الانضباط في العمل هو سر تقدم الشعوب ونجاح المؤسسات ومن أهم المظاهر الحضارية والأخلاق المهنية التي يجب أن يتمتع بها أفراد المؤسسات إلا أن الالتزام بهذا الانضباط بالرغم من أنه يجب أن يكون نابع من الفرد نفسه بدون مؤثرات خارجية لإحساسه بالمسئولية اتجاه عمله إلا أن الواقع العملي أثبت أن نظام المؤسسة وطريقة تعامل صاحب العمل مع الموظفين يحددان بشكل كبير مدى انضباط الموظفين داخل المؤسسة. و الانضباط في العمل لا يعني فقط الالتزام بمواعيد الدوام والحضور والانصراف إنما يشمل دورة العمل كلها من أداء وظيفي واستثمار لطاقات الموظف للاستفادة بها في تحقيق أعلى نسبة إنتاج للمؤسسة وكذلك الالتزام بمعايير وسياسات المؤسسة لوصول إلى أهدافها.
استكشف هذه المقالة
الانضباط في العمل يحتاج لحافز
أغلب الموظفين في أي مؤسسة يستثمرون ٥٠٪ فقط من طاقاتهم وإبداعاتهم في العمل وذلك لعدم وجود حافز حقيقي للانضباط في العمل وتحقيق أعلى إنتاج فهم يستغلون فقط ما يمكنهم من الاستمرار في العمل وذلك بسبب عدم وجود حافز حقيقي للموظف لكي يقدم للمؤسسة أكثر من مجرد القيام بالعمل بشكل روتيني لكي يحافظ على بقائه فقط. لذا ولكي تجعل موظفيك أكثر انضباطاً في العمل وتستطيع استغلال طاقاتهم وإبداعاتهم عليك أن تضع حافز للموظف المبدع والمبتكر فلا يجب أن تعامل من يبذل فقط ٥٠٪ من جهده وطاقته في العمل كمن يعط المؤسسة أولوية للعمل ويعطيه ٩٠٪ من مجهوده وطاقته فالعدل في هذه الحالة أفضل من المساواة العمياء حيث أن الحافز الذي ستقدمه للموظف المنضبط سيجعله يلتزم بانضباطه دائماً كما أنه لن يشعر
بالإحباط وعدم التقدير لمجهوداته ويكف عن التطوير من نفسه وعمله لأنه في النهاية يعامل كالآخرين وكذلك سيقوم هذا الحافز بتحفيز الموظف الآخر على الالتزام بالانضباط في العمل لكي يحصل على هذا الحافز.
المؤسسة ملك لجميع أفرادها
أكثر ما يجعل الموظف منضبطاً في عمله هو شعوره الداخلي بأن المؤسسة التي يعمل بها هي ملك له فالجميع يحرص على ماله وممتلكاته ويبذل ما في وسعه لحمايتها، كذلك بالنسبة للموظفين في المؤسسات والقطاعات المختلفة فلكي تعود موظفيك على الانضباط في العمل يجب أن يشعروا بأن المؤسسة التي يعملون بها ملك صاحب العمل فقط وهو الوحيد الذي يستفيد من تقدمها ونجاحها، فإذا حققت مؤسستك نجاحاً في صفقة كبيرة مثلاً يجب أن تمنح موظفيك مكافآت لأنهم السبب فيما وصلوا إليه، كما يجب أن تجعل جو شركتك أو مؤسستك أسرياً أكثر من كونه مكاناً جامداً للعمل فقط، ففي النهاية بعض من الراحة والتحدث مع موظفيك بشكل ودود أثناء العمل سيجعل موظفيك أكثر راحة وهدوء أثناء العمل وبالتالي يساعدهم على إنجاز العمل والالتزام بتحقيق الانضباط في العمل .
الاستراتيجية الواضحة
لكي يتبع أحد سياسة أو نظام ما يجب أن يعرفه أولاً بالطبع هذا شيء بديهي جداً حتى أنك قد تتعجب لذكره إلا أن الحقيقة أنه هناك كثير من المؤسسات التي تعتبر سياستها غير واضحة فيفاجأ الموظف أنه يعاقب على شيء لم يكن يعلم أنه مرفوض من قبل مؤسسته أو مخالف لسياستها لذا احرص أن تكون سياسات واستراتيجيات مؤسستك واضحة للجميع خاصة الموظفين الجدد حتى تساعدهم على معرفتها وبالتالي الالتزام بها.
القائد قدوة
أكثر ما يميز القائد الناجح هو كونه قدوة لموظفيه، فلا تطلب من الموظفين الالتزام بقواعد أنت لا تلتزم بها كما يجب أن تكون حسن المظهر منضبطاً في عملك ومواعيدك فكونك صاحب العمل لا يعطيك الحق في فرض قواعد على موظفيك وتعفي نفسك منها، فإذا فرضت على موظفيك عدم التدخين داخل الشركة مثلاً عليك أن تكون أول الملتزمين بذلك أو إذا فرضت عليهم مواعيد محددة لتسليم مشروع أو عمل ما يجب أن تكون متواجداً دائماً معهم وتحرص على متابعتهم حتى يشعروا بمشاركتك مهم وانضباطك في عملك وتكون أنت القدوة فيتبعونك.
القواعد الغير مجدية عقبة أمام تحقيق الانضباط
الانضباط في العمل لا يتحقق بكثرة القواعد التي يكون معظمها غير مُجدي فعلياً في دورة العمل داخل المؤسسة بل بالعكس يكون عقبة أمام تحقيق الانضباط فالإنسان عندما يشعر بكثرة القيود عليه يتولد عنده شعور بالرفض لكافة القيود ويتحول العمل لمكان لا يحب التواجد به، لذا عليك أن تضع القواعد اللازمة والضرورية فقط لحسن سير دورة العمل وتتخلى عن القواعد التي لا تؤثر على العمل حتى تعطي موظفيك قدراً من الراحة والحرية.
العقاب ليس أول الحلول
العقاب على المخالفات لقواعد واستراتيجيات المؤسسة مهم لتحقيق الانضباط في العمل ولكن لا تجعله أول الحلول التي تلجأ إليها حتى لا يعود ذلك عليك بنتائج عكسية. يمكنك أن تبدأ بإنذار شفهي للموظف المخالف أو المقصر في أداء عمله وإذا تكرر الأمر يمكنك أن تلجأ للإنذار الكتابي وكذلك إنذاره بعقد اجتماع لمتابعة أدائه في العمل ومدى تقدمه فيه أما في المرة الثالثة يمكنك أن تلجأ لعقاب كالخصم من الراتب وغيرها من الجزاءات الوظيفية التي تتدرج طبقاً لنوع المخالفة ومدى جسامتها وتأثيرها على سير العمل.
الأنشطة الترفيهية
الانضباط في العمل لا يعني الصرامة والجمود بل بالعكس فالأنشطة الترفيهية التي تنظمها لموظفيك خارج أوقات العمل تجعلهم أكثر نشاطاً وترابطاً وحباً لبيئة العمل عند العودة إليه مما يجعلهم يحققون أداء أعلى والتزام أكثر بتحقيق الانضباط في العمل لذا يجب عليك من حين لآخر أن تنظم لأفراد شركتك رحلات أو الاشتراك في رياضة جماعية أو غيرها من النشاطات الترفيهية الجماعية لتقوية روح الفريق لديهم مما ينعكس بالإيجاب على بيئة العمل.
التمتع بقدر من الحرية
امنح موظفيك قدراً من الحرية في الطريقة التي يؤدون بها عملهم بشرط أن يحققوا في النهاية النتيجة المرجوة منهم خاصة الموظفين ذوي الخبرة فلا تجعل تدخلك في عملهم كبيراً وتعتبرهم كالآلات ينفذون فقط ما هو مطلوب منهم بالطريقة التي تحددها أنت بل امنحهم قدر من الحرية في اختيار الخطة والطريقة التي تلائمهم لتحقيق النتيجة اللازمة فذلك يمنحهم الثقة في أدائهم وقدراتهم وبذلك تجعلهم أكثر انضباطاً لأنهم سيحبون ما يقومون به وبالتالي سيشعرون بالمسئولية في تحقيق النتيجة المرجوة.
إن الانضباط في العمل هو سر نجاح أي مؤسسة وهو ليس عمل تقوم به اليوم وتتخلى عنه غداً بل يجب عليك أن تحافظ على انضباط الموظفين داخل مؤسستك حتى تستمر في الحفاظ على هذا النجاح لذا يجب أن تجعل الانضباط شعار مؤسستك ونظام عمل دائم يلتزم به الجميع وأولهم أنت كصاحب العمل، والانضباط لا يعني كثرة القيود ولا يقتصر على الصرامة والجمود في تنفيذ العمل بل يعتمد على الجدية والالتزام وحب العمل فلكي تصل بمؤسستك إلى النجاح يجب أن تجعل موظفيك منضبطين محبين للعمل الذي يقومون به ومحبين للمؤسسة التي ينتمون إليها.
أضف تعليق