اختلال الغدة الدرقية واحد من أكثر مشاكل الغدد شيوعًا، الغدة الدرقية هي غدة مكونة من فصين وقناة واصلة بينهما بما يجعلها تتخذ شكل فراشة متواجدة في الجزء الأمامي من الرقبة أمام القصبة الهوائية، ووظيفتها الأساسية هي إفراز هرمون الثيروكسين (هرمون الغدة الدرقية) وهو المسئول عن عدة آليات في الجسم تضمن حالة النشاط الدائم لأجهزته على مستوى حرق الغذاء وإنتاج الطاقة وآليات ضبط درجة حرارة الجسم وكذلك تنظيم معدل ضربات القلب وأخيراً عمليات النمو والتطور الجسدي. ومصطلح اختلال الغدة الدرقية هو مصطلح شامل لعدة أمراض مختلفة تظهر في صورة من اثنين إما بزيادة إفرازات هرمونات الغدة الدرقية في الجسم أو نقصها عن المعدل الطبيعي، وكلا الحالتين تتصف بمجموعة مميزة من الأعراض التي يمكن من خلالها تشخيص الحالة.
استكشف هذه المقالة
اضطراب الغدة الدرقية وأعراضها
كما هو موضح في المقدمة أعلاه أن اختلال الغدة الدرقية يشمل نوعين من الاضطرابات هما زيادة إفراز هرمون الغدة الدرقية ونقصه، وتتسم أعراض كل نوع بالتالي:
أعراض نقص إفراز الهرمون
قد يتسبب حدوث ذلك إما بالعدوى والتي على الأغلب ما تكون عدوى فيروسية أو يحدث ضمن الاضطرابات التي تطرأ على جسد المرأة خلال فترة الحمل أو نتيجة لتدمير أجزاء من الغدة الدرقية بالإشعاع أو ببعض العقاقير الطبية، وتشمل أعراضها- على اختلاف السبب – الشعور الدائم بالتعب والإرهاق والإمساك واضطرابات في الدورة الشهرية لدى السيدات وجفاف دائم بالجلد والشعر والشعور بالإحباط وبوادر الاكتئاب واضطرابات في معدل النوم من حيث عدد الساعات وتوقيتها على مدار اليوم حيث يشعر الشخص بالخمول أغلب الوقت. بالإضافة إلى تراجع في معدل ضربات القلب وانخفاض دائم في درجة حرارة الجسم مما ينتج عنها عدم قدرة الجسم على تحمل برودة الطقس وأخيراً زيادة غير مفسرة لوزن الجسم.
أعراض زيادة إفراز الهرمون
ينتج اختلال الغدة الدرقية في صورة زيادة إفرازاتها بسبب حدوث التهابات في أنسجتها أو نتيجة للأورام أو بسبب بعض العقاقير الطبية، وتشمل أعراضها تسارع في معدل ضربات القلب بشكل يشعر به المريض وكذلك زيادة في معدل التنفس بشكل ملحوظ والإصابة بالإسهال المستمر وفقدان ملحوظ وغير مفسر للوزن والشعور المستمر بالتوتر العصبي والانفعالات السريعة، بالإضافة إلى ارتفاع درجة حرارة الجسم بشكل مستمر الأمر الذي يظهر في صورة التعرق الغزير وعدم قدرة الشخص على تحمل الطقس الحار أو الدافئ وأخيراً في كثير من الأحيان الشعور بالحكة بشكل مستمر في الجلد في مناطق متعددة واحمرار الجلد بشكل ملحوظ نتيجة لتوسع الشعيرات الدموية الموجودة به.
ومثلها مثل كافة الغدد الصماء الموجودة في الجسم فإن أعراض اختلال الغدة الدرقية لا تختص بالغدة ذاتها وإنما تظهر في صورة أعراض تصاب بها أجهزة الجسم المختلفة نتيجة لتأثير اعتلال مستوى الهرمون عليها؛ وبالتالي فمن الوارد أن يصاب الشخص بمجموعة من الأعراض يفسرها على أساس اختلال الغدة الدرقية لكنها في الأصل نتيجة لسبب آخر مختلف تماماً. ولهذا فعلى الطبيب الذي يتولى فحص تلك الأعراض أن يستكمل الفحص الطبي بإجراء التحاليل والفحوصات اللازمة والتي تقطع الشك باليقين وتثبت ما إن كانت تلك الأعراض بسبب اضطراب في الغدة الدرقية أم لا، وتشمل تلك التحاليل فحوصات TSH وهو الهرمون المحفز لإفراز هرمونات الغدة الدرقية وكذلك إجراء أشعة تلفزيونية وأشعة رنين مغناطيسي والكشف باليود المشع وأخيراً سحب عينة من أنسجة الغدة الدرقية إن لزم الأمر.
زيادة حجم الغدة الدرقية
لا يشترط أن تتزامن أعراض اختلال الغدة الدرقية مع زيادة في حجم الغدة ولكن في بعض الحالات وخاصة تلك التي ترتبط بزيادة إفراز هرمونات الغدة الدرقية قد يحدث زيادة في حجم الغدة بشكل يصبح ملحوظاً بالعين المجردة؛ لذلك إن شعرت بأعراض مشابهة لتلك المذكورة أعلاه يمكنك تأمل مظهر رقبتك في المرآة فإن وجدت كتلة بارزة في منتصف الرقبة فعلى الأرجح هي أنسجة من الغدة الدرقية حدث لها تضخم لسبب طبي ما وهو ما يستدعي التوجه للطبيب على الفور لإجراء الفحوصات اللازمة للوقوف على السبب الكامن وراء تضخم الغدة الدرقية ومعالجته على الفور.
ارتباط الغدة الدرقية بالغدد الأخرى
لا تعمل الغدة الدرقية بصورة منفردة في الجسم وإنما يلزم لأداء وظيفتها أن يتم تحفيزها بواسطة هرمون آخر هو الهرمون المحفز للغدة الدرقية أو كما يعرف طبياً باسم TSH وهو هرمون يفرز من الغدة النخامية الموجودة أسفل المخ مباشرة والذي هو الآخر يتم إفرازه بناء على هرمون TRH الذي يفرز من الوطاء (جزء من المخ السفلي) وبالتالي فهي سلسلة متصلة ببعضها أي أن إفراز كل هرمون يرتبط بإفراز الآخر سواء بالسلب أو بالإيجاب؛ بمعنى آخر إن زاد إفراز هرمونات الغدة الدرقية بدرجة أعلى من المعدل الطبيعي فإن ذلك يؤدي لتراجع مستوى الهرمون المحفز من الغدة النخامية والعكس صحيح.
بيت القصيد أن اختلال الغدة الدرقية قد يكون السبب ورائه هو اضطراب في المراكز العليا بالغدة النخامية وربما يكون هذا هو السبب الأكثر شيوعاً وراء اضطرابات وظائف الغدة الدرقية لذا فإن أول فحص طبي يقوم الأطباء بطلبه هو هرمون TSH الخاص بالغدة النخامية وليس هرمون الغدة الدرقية ذاتها وذلك للتفرقة بين منبع المرض من الغدة النخامية والدرقية.
فحص الغدة الدرقية باليود المشع
هو أحد الفحوصات الطبية التي على الرغم من تعقيد خطواتها إلا أنها تنجح في تشخيص العديد من أسباب اختلال الغدة الدرقية، حيث تعتمد فكرة هذا الفحص على أن الغدة الدرقية تستخدم عنصر اليود الموجود في الجسم لتصنيع هرمونها الرئيسي؛ وعلى ذلك فتمكن العلماء من استخلاص نظائر مشعة من اليود يمكن للأجهزة قياس نسبتها وأماكن تمركزها حيث يتم حقن الجسم بكمية معينة من اليود المشع كي تقوم الغدة الدرقية بامتصاصه وتصنع هرمون مشع يمكن الكشف عنه وبالتالي بناء على هذا التحليل يمكن تصنيف خلايا الغدة إلى خلايا طبيعية وأخرى نشيطة بقدر أكبر من اللازم وهي ما يجب استئصالها قبل أن تنتشر لتشمل نسيج الغدة كاملاً.
اختلال الغدة الدرقية عند الأطفال
كما هو شائع لدى الكبار كذلك يمكن أن يصاب الأطفال في مراحلهم العمرية المبكرة بحالات اختلال الغدة الدرقية سواء في صورة انخفاض مستوى الهرمون أو ارتفاعه وهو ما يظهر على جسد الطفل في صورة الأعراض المذكورة أعلاه في المقال تماماً كما الكبار. لكن ما يجعل الأمر أكثر خطورة هو تأثير هذا الاضطراب على مراحل النمو للطفل بمختلف الأوجه سواء النمو الجسدي أو العقلي أو حتى الجنسي، حيث أن اختلال الغدة الدرقية عندما يحدث في كبار السن أو البالغين فإن نموهم يكون قد اكتمل تماماً وبالتالي لا يتأثرون على هذا الصعيد أما في الأطفال فالأمر مختلف لأنهم في مرحلة النمو والتطور وبالتالي فأي اضطراب يحدث في الجسم سيؤثر سلباً على نموهم، فنجد بأن انخفاض الهرمون يؤدي في الأطفال إلى قصر القامة ونقصان وزنهم بشكل ملحوظ أما زيادة الهرمون فقد يسبب وصولهم لسن البلوغ مبكراً عن موعدهم الطبيعي وهو ما له تأثير سلبي على النمو الجسدي.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
أضف تعليق