كثير من الناس لا يفهمون ما معنى كلمة الاغتسال النفسي ولا يدركون أن النفسية البشرية هي شيء مهم من الأساس لأن بعض الناس من كثرة الجهل المدقع وعدم المعرفة لا يفهمون أن النفسية هي أهم أجزاء الإنسان التي يجب أن يهتم بها حتى يصير إنسان سوي وطبيعي وقادر على التعامل مع الحياة التي يعيش فيها بثقة ومرونة ونجاح. ولكن الذي يحدث أن تجد شريحة كبيرة جداً من الناس يتفادون الاغتسال النفسي أو بمعنى أبسط تصفية النفس من السلبيات التي تعلق بها من كثرة التعاملات والأشخاص والسلبيات التي يتعرض لها الشخص في هذا الزمن وخصوصاً أيضاً في بلادنا الشرقية من حيث المكان، حيث الظروف الحياتية هنا تدفع النفس أحياناً إلى نوع من أنواع التسليم والسلبية وهذا ليس جيداً في كثير من الأحوال إنما الحياة تحتاج إلى قتال وليس استسلام والاغتسال النفسي من ضمن الأشياء التي ستمكنك تماماً من السيطرة على عقلك وعدم سيطرة الظروف عليه حتى تجد أنت طريقة مستمرة لتتغلب على الظروف كما فعل كل من هو عظيم وذكر اسمه في هذه الحياة التي لا يُذكر فيها سوى النجيب والذكي الذي يخط لنفسه سطراً في كتاب العظماء.
الاغتسال النفسي ودوره في تصحيح مسار حياة الإنسان
التأمل
من ضمن الأشياء المهملة جداً في حياة الشرقيين أو العرب هي التأمل حيث الحياة العملية جعلت من فكرة التأمل أضحوكة أو موضوع للسخرية على الآخرين في حين أن الشعوب التي تهتم بوقت للتأمل في حياتها هي الشعوب الأكثر استقراراً وتقدماً لأن التأمل يعطي للإنسان عقلاً مركزاً ومنظماً ومدركاً لأشياء لا يدركها البعض الأخر الذي هو منقوع بشكل دوري في عمليات ديناميكية من الأفعال العملية التي تجعل الشخص لا يفكر بل يعمل أشياء محفوظة. لذلك الحلول تكون محدودة لأن العقل مستهلك تماماً في تنفيذ الأشياء الأخرى العملية، لذلك يا عزيزي يجب أن تفهم تماماً قيمة التأمل وأنه استثمار نفسي مضمون جداً وستجعل لنفسك من خلاله قدراً من الرصانة وأسلوب تفكير بديع جداً بسبب هذه الكلمة البسيطة التي تدعى التأمل والذي هو أساساً من أساسيات الاغتسال النفسي. وأكبر دليل على ذلك هو الروحانيين والمرشدين والرهبان الذين يتركون العالم بكل مشاكله وصخبه ومن ثم يذهبون إلى مكان فارغ أو جميل يستطيعون فيه أن يفكروا بعمق في أشياء قد تبدوا عادية ولكنها في الحقيقة هي باب لشيء روحاني وغسيل نفسي سيجعل منك شخص قادر على التمييز. ودعني أكررها لك التأمل سيجعلك سريع التمييز في الاختيارات الصعبة التي تحتاج إلى شخصية قوية. نأتي للنقطة المهمة وهي كيفية التأمل بطريقة عملية وليست بطريقة صعبة تحتاج إلى ساعات والذي يعتقد إياه البعض في أغلب الأحيان، ولكنك تستطيع أن تتأمل يومياً في شيء لمدة خمس دقائق، نعم خمس دقائق فقط وتذكر حينما تنفذ هذا كلامي وحين تغمض عينك لخمس دقائق متواصلة في البداية ستشعر أنه وقت طويل جداً عليك ولكن الفكرة هي أنك لا يجب أساساً أن تغمض عينيك فالتأمل شيء بسيط جداً وهو ببساطة تخصيص وقت لتسرح فيهمع عقلك. نعم اسرح بخيالك لمدة من الوقت وأنت لا تشعر بضغوط وفي الأخير ستشعر بتحسن وبعد أيام ستجد أنك بدأت تسرح في أفعالك وحياتك الشخصية وستبدأ تدرك عن نفسك أشياء لم تكن تعلم انك كنت تفعلها وهكذا ستكتشف نفسك من خلال السرحان لأنك ستتصيد نفسك وأنت تفكر وحينها ستعرف من خلال فكرك المكشوف شخصيتك.
الابتعاد عن الوسط السلبي
الاغتسال النفسي لن يأتي بنفع أبداً وأنت في مكان ومحيط سلبي، والمجتمع السلبي هو المجتمع الذي يحطم الأحلام أو يحطم الخير ويدعم الشر والخبث في الإنسان وهذا غالباً هو الوصف للوسط الذي نعيشه أينما كنا نعيش. حيث الشر تأصل والسلبية الناتجة من هذا الشر باتت شيء عادي متمثلة هذه الأشياء في العادات والتقاليد المزيفة التي تقيد الإنسان لعمل أشياء مكررة هدفها ليس الإنسان بل هدفها المظاهر. ومن هنا يكون التأثير السلبي على حياتك لا يعطيك الإمكانية المناسبة للاغتسال النفسي بحيث لا يكون وقتك ولا مجهودك متاح لأن تكون شخص يحاول أن يكون إيجابي وعندما تحاول ستجد الأصوات تتعالى من حولك وسينهونك عما تفعل وسيسخرون منك لدرجة أنك ستعزف عن الفكرة بسببهم، في حين أنك في أمس الحاجة لمن يدعمك لأن تعرف نفسك وتنظفها. ولهذا السبب عليك أولاً أن تتجنب مثل هذا المجتمع ومثل هؤلاء الناس ولا أقول لك تتجنبهم بمعنى تخسرهم إلى الأبد ولكن لا تظهر أمامهم أي شيء بنية طيبة وتقول لهم مثلاً أنك تحاول أن تكون إيجابي وتتأمل في الطبيعة لأن الرد حينها سيكون ضحك هستيري من بعضهم وسخرية وسيصفونك بالدرويش وأنك شخص سابح في الملكوت لأن هذه المثالية لا تناسب عالمنا والواقع، وهذا في حد ذاته مقنع. ولكن الحقيقة أن الاغتسال النفسي أيضاً حقيقة ونقاء يحتاجه الناس فعلاً وكل الكلام الذي سيقال لك عن أنك تريد أن تكون إنسان سوى نفسياً فهذا أيضاً نصيحة جيدة وليست روحانيات ولا مبالغات بل الحقيقة هي أنك يجب أن تشعر أنك داخلياً مرتاح لأنه ماذا ستنتفع لو ربحت العالم كله وفقدت هذا السلام الداخلي الذي نتكلم عنه.
تحفيز الذات
الاغتسال النفسي يحتاج جداً إلى التحفيز ومن النقطة السابقة قد علمنا أن الإنسان ليس بمحفز جيد وليس كل الناس لهم نصيب بشخص يساندهم بل الأكثرية من الناس ليس لهم أحد يساندهم بل لديهم مجتمع يهدم طموحاتهم وأهدافهم. ومن هنا أتكلم عن التحفيز الذاتي وهذا النوع من التحفيز خصوصاً يحتاج إلى شخصية قوية تثق في نفسها ولا تعطي للمتكلمين ولا الناس أذناً إلا في الصواب ولا تسمح لأحدهم أن يحطم داخلك بكلماته السلبية أو يعكر صفوك النفسي بلفظ جارح أو شتيمة، بل دائماً كن صاحب نفسك ولا تنتظر أن يأتي أحدهم ويراعي شعورك ويقول لك أنك جيد ويجب أن تكمل حياتك ومسيرتك نحو أن تكون إنسان سوى نفسياً، ولكن صوت عقلك دائماً هو الذي سيجعلك قادراً على تحمل الآخرين والسلبيات، ولن تتغير بتغير المجتمع القبيح بل ستجد نفسك نقطة ضوء في وسط بقعة كبيرة من الجهل وربما تجد نفسك في يوم ما في مكان أنت لم تكن تتوقع أبداً أن تكون فيه بسبب أنك دائماً كنت تشجع نفسك وترى نفسك على صواب في فكرة أنك تريد أن تكون إنسان جيد وسوي نفسياً.
أخيراً عزيزي القارئ الحياة جميلة وليست كلها قبح والاغتسال النفسي هو أفضل الوسائل التي ستظهر لك هذا على مر الزمان، وعندما تكون مرتاحاً داخلياً ستجد أنت نفسك تهتم باهتمامات جديدة وتستغني عن أشياء أنت كنت تفكر أنها لا غنى عنها في حياتك، وأيضاً ستكتشف قوتك كإنسان وستشعر بضعفك كبشر. ستفهم الناس من النظرة وسترى الوجود والأشياء بمنظور أكثر عمقاً وروية. سيجعل منك إنسان منير وعقل محترم في الحكم على الواقع والأشياء وعلى نفسك. لذلك دائماً عزيزي القارئ لا تتجاهل الاغتسال النفسي حيث لك فيه نوراً لحياتك.
أضف تعليق