التخلص من القمامة يعتبر أحد أهم الاحتياجات الفردية اليومية للعالم المتحضر. تراكم القمامة داخل منازلنا يكون ذا خطر كبير على صحتنا وعلى الجو المحيط بنا، فتلك القمامة تُكَوّن البيئة الأمثل لنمو البكتيريا الضارة التي تجلب العديد والعديد من الأمراض. ولا ننسى أيضا الرائحة العطنة التي تملأ بها أرجاء المكان فيكون غير قابل للتواجد فيه لمدة خمس دقائق. التخلص من القمامة إذا ليس رفاهية أو اختيارا، وإنما هو ضرورة من ضروريات حياتنا. وكلما تمكنا من التخلص من القمامة أسرع، كلما تمكنا من الحفاظ على حياة أأمن وأفضل. فماذا نفعل إذا في سبيل التخلص من القمامة عدا انتظار عمال النظافة كل يوم أو عندما يأتون؟ هذا هو ما سنحاول الإجابة عليه في هذا المقال.
طرق مبتكرة من أجل التخلص من القمامة
دورة حياة التخلص من القمامة
في البداية دعونا نتحدث عن شيء شديد الأهمية وهو الطريقة التي يتم فيها التخلص من القمامة. في معظم الأماكن في بلداننا العربية تلخص دورة التخلص من القمامة في أخذ القمامة من المنازل عن طريق عمال النظافة وإيصالها إلى جبل القمامة الذي يتم حرقه، أو دفنه في مكان نائي أو إلقائه في أي مكان بعيد عن المناطق السكانية. ولكن أتدركون خطر هذه الدورة على الحياة عموما وعلى حياة البشر خصوصا؟! في السطور القادمة سنخط لكم بعضا من أضرار دورة التخلص من القمامة العادية تلك فقط لنعطيكم بعض التوضيح عن خطورة هذا الموضوع.
تلوث المياه
هذا الخطر ينتج عن تسرب المخلفات بعد التخلص منها إلى المياه القريبة من تلك المنطقة. ليس ذلك هو السبب الوحيد، فأحيانا ما تكون الطريقة للتخلص من المخلفات نفسها هي عن طريق رميها في المياه! هذا التسرب أو الإلقاء المتعمد للقمامة في المياه ينتج عنه مواد كيميائية ضارة تقوم بالتلاعب وتغير كيميائية الماء. هذا التلاعب يؤثر على النظام البيئي المائي عموما فيغير البيئة المحيطة للسمك مما يؤدي إلى موت بعض أو معظم أنواع السمك الموجودة بتلك البيئة. ليس هذا فقط، بل يقوم هذا التصرف بإضرار الكائنات التي تعتمد في شربها على تلك المياه التي تم تدميرها كيميائيا أيضا.
تلوث التربة
أحد طرق التخلص من القمامة كما أوضحنا هي دفنها داخل الأرض. ولكن هذه الطريقة تتسبب في أضرار جمة للتربة. وإذا كان المكان بعيدا عن النباتات عموما أو الزراعية خصوصا، فإن تلوث التربة سينتقل ببطء بمرور الأيام ويصل إلى تلك النباتات. في حالة النباتات العامة التي لا نستهلكها في غذائنا أو غذاء حيواتنا، فإن هذه النباتات ستتلف جذورها وقد نفقدها إلى الأبد. وحتى إذا كنا نحن لسنا بحاجة إليها، فإن البيئة تحتاجها بشدة. وبالنسبة للنباتات الزراعية، فإننا أول من سيعاني من أضرار تلوث التربة هذا وسندفع الثمن في صحتنا وصحة حيواناتنا أيضا.
أضرار اقتصادية
بالطبع أعظم أخطار دورة التخلص من القمامة تلك تتمثل في تدمير أنفسنا والبيئة المحيطة بنا، ولكن هناك أيضا أضرار أخرى على الاقتصاد العام والمناخ المالي لتلك الدولة التي تتواجد بها مشكلة القمامة. فمثلا، الدولة التي لديها مشكلة في التخلص من القمامة وتنتشر فيها الأمراض والتلوث والرائحة الكريهة ستكون علامة X كبيرة على الخريطة لهؤلاء السياح الذين يرغبون في رؤية أماكن جديدة. هذا الأمر سيؤثر على اقتصاد الدولة وفي قدرتها على الحصول على العملات الصعبة التي تساهم في رفع اقتصادها.
الأمر الثاني الذي يؤثر على الاقتصاد هو تجاهل القيمة المادية العظيمة الناتجة وراء تدوير القمامة. فعوضا عن دفن القمامة أو التخلص منها بتلك الطرق المؤذية، بإمكان صناعات كبيرة ذات عوائد مادية ضخمة أن تستفيد من تلك القمامة عن طريق إعادة تدويرها واستخراج منتجات أخرى تباع في الأسواق. ولن يمكن لأي أحد أن يفرق بين منتج مصنع لأول مرة ومنتج معاد تدويره. وعلى كل، فالحديث عن تدوير القمامة سيقودنا إلى الفقرة التالية من مقالنا.
تدوير القمامة
في هذا الشق من المقال سنتحدث حول تدوير القمامة وحول أهم المنافع التي عادت بها علينا في موضوع التخلص من القمامة . تدوير القمامة هو ببساطة استغلال الموارد الموجودة حاليا والتي لم نعد بحاجة إليها أو استخداماتها، وتحويلها إلى شيء آخر صالح للاستخدام. والأمثلة على هذا كثيرة وسنذكرها لاحقا في هذا المقال. ما هي إذا منافع تدوير القمامة سوى إخراج منتجات جديدة؟
التدوير يحافظ على الموارد
الموارد التي نتحدث عنها في هذه النقطة هي المواد الخام التي يتم تصنيع منتجات جديدة بها. ليس هذا فقط، بل أيضا الموارد المالية والبشرية وغيرها من تلك الموارد التي نحتاجها في صناعة منتج ما. كيف إذا يقوم التدوير بالحفاظ على تلك الموارد؟ حسنا، عندما تكون المادة التي ستبدأ بها صناعة منتجك هي مادة موجودة مسبقا وليست مادة خام بحاجة إلى من يستخرجها ويعيد تشكيلها لتناسب صناعة منتجك، فإن هذا سيحد من بعض الموارد، هذا الأمر الذي سيترك تأثيرا عظيما على بيئتنا حيث لن نضطر ذات يوم أن نعلن نفاذ مواردنا الطبيعية أو الزراعية أو غير ذلك من الموارد المستهلكة في الصناعة. أما فيما يخص الموارد المالية فإنك بالطبع ستقوم بتخفيض التكلفة لأنك لست بحاجة إلى عملية استخراج المواد الخام مرة أخرى.
التدوير يحافظ على الطاقة
هذا الأمر ليس بعيد التوقع الآن بعد توضيح عملية استخراج المواد الخام للصناعة. فهناك العديد والعديد من الطاقة التي يتم استهلاكها في سبيل استخراج المواد الخام منذ البداية وتشكيلها وتنظيفها وتهيئتها لتكون جاهزة للصناعة. كل هذه الطاقة سيتم الحفاظ عليها وتقليلها قدر المستطاع عند استهلاك المخلفات الموجودة ومصنعة مسبقا في القيام بتلك العملية. وبذلك يكون التدوير قد ساهم في الحفاظ على الطاقة.
التدوير يقلل من الاحتراق
هذه النقطة ستكون أوضح عندما تشاهد في إحدى المرات وأنت تسير على الطريق غيمة من الدخان الكثيف ترتفع من قمة شيء يشبه الجبل. هذه الغيمة هي نتاج حرق المخلفات التي يتم تجميعها وتكتيلها في هذا الجبل. هذا الدخان وما يحمله من مواد كيميائية ضاره يقوم بالتغلغل في طبقات الجو وتعشيقه بالأضرار التي ستنال منا إما عاجلا أو آجلا. لذلك، التدوير كان طريقتنا للحد من جبل القمامة هذا وبالتالي الحد من الكمية التي لا مفر من حرقها لأننا لم نصل بعد إلى طريقة تقوم بتدوير 100% من المخلفات حتى الآن. فالتدوير سيقوم باستهلاك كمية كبيرة من المخلفات في الصناعة ويترك القليل جدا ليتم التخلص منه. فبدلا من الجبل العملاق وغيمة الدخان الكبيرة التي ستراها من نافذة عربتك، سيكون الجبل عبارة عن كومة صغير من المخلفات وستكون الغيمة عبارة عن خيط رفيع من الدخان.
التدوير يحافظ على البيئة
أصبحت هذه النقطة واضحة وجلية الآن. فالتدوير سيجعلنا غير محتاجين إلى التخلص من القمامة عن طريق البحر وبالتالي عدم تدمير البيئة البحرية. وسيكفينا من التخلص منها عن طريق التربة وبالتالي الحفاظ على الموارد النباتية والزراعية. وبالطبع لن يكون هناك الملوثات الجوية أو الأرضية أو غير ذلك من الأضرار الجمة الناتجة عن التخلص من القمامة بأي طريقة سوى تدويرها.
هذا التدوير هو أمر هام جدا من أجل الدول واقتصادها والحفاظ على مواردها، فهل أنت أيضا مطالب بالتدوير كمواطن واحد في هذه الدول؟ هل تذكر عنوان المقال؟ إنه يقول “التخلص من القمامة دون انتظار عامل النظافة”. أنا لم أضع هذا العنوان عبثا عزيزي القارئ، أنا أخبرك أنك لا يجب عليك انتظار عامل النظافة حقا. والأسباب سأوردها في النقطة القادمة.
أخطار التخلص من القمامة على عامل النظافة
أجل كما قرأت عزيزي القارئ. مهنة عامل النظافة ليست بالبساطة التي تظنها، والتخلص من قمامتك لا يأتي بدون مخاطر أو ثمن يدفعه غيرك. بعض الأضرار التي تقع على عامل النظافة جراء التعامل مع المخلفات سنجملها فيما يلي.
المواد الخطرة
القمامة البسيطة التي توجد في منازلنا تحتوي على جميع أنواع المخاطر الممكنة والتي تؤثر بطريقة فادحة على عمال النظافة. فتلك المواد الخطرة توجد بكثرة ابتداء من حمض البطاريات ووصولا إلى المواد الكيميائية في المبيضات مثلا. ومن المبيدات الحشرية الضارة إلى الحقن الطبية الحادة التي قد تصيبهم دون قصد. بل حتى أنه تم إيجاد بعض المخلفات المشعة في القمامة العادية المنزلية! كل هذه الأخطار من الإصابة بالأمراض أو العدوى أو التسمم أو الاحتراق من المواد المشعة أو أضرار تنفسية هي مشاكل يتعرض إليها عامل النظافة ومخاطر يكون فيها كل يوم جراء محاولته من أجل التخلص من القمامة الخاصة بك!
الإصابة بالجروح
عوضا عن الكيماويات والإشعاعات التي قد يدّعي البعض بأنها ليست بذلك الانتشار. هناك أشياء أخرى أكثر انتشارا وأكثر قدرة على إحداث تأثيرات ضارة جدا أيضا. الزجاج المحطم أو اللمبات الزجاجية التي نقوم بالتخلص منها في أكياس بلاستيكية غير قادرة على الحد من حركتها أو تأثيرها على الآخرين هو أحد الأمثلة التي أتحدث عنها في هذه النقطة. فقد تم إيراد التقارير التي تفيد بأن الإصابة من تلك الأشياء هي أكثر الأسباب لإصابة عمال النظافة أثناء تأدية عملهم.
الحيوانات الضارة
هذه النقطة نقصد بها الحيوانات التي توجد في منازلنا ونقوم بالتخلص منها في صناديق القمامة كالصراصير مثلا أو الفئران أو غير ذلك من الحيوانات التي لا نطيق وجودها في منازلنا. ما يحدث هو أننا عندما يهاجمنا أحد تلك الكائنات في منازلنا فإننا نسارع بمحاولة قتلها والتخلص منها. ولكن هذا التخلص الذي أراحنا من شر تلك المخلوقات، سيكون سببا لإصابة عامل نظافة ببعض الأمراض. فالاحتكاك مع الحيوانات الميتة يتسبب في الكثير من الأمراض كمرض “حمى عضة الفأر” الذي ينتج من الاحتكاك مع الفئران الميتة. ويقوم هذا المرض بالتسبب في حمى عنيفة وجروح في الجلد ونزلة إنفلونزا.
هذه هي الأضرار التي يتعرض إليها عامل النظافة كل يوم من أجل التخلص من قمامتك وجعل منزلك بيئة أفضل. كيف إذا تقوم بعملية التخلص من القمامة دون تعريض عامل النظافة لكل هذه الأخطار؟ أتذكر ما سألتك عنه فيما يتعلق بتدوير القمامة؟ حسنا، تدوير القمامة ليس خاصا بالبلدان فقط، وإنما ينطبق عليك أنت أيضا في مملكتك الصغيرة التي تدعى منزلك.
كيف تتعامل مع القمامة الخاصة بك؟
كل ما سبق في المقال يوضح لك أن قمامتك ليست بالأمر الهين أو الشيء الذي يجب عليك التخلص منه دون تفكير. ربما لست أنت بالذات من يقوم بتلويث البيئة أو تدميرها أو إيذاء عامل النظافة. لكنك لست معفيا من المشاركة في هذه الأشياء أيضا. كلما زادت قمامتك، كلما زادت الكمية التي سيتم التخلص منها بطرق غير صحية. وكلما ازداد استهلاكك للمواد الكيميائية أو الضارة، كلما ساهمت في الإضرار بالبيئة والنظام البيئي وأيضا عامل النظافة. وكلما تهاونت في التعامل و التخلص من القمامة ، كلما ساهمت في خلق المزيد من المشاكل. إذا، انتظار عامل النظافة ليس أفضل الاختيارات أمامك بعد الآن. بل عليك أن تتعامل مع قمامتك بحكمة وتعرف كيف تقلل الأضرار الناتجة منها بقدر الإمكان. كيف نحقق هذا إذا؟
تنظيم القمامة
أجل، يجب عليك أن تقوم بتنظيم كل شيء في حياتك حتى قمامتك! عوضا عن أن ترمي جميع مخلفاتك في مكان واحد فيختلط الحابل بالنابل، احرص على أن يكون داخل منزلك أكثر من سلة للقمامة، كل سلة تختص بالاحتفاظ بنوع معين من القمامة. اجعل مثلا سلة للزجاجات البلاستيكية والمعدات البلاستيكية عموما. وسلة أخرى لبقايا الطعام والشراب وما إلى ذلك. وسلة من أجل المواد الكيميائية أو المواد الخطرة … الخ. أنت ستكون أدرى بمحتويات منزلك وما يخلفه من قمامة، فرتب إذا سلال قمامتك بأنسب طريقة إليك واستمر على هذا المنوال.
هذا التنظيم سيكون غرضه أن تكون أكثر قدرة على التعامل مع قمامتك، فسلة المواد البلاستيكية مثلا بإمكانك أن تقوم أنت شخصيا بإعادة تدويرها إلى أشياء رائعة جدا قد تستخدمها في تجميل منزلك أو حتى الاستخدامات العملية اليومية. وسلة مخلفات الطعام قد تقوم بإرسالها إلى مزرعة دواجن أو حيوانات أليفة فد تستفيد من هذا الطعام -الذي غالبا ما يكون غير تالف- بدلا من إهداره وسط أكوام القمامة الأخرى. أما بالنسبة لسلة المواد الخطرة والزجاج والحيوانات وما إلى ذلك، فإنك ستقوم باستخدام أكياس خاصة وسميكة للتحكم في تسرب وأضرار هذه المواد والمحافظة على صحة وعمال النظافة الذين يستحقون منا كل احترام وتقدير.
كيف تقوم بفصل قمامتك من أجل شركات التدوير؟
إذا كنت من المحظوظين الذين يمتلكون شركات و مصانع لتدوير القمامة في منطقة قريبة منهم، فهناك بعض النصائح التي عليك اتباعها لمساعدة نفسك والآخرين حيال التخلص من القمامة بأسهل طريقة ممكنة.
- الخطوة الأولى تتمثل فيما قلناه سابقا حول فصل قمامتك طبقا للأنواع المختلفة. منتجات ورقية، بلاستيك، معادن، زجاج، مخلفات غذائية ومواد كيميائية.
- فيما يتعلق بالمخلفات الورقية فعليك أن تلاحظ أن هذه السلة يجب أن تحتوي على المواد الورقية فقط. لذلك، يجب عليك أن تتجنب وضع الأوراق المغلفة أو المشمعة أو علب الحليب أو مغلفات الأظرف مثلا لأن هذه الأنواع يجب أن تكون منفصلة عن الأوراق العادية. وفي حالة الصناديق الورقية يستحسن أن تقوم بفردها أولا وحزمها سويا ليسهل استعمالها فيما بعد.
- في المخلفات البلاستيكية عليك أن تحرص على إزالة أكياس التسوق البلاستيكية وأغطية الزجاجات والمواد المصنوعة من البوليستر والأكياس الفقاعية التي تغلف الأدوات القابلة للتحطم. هذه الأشياء يتم استبعادها لأنها غير قابلة لإعادة التدوير. وبإمكانك أن تعرف أكثر عن الأنواع التي لا يمكن إعادة تدويرها عن طريق الملصقات والإرشادات الموجودة على كل منتج.
- المخلفات المعدنية لا يجب أن تحتوي على البطاريات أو الأدوات الكهربائية لأن هذه الأشياء يتم تدويرها منفردة عن المخلفات المعدنية. أما بالنسبة للمخلفات المعدنية المنزلية العادية كالعلب القصدير أو الألومنيوم وسوى ذلك، فإنها جميعا قابلة لإعادة التدوير. لست بحاجة إلى فرزها أو التخلص من أجزاء منها كالمخلفات البلاستيكية.
الأطباق والبايركس ومصابيح الإضاءة لا تندرج تحت المخلفات الزجاجية لأنها تختلف عن الزجاج في تكوينها. لذلك لا تضع هذه المخلفات في سلة الزجاج. وأيضا احرص على إزالة الأغطية المعدنية من الزجاجات أو العلب وضع تلك الأغطية في سلة المخلفات المعدنية أو المكان المناسب لها عموما.
هذه أهم النصائح حول فصل القمامة من أجل إعادة تدويرها مرة أخرى وتحقيق أقصى استفادة منها. هناك الكثير والكثير من الطرق الأخرى التي يمكنك بها التخلص من القمامة . بل هناك أيضا طرق أخرى تمكنك من التكسّب من هذه القمامة! لكن هذا سنذكره في مقال آخر إن شاء الله.
أضف تعليق