يعاني أكثر من ثمانية ملايين شخص على مستوى العالم من مرض السكري، والذي ويرجع سبب الإصابة به إلى قصور في جهاز البنكرياس المسئول عن ضبط نسبة السكر في الدم، وبعد المزيد من الأبحاث تمكن الباحثون من إنتاج البنكرياس الصناعي بعد أن أجروا العديد من التجارب، وأنتجوا العديد من الأجهزة المساعدة، من أجل توفير وسيلة فعالة تمكن المريض من مراقبة نسبة السكر في الدم، وبالتالي استخدام الأجهزة المختصة من أجل ضخ الأنسولين في الدم بنسب معينة حسب احتياج الجسم، وقد استنفد ذلك الكثير من الوقت والتجريب، وأسفر عن أجهزة معقدة في طريقة استخدامها، وتحتاج سواء من المريض أو من أسرته إلى تدريبات خاصة تمكنهم من استخدام هذه الأجهزة، إضافة إلى الأخطار الوارد أن يتعرض لها المريض بسبب عدم الدقة في ضخ الكمية المناسبة من الأنسولين في الدم، مما يعرض حياة المريض للخطر، لذلك سوف نتابع معا تفاصيل جهاز البنكرياس الصناعي الجديد ومدى نجاحه في علاج مرضى السكري.
استكشف هذه المقالة
فائدة البنكرياس ووظيفته
لكي ندرك أهمية ما تحقق من إنجاز البنكرياس الصناعي، سوف نتعرف على أهمية البنكرياس ووظيفته في جسم الإنسان، حيث يختص البنكرياس بإفراز مجموعة من العصارات المسئولة عن الهضم:
- مجموعة الإنزيمات الخاصة بالهضم: وهي مجموعة إنزيمات مسئولة عن هضم المواد الكربوهيدراتية مثل إنزيم الإميليز.
- يعمل البنكرياس على إفراز إنزيمي الكيموتربسين، والتربسين المسئولين عن هضم المواد البروتينية، فتتحول إلى أحماض أمينية قابلة للامتصاص.
- كما يقوم البنكرياس بإفراز إنزيم الليبيز المسئول عن تكسير الدهون، فتتحول إلى كوليسترول وأحماض دهنية.
إفراز الأحماض المعدية
هناك جزء في البنكرياس يعرف بجزر لانجرهانس، وهذا الجزء يقوم بإفراز هرمون جاسترن، ويعمل هذا الهرمون على تحفيز المعدة لكي تنتج حمض الهيدروكلوريك، الذي يعتبر عامل مساعد في هضم الطعام.
تثبيت نسب السكر في الدم
يقوم البنكرياس بإفراز مجموعة من الهرمونات مهمتها تنظيم نسب السكر في الدم وفق المستويات الطبيعية، وهذه الهرمونات هي:
هرمون الأنسولين
تفرز خلايا بيتا الأنسولين عندما ترتفع نسبة السكر في الدم، وبالتالي يصل الجلوكوز إلى عضلات الجسم وسائر الأجهزة، لتمدها بالطاقة من أجل القيام بعملها، وما يزيد عن حاجة الجسم يخزن في الكبد على صورة جلايكوجين للاستفادة به لاحقا.
هرمون الجلاكوجون
خلايا ألفا هي المسئولة عن إفراز هرمون الجلاكوجون، وهو يقوم بمهمة عكسية عندما تنخفض نسبة السكر في الدم يقوم هذا الهرمون بتحويل الجلايكوجين المخزن في الكبد إلى جلوكوز، ويوزعه على خلايا الجسم وأجهزته عن طريق الدم، وبذلك يعوض الجسم عن نقص السكر.
الأمراض والمشاكل الصحية التي تصيب البنكرياس
لأن البنكرياس عضو هام بجسم الإنسان، فإنه معرض للإصابة بالعديد من الأمراض، والتي تعرضه لتلف جزئي أو كامل، مما دعا الباحثون إلى اختراع البنكرياس الصناعي ، لكي يقوم بكل أو بعض المهام التي يقوم بها البنكرياس. أما الأمراض التي تصيب البنكرياس فهي:
التهابات البنكرياس
ويحدث بسبب انغلاق قناة البنكرياس إما بسبب تراكم الحصوات، أو بسبب وجود أورام، وهذا يتسبب في تجمع العصارة البنكرياسية التي تتسبب في تحلل البنكرياس وتلفه، وقد ينجح العلاج بالعقاقير إن كانت الإصابة في بدايتها، وقد يلجأ الطبيب إلى التدخل الجراحي.
الإصابة بسرطان البنكرياس
على الرغم من عدم تحديد السبب المباشر وراء الإصابة بسرطان البنكرياس، ألا أن أغلب المختصين يرجعون السبب في ذلك إلى شراهة التدخين وشرب الكحوليات، ويعاني المريض من آلام في المنطقة العلوية من البطن، مع اصفرار في العينين والجلد. وغالبا يكون العلاج بالإشعاع والكيماوي، والتدخل الجراحي في أغلب الأحيان.
مرض السكري
يرجع الأطباء السبب الرئيسي لمرض السكري إلى عوامل وراثية، تتسبب في خلل يصيب الجهاز المناعي، حيث يهاجم خلايا بيتا المسئولة عن إنتاج الأنسولين، وهذا هو النوع الأول من مرض السكري، أما النوع الثاني فهو عدم قدرة خلايا ألفا على إنتاج الجلايكوجين، بسبب وهن وضعف العضلات، مما يعني عدم قدرة الجسم على توفير كمية الأنسولين المناسبة في الدم.
البنكرياس الصناعي وسيلة لعلاج نقص الأنسولين في الدم
حصل مؤخرا جهاز البنكرياس الصناعي على موافقة هيئة التغذية والعقاقير الأمريكية، والمعروف علميا ميني ميد جي 670، وهذا الجهاز صالح لاستخدم المرضى من سن 14 سنة، وكان إريك رونار البروفيسور الفرنسي المسئول عن قسم الغدد الصماء في مركز البحوث بمدينة مونبيلييه الفرنسية بتجربة وتطوير بنكرياس بيولوجي صناعي، واطلق عليه اسم دياب لوب، وقد تمت تجربة الجهاز الجديد على 36 مريض بنجاح تام، وتمت الموافقة على تسويقه بالفعل.
يقوم الجهاز بالمراقبة التلقائية لمستوى السكر في الدم، وتقدير الجرعة المناسبة من الأنسولين التي يحتاجها الجسم وحقنها أوتوماتيكيا في الدم، دون أي تدخل خارجي.
وكانت تلك العمليات تتم يدويا قبل إجازة البنكرياس الصناعي ، حيث كان المريض يقوم بتحديد نسبة الأنسولين اللازمة عن طريق القراءات الموضحة على المضخة، ويقوم بحقنها بنفسه، وكان ذلك الأمر يستلزم تدريبات معينة للمريض، أو أسرته على استخدام تلك المضخة، علاوة على الآلام التي يسببها الحقن واستمراه يوميا، والمخاطر التي يمكن أن يتعرض لها المريض أثناء النوم.
تكوين جهاز البنكرياس الصناعي
يتكون الجهاز من مضخة تثبت على شكل لاصق يتم تثبيته على ذراع المريض، وجهاز مستقبل آخر يثبت على البطن، وتصل للجهاز معلومات عن مستوى السكر في الدم عن طريق البلوتوث، يستقبلها المريض عن طريق سمارت فون يضعه في جيبه، ويقوم الجهاز بإجراء عدد من العمليات المعقدة، والتي يتم فيها حساب نسب الأنسولين اللازمة للمريض حسب وزنه وحالته، ويقوم بضخ الجرعة المناسبة تلقائيا بدون تدخل خارجي.
تكلفة البنكرياس الصناعي
حتى الآن تعتبر تكاليف البنكرياس الصناعي عالية نسبيا على مستوى العالم، خصوصا لو تمت مقارنتها بتكاليف الحقن، إلا أن الفارق التقني الهائل الذي أحدثه النظام الجديد يشفع له ارتفاع سعره، كما أن المنتج ما زال حديث، ومن المتوقع أن تنخفض تكلفة إنتاجه مع التوسع في تسويقه. وحاليا الجهاز معروض في حدود ألفي دولار، كما يحتاج إلى غيار شهري سعره حوالي 180 دولار.
ومع بداية التسويق الفعلي للبنكرياس الصناعي سوف تختفي تدريجيا معاناة مرضى السكري من النوع الأول، والمتسبب فيه نقص الأنسولين في الدم، وسوف تختفي حالات غيبوبة السكر التي تعرض حياة ملايين المرضى للخطر، وتسبب وفاة عدد كبير منهم كل عام، أيضا سوف تختفي الأجهزة المعقدة التي تستخدم حاليا، والتي تستوجب تدريب المريض على استخدامها، وأيضا تدريب بعض أفراد أسرته ومن يقومون بمتابعة حالته الصحية، أيضا سوف تختفي معاناة المرضى من الحقن اليومي للأنسولين مع ما يسببه من آلام للمريض وتشويه لجسمه.
هكذا نكون قد تعرفنا على منتج جديد وهو البنكرياس الصناعي ، والذي قدم خدمة جليلة لمرضى السكري من النوع الأول، وأحدث طفرة في أساليب العلاج الحديث، وقدم وسيلة فعالة لحماية آلاف المرضى من تداعيات هذا المرض الخطير، كما تعرفنا على أنواع مرض السكري وأسباب الإصابة به، والأمراض التي يتعرض لها جهاز البنكرياس في جسم الإنسان، كما تعرفنا على الأساليب السابقة في التعامل مع مرض السكري، وصعوبة التعامل معها، وضرورة التعامل معها بمهارة كبيرة، في حين أن البنكرياس الصناعي الجديد يتسم بالبساطة في الاستخدام، مع الدقة في الوصول لأفضل النتائج.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
أضف تعليق