“دوام الحال من المحال” هذه الجملة تنطبق على مصدري الطاقة الأكثر شهرة واستخدامًا في العالم وهما البترول والفحم، فالفحم كان المصدر الأول والاهم للطاقة حتى نهاية النصف الأول من القرن العشرين، ولكن بعد أن أكتشف البترول تغير هذا المفهوم وأصبح البترول متربع على عرش القمة وبفارق كبير جدًا، وهذا لا يعني أن الفحم أصبح قليل الاستخدام أو يستخدم في نطاق ضيق بل هو يدخل في صناعات لا يقدر الفحم على السداد فيها، مثل صناعة الحديد والصلب بفضل فحم الكوك الخارج منه، ولكن في الحقيقة استخدامات البترول أوسع بكثير حيث أنه يخرج لنا غاز الهيدروجين الذي نعتمد عليه في صناعة النشادر والأسمدة، وزيوت التشحيم التي تستخدم في السيارات، وهو أساس الصناعات البتروكيميائية الهامة، ويستخرج من البترول أيضًا غاز الميثين والإيثين، ويصنع منه المطاط الصناعي، ولا ننسى أن الأسفلت أحد مواده التي تستخرج منه بعد دخوله لبعض العمليات، وغيرها من الفوائد والاستخدامات الأخرى التي جعلت البترول هو المصدر الأول للطاقة عالميًا.
استكشف هذه المقالة
سهولة استخراج البترول مقارنة بالفحم
يتميز البترول عن الفحم أنه سهل الاستخراج إلى حد ما وذلك عند المقارنة بين الإثنين، ولكن لو أخذنا البترول بالتدقيق بمفرده سنجد أنه يغلب عليه طابع الصعوبة في الاستخراج بعض الشيء، فالفحم لكي نقوم باستخراجه يجب أن يمر عليه أكثر من مائتين وخمسين ألف عام على الأقل، وهذا ما ذكره العلماء والمختصين بمصادر الطاقة حيث أنهم أفادوا أن الفحم المستخدم في الوقت الحالي قد مره عليه حوالي ثلاثمائة ألف عام وما يصلح من الفحم بشكل عام يتراوح عمره بين المائتين وخمسين إلى مليون عام تقريبًا، وهذا رقم طويل للغاية وممل في حين أن البترول يستخرج فور الكشف عنه ووجوده في منطقة ما، وهذا ما كان سببًا هامًا في أن يترك الناس الفحم ويتجهون إلى البترول بالرغم من العناء القليل الذي يلقونه عند الاستخراج.
كثرة وجود البترول في مناطق معينة
من الخصائص التي يتميز بها النفط عن الفحم في إنتاج الطاقة هو كثرة وجودة في بعض المناطق بالعالم، في حين أن الفحم قليل الوجود ولا نقدر على استغلال كميات كبيرة منه طوال العام، فالبترول يوجد في الشرق الأوسط بالكويت والعراق والسعودية والإمارات وقطر، والشمال الإفريقي بالجزائر والمغرب ومصر، والولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا وما يجاورها أي الاتحاد السوفيتي قديمًا، ومنطقة الكاريبي، وغيرها من المناطق التي يوجد بها النفط ولكن ليس بكثرة كما هو متواجد في الدول التي ذكرناها الآن، أما عن الفحم فهو متواجد بنسب قليلة في بعض المناطق مثل قارة أمريكا الشمالية وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية، وغرب وشرق أوروبا فقط وبالأخص روسيا، ولذا فإن الولايات المتحدة الأمريكية تعد الدولة الأكبر في استخدام وتصدير الفحم إلى العالم، فما يقارب من خمسة عشر بالمائة من الطاقة المستخدمة في أمريكا مستخرجة من الفحم.
وباقي النسبة من البترول والقوى المائية، وهذا يبرز لنا حقيقة معينة وهي أن العالم يعتمد بشكل شبه كلي بنسبة تتراوح بين ستين إلى خمسة وسبعين بالمائة على النفط كمصدر للطاقة، وبذلك وبسبب كثرة وجود النفط أصبح هو المصدر الأول للطاقة عالميًا.
تشغيل أغلب مشتقات البترول
بينما نجد أن الفحم يستخدم في بعض الصناعات المعينة ولا يستخرج منه سوى أشياء قليلة، يكون الخبراء يستخدمون أغلب مشتقات النفط حتى مخلفاته لا تسلم من الاستخدام المفيد للبشرية، فالفحم تستخدم مشتاقاته في الصلب بشكل أساسي وذلك لأن فحم الكوك وهو أحد أنواع ومشتقات الفحم الأولية هو الذي تقوم عليه صناع الحديد والصلب من الأساس، فهناك مقولة تقول إن الفحم هو عماد صناعة الحديد والصلب بسبب الكميات الكبيرة التي تخلط من فحم الكوك المستخرج من الفحم بنسب ودرجات معينة، كما يستعمل الفحم في إنتاج الغاز الطبيعي وتوليد الكهرباء كمادة أولية، بالإضافة إلى المشاركة في صناعة القطران والكيماويات العضوية التي تتكون منها مواد الصباغة والبلاستيك والعقاقير، ومن الجدير بالذكر أن أغلب هذه الأشياء يشارك فيها البترول هو الأخر وبنسب متساوية مع الفحم أو من الممكن أن نستغني عن الفحم فيها ونستخدم النفط مع الأشياء الأخرى، هذا فقط ما يدخل فيه الفحم في حين أن البترول يستخدم في منتجات وصناعات عديدة للغاية سوف نتناول أشهرها في العنصر التالي.
الصناعات التي يدخل بها البترول
يدخل البترول في الكثير من الصناعات والمنتجات التي لن نستطيع حصرها والكتابة عنها ولو في سطور أقلام، ولذا فنحن سنتناول هنا أشهر تلك الاستخدامات وأهمها مثل الصناعات البتروكيميائية والتي تعتمد على عمليات تكرير البترول، حيث أن عملية التكرير تلك أمكن من خلالها الدخول في إنتاج الكحول والمنظفات والبلاستيك والمبيدات الحشرية والأقمشة والمطاط الصناعي وغيرها من الأشياء الأخرى، ثم أيضًا يستخرج من البترول غاز الإيثين والميثين اللذان يستخدمان كوقود في حقول النفط ذاتها أو إرساله إلى معامل الغاز لضبطه وتعبئته في العبوات أو الأنابيب التي تستخدم في الاستهلاك الصناعي والمنزلي، وأيضًا يستخرج من البترول غاز الهيدروجين الذي تقوم عليه صناعة الأسمدة والنشادر وما يميز النفط هذا الغاز هو سهولة استخراجه وتكاليف الاستخراج الرخيصة للغاية بالمقارنة مع غاز الإيثين والميثين، وهناك أيضًا زيوت التشحيم التي برزت بشكل كبير بعد التطور الصناعي الهائل في القرنين الماضيين، فتدخل زيوت التشحيم في صناعة الآلات وتيسير حركة السيارات والموتور الحركي وغيرها من الأشياء الأخرى.
ولا ننسى أن الأسفلت يستخرج من النفط ويتاح تشكيله بأشكال عديدة ذات خواص مختلفة، وأهم ما يميز الأسفلت هو مقاومته لعوامل امتصاص الرطوبة والتعرية، والمرونة والصلابة التي يتميز بها مع اختلاف درجة الحرارة، هذا بالإضافة لمقاومته للصدمات الشديدة وإمكانية استخدامه كمادة لاصقة أو لاحمة لمواد البناء، وهناك أيضًا المطاط الصناعي الذي يتركب من البترول وتبلغ نسبة استهلاكه حاليًا حوالي سبعين بالمائة من جملة الاستهلاك العالمي والباقي للمطاط الطبيعي، وهناك استعمالات أخرى للبترول مثل صناعة الأقمشة بألوان وخصائص عديدة وإنتاج محاصيل زراعية جيدة للغاية بواسطة المخصبات المستخرجة من البترول.
العوامل المؤثرة في حجم البترول
لدينا عاملين هامين في تحديد حجم وكمية النفط الموجودة في منطقة ما العامل الأول وهي وسائل الكشف عن البترول، حيث أن التقدم في هذه الوسائل يساعد وبشكل كبير على زيادة حجم النفط المؤكد الوجود وبالتالي تخرج نسبة كبيرة منه من باطن الأرض وبأثمان أقل مما كان عليه من قبل، والعامل الثاني هي التغيرات التي تطرأ على أثمان ونفقات البترول وهي تمثل دور كبير في عملية التنقيب والبحث عن البترول، فكلما انخفضت نفقات استخراج النفط كلما أقبلت الشركات المختصة في عمليات التنقيب على العمل بشكل أكبر، وهذا ما يعني انتشار الطاقة المستخرجة من النفط بفضل كمياته الكبيرة المتواجدة في السوق.
أضف تعليق