تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » تفاعل اجتماعي » التفكير التسلطي : لماذا ينشأ التفكير التسلطي؟ وكيف يمكن التخلص منه؟

التفكير التسلطي : لماذا ينشأ التفكير التسلطي؟ وكيف يمكن التخلص منه؟

فكرة السلطة والتحكم في الآخرين هي فكرة رائجة جدًا في مجتمعنا والعديد من المجتمعات الأخرى، في السطور التالية نتعرف على التفكير التسلطي الذي هو أساس التسلط.

التفكير التسلطي

التفكير التسلطي من أنواع التفكير التي نجدها حولنا بكل آسف لدى العديد من الأشخاص، وهو يعبر عن نوع سيء جدًا من التفكير، حيث يميل الشخص إلى فرض سلطته وقوته على الآخرين، وبالتالي قد يمنعهم من المشاركة بآرائهم أو أفكارهم في العديد من الأشياء، وقد يجبرهم على تنفيذ أمور لا يرغبون بها. بالطبع لا أحد منا يفضل التعامل مع شخص يستخدم التفكير التسلطي في حياته، لكننا قد نجبر أحيانًا على ذلك، ولهذا سوف نتحدث في المقال عن التفكير التسلطي والأسباب التي تجعله ينشأ لدى الأفراد، وفي النهاية سنذكر كيف يمكننا التخلص منه إلى الأبد.

تعرف على ملامح التفكير التسلطي وكيفية التعامل مع أصحابه

ما هو التفكير التسلطي بالتحديد؟

حتى يمكننا التعامل مع التفكير التسلطي بالشكل الصحيح، علينا أن نضع تعريفًا محددًا له من البداية، وكما ذكرنا في المقدمة أن التفكير التسلطي يعني ميل الشخص إلى فرض سلطته على الآخرين، حيث يرى الشخص أنه الوحيد على صواب، أو يعرف أكثر من غيره، وبالتالي يحق له التصرف وفرض ما يراه على البقية.

التفكير التسلطي قد ينشأ بسبب عوامل في تربية الشخص، تجعله يكتسب قدرًا من القسوة أو محاولته لفرض ما يراه على الجميع. وقد يظهر أيضًا على هيئة تمسك الشخص بأفكاره بشكل يجعله يمتنع تمامًا عن الاستماع إلى آراء البقية.

تمسك الشخص بآرائه لا يصنف دائمًا تحت مسمى التفكير التسلطي لأنه يحق للشخص أن يتمسك بما يعتقد أنه صحيح، لكن المشكلة تبدأ عندما يتجاهل الشخص كل شيء آخر، ويسعى جاهدًا لأن يفرض آراءه بالقوة، وكأنها هي الحقيقة الوحيدة الصحيحة الموجودة.

يكثر ظهور التفكير التسلطي لدى الأنظمة الديكتاتورية، حيث يتمسك أفراد النظام بما يرونه، ولا يستمعون إلى أي كلام من خارجهم، كذلك يبثون الخوف لدى من يعارضهم ويمنعونهم من المشاركة بآرائهم سواءً باستخدام التهديدات أو السجن أو غيره من الوسائل.

لماذا ينشأ التفكير التسلطي لدى الأفراد؟

كما ذكرنا في الفقرة الماضية، قد ينشأ التفكير التسلطي لدى الأفراد بسبب أسلوب تربيتهم. حيث أن قسوة الأهل في الكثير من الأحيان، تؤدي إلى خلق شخص انعزالي يملك قدرًا كبيرًا من القسوة، تنعكس فيما بعد في تعامله مع الآخرين.

كذلك قد يرتبط الأمر بوجود حادثة معينة في تاريخ الشخص، تجعله يكتسب التفكير التسلطي فيما بعد، كأن يتعرض لاعتداء مثلًا، أو بفعل البيئة التي يعيش بها، لا سيما بعض المناطق التي تؤثر في شخصية الإنسان، كالمناطق التي يكثر بها وجود الجريمة.

من العوامل الأخرى التي تؤثر بالتأكيد هي المستوى التعليمي للشخص، حيث أن التعليم يساهم في تهذيب النفوس، ويجعلها تكتسب قدر من الاعتدال، فإن حدث شيء للتعليم تكون النتيجة وجود سلوك غير سويّ لدى الفرد، ومن بين هذه النتائج هي اكتسابه التفكير التسلطي في حياته.

كل العوامل التي تؤدي لاكتساب هذا النوع من التفكير، ترتبط بشكل أساسي بزراعة قدر من القسوة في الشخص، مما يجعله يصل إلى حالة الانعزال عن المجتمع، أو اكتسابه قناعة شديدة بأفكاره ومعتقداته مع رفضه لتقبل وجود أفكار أخرى في حياته.

مظاهر فرض التفكير التسلطي على الآخرين

في الأغلب فإن الشخص الذي يملك التفكير التسلطي يمارسه على الآخرين بأكثر من شكل، فالأمر لا يتعلق دائمًا بفرض قرار معين، أو منع البقية من المشاركة بآرائهم. حيث توجد العديد من المظاهر التي نرى من خلالها التفكير التسلطي اعتمادًا على نوع القوة التي يملكها الشخص، فالشخص قد يملك سلطة اجتماعية أو سلطة اقتصادية على سبيل المثال، ومن خلالها يبدأ في التحكم في الآخرين.

وبالتالي كما سنرى في النقاط التالية، الشخص أحيانًا يفرض سلطته على الآخرين دون حتى أن يحتك بهم، لكنهم مع ذلك يشعرون بهذه القوة تؤثر عليهم بالسلب وتقيدهم.

السيطرة المالية

تعتبر السيطرة المالية من أشهر مظاهر التفكير التسلطي الموجودة من حولنا، فالشخص الذي يملك المال، أيًا كان الموقع الذي يحتله، سواءً الأهل في المنزل، أو صاحب العمل، فإنه يكون لديه قدرة التأثير علينا بقدر كبير.

وفي الغالب فإن أي شخص يرغب في أن يجعل الآخرين يخضعون له دون أن يدخل في نقاش معهم، فإنه يستخدم المال من أجل ذلك. لأنه يعرف أثره على حياة الأفراد، وأن المال ستكون الوسيلة التي تجعلهم يخضعون له، ولذلك فإن الشخص الذي يملك المال يخشى الناس من وجود التفكير التسلطي لديه، بسبب ما يمكنه فعله معهم.

تخيل صاحب العمل الذي يريد أن يعاقب أحد الأشخاص، بالتأكيد سيفعل ذلك من خلال فرض خصومات عليه، ويقتطع جزء من راتبه للتهديد، وقد يصل الأمر به إلى فصل الشخص من العمل.

حتى الأهل في الكثير من الأحيان، عندما يعجزون عن السيطرة على أولادهم، فإنهم يستخدمون العقاب بالحرمان من المصروف المعتاد للابن، مما يجعله يستمع لهم.

السلطة

وجود السلطة لدى الأشخاص يعتبر من أكبر الأشياء التي تكسبهم التفكير التسلطي في التعامل مع الآخرين، لا سيما الأشخاص الذين يتمتعون أساسًا بالنزعة الديكتاتورية والرغبة في إخضاع الآخرين لهم.

ويعتبر هذا هو المظهر الأكثر شيوعًا في حياتنا اليومية، سواءً من خلال الأنظمة الحاكمة للدول، أو الأنظمة الموجودة في العمل، وحتى في المنزل. فمن المعروف أن أي شخص مسئول يكتسب سلطة من هذه المسئولية، وبالتالي فهو طوال الوقت في وضع ممارسة لهذه السلطة على الأفراد الموجودين معه، مما يعني احتمالية ظهور التفكير التسلطي أثناء التعامل معهم.

كيف يمكننا التخلص من التفكير التسلطي للأبد؟

القضاء على التفكير التسلطي يحتاج إلى مجهود كبير، لا سيما مع تمتع الشخص الذي يملك السلطة بمكانة أعلى منا، مما يمكن أن يجعل من مهمتنا صعبة بعض الشيء، لكن مع ذلك فإنه لا يمكن أبدًا الصبر على وجود هذا النوع من التفكير.

الخطوة الأولى التي يمكننا اتّباعها هي الابتعاد عن السلطة المطلقة، فعلى سبيل المثال، لا يجب أن يكون للمسئول عن العمل القدرة الكاملة للتحكم في الآخرين، وذلك من خلال وجود قوانين تنظم العمل، وتجعل تدخلات هذا الشخص محدودة بما يسمح له القانون، ويمنعه عن تطبيق التفكير التسلطي على الآخرين. وفي حالة وجدنا أن هذا القانون يتم اختراقه، فإنه يجب علينا أن نعترض على الأمر بشكل صحيح، بحيث نحصل على ما نريده.

الخطوة الثانية هي العمل على توفير مصادر متنوعة للدخل، فإن كنت تشعر أن أهلك يمارسون الضغط عليك باستخدام المال، عليك أن تبدأ في توفير مصدر للدخل خاص بك، كأن تبحث عن وظيفة أثناء الدراسة. أو حتى إن كان رئيسك في العمل يستخدم ذلك لتهديدك، يمكنك أن تبدأ في البحث عن وظيفة أخرى لتأديتها، مما يجعل هذا التهديد أقل في الخطورة عليك.

التعامل مع التفكير التسلطي يحتاج منك إلى ذكاء كبير وحذر شديد، حتى لا تجد نفسك تتعرض لمواقف تعجز عن التصرف من خلالها، ومن ثم تكون مهددًا بالتعرض إلى أي خطر يمكنه التأثير على حياتك.

التفكير التسلطي من أسوء أنواع التفكير التي يمكننا أن نقابلها في حياتنا، لكن وجوده أمر نجبر عليه في العديد من الأحيان، وبالتالي عليك أن تكون جاهزًا طوال الوقت للعمل على تقليل خطره عليك، فتحيا دون خوف أو تهديد.

معاذ يوسف

مؤسس ورئيس حالي لفريق ثقافي محلي، قمت بكتابة رواية لكنها لم تنشر بعد.

أضف تعليق

أربعة × 2 =