تسعة
الرئيسية » حياة الأسرة » أمور الاسرة » كيف أصبح الانعزال الأسري سمة غالبة في معظم الأسر الحديثة؟

كيف أصبح الانعزال الأسري سمة غالبة في معظم الأسر الحديثة؟

مع تغير الأولويات، أصبح الانعزال الأسري سمة غالبة في معظم الأسر الحديثة، يستفيض هذا المقال في شرح أسباب ظاهرة الانعزال الأسري ويعمل على إيجاد حلول لها ﻷنه من المعروف أن الأسر المتماسكة هي أهم لبنات بناء المجتمعات.

الانعزال الأسري

إنّ المجتمع يمر بظاهرة خطيرة تسمى ” الانعزال الأسري ” ، فهذه الظاهرة انتشرت كثيرًا في الآونة الأخيرة، لها أسبابًا كثيرة، ولها أيضًا تأثيرها السلبي على الأفراد، فكما تنتشر ظاهرة سلبية يكون بالضرورة هناك أمورًا خطيرة ساعدت على ذلك، وهناك ضرورة كبيرة لمعرفة ظاهرة الانعزال الأسري ، وعدم التهاون فيها أو نتعمّد في عدم التعرُّض لها، فيجب علينا الاهتمام بهذه الظاهرة والتي أصبحت سمة غالبة في معظم الأسر الحديثة.

فعندما نتحدث عن الأسرة يجدر بنا أن نصب كل الاهتمام عليها، ونعرف ما يحل عليها من مشكلات، ونبدأ بحل المشكلة، ونبحث عن الحلول الممكنة لكي نتجنب العوائق التي تقف أمامها وتكون عثرة كبيرة تقف في طريق نجاحها. فالانعزال الأسري يسبب مشكلات كبيرة للأسرة، فلا يقوم مجتمع قوي بدون بناء أسرة قوية تستطيع أن تخرج أبناءً صالحين قادرين على بنائِه والعمل فيه، والتفاعل الإيجابي اللازم، فالأسرة هي عمود من أعمدة المجتمع، ومن سمات الأسرة الجيدة الترابط والتماسك فيما بينهم، والوحدة والقوة والأساس السليم، والانعزال الأسري كالمرض الخبيث إذا دخل أسرة انتشر فيها وتمكن منها، فيسبب التفرقة والانهيار التام لكل أفراد الأسرة، ويصبح الواقع أليمًا، والشتات بعد الوحدة أصعب شيء يمر على الأسر لأنّ كل فرد من الأفراد يصبح حينئذٍ كالضائع أو كضال الطريق يصعب عليه الإحساس بالآخرين، ويصبح شخصًا يحب نفسه فقط ولا يكترث للآخرين بأي شكل. لذلك يجب علينا مناقشة الانعزال الأسري ، وأسبابه، وكيفية التعامل معه، وخطورة الانعزال الأسري على الأفراد والمجتمع.

تعريف الانعزال الأسري

الانعزال الأسري تعريف الانعزال الأسري

قبل التحدث عن الانعزال الأسري ، سنذكر معنى الانعزال الأسري . فكلمة “الانعزال” تعني أن يكون كل فرد من أفراد الأسرة في عزلة عن الآخر وقد تكون هذه العزلة حقيقية أو معنوية، فالعزلة الحقيقية تكون بين أفراد الأسرة، ويكون من مظاهر ذلك عدم إدارة حوارات فيما بينهم، أو الانشغال بوسائل الإلهاء كالهواتف الجوالة والألعاب الإلكترونية، وهناك العزلة المعنوية وهي السلبية في التعامل وعدم اكتراث الأخ لمشكلات أخيه مثلًا، والأنانية المفرطة في حب الذات. فالانعزال هو حالة ينفصل فيها الفرد عن الآخرين، فينفصل الأخ عن إخوته، ويمكن أن تصل المرحلة إلى أن ينفصل الأب أو الأم عن أولادهم، وليس شرط في الانعزال الأسري أن يكون الأبوان منفصلين، فقد تكون أسرة كاملة ظاهرها طبيعي ولكن من الداخل مفككة لأسباب ومشكلات معينة، فهذه ظاهرة خطيرة تتسبب في حدوث مشكلات كثيرة، ولكن يمكن علاجها بطرقٍ عديدة.

مظاهر الانعزال الأسري

من مظاهر الانعزال الأسري : أن يجد الفرد نفسه تميل إلى العزلة اعتقادًا منه أنها تسبب راحة البال، وبقاؤه وحيدًا أفضل بكثير من وجوده بين إخوته، أو الخوف من الاتصال بالآخرين، وأيضًا الميل إلى التعامل مع العالم الافتراضي ورفض الواقع الحقيقي، فترى كل وقته مقسّمًا على مواقع التواصل الاجتماعي، بل ويمكن من ذلك أن يتخذ أصدقاء عبر هذه المواقع على عدم تقبله لواقعه الحقيقي والموجود، ومن أهم مظاهر الانعزال الأسري ، غياب الأم والأب بسبب أوقات العمل معظم الوقت من المنزل ولا يتم تعويض هذا الغياب مع الأسف، وأيضًا عدم تقبل كل فرد من أفراد الأسرة للآخر بمعنى لا يتقبل رأيه، ولا يتقبل فكره، وأيضًا عدم التدخل في حل مشكلات بعضهم البعض، وغياب الاهتمام، وانعدام الشعور بالحب، وقلة التفاعل فيما بينهم، وانعدام الحوار، ويظهر الانعزال الأسري في عدم إعطاء الأهمية للتجمعات اليومية مثل التجمع على مائدة الطعام، أو جلب الأحاديث المهمة، والمشاحنات اليومية على أهون الأسباب.

أسباب الانعزال الأسري

من أهم أسباب الانعزال الأسري : غياب دور الأب السائد في مجتمعنا بسبب العمل الدائم ليوفر لأبناءه الطعام والشراب ومستلزمات الحياة، وغاب عن وعيه أنّ الأولوية للاهتمام المعنوي، وهو قائم على تواجده في المنزل بين أبناءه، فهناك آباء موجودة بشخصها غير متواجدة بكيانها، وأيضًا يقع على الأم عاتقًا كبيرًا من غياب الحوار البنّاء، والتقصير في الاهتمام والاحتواء، ومن أسبابه عدم قدرة الأب والأم على احتواء الموقف والتعامل معه بشكل صحيح، وغياب الوعي الثقافي والفكري، وأيضًا من أهم أسباب الانعزال الأسري “علاقة الأم والأب” فالعلاقة التي يسودها العصبية والعناد بينهما تولد بالضرورة عند الأبناء الشعور بالخوف وعدم الراحة فيضطر كل منهم الابتعاد والانعزال، وأيضًا سوء استخدام الإنترنت المفرط، فهذا يعد سلاح خطير يقوم بالتفريق بين أفراد الأسرة المترابطين، ومن أسباب الانعزال الأسري الشعور بالوحدة والاستنكار الذاتي، غير ذلك من الأمور الطبيعية التي يمر بها الأبناء وهي الشعور بالاستقلال الذاتي، وحب التحكم، والرغبة في حل مشكلاتهم بأنفسهم.

خطورة الانعزال الأسري

تتمثل خطورة الانعزال الأسري على أفراد الأسرة بوجه خاص، وعلى المجتمع بشكل عام، فيؤثر بطريقة سلبية جدًا على الأفراد، فترى مثلًا الابن يعاني من مرض نفسي معين والأبوان لا يعرفان ما سببه، أو تسود صفة “الانطواء” وتكون موجودة في كل فرد من أفراد العائلة، غير ذلك مما يسببه من التفكك الأسري الداخلي، وعلى المجتمع في إنتاج أشخاص غير مرغوب فيهم، ويقل تفاعلهم بسبب انعزالهم التام عنه، وعدم إحداث مشاركات فعّالة، وبالتالي يقل تواصلهم مع أفراد المجتمع، والانعزال الأسري يقاوم المشاعر الطيبة بين أفراد الأسرة ويقف حجر عثرة أمام رغباتهم المشتركة، كل ذلك وأكثر يتسبب فيه من التباعد والتنافر بين أفراد الأسرة الواحدة، ولكن هناك بالتأكيد حلول ممكنة يمكن أن تجعل أفراد الأسرة الواحدة كالبنيان إذا واجهتهم المخاطر وقفوا جميعًا في مجابهتها يدًا واحدة، فكما أن الانعزال الأسري له خطورة، بالضرورة توجد حلول له.

كيفية حل مشكلة الانعزال الأسري

الانعزال الأسري كيفية حل مشكلة الانعزال الأسري

عن طريق المبادرة من أولياء الأمور أولًا، وضرورة استجابة الأبناء ثانيًا، فيبدأ الأبوان بجذب أولادهم إليهم عن طريق الحوارات الشيّقة، ومحاولة طرح أفكار مشتركة بينهم تربط بين أفراد الأسرة، وأيضًا الوعي بالتربية الصحيحة، ومحاولة تغذية العقل بالثقافة التربوية والتي تساعد على محاولة فهم المراحل الطبيعية التي يمر بها صغارهم، ولا ينسى الأبوان بتوزيع المهام على أبنائهم فهذا يحدث نوعًا من الشعور بالمسؤولية اتجاه بعضهم البعض، وفهم معنى المشاركة الإيجابية، وبالتأكيد الحب والاهتمام والاحتواء من أهم الأمور التي تساعد على التخلص من سمة الانعزال الأسري ، والهدوء والراحة النفسية تشعر الأبناء بالاستقرار النفسي، وهذا نابع من العلاقة الجيدة بين الوالدين والتي تقوم على المودة والرحمة والاحترام، ويبدأ أولياء الأمور الاهتمام بالوعي الثقافي ومواكبة العصر الحديث لكي يتقارب التواصل بينهم وبين أبنائِهم بوجه خاص.

الانعزال الأسري سمة غالبة في المجتمعات، ويمكن استبدال سمة سيئة بسمة جيدة وذلك إذا أصبح كل فرد قادرًا على تحدي نفسه وتحدي الآخرين، وإذا كان أولياء الأمور قادرين على استيعاب أولادهم بشكل يدعو إلى توخي الحذر دائمًا، وتقديم النصيحة بشكل مقبول، ويعمل أولياء الأمور على تقديم كافة الحلول الممكنة للتغلب على سمة الانعزال الأسري، وذلك لأن الأسرة تبني المجتمع، وكل فرد فيها يجب أن يكون اجتماعيَا ومشاركًا في التفاعلات اللازمة، فيجب علينا جميعًا أن نعرف كيف نبني أسرة تنهض بأفرادها ثم المجتمع كله.

الكاتب: آلاء لؤي

إبراهيم جعفر

أضف تعليق

3 × 2 =