إنّ التفاوت بين الأجيال يعد موضوعًا مهمًا يجب التعرض له، ففي كل جيل نجد فيه سمة معينة ليست موجودة في الجيل الذي قبله، ومظاهر المعيشة المعاصرة تختلف اختلافًا تامًا عن مظاهر الأجيال الأخرى السابقة، فعلى سبيل المثال، وجود الإنترنت في حياتنا المعاصرة، بينما كان غير متواجد قبل ذلك، وأساليب التربية المعاصرة لها قواعد معينة غريبة عمّا كانت عليه في السابق، وكما نجد الآباء لهم معتقداتهم الخاصة بهم، نجد الفجوة بين الآباء والأبناء تزيد أكثر، والتباين الفكري الواضح أصبح سمة سائدة في المجتمع المعاصر، وكل ذلك يؤثر على أساليب التربية، ففي كل بيت معاصر نجد تباينًا في الأفكار والمعتقدات والقيم والمبادئ، وهذا له أسباب عديدة سوف نقوم بذكرها.
إن التفاوت يعني التباين والاختلاف والتباعد سواء كان في الأفكار والآراء أو المعتقدات الخاصة، والاتجاهات السياسية، فإن التفاوت بين الأجيال يشمل العديد من قضايا المجتمع الماضية والحاضرة، ويربط بين الماضي والحاضر والمستقبل، ويوضح الفرق بين الأجيال السابقة والأجيال الحالية، ونعرف منه حجم الفجوة الثقافية الموجودة بين الأجيال، ويناقش كيف تطورت التربية. و التفاوت بين الأجيال أدّى إلى وجود صراع متزامن بين الأجيال، وهذا الصراع لا ينتهي على مر العصور، وكما ينعكس التفاوت بين الأجيال على أساليب التربية ينعكس أيضًا على طريقة المعيشة وسلوكيات الأفراد، كل هذا سوف نناقشه في هذا المقال، وسوف نعرض أهم أسباب الصراع بين الأجيال، وحجم الفجوة الثقافية الموجودة.
استكشف هذه المقالة
الفرق بين الأجيال السابقة والحالية
الأجيال السابقة تتمثل في الأجداد والآباء والأمهات، ومن مظاهر التفاوت بين الأجيال : اختلاف التربية، فكانت التربية في السابق صارمة وأحيانًا عنيفة تهدف إلى وجوب الاحترام الشديد للآباء وذلك اعتقادًا منهم أن هذا سيزيد من هيبتهم أمام أبنائِهم، وكانت التربية في حدود معينة وكان حينها من السهل السيطرة على الأولاد لأنهم كانوا يتلقون الأوامر من آبائِهم فقط ولا توجد أية مؤثرات خارجية تشوش عقولهم، وهناك الروتين المعتاد والتقليدي في الانضباط الشديد في المواعيد، والاعتياد على حياة نمطية معينة ومنظمة، وكان في السابق يلعب الآباء دورًا مهمًا في التأثير على شخصية أولادهم من غير وجود أي عوامل أخرى تؤثر عليهم، والأفكار كانت نوعًا ما نمطية سائدة بين أفراد الجيل، والانفتاح الرهيب الموجود في الجيل المعاصر كان لا وجود له، والاكتفاء الذاتي موجود في سمات الأجيال السابقة، والثقافة العامة كانت متقاربة نظرًا لعدم وجود التباعد الشديد بين طبقات المجتمع آنذاك، أما الأجيال الحالية، فيظهر فيها الانفتاح الرهيب، وتداخل الثقافات، والإنترنت والهواتف الجوالة، والتكنولوجيا الحديثة والتي تتطور كل يوم عن الذي قبله، فأصبحت التربية مختلفة وأساليب التربية تنوعت، وتشوشت عقول الأبناء لأنّ التأثرُ تنوع بعد أن كان من البيت فقط ومن الأبوين، أصبح من أماكن أخرى، فإن التفاوت بين الأجيال أحدث طفرة كبيرة في الأفراد والثقافات وأساليب التربية، فأصبح كل جيل له السمة الخاصة به، وترتب على ذلك التفاوت الشديد بين كل جيل، مما أدّى إلى وجود صراع بين الأجيال.
أسباب التفاوت بين الأجيال
تتمثل أسباب التفاوت بين الأجيال والصراع بين الأجيال في: الفجوة الثقافية الموجودة بين كل جيل، التباين الواضح بين طبقات المجتمع، وتدني الطبقة الوسطى مما كانت عليه في سابق عهدها، والاختلاف الفكري والسياسي، فنرى أنه مازال هناك أفراد متأثرون بالعصور القديمة ويربطون السياسة القديمة بكل شيء موجود في الجيل المعاصر، وهذا يحدث نوعًا من التباعد الفكري بشكل واضح، غير ذلك من ضعف ثقافة الآباء أحيانًا وعدم قدرتهم على استيعاب أبنائِهم، وأحيانًا أخرى عدم مواكبتهم للعصر الحديث بكل تحدياته وظروفه المعقّدة، والانفتاح المعرفي والثقافي الرهيب المباح والغير مباح، وعدم وجود حدود ممكنة تقنن كيفية التعامل معه، وأيضًا مظاهر الاختلاط المباح والغير مباح، حيث أن نزول المرأة للعمل أحدث اختلافًا واضحًا بين الأجيال، ومن أسباب الصراع بين الأجيال اختلاف نمط الحياة، ووجود التكنولوجيا، وإمكانية التجول حول العالم من خلالها، وتداخل الثقافات الأجنبية على المجتمعات الشرقية، والتأثر الشديد بهذه الثقافات، وغياب الوعي الديني من أهم أسباب الصراع، والعولمة السياسية والاقتصادية ، والصراع بين أفراد الجيل الواضح بسبب المطالبة ببعض الحقوق، والعناد من قبل الآباء بثباتهم على رأي واحد وعدم تقبل آراء من أصغر منهم سنًا. فيتمثل الصراع بين الأجيال في الصراع الديني، والصراع اللغوي، والصراح السياسي، والفكري والثقافي، وأيضًا الصراع الأسري كل ذلك تسبب في إنتاج أجيال أخرى قادرة على مواكبة عصرها الحديث، وفي نفس الوقت يتحتم الخوف عليها من مظاهر المجتمع الحديث واختلاف الثقافات الموجودة والتي بالتأكيد تؤثر عليهم بالإيجاب أحيانًا ، وبالسلب في أشياء كثيرة يجب عليهم الحذر منها.
تعريف الفجوة الثقافية
هي اختلاف الآراء والمعتقدات والسياسات والفكر، والتباين والابتعاد بين الأجيال السابقة والأجيال المعاصرة، وأيضًا نجد اختلاف العادات والتقاليد والعُرف تغيّرت ملامحه، وأصبح كل جيل له ملامحه الخاصة به والتي تزيد الفجوة بين الأجيال، وتزيد من التفاوت بين الأجيال ، فمن أهم العوامل التي أدّت إلى وجود الفجوة الثقافية بين الأجيال هي “التربية” يليها “التكنولوجيا الحديثة”، والتأثر بالثقافة الغربية المفرطة، ومشاهدة الأفلام التي تعبر عن الثقافات الأخرى كل ذلك زاد في الفجوة بين الأجيال. ومن مظاهر الفجوة الثقافية: “اللغة” قبل ذلك كانت عامية مهذّبة نوعًا ما ولا يشوبها ألفاظ ركيكة، أما الآن نرى اضمحلال اللغة العربية بوجه خاص وركاكة اللغة العامية بوجه عام، واستخدام الألفاظ الغير عربية مع الألفاظ العربية وهكذا، ومن مظاهر هذه الفجوة أصبحت الترجمة شيء مهم جدًا، وهذا بسبب أن جميع أفراد المجتمع انصبّ اهتمامهم على الرغبة في تعلم اللغات الأخرى، وأصبح التعامل مع الحاسب الآلي والهواتف الذكية أمر لا مفر منه وضروري جدًا، وتظهر الفجوة الثقافية في سلوكيات العمل، والتأثر بالعادات والتقاليد الغربية، واختلاف طريقة الزواج ومراسم العُرس وغير ذلك مما كان عليه العُرف قبل ذلك وما عليه الآن، وهذا بسبب عصر العولمة والذي نحن الآن بصدده، فتأثرنا بالثقافات الأخرى وغاب الدين والقيم والمبادئ والأفكار التي كانت سائدة في السابق، فبقت الأجيال السابقة كما هي، وتطورت الأجيال الحالية تطورًا رهيبًا، فكل يوم تنتشر فيه ثقافة جديدة، ويتواصل جميع أفراد الجيل مع بعضهم البعض على مواقع التواصل الاجتماعي، فيتأثر الجميع بها.. وهكذا، مما أدّى إلى وجود فجوة ثقافية، وساعد كل ذلك على التفاوت بين الأجيال .
ويجب على الإنسان التطوير من نفسه دائمًا، والعمل كل يوم على اكتساب معلومات جديدة، ومواكبة العصر، وعلى أولياء الأمور التحرر من الجمود الفكري المسيطر عليهم منذ عشرات السنين، لأن الآباء في اعتقادهم أنه يمكن السيطرة على أبنائِهم، فيقسون عليهم أحيانًا، ويعانقونهم أحيانًا أخرى، لكن مع الأسف مع ازدياد الفجوة الثقافية زادت احتياجات أبناء الجيل المعاصر، فصارت الأولويات مختلفة بالرغبة في شراء الهواتف، واقتناء السيارات، ومظاهر البزغ، والتأثر بأصدقائهم ومحاولة تقليدهم، لذا يجب علينا جميعًا توخي الحذر دائمًا، ومحاولة سيطرة الأب والأم على أولادهم، لأن العصر الحالي الذي نعيش فيه مليء بالتحديات والثقافات.
الكاتب: آلاء لؤي
أضف تعليق