اكتشاف الذات من المتطلبات التي يبحث عنها كل شخص في حياته، فنحن نحاول أن نفهم ذاتنا طوال الوقت، ونسعى إلى معرفة أي الأشياء نحبها أكثر من غيرها، وما هي الأشياء التي نريد أن نستمر في عملها دائمًا، على أن هذا الأمر يحدث معنا منذ الصغر، ولذلك يمكنك أن تبدأ مع ابنك لكي يتمكن من اكتشاف ذاته في سن صغير، حيث أن اكتشاف الذات يمكن للإنسان العمل عليه مع الآخرين، ولن يوجد شخص أفضل منك كولي أمر لمساعدة ابنك على فعل ذلك، لذلك نتحدث في هذا المقال عن الخطوات التي يمكن القيام بها من أجل مساعدة الابن على اكتشاف ذاته.
مساعدة الطفل على اكتشاف الذات
ما الذي تحتاج إلى فعله كولي أمر لمساعدة الابن؟
مساعدتك لابنك من أجل اكتشاف الذات تحتاج منك إلى متابعة الابن كلما تسمح لك الظروف بفعل ذلك، فبدون عملية المتابعة لن تكون قادر على مراقبته بالشكل الذي يسمح لك بفهم طريقة تفكيره. على أن متابعتك للابن لا يجب أن تسبب له الضغط، أو تشعره بوجود مشكلة في حياته. كذلك يجب أن تكون أكثر تقبلًا لفكرة الاختلاف، خصوصًا بفعل عوامل مثل اختلاف الزمن الذي يعيش فيه الابن عن زمنك أنت، وبالتالي فإنه مهما كان ما يدور في ذهن ابنك يجب أن تتعامل معه.
أكثر شيء قد يمنع اكتشاف الذات هو الحصار أو تقييد الابن، لذلك يجب أن تتجنب فعل ذلك. ويجب أن تجعل الابن يعرف تمامًا الفارق بين التوجيه الذي تقوم به، وبين فكرة أن يشعر نفسه محاصرًا من قبلك، فقد يظن أحيانًا بأن كلاهما شيئًا واحدًا، وفي الوقع الأمر ليس كذلك، فأنت تقوم بالتوجيه لكنك تترك له المجال لفعل ما يريد.
حب الاستطلاع
من أكثر الأشياء التي تجدها في الابن منذ سن صغير هي فكرة الفضول وحب الاستطلاع، فدائمًا ما نجد أن الطفل لديه رغبة عالية في اكتشاف الأشياء من حوله والتعرف على العالم، وهذا يساعد الابن في اكتشاف الذات لأنه البداية لمعرفته بالحياة.
حب الاستطلاع يأتي معه دائمًا طرح الأسئلة حول الكثير من الأمور، وهنا يظهر دور الأهل في التعامل مع هذه الأسئلة. فكثيرًا ما يظهر الأهل عدم اهتمامهم بما يقول الابن باعتباره كلام بلا معنى، وعندما يجيبون فإن إجاباتهم قد تكون على هيئة تقليل من أهمية الأسئلة التي يطرحها، وهذا التصرف خاطيء تمامًا. يجب على الأهل إظهار الاهتمام الكامل بأسئلة الطفل والإجابة عليها، وحتى الأشياء التي قد يصعب عليه فهمها يمكن المحاولة قدر الإمكان تبسيطها له. هذا الأمر قد يكون نافذة الابن على فهم الحياة، ومنحه فرصة اكتشاف الذات من خلال الإجابات، لأن شغفه ومعرفته بنفسه تبدأ من هذه النقطة، فربما إجابة سؤال واحد تفتح له باب أكبر ورغبة في معرفة كل شيء يتعلق بهذه الإجابة.
القراءة
على المستوى الشخصي أؤمن تمامًا بأن القراءة هي أفضل الوسائل التي يمكن الاعتماد عليها في اكتشاف الذات لدى أي شخص، وهذا لأن القراءة تفتح المجال له بأن يعرف كل شيء. لهذا يجب أن تشجع الابن على القراءة منذ سن صغير، فهذا الأمر سيجعل عقله ينضج بشكل سريع جدًا، وسيجعله قادرًا على تكوين أفكاره الخاصة، وكذلك تحديد الأهداف في الحياة. يفضل أن يكون هناك منهج للقراءة يسير عليه الابن، بحيث يكون هذا المنهج مرتبط ببعضه، مما يخلق لدى الابن مساحة كبيرة لتعلم العديد من الأشياء. يفضل كذلك أن تكون البداية مع الابن من خلال المكتبة الخضراء، فالطفل سوف يشعر بارتباطه الشديد بها، وربما يبدأ في اكتشاف الذات عند قراءة بعض من قصص هذه المكتبة.
التجربة
من المميزات التي تتواجد لدى الأطفال تحديدًا هي مقدرتهم على تجربة كل الأشياء، وهذا الأمر يجب أن تحسن استغلاله مع ابنك، فمن خلال التوجيه يمكنه أن يبدأ في تجربة العديد من المواهب مثلًا، فيجرب الكتابة لفترة، والرسم لوقت آخر، حتى تتحقق إن كان الابن يجد ذاته في أيًا من هذه المواهب. وممارسة الموهبة التي يفضلها الابن هي من أكثر الوسائل التي يمكن أن تساهم في اكتشاف الذات حقًا، رغم أن البعض يرون بأن الموهبة قد لا يكون لها فائدة، وهذه الفكرة خاطئة تمامًا، فالموهبة يمكن أن تتطور مع الوقت، بل ويمكنها أن تصبح هي الأساس بالنسبة للابن في حياته، كأن يهتم بتطوير الكتابة حتى يصبح كاتبًا في المستقبل.
كذلك يمكن أن تمتد التجربة إلى فكرة العلوم والمعرفة، ويمكن استغلال القراءة في هذا الأمر حتى ينجح الابن في التعرف على المجال الذي يفضله، وعندما يجد نفسه قد بدأ يميل إلى مجال معين يمكنه أن يبحث فيه أكثر حتى يتأكد من هذه الرغبة. التجربة من أكثر الوسائل التي تساهم في اكتشاف الذات لأنها تمنح الابن الفرصة للمحاولة في أشياء عديدة، ولذلك يجب استغلال هذا الأمر بأفضل شكل ممكن.
أفكار الابن الخاصة
من الضروري أن تسعى إلى مساعدة ابنك في تكوين أفكار خاصة به، وآراء حول مختلف المواضيع التي يتم طرحها للنقاش. بالطبع يشعر البعض بالصعوبة في تنفيذ هذا الأمر، خصوصًا بسبب نظرتهم إلى الابن على أنه شخص صغير، وتفكيره لم يكبر بعد حتى يتكلم ويتناقش. لكنك إذا تعاملت مع الابن على أنه شخص له أفكاره، ستجد أن الناتج شيء عظيم جدًا، بل ربما تندهش من الآراء التي يقدمها لك، وربما يساعده هذا في اكتشاف الذات بالفعل، فمن خلال تكوينه للأفكار سيتعلم كيف يعبر عن نفسه، وكذلك كيف يفكر في المواضيع والقضايا المختلفة التي تحدث من حوله.
وحاول أن تتجنب أن تزرع أفكارك في الابن فيصبح نسخة منك، بل كل ما عليك فعله هو أن تمرر له الأفكار التي تراها ضرورية في الحياة وستساعده، لكن احرص دائمًا على أن يكون الابن قادرًا على إخراج أفكاره الشخصية من بين هذه الأفكار.
وضع الأهداف مع الابن
من آخر الوسائل التي يمكن استخدامها من أجل مساعدة الابن على اكتشاف الذات هي مسألة الأهداف، فالكثير من الأهالي يرون بأن الابن غير مؤهل لأن يختار لنفسه أهدافه في حياته، والحقيقة أننا جميعًا نتعلم من الأحداث التي نراها في حياتنا، وبالتالي فإننا نعرف كذلك كيف نكون أفكارنا ومن ثم نجد لأنفسنا أهدافًا في الحياة. وكذلك الابن يمكنه أن يحدد لنفسه الأهداف التي يريد تحقيقها، فحتى إن كنت تريد أن يكون لابنك أهدافًا محددة، يمكنك أن تنصحه بها بدون محاولة فرضها عليه، بل إن لم يجد نفسه راغبًا بها فلا مشكلة أبدًا.
اكتشاف الذات فيما يخص الأهداف قد يكون أمرًا متقلبًا، فيقوم الابن بتغيير هدفه كل فترة، وهذا ليس عيبًا أو دليلًا على عدم النضج، بل إنه يدل على أن الابن يعدل من طريقة تفكيره حتى يتمكن في النهاية من وضع الأهداف التي تناسبه، والتي يؤمن حقًا بأنه يريد أن تكون موجودة معه للأبد. اكتشاف الذات من الأشياء العظيمة التي يمكن أن تحدث معنا، فليس أعظم من أن تجد ذاتك في شيء تحبه وترغب في ممارسته طوال الحياة، وإيمانًا بهذه الفكرة عليك أن تساعد ابنك ليتمكن من اكتشاف ذاته في الحياة.
أضف تعليق