ما هو ارتجاع المريء؟ وما هي أسبابه وطريقة حدوثه؟ وما هي الطرق المناسبة للوقاية منه؟ لكي نتفهم مفهوم ارتجاع المريء وكيفية حدوثه، علينا في البداية أن نتعرف على رحلة الطعام من الفم وحتى المعدة مرورا بالمريء… فالطعام يدخل الفم ليقطع ويطحن ويذاب بشكل جزئي بواسطة الأسنان واللعاب.. ثم يمر بالبلعوم والمريء الذين لا يتعدى دورهما ممراً للطعام إلى المعدة فقط.. يساعد على ذلك العضلات الموجودة بجدار المريء والتي تنقبض وتنبسط بشكل متتابع لتسهل مرور الطعام للمعدة. في المعدة.. يتم إفراز العصارة المعدية التي تحتوي على حمض الهيدروكلوريك HCL والمسئول عن هضم البروتينات فقط، فعلى عكس الشائع فالمعدة لا تهضم سوى البروتينات وبشكل جزئي ليس إلا.. أما عملية الهضم الرئيسية فتتم في الأمعاء الدقيقة. وجود حمض الهيدرو كلوريك في المعدة يجعل الوسط حامضي (أي الأس الهيدروجيني أقل من 7).. على عكس المريء حيث الوسط هناك قلوي (الأس الهيدروجيني أعلى من 7).
كل ما تود معرفته عن ارتجاع المريء
كيفية حدوث ارتجاع المريء
يوجد صمام عضلي يفصل المعدة عن المريء.. يفتح هذا الصمام عند دخول الطعام ثم يغلق بعدها بإحكام لمنع تسرب حمض الهيدروكلوريك للمريء. وبالتالي فإن وجود عطب بالصمام قد يؤدي إلى تسرب الحمض وجعل الوسط بالمريء حمضي بدلاً من قلوي مما يضر ببطانة المريء ويسبب حدوث التهابات وتشققات وجروح تبدأ بسيطة كألم وقد تصل إلى النزيف.
أسباب ارتجاع المريء
الأسباب قد تكون طبية لها علاقة بالصمام العضلي كضعف في العضلات أو خلل في الأعصاب المغذية لها مما يؤدي لتراخي العضلة وعدم إغلاق الصمام بإحكام وحدوث ارتجاع المريء. أو قد تكون الأسباب لها علاقة بامتلاء المعدة عن آخرها بشكل مبالغ فيه مما يجعل الطعام يضغط على الصمام… بتكرار حدوث تلك العملية ينتج ضعف في العضلة وتراخي مسبب. وكذلك قد يكون دفع الطعام باتجاه المريء بسبب وجود حجم زائد في البطن كحالات الاستسقاء أو الحمل.
أعراض ارتجاع المريء
تتنوع الأعراض بناء على شدة الحالة وكمية الحمض في المريء وقوة تحمل بطانته وكذلك الحالة الصحية العامة للمريض، فأشهر الأعراض التي يشتكي منها مريض ارتجاع المريء تشمل:
- إحساس بالالتهاب أو الاحتراق في أسفل الصدر أو أعلى البطن.
- الحموضة الغير مرتبطة بأنواع معينة من الطعام.
- آلام الصدر والكحة الجافة بدون بلغم.
- ظهور الألم أو ازدياده إذا استلقى المريض على السرير بعد الأكل مباشرة.
- صعوبة في البلع وتغيرات في الشهية.
- قد يصل الألم أحياناً إلى الرقبة ويكون عادة مصحوباً بقيء طعام أو قيء دموي.
- أحياناً يرتفع الطعام من المعدة لأعلى المريء ولكن الانقباضات والانبساطات (الحركة العضلية) الموجودة في جدار المريء تسبب عودته للمعدة مرورا بجدار المريء مرة أخرى مما يزيد من خطورة ارتجاع المريء.
- وهناك أيضاً ما يعرف بارتجاع المريء الصامت وهو الأخطر على الإطلاق حيث يحدث الارتجاع مراراً وتكراراً ولكن دون أي أعراض تذكر!.. فلا يشتكي المريض من ألم أو إحساس بالحموضة، وخطورة تلك الحالة تكمن في أنها لا تكتشف إلا بعد الوصول لمرحلة متقدمة جداً من التآكل في جدار المريء.
عادات وأساليب حياتية تسهل حدوث ارتجاع المريء
للأسف الشديد.. قد يحدث ارتجاع المريء ليس بسبب طبي بحت كضعف عضلات صمام المعدة، وإنما بسبب عادات وأسلوب حياة بعض الأشخاص تؤهلهم للإصابة بارتجاع المريء… كالتدخين وإدمان المشروبات الكحولية بشراهة والسمنة المفرطة. أيضا الوجبات الدسمة كثيرة الدهون والوجبات السريعة والشوكولاتة والشاي والقهوة والإفراط في تناول الطعام، كلها من العادات الحياتية المسببة لارتجاع المريء.
و أخيراً.. تلك العادة القاتلة التي يمارسها الكثيرون ولا يدركون مدى خطورتها، ألا وهي الأكل – ولاسيما الطعام الدهني الدسم- ثم النوم مباشرة أو الاستلقاء مما يزيد من فرصة ضغط الطعام الذي امتلأت به المعدة على صمامها فينفتح ويحدث ارتجاع المريء.
طرق الوقاية من ارتجاع المريء
تجنب الإفراط في تناول الطعام خلال وجبة العشاء، حيث يمكنك فصل الوجبات كبيرة الحجم إلى عدة وجبات أقل حجما على مدار اليوم.. وإذا كنت مضطرا لتناول طعام دسم في الليل – بسبب ظروف عملك مثلاً- فيفضل الجلوس السليم لفترة بعد تناول الطعام أو المشي قليلاً أو أداء بعض التمارين المنزلية البسيطة قبل النوم.
إذا كانت حالة الشخص لا تسمح إلا بالاستلقاء – كوجود مرض أو حمل أو ما شابه – فيفضل عدم الاستلقاء الكامل (أي تقوم بوضع مجموعة من الوسائد ترفع الصدر والبطن قليلاً عن مستوى الفراش) بحيث تترك الفرصة لصمام المعدة أن يغلق بإحكام.
التدخين.. المشروبات الكحولية.. الدهون.. السمنة المفرطة.. الإقبال بشره على المشروبات التي تحتوي على الكافيين كالشاي والقهوة، كلها عادات خاطئة وتضر بصحتنا فتسبب ارتجاع المريء وغيره من الأمراض.. لذا، ابتعد عنها بقدر الإمكان. يمكنك أيضاً ارتداء ملابس فضفاضة لتخفف قليلا من الضغط على المعدة.
هناك أطعمة عدة مغذية ومفيدة للجسم وفي نفس الوقت تجنبك الإصابة بارتجاع المريء مثل:
- الشوفان والزنجبيل.
- الخضروات بأنواعها.
- الدواجن والأسماك.
- الفواكه وبالأخص الموز والقرع.
- بعض الأدوية أيضاً تسبب ارتجاع المريء كواحد من آثارها الجانبية.. لذا إذا كنت تتناول دواءً ما وشعرت بأي من الأعراض السالف ذكرها، برجاء مراجعة طبيبك الخاص.
طرق التخلص من آلام ارتجاع المريء في المنزل
هناك بعض المشروبات التي بإمكانها التخفيف من حدة آلام ارتجاع المريء، فاحرص على تناولها إذا أصبت به.. مثل:
- شاي الأعشاب الخالي من الكافيين حيث يسهل عملية الهضم ويزيد من سرعتها فيمر الطعام بشكل أسرع للأمعاء الدقيقة وبالتالي يقلل من احتكاك العصارة المعدية بجدار المريء.
- مشروب عرق السوس أثبت أنه مفيد جداً في حالات ارتجاع المريء، فشرب 2-4 أكواب يوميا يكفي لتخفيف ألمك بشكل كامل.
- لبن الماعز وليس لبن البقر : حيث أن لبن البقر يحتوي على كمية كبيرة من الدهون مما سيزيد عملية الهضم صعوبة وقد يؤدي لعسر هضم وزيادة ارتجاع المريء على عكس لبن الماعز الذي يعد أقل دسما ومفيداً في تلك الحالات.
- العصائر غير الحمضية كعصير التفاح وعصير الجزر.. وابتعد تماماً عن عصائر البرتقال أو الليمون أو الأناناس بسبب كمية الحمضيات الموجودة بهم.
- بالطبع شرب كمية مناسبة من الماء قد يريحك ويفيدك قليلا.. حيث يفضل شرب حوالي ثمانية أكواب من الماء يوميا.
- إذا تكررت آلام ارتجاع المريء ولم تفلح طرق الوقاية منه.. يرجى متابعة طبيب مختص بأمراض الجهاز الهضمي لاكتشاف السبب وراء ذلك وتجنب حدوث المضاعفات.
أضف تعليق