الإخفاق الدراسي ، التعثر الدراسي، الفشل الدراسي كلها مصطلحات تطلق على عدم النجاح في العملية التعلمية التي يمر بها الطالب في مؤسسة المدرسة، ماذا يعني الإخفاق الدراسي ؟ يقيمه البعض على نتائج امتحانات الطالب التي تضعها المدرسة بشكل دوري لتقييم أداء الطالب ومدى استيعابه للمواد الدراسية ولكن قبل أن نحلل ونشخص ونضع الحلول ينبغي علينا أولا فهم عنصر هام ورئيسي، منظومة التعليم في مجتمعنا هل هي منظمة تعمل بكفاءة حتى يمكننا اعتماد نتائجها ومن ثم وضع الحلول لتحسين مستوى الطالب أم المنظومة التعليمية نفسها هي التي في حاجه إلى تقييم؟ فهل يعقل أن نذهب إلى طبيب سيء السمعة وشاع عنه فشله المتكرر في علاج المرضي فنذهب نحن إليه لنطلب منه تشخص حالة ما ونحن على علم بعدم مقدرته على القيام بالأمر من حالات كثيرة سابقة؟ أعتقد الإجابة واضحة وهي نفسها تنطبق على علاقة المدرسة أو المنظومة التعليمية بالكامل والطالب فإذا تساوى طرفي المعادلة يمكنني أن أستخلص الناتج بسهولة، لذا علينا أولا توضيح المور وتحليلها من أجل فهما جيدا ومحاولة وضع حلول.
حلول مشكلة الإخفاق الدراسي
الطالب
هو كائن يرتبط بمجموعة من العوامل تؤثر فيه بشكل مباشر وتشكل شخصيته وسلوكه وطريقة تفكيره ومعالجته للأمور، الإخفاق الدراسي من أهم المشكلات الأساسية التي تؤرقه أن كان يعاني منها أن تؤرقه خوفا من الإصابة بها، فمنذ مرحلة الحضانة ونحن ننقل له أفكارنا السلبية مثل ذاكر جيدا إلا سترسب في امتحاناتك ويضيع مستقبلك العلمي والعملي وتتحول إلى صعلوك لا تستحق العيش، إن لم تكون الأول دائما وفي كل شيء فهذا يعني بأنك غير كفء ولا يعتمد عليك وسوف نشغر بالخجل أمام أصدقائنا وهم يتحدثون عن أبناءهم المتفوقين وهكذا حتى تحشو دماغه بالكثير من الأفكار الغبية التي لن تساعده إطلاقا وإنما سوف تقف حجر عثرة في طريق تعلمه.
أسباب الإخفاق الدراسي
السبب الأكثر انتشار هو موضوع صعوبات التعلم الذي يعاني منه الكثير من الطلاب، وللأسف الكثير من الآباء لا يعرفون عنها شيئا ويعتبرون أن الإخفاق الدراسي لأبنائهم ما هو إلا إهمال وتقصير، لا أحد يفكر أن كان الطالب يعاني من أمر ما ربما صحي وربما نفسي وهنا يمكننا وضع محورين لتحليل الموضوع وتحديده بوضوح:
المحور الأول: الأسباب الصحية
من الأسباب الشائعة أن يكون الطالب مصاب بمرض الأنيميا والتي بدورها تشتت تركيزه وانتباهه وتصيبه بالخمول والضعف وعدم القدرة على التحصيل، وهناك أيضا ضعف النظر سواء طول أو قصر أو ضعف عام، وفي حاله عدم الفحص لعمل اللازم كما يرى الطبيب أو عمل نظارة طبية فلن يرى الطالب بوضوح ولن يستطيع أن يستوعب المواد الدراسية المختلفة كما أنه معرض دائما بالإحساس بالتعب والإرهاق والصداع والنوم، وهذان مثالان واضحان ومتكرران وهناك الكثير من الأمراض التي تصيب الطلاب وتؤثر بشكل واضح على تحصيلهم الدراسي وهم ليس لديهم أي قدرة على التعامل مع المر لأنه ببساطة مجهول وسيظل أن لم يهتم بالأبوين ويفكران بعمل فحصوات للاطمئنان على صحتهم.
المحور الثاني: الأمراض النفسية
بالطبع هذا الطالب الذي نعده آلة للعمل والاستذكار والحصول على الدرجات النهائية هو إنسان مكون من روح وجسد، الجسد يصاب بالأمراض وكذلك الروح والعقل، فربما يعاني الطالب من مرض نفسي يعرقله عن دراسته، كالوسواس القهري وهو شائع أيضا فيصيب الطالب بالقلق المستمر الذي يصل به إلى مرحلة العجز والخنوع وعدم القدرة على اتخاذ القرارات وغيره الكثير من المراض الأخرى فينبغي أن نضع في اعتبارنا هذان الأمران ولا نلقي باللوم عليهم ونتهمهم بالكسل وعدم تحمل المسئولية فلكي يصح اتهامي هذا يجب أن يكون هذا الطالب مؤهل بدانيا ونفسيا ومن ثما ألومه على تقصيره وغير ذلك فهو خواء ولا منطق.
أسباب أخرى متنوعة
كما وضحت مسبقا أن الطالب يتم تشكيله من خلال الظروف البيئية والاجتماعية والاقتصادية المحيطة به وقد يرجع الإخفاق الدراسي إلى عوامل أخرى متعددة، ولكل منها تأثيرا ما، ولنأتي للجانب الأكثر شيوعا وهو الجانب الاجتماعي، أن كان الطالب يعيش في منزل العلاقة بين أفراده مشحونة بالقلق والتوتر والعصبية، والعراك الدائم وعدم استقرار الحياة الأسرية فماذا تنتظرون؟ كيف لطال بأن يتفوق في مثل هذه الظروف العصيبة، فهو إنسان يتأثر بالبيئة المحيطة به. وربما أيضا الظروف البيئية وعدم وجود بيئة ملائمة للاستذكار الجيد مثل مكان ضيق ومغلق ولا تصل له أشعة الشمس، وبالتالي سيصاب بالنوم والكسل، وربما نوعيه الطعام الذي يقدم له غير مفيد وغير متوازن وبالتالي لن يعمل جسمه وعقله بكفاءة، وهكذا يمكننا أن نلخص الأسباب في الآتي:
- تقييم المدرسة نفسها ومعرفة مدى صلاحيتها للاعتداد بنتائجها.
- تقييم الوضع الصحي والنفسي للطالب.
- مراجعة الظروف الاجتماعية والاقتصادية والبيئية ومعرفة مدى تأثيرها.
علاج الإخفاق الدراسي
حللنا موضوع الإخفاق الدراسي جيدا من جوانبه المختلفة، بقي لنا أن نضع حلولا، في البداية أحب أن أوضح أن العلاقة القائمة على الحب والصدق بين الأبناء والآباء هي محور مهم ومؤثر، فينبغي أن تجمع بينكم علاقة الصداقة والحب حتى يستطيع الأبناء التعبير عما يشعرون به بسهوله، التفاهم وتقبل الأمر وعدم التهويل من شأنه أمر مهم أيضا، لا داعي للعصبية إطلاقا والتعامل مع المور يكون بحكمة، تحدث مع أبنك أو بنتك وأفهم طبيعة المشكلة وبماذا يشعر، حاول أن تفهمه وتهدئ من روعه، ووضح له أن دائما ما هناك حلول لكل مشاكلنا مهما بدت معقدة حتي يطمئن ويعبر لك عن دواخله، أعرضه على طبيب وقوم بإجراء فحصوات شامله من حين لخر للتأكد من عدم أصابته بشيء ما، تحدث إليه وافهم مشاكله وان كان في حاجه إلى طبيب نفسي فأبحث له واذهب معه ودعمه، وهكذا يكون منطقنا في التفكير، نفكر برويه نثق في أبناءنا وتنبني هذه الثقة على العلاقة الودودة التي تربطنا بهم، نبحث عن حلول مناسبة للمشكلة.
حلول خارج الصندوق
مشكلة الإخفاق الدراسي ولنكن صرحاء يكون العامل فيها للمدرسة والمواد التعليمية التي تدرس فيها ويتوجب على عقل كل طالب فهمها وهضمها بنفس الشكل الذي يهضمه بها زميله الأخر، لا يوجد منهج دراسي ملائم للجميع وإنما تتفاوت العقول وتتفاوت القدرات ولكل منهما طريقه في الفهم والاستيعاب، وتصر المدرسة على ترويض العقول والحد من قدراتها لتتناسب مع ما هو موضوع، ولا أحد يستطيع أن ينكر ما يؤكده التاريخ بأن الطلاب اللذين وصفوا بالغباء والتخلف هم من أبهروا البشرية قدموا لنا خدمات علمية جليله ولكنهم كانوا طلاب فاشلين بالمعني المدرسي العقيم، ومنهم على سبيل المثال أينشتاين عالم الفيزياء الكبير الذي طالما رسب في الدراسة ولديكم إديسون وغيره من العلماء والمفكرين ورجال التكنولوجيا في عصرنا الحالي ستجد أن معظمهم فاشلون في المدارس، فالدرجات والعلامات وما إلى ذلك ليست وسيلة للتقييم ويظهر هذا المثال واضحا جليا في مصر ونموذجها لتعليم الثانوية العامة الذي حقق فشل تاريخي ربما يمكننا إدراجها في موسوعة جنيس في الطرق التعليمية الأكثر تخلفا، التعليم الذي لا ينمي الفكر ويغذي العقل لا داعي في تضييع العمر والمال من اجله، ولكي تحكم على صلاحية مؤسسة تعليمية من مجتمع لأخر أنظر إلى الطلاب وحاول معرفة هل هم يحبون مدارسهم أم يذهبون إليها رغما عنهم لان المجتمع يحتم علينا الذهاب إلى المدرسة والحصول على الدرجات العالية لنحصل على وظيفة وهكذا وكأننا تروس في آلة تعمل بكتالوج وليس لها عقل مفكر، التعليم كالماء والهواء ولكن لا داعي لهم أن كانا ملوثين.
أضف تعليق