الأفلام الوثائقية والأفلام الروائية من حيث النشأة كانت البداية بالتمثيل المسرحي ثم انتقل إلى السينما والرواية، ولكن موضوع الأفلام الوثائقية كان جديدا نوعا ما وظهر حديثا. كانت الأفلام الروائية هي الأكثر شهرة أما الأفلام الوثائقية فلا يعرفها إلا فئة معينه لأنها تقدم معلومات وأفكار، وهذا بالطبع سوف يتوقف على المهتم بنوعية ما يتم عرضه، لذلك فجمهورها صغير ومحدد، بينما الروائية تقوم على القصص والروايات التي يحبها الجميع وتحتوي على الاستعراضات والأغاني وغيرها من المسليات المفرحة للجمهور عموما والتي في الغالب سترضي جميع الأذواق. وسوف نذهب في هذا المقال إلى تعريف وتحديد مفاهيم كل من الفيلم الروائي والفيلم الوثائقي وأهمية كل منهما والفروق بينهم وسوف نحاول رصد الأسباب التي عكست الحال فجأة وجعلت الصدارة للفيلم الوثائقي.
الأفلام الوثائقية : معلومات مفصلة عنها
ما هي الأفلام الوثائقية؟
في البداية ينبغي علينا تحديد المفاهيم، ماذا نعني بمصطلح الأفلام الوثائقية؟ وحتى يتسنى لنا المقارنة والمفاضلة ما بين الفيلم الوثائقي والفيلم الروائي. الفيلم الوثائقي هو عمل يقوم فيه مخرجه بسرد تاريخي أو سياسي لحدث ما، ويقوم بتقديمه بشكل حيادي دون إبداء رأيه فيه، فهو يعد مصدر معلوماتي وتاريخي للأحداث والظواهر مثلما حدث مع ثورات الربيع العربي، يوجد الآلاف من الأفلام الوثائقية التي تعبر عنه وتختلف قيمتها والكثير منها حصل على جوائز عالمية والكثير أيضا تم الاستدلال به كمصدر معلومات عن أحداث معينه.
ما هو الفيلم الروائي؟
الأفلام الروائية هي مقابل للأفلام الوثائقية وتقع على النقيض تماما منها، ففي حين تقدم الأولى سرد مفصل للمعلومات والتاريخ والأحداث تقدم الثانية رواية أدبية كتبها شخص ما من خياله في الغالب، ويمكننا تعريف الفيلم الروائي على أنه الفيلم الذي يحكي قصة أو رواية، تقوم على خيال الأديب في الغالب ولكن في كثير من الأحيان يكون لها سند واقعي حيث أن السينما مرآة الواقع. والأديب يكتب من خلال واقعه المعيش، فبالتالي الكثير من الأفلام الروائية تعبر عن الواقع المعيش ولكنها لا تقدم لنا معلومات مثل الوثائقي فهي تحمل وجهه نظر مؤلفها على نقيض الأخرى وهو يتدخل لتجميل الصورة أو لاستخدام مشاهد تأثيرية لا علاقة لها بالواقع.
الفرق بين الوثائقي والروائي
الفرق بين الأفلام الوثائقية والأفلام الروائية مختلفة ومتعددة بتعدد خصائص كل منهما، من حيث الموضوع والمنهج والأشخاص المشاركين ومراحل الإنتاج وغيره مما سوف نحاول أن نعرضه:
- الموضوع، واضح من تعريف كل منهما أنهما متضادان، فالوثائقي يقدم معلومات وسرد تاريخي حقيقي بينما الروائي تكون رواية أو قصة خيالية من وحي خيال مؤلفها حتى ولو كان لها أساس واقعي ولكنها ليست حقيقية مثل الأفلام الوثائقية.
- المشاركين، الأفلام الوثائقية حقيقية تقدم أحداثا حقيقية وقضية حقيقية أيضا، والمشاركين في الفيلم هم شخصيات حقيقية، بينما الأفلام الروائية تستعين بممثلين يقومون بأدوار شخصيات القصة أو الرواية، أي أنهم مفتعلين وليسوا حقيقيين.
- المنهج، يتبع الفيلم الروائي منهج التمثيل المسرحي حيث كانت البداية مع المسرح ومع التقدم والتطور تحول إلى الأشكال السينمائية، يحتاج الفيلم السينمائي إلى تكاتف الجميع ويحتاج إلى مجهود كبير منهم جميعا من ممثلين ومصورين ومنسقين ومهندسين صوت وصورة. إلخ، بينما الفيلم الوثائقي يعتمد بشكل كبير على شخص واحد وهو الذي يقوم بالتصوير وطريقته في التعامل مع الحدث ورؤيته الخاصة له هي التي تتحكم بشكل الفيلم.
الأحداث، بالنسبة للفيلم الروائي فكل شيء معد سابقا وموجود ومكتوب ويمكن مراجعة المشهد واللقطة أكثر من مرة، بينما الفيلم الوثائقي لا يستطيع أن يعيد تصوير الحدث لأنه يحدث مرة واحدة وحتى لو كان يقام على مقابلات شخصية ففي الغالب يكون المتحدث مرتجلا فلا يستطيع أن يعيد ما قاله بالضبط. - الزمن، يختلف مفهومنا للزمن بين الفيلم الوثائقي والفيلم الروائي، فأنت كمشاهد لفيلم وثائقي لن يضايقك كون المتحدث يتردد كثيرا أو يتكلم بشكل متقطع لأنك تعلم أنها أحداث حقيقية في مقابل أن بطء الممثل وتردده في الفيلم الروائي يصيب المشاهد بالملل لأنه على دراية بأن كل هذا معد مسبقا فلمَ الاستطالة في الزمن؟
أهمية الأفلام الوثائقية والروائية
بالطبع لكل منهما أهمية خاصة تختلف عن الآخر، ولكن صناعة السينما الروائية دائما ما يتردد عنها أنها فن وتجارة وصناعة، أي أنها تعتمد على الجانب المالي أكثر ولن نكون غلاة إن قلنا إنه هو المتحكم، والواقع الحالي يؤكد لنا هذه الصورة، فالمنتج هو الذي يتحكم في كل شيء لأنه هو الذي يصرف الأموال وينتظر أن تعود إليه مضاعفة، لذلك لا يهتم إلا بما يثير ضجة أو يعجب المشاهد الحالي ويثيره حتى يضمن العائد المادي، في المقابل وهي صورة معاكسة تماما نجد للفيلم الوثائقي الذي يرصد ويوثق الأحداث ويجمع لنا الصور المختلفة ولا يعنيه العائد المادي أو الربح وإنما نقل الحقائق كما هي والدقة في التوثيق، لذلك لم يكن مشهورا إلا في ظل الأحداث الأخيرة، وبناء عليه فهو يقدم لنا فن وثقافة وعلم.
السبب وراء شعبية الأفلام الوثائقية
الأفلام الوثائقية في مقابل الأفلام الروائية، ظهرت بشكل كبير في الآونة الأخيرة وخاصة في ظل ثورات الربيع العربي، ويرجع نقاد السينما شعبية الأفلام الوثائقية إلى أن الشباب في المجتمعات العربية قاموا برصد وتصوير الأحداث الجارية أولا بأول وذلك لامتلاكهم وسائل التكنولوجيا الحديثة مما دفع الكثير لاستخدام المصادر المتاحة على الإنترنت وعمل فيلم وثائقي وكان الانطلاق من ثورات الربيع العربي. ومما ساعد أكثر على الانتشار هو إعلان الكثير من المسابقات عن هذه الأفلام التي تمت صناعتها، والمثير حقا أن أغلب صناعها هواة وليسوا متخصصين ولكن إنتاجهم في الغالب حصل على جوائز ونال رضا الكثيرين. من هنا انتصر الفيلم الوثائقي وأصبح أكثر تأثيرا من الروائي خاصة وأن الأفلام الروائية التي قدمت عن نفس الأحداث لم توضع في وجه للمقارنة مع نظيرتها التسجيلية بل على العكس كانت تعبر عن أيدلوجيات معينة لذلك لم تلقَ قبول من الجمهور العام ولكن فيما عدا هذه الفترة وهذه الأحداث كانت الأفلام الروائية هي الأكثر شهرة.
أسباب أخرى
أثار الكثير من النقاد في الآونة الأخيرة استياءهم من الأفلام الروائية التي يتم تقديمها وبعدها عن الهدف الحقيقي للسينما، ومع مرور الوقت يزداد الأمر سوءا، ويرجع ذلك إلى السلطة السياسية المتزايدة وسلطة رأس المال التي تتضخم مع مرور الوقت، بحيث يكون هناك شخص واحد يملك السلطة أو المال ويكون هو المتحكم في الموضوع من بدايته إلى نهايته، ويختلف المقصد السياسي عن المقصد المالي، فنجد السياسية تقوم على الدعوة لأيديولوجية معينة وترسيخ أفكار بعينها، بينما المال لا يقوم إلا على ظروف السوق وكيف يشد المشاهد له ليجمع المزيد من الأموال، وهذا ما يبرر لنا الكثير من المشاهد المقحمة لأسباب تجارية، وفي ظل وجود الوعي الحالي يتم سحب البساط من تحت أقدام السينما الروائية التي أصبحت تقدم إلى فئة معينه من الجمهور في مقابل التطورات الأخيرة في الفيلم الوثائقي التي جذبت إليها الكثيرين، وعلى سبيل المثال إذا عرضنا قضية ما كقضية اختفاء مهنة ماسح الأحذية، روائيا سوف يقوم ممثل بأداء الدور بناء على كتابة مسبقة لسيناريو، ولكن الفيلم الوثائقي سوف ينزل في الشارع ويعرض لك الواقع الحي وبالتالي ستكون النتيجة تعاطفك مع الحقيقي الواقعي.
أضف تعليق