طبيعي بل مرغوب حيث يتسبب في تليين عضلات الرحم مما يتيح للدم بالتدفق إلى المشيمة.
أما التقلص الرحمي في الشهر الأخير من الحمل، فيكون بسبب تدفق الدم بكميات كبيرة للمشيمة، لمساعدة المرأة على ولادة الجنين. وهنا يكون الطبيب وحده هو القادر على تقييم مدى الخطر الذي تشكله التقلص الرحمي على الحمل.
كيف يحدث التقلص الرحمي؟
يمكن لنا في البداية تقسيم التقلص الرحمي إلى ثلاثة أقسام؛ القسم الأول يكون في الشهور الثلاث الأولى من الحمل، وتكون علامة على تهيئة الرحم وتوسعته ليتناسب مع حجم الجنين في المرحلة التالية من الحمل. ويمكن لنا وصفه بأنه عبارة عن انقباضات تحدث على فترات متباعدة مع ملاحظة أنه لا يرافقه نزول أي إفرازات أو دم من المهبل.
أما النوع الثاني من الانقباضات الرحمية فتلك التي تحدث في الشهر الرابع، الخامس، أو السادس، وتلك التي يمكن أن تكون مدعاة للقلق، ففي هذه المرحلة يكون حجم الجنين أكبر من ذي قبل، ويمكن أن تؤدي تلك التقلصات إذا ما كانت على فترات متقاربة وبقوة أن تعرض آلام لخطر الإجهاض، خاصة إذا كانت الأم قبل سبق لها الإجهاض. ويجب في هذه الحالة التوجه فوراً لطبيب النساء المختص لعمل الفحوصات اللازمة للوقوف على حالة الحمل. أما النوع الثالث من التقلص الرحمي فهي التي يطلق عليها الولادة الكاذبة، أو الطلق الكاذب، وتحدث في الثلاثة أشهر الأخيرة من الحمل. وتوصف هذه التقلصات بأنها تقلصات قوية غير منتظمة قد تستمر لمدة نصف دقيقة إلى دقيقة واحدة، وفي أوقات أخرى قد تستمر لما يقارب نصف ساعة، مما يدفع الحامل للذهاب إلى الطبيب ظناً منها أنها تشعر بآلام الولادة، والحقيقة أن الأمر ليس كذلك.
ورغم أنه لم يتم التوصل لأسباب حدوث التقلص الرحمي إلا أن الأطباء يرون أنها ما هي إلا تهيئة لجسم الحامل لمرحلة الحمل وتوسعة للرحم والتي تزداد قوة بتقدم الحمل إلى أن تصل في نهاية الأمر لتقلصات الولادة الحقيقية عندما يصبح الجنين مناسباً للخروج إلى الحياة.
أسباب التقلص الرحمي
كما قلنا من قبل بأن ليس هناك أسباباً محددة لحدوث التقلص الرحمي، لكنه قد يحدث في بعض الحالات المحددة والتي تم رصدها مثل: الإصابة بالأورام الليفية أو وجود زوائد لحمية داخل جدار الرحم، وجود التهابات في الجهاز التناسلي للمرأة وخاصة في الرحم أو قناة فالوب أو المبيضين، حالة بطانة الرحم المهاجرة.
وكذلك تصاب بعض النساء غير الحوامل بالتقلص الرحمي أثناء التبويض أو أثناء الدورة الشهرية، والبعض تصاب بالتقلص الرحمي عند استعمال اللولب.
وفي بداية الحمل، تبدأ المرأة بالإحساس بالتقلص الرحمي بسبب إفراز هرمون أكوسيتوسين، ووظيفة هذا الهرمون هي دفع عضلات الرحم على الانقباض والانبساط، مما يؤدي إلى تليين الرحم وتمدده، وفيما بعد تسهيل خروج الجنين عند الولادة.
أعراض التقلص الرحمي
تبدأ أعراض التقلص الرحمي على شكل ألم بسيط في أسفل البطن وقد يمتد إلى أعلى الفخذين وأسفل الظهر، تختلف قوته بحسب الحالة، وقد يصاحبه ميل للقيء، ألام أثناء التبرز، صداع، إغماء، وبالنسبة لغير الحوامل، والمصابات بالتقلص الرحمي أثناء الدورة الشهرية، تختفي أعراض التقلصات في اليوم الثاني من نزول الدورة الشهرية. ونشير أيضاً إلى التقلص الرحمي قد تحدث في مرحلة انقطاع الطمث، وعلى السيدة الانتباه عند الشعور بتلك التقلصات للوقوف على أسبابها وإمكانية علاجها.
التقلص الرحمي وتقلصات الولادة
للتفرقة بين التقلص الرحمي طوال فترة الحمل وتقلصات الولادة على الحامل أن تنتبه جيداً أن تلك الأخيرة تكون مصحوبة بآلام في أسفل الظهر وثقل مشابه لآلم الدورة الشهرية، كما تشعر الحامل برغبة ملحة في التبول على الرغم من عدم وجود كمية من البول داخل المثانة. كذلك تبدأ التقلصات في الانتشار في البطن وتتعدى منطقة الرحم. عندما يحين موعد الولادة تشعر الحامل بانتظام وتكرار لتقلصات الرحم وألام أسفل الظهر، إلى أن تصل الفترات ما بين كل تقلص وآخر إلى ما لا يزيد عن ربع ساعة تقريباً. وعندما تصبح التقلصات متتالية وقوية ومستمرة يكون هذا إشارة إلى بداية اتساع الرحم مما يتيح للجنين للخروج بسهولة من رحم أمه. وأهم العلامات أيضاً هو نزول بعض الدماء أو الماء المحيط بالجنين.
كيف تتجنبين التقلص الرحمي أثناء الحمل؟
يمكن للمرأة الحامل في الشهور الأولى تحمل التقلصات الرحمية حيث تكون بسيطة وعلى فترات متباعدة، كما يكون حجم الجنين صغيراً فلا تشعر بمشكلة مزعجة. أما بالنسبة لتجنب التقلص الرحمي بصفة عامة أثناء الحمل، فعلى الحامل تجنب ترك المثانة ممتلئة، وعليها ممارسة بعض تمارين الاسترخاء والتي تعمل على استرخاء عضلاتها وتنشيط الدورة الدموية. وهنا نذكر تمارين الاسترخاء والتنفس والتي تفيد كثيراً في التخلص من نوبة التقلص الرحمي للمرأة الحامل. أما المعرضات للإجهاض فعليهن خلال الشهر الثالث والرابع والخامس، الالتزام بالراحة التامة، والتوجه للطبيب المختص فور الشعور بتقلصات رحمية قوية.
خاتمة
يمكن القول بأن التقلص الرحمي ما هو إلا رد فعل طبيعي من الرحم في حالة تدفق الدم إليه، وبالتالي فيمكن حدوثها للمرأة أثناء دورتها الشهرية، في فترة التبويض، عند بداية الحمل، عند كبر حجم الجنين، وفي النهاية عند بدء المخاض. لا ينبغي للتقلصات الرحمية أن تتسبب في قلق المرأة الحامل إلا إذا كانت في الثلث الثاني من الحمل، وإذا كانت قد تعرضت للإجهاض من قبل. ويمكن للمرأة تجنب التقلص الرحمي بعدم حبس البول لفترة طويلة، ممارسة بعض التمرينات الرياضية وأهمها المشي، ممارسة تمارين التنفس والاسترخاء، وعند الشعور بأي تقلصات مستمرة وقوية عليها التوجه فوراً للطبيب المختص.
أضف تعليق