لقد أصبحت الحاجة ملحة في العصر الحاضر إلى صناعة الأسمدة العضوية ؛ وذلك بسبب انتشار الأمراض بصورة مخيفة أصبحت تهدد بقاء الإنسان، كما أن استخدام الهرمونات المساعدة على نضج الفواكه والثمار يمثل خطرا على صحة الإنسان؛ لذلك بدأ العلماء في البحث عن وسائل جديدة وآمنة لتسميد النباتات دون أن تكون لها آثار جانبية ضارة بصحة الإنسان والكائنات الحية؛ ولذلك اتجهت الأنظار إلى الأسمدة العضوية التي يتم تصنيعها يدويا من المواد والمخلفات المنزلية والحقلية أو الحيوانية دون اللجوء إلى المواد الكيماوية ذات الآثار الضارة على صحة الإنسان سواء في الوقت القريب أو البعيد، ويتناول هذا المقال التعريف بالأسمدة العضوية وأهم فوائدها، وكذلك أضرار الأسمدة الكيماوية على البيئة والكائنات الحية، وكيفية صناعة الأسمدة العضوية في المنزل، وأيضا كيفية تحويل الأسمدة العضوية إلى محلول عضوي لتغذية التربة بصورة أيسر وأفضل.
طريقة صناعة الأسمدة العضوية في المنزل
تعريف الأسمدة العضوية
هي المواد العضوية التي تقوم النباتات باستهلاكها وامتصاصها من التربة؛ لذلك يتم تصنيع تلك الأسمدة من مخلفات المزارع والنباتات كالأوراق اليابسة أو الخضراء والأعشاب والحشائش ونشارة الخشب وأغصان النباتات، وكذلك مخلفات المنازل والمواشي مثل فضلات الطعام وروث الحيوانات والأوراق وقشر البيض وفضلات الخضروات والقمامة، وقد ثبت أن خلط تلك المواد مع بعضها لصناعة الأسمدة العضوية يمكن أن يوفر لنا 30 جزء من الكربون مقابل جزء واحد من النيتروجين.
أهمية الأسمدة العضوية
لقد أثبت العلماء أن استخدام الأسمدة العضوية في تسميد النباتات والأشجار أفضل وأكثر أمانا من استخدام الأسمدة الكيماوية، كما ثبت أن الأسمدة العضوية مفيدة لجميع أنواع التربة سواء كانت تربة طينية أو تربة رملية، وفيما يلي نذكر أهم فوائد الأسمدة العضوية ومميزاتها:
- تعمل على ترابط حبيبات التربة الرملية مع بعضها البعض لتصبح قادرة على الاحتفاظ بالمياه والمواد الغذائية بصورة أكبر فتزداد خصوبتها وإنتاجها للمحاصيل والثمار، كما تقوم الأسمدة العضوية بالعمل على التماسك بين الحبيبات الرملية ومنعها من الانجراف.
- زيادة المسافات بين حبيبات التربة الطينية لتتمكن من تصريف المياه الزائدة بصورة جيدة مع تحسين جودتها وزيادة خصوبتها من خلال تحسين الخصائص الفيزيائية لها؛ وبالتالي يزداد إنتاجها من المحاصيل والفواكه أو الثمار.
- زيادة خصوبة التربة وتزويدها بالعناصر الكبرى والصغرى المطلوبة بصورة معتدلة ومتوازنة.
- تعمل الأسمدة العضوية على تفكيك التربة لتناسب الخضروات التي تنتج محصولها في باطن الأرض مثل: الجزر والفجل واللفت والبنجر والفول السوداني والبطاطس والبطاطا والقلقاس.
- توفير المبالغ الكبيرة التي تنفق على شراء الأسمدة الكيماوية.
- الحفاظ على البيئة من التلوث من خلال ترشيد استهلاك الأنواع المختلفة من الأسمدة الكيماوية بأضرارها العديدة على البيئة والكائنات الحية.
- إنتاج محاصيل ونباتات وأغذية صحية وآمنة على صحة الإنسان والكائنات الحية لخلوها من المواد الكيماوية السامة والضارة بالبيئة والكائنات الحية.
أضرار الأسمدة الكيماوية
يبحث جميع المزارعين دائما عن الإنتاج الوافر، ولا يهتم أغلبهم بالوسيلة التي سيحصل بها على الإنتاج الوفير ومدى خطورتها على البيئة في المستقبل؛ لذلك يفرط البعض في استخدام الأسمدة الكيماوية للحصول على وفرة الإنتاج دون النظر إلى الأسمدة العضوية ، ولا شك أن ذلك يمثل خطرا كبيرا على صحة الإنسان والكائنات الحية فيما بعد، وفيما يلي أهم أضرار استخدام الأسمدة الكيماوية على البيئة والإنسان:
- الإصابة بأمراض سرطانية: وذلك بسبب استخدام الأسمدة الكيماوية التي تحتوي على مواد نيتروجينية وتصل من خلال مياه الصرف إلى مياه النيل والمياه الجوفية المستخدمة في الشرب، وتتحول النترات في أمعاء الإنسان إلى مادة النيتريت المسببة لسرطان الدم في المعدة والأمعاء.
- قلة المحصول: بسبب زيادة النمو الخضري للنباتات على حساب الثمار والمحاصيل وذلك عند الإفراط في التسميد بالأسمدة الكيماوية وخاصة الغنية بالنترات، وذلك يؤدي لإصابة المحاصيل بالأمراض والحشرات.
- نمو الطحالب والطفيليات في مجاري المياه: بسبب مياه الصرف وما تحمل من مواد كيماوية ونترات تؤدي إلى تكاثر ونمو الطحالب والطفيليات في المصارف والبحيرات وذلك بخلاف الأسمدة العضوية وهذه العملية تكلف الدولة مبالغ طائلة لتطهيرها والتخلص من تلك الحشائش المائية التي تقلل نسبة الأكسجين في الماء مع إعاقة جريانه.
- تراكم العناصر الثقيلة الضارة في التربة: وذلك بسبب استخدام الأسمدة الفوسفاتية والتي تؤدي إلى تراكم عنصر الكادميوم الضار بصحة الإنسان سواء من خلال وصوله من النبات أو الحيوان.
- العقم: إن استخدام سماد اليوريا الذي يحتوي على مادة البيوريت السامة والتي تنشط عند ارتفاع درجة الحرارة، كما أن تحلل اليوريا وتطاير غاز الأمونيا منها يؤدي إلى التهابات الجهاز التنفسي وإصابة الرجال بالعقم.
كيف تصنع الأسمدة العضوية بنفسك في المنزل؟
إن فكرة استخدام مخلفات المزارع أو النباتات ومخلفات المنزل من القمامة وفضلات الطعام وغير ذلك في صناعة الأسمدة العضوية ذات مردود ممتاز على البيئة والإنسان؛ حيث نقوم بالتخلص من القمامة والمخلفات بأسلوب نافع ومفيد دون تركها لتراكم الميكروبات والبكتريا الضارة بالإنسان والبيئة، ولكي تقوم بتحضير السماد العضوي في المنزل بنفسك عليك باتباع الخطوات التالية:
- إعداد وعاء كبير أو برميل وثقبه من جوانبه للتهوية (ويفضل أن يكون من البلاستيك المقوى) وتثبيته في مكان جيد التهوية ووضع بعض أغصان النباتات القوية في أسفله لتسمح بمرور الهواء للمخلفات التي ستوضع فيه.
- إعداد وعاء أو برميل صغير من البلاستيك به عدة فتحات جانبية للتهوية ووضعه في المطبخ لتجميع فضلات الطعام التي سوف تستخدم لصناعة الأسمدة العضوية ، ويجب مراعاة الفصل بين الطبقات بورق الجرائد، كما يجب أيضا مراعاة فصل المخلفات وذلك بعدم وضع أي مخلفات صلبة من الحديد أو البلاستيك في هذا البرميل، وكلما امتلأ البرميل يتم تفريغه في البرميل الكبير خارج المنزل.
- يفضل بعد امتلاء البرميل الكبير أن يتم قلبه بحيث تكون المحتويات العلوية في أسفل والمحتويات السفلية في الأعلى؛ وذلك لتسريع عملية التخمر وتحول المواد إلى أسمدة عضوية.
- يمكن إضافة مخلفات وروث الحيوانات وأوراق الأشجار أو قش الأرز إلى تلك المواد إذا رغبنا في كمية كبيرة من الأسمدة العضوية التي يمكن الاستفادة منها في تخصيب الأرض وذلك بوضع طبقة من أغصان النباتات أو قش الأرز وفوقها طبقة من فضلات الطعام وروث الحيوانات وتكرر العملية حتى يمتليء البرميل.
- وبعد مدة معينة تنضج المكونات وتتحلل وتصبح جاهزة للاستخدام، وتستطيع معرفة مدى نضجها إذا وصل حجمها إلى الثلث وتحول لونها إلى اللون البني مع تفتت مكوناتها وتحولت رائحتها لتشبه رائحة التراب.
كيف تحول السماد العضوي إلى محلول؟
يمكن تحويل الأسمدة العضوية إلى محلول عضوي يفيد في تغذية النباتات إذا سقيت به، كما يفيد في حماية أوراق النباتات من الحشرات والأمراض إذا رشت به، ويتم تحضير هذا المحلول من خلال نقع كمية من الأسمدة العضوية التي تم إعدادها سابقا في مقدار من الماء بنسبة الثلث من الأسمدة والثلثين من الماء، وبعد أسبوع تقريبا يتم تصفية الماء واستخدامه كمحلول عضوي رائع في تغذية النبات، ويمكن استخدام الأسمدة بعد نقعها بخلطها مع التربة لتعمل على تهويتها وتفتيح مسامها.
لا شك أن البحث عن البدائل الطبيعية للمواد الكيماوية هو من أكثر المجالات التي تحتاج إلى دعم الحكومات ومراكز الأبحاث؛ وذلك من أجل الحفاظ على صحة الإنسان والكائنات الحية التي أصبحت مهددة بالعديد من المخاطر التي تسببها الأسمدة الكيماوية والمبيدات الحشرية السامة المستخدمة مع النباتات والتربة والتي تعود آثارها السلبية على الإنسان والبيئة فيما بعد، فهل ينتبه الإنسان قبل فوات الأوان ويلجأ إلى المواد الطبيعية كبديل للمواد الكيماوية؟
أضف تعليق