تعد الأسلحة البيولوجية واحدة من أخطر أنواع الأسلحة التي كثيرًا ما يحذر منها قادة العلماء والأمم المتحدة، نظرًا للتأثيرات الخطيرة والمدمرة لهذه الأسلحة، ليس فقط على حياة الإنسان، ولكن على كل من الحيوانات والنباتات أيضًا، وتعتمد الحروب البيولوجية بشكل أساسي على جميع مسببات انتشار الأمراض المعدية التي تتسبب في انتشار العدوى بسرعة كبيرة والتي تودي في النهاية بحياة كل من يوجد في محيط انتشارها، وخلال القرون الماضية تم الاعتماد على هذه الأسلحة بشكل كبير في الحروب لإلحاق العدوى في صفوف العدو، وإنهاكهم قبل خوض غمار الحرب، وهو ما كان يتسبب بالفعل في إحداث حالة من العجز الكبير وعدم قدرة العدو على الصمود وبالتالي الاستسلام بسرعة كبيرة نتيجة حالات الوفاة التي تقع باستمرار بين الجنود، ويشير البعض إلى أن الجراثيم والفيروسات التي تغزو جسم الإنسان تكون لديها القدرة على الانتشار بسرعة كبيرة عن طريق العدوى؛ وبالتالي فإن هناك صعوبة شديدة في القدرة على السيطرة على تلك السموم التي تصيب الإنسان والحيوان، وهو الأمر الذي له بالغ الأثر في وقوع عدد كبير من الضحايا في فترة وجيزة للغاية.
أخطار الأسلحة البيولوجية على السلام العالمي
استخدام السلاح البيولوجي في الحروب
على مدار العقود الطويلة الماضية وهناك تطوير كبير وسريع في الحروب والأسلحة المستخدمة بها، حيث أصبح الاعتماد مؤخرًا يكون على كل من الأسلحة البيولوجية والنووية والقنابل الذرية، الأمر الذي جعل هناك تخوفات كبيرة من احتمالية قيام حرب عالمية ثالثة نظرًا للتوقعات التي تشير إلى أنه سيكون هناك اعتماد بدرجة كبيرة على هذه الأسلحة الفتاكة، وبالنسبة للحرب البيولوجية التي يطلق عليها البعض اسم الحرب البكتيرية أو الجرثومية، فقد غيرت مفهوم الحروب تمامًا، حيث لم يعد الأمر يتعلق بوجود مواجهات بين قوتين وجيشين، بل تطور الأمر إلى إمكانيات إرسال بعض الفيروسات والجراثيم الفتاكة والقاتلة والتي تستطيع بث حالة من الخوف والرعب في صفوف العدو، وبالرغم من وجود عدد كبير من الفيروسات والجراثيم وغيرها من عناصر الأسلحة البيولوجية والتي يزيد عددها عن نحو 1200 عنصرًا، إلا أن المواد السامة والفيروسات التي يمكن الاعتماد عليها بشكل كبير في الحروب لإنهاك العدو تعد قليلة نسبيًا، لكن هذه النسبة القليلة لديها القدرة على تدمير وإحداث حالات وفاة تصل إلى مئات الآلاف من الأشخاص والنباتات والحيوانات، نظرًا لقدرتها على الانتشار السريع وصعوبة اكتشافها في مدة بسيطة على اعتبار أنها واحدة من المواد السامة الغير مرئية وسريعة الانتشار، وعلى مدار الحروب الطويلة الماضية التي وقعت حول العالم كان يتم اللجوء إلى الاعتماد على هذا السلاح الفتاك كأحد الأسلحة التي تعطي قوة كبيرة للجيوش أثناء حربها ضد أي عدو يواجهها.
أنواع الأسلحة البيولوجية
الجمرة الخبيثة
تعد الجمرة الخبيثة أحد أهم أنواع الأسلحة البيولوجية حول العالم، وينتشر هذا النوع من البكتريا من خلال عاملين أحدهما يتعلق بالتنفس واستنشاق هذا النوع من البكتريا ودخوله مباشرة إلى الجهاز التنفسي، والعامل الآخر يكون من خلال الجروح التي يتعرض إليها بعض الأشخاص في حياتهم اليومية, وبالتالي فإن الجمرة الخبيثة تنتشر بشكل فعال وسريع داخل جسم الإنسان من خلال ظهور بعض العلامات منها التهابات التنفس وارتفاع درجة الحرارة بشكل كبير ومفاجئ إلى جانب أيضًا حدوث نزيف داخلي وخارجي لجسم الشخص المصاب، وحدوث آلام شديدة بالمفاصل، ويؤكد عدد كبير من الأطباء أن علاج هذه الحالات لابد أن يكون سريعًا بدرجة كبيرة وخلال ساعات قليلة من الإصابة، وهو الأمر الذي يعد صعبًا للغاية نتيجة عدم تشخصي حالة المريض على أنه مصاب بالجمرة الخبيثة، ويؤكد الأطباء أيضًا أن هناك لقاح يتم اللجوء إليها وتناوله ولكن قبل الإصابة بنحو 3 أسابيع على الأقل وهو ما يعد صعبًا أيضًا لعدم القدرة على التنبوء بالتعرض لهذه البكتيريا.
الإيبولا
من الأنواع المنتشرة للأسلحة البيولوجية هي الإيبولا والتي تأخذ أشكال عديدة وتنتشر بسرعة كبيرة من خلال الاختلاط المستمر والمباشر بمريض الإيبولا والمعايشة الدائمة مع المريض، كما تنتقل العدوى من حلال التعامل مع الجثث التي كانت مصابة بهذا المرض، ويؤكد الأطباء أن هناك مجموعة كبيرة من الأعراض التي تلازم الإصابة بعدوى الإيبولا منها ظهوره كحمى في البداية وآلام بالعضلات، ثم يعقب ذلك بعض الأعراض منها صعوبة البلع، وفقدان القدرة على الحركة، والقئ الملوث بالدماء، وسرعان ما يصل الأمر إلى درجة تدمير القلب والكبد بالكامل، وهو ما يتبعه نزيف مستمر من جميع فتحات الجسم ثم حدوث صدمت عصبية وغيبوبة إلى أن ينتهي الأمر بالوفاة، ويؤكد كثير من خبراء الأسلحة البيولوجية والأطباء أن هذا النوع من الميكروبات يعد أحد أخطر أنواع الأسلحة البيولوجية على اعتبار أنه لا توجد أية أدوية حتى الآن لعلاج هذا المرض.
الطاعون
يعد الطاعون من الميكروبات المتطفلة التي تتطفل على الحيوانات، وتنتقل إلى المواطنين بعدة طرق مباشرة وغير مباشرة من خلال البراغيث وغيرها مثل القراد، وهناك من يطلق على الطاعون بأنه الموت الأسود نظرًا لتسببه في حدوث بقع دموية، والتي غالبا ما تأخذ لونًا أسود تحت سطح الجلد، وخلال القرن الـ 14 تسبب هذا المرض في وقوع عدد كبير من حالات الوفاة داخل أوروبا، ولم يتوقف تأثير هذا المرض لدى سكان أوروبا بل امتد إلى آسيا حيث تسبب هذا الوباء في أربعينيات القرن الماضي في وقوع عدد كبير من حالات الوفاة في الصين نتيجة قيام اليابان بإسقاط مجموعة كبيرة من القنابل التي احتوت على عدد هائل من البراغيث المصابة بالطاعون والتي انتشرت بسرعة كبيرة وتسببت في انتقال المرض لأعداد ضخمة من سكان تلك المناطق، ويُعرف طاعون الغدد اللمفاوية بأنه أحد أخطر أنواع الطاعون والأكثر انتشارًا والذي يوجد في دم الشخص المريض، نتيجة تعرضه لعضة إحدى البراغيث المصابة بهذا النوع من المرض.
اتفاقيات الحد من الأسلحة البيولوجية
بعد الأحاديث الكثيرة التي انتشرت منذ عقود طويلة بسبب التأثيرات الخطيرة للأسلحة البيولوجية، بدأ البعض ينادي بضرورة إبرام اتفاقيات وبروتوكولات لتجريم استخدام مختلف أنواع الجراثيم التي تم تصنيفها على أنها أحد مكونات الأسلحة البيولوجية، وفي سبيل ذلك تم توقيع أول اتفاقية في شأن منع استخدام السلام البيولوجي عام 1925 عندما تم توقيع بروتوكول جنيف، والذي شدد على عدم استخدم السلام البيولوجي وليس منع امتلاكه أو تطويره، لكن بريطانيا حرصت على تقديم مسودة أخرى للمعاهدة ووقعت عليها نحو 22 دولة حول العالم في عالم 1972، والتي تم بموجبها إلزام نحو 165 دولة حول العالم بمنع تطوير وتخزين كافة أنواع الأسلحة البيولوجية والجراثيم السامة، بجانب ذلك فإن عدم وجود نظام رسمي للتأكد من مدى التزام دول العالم ببنود الاتفاقية من عدمه وعدم امتلاكها للسلاح البيولوجي وتطويره قد حد بدرجة كبيرة من فعاليات الاتفاقية، وبالتالي فقد أتاح ذلك الإمكانية لبعض الدول الكبرى إلى امتلاك هذا السلاح الفتاك سرًا وتطويره بالدرجة التي تجعلها قادرة على تدمير دول عديدة وفرض سيطرتها عليه.
ما زالت الأسلحة البيولوجية تمثل خطرًا داهمًا على حياة البشرية، خاصة في ظل إجمالي الأمراض وحالات الوفاة الكبيرة الناجمة عن الإصابة بالجراثيم التي تندرج تحت قائمة الأسلحة البيولوجية، لذا فهناك الكثير من الأصوات التي تنادي بضرورة تجريم استخدام وتطوير هذه الأسلحة الفتاكة، التي قد تتسبب يومًا ما في تدمير كثير من الدول في حالة الاعتماد عليها في أي حرب مستقبلية.
أضف تعليق