اختراع كرة القدم حدث منذ زمن بعيد، وتطورت اللعبة من حيث القوانين وطرق ممارستها بمرور الوقت، ومع ذلك احتفظت كرة القدم بمكانتها داخل قلوب الجميع، فهي أكثر رياضة شائعة في العالم كله، يلعبها الأطفال والشباب حتى كبار السن. ويختلف الباحثون في تحديد الشعب صاحب اختراع كرة القدم لانتشارها في عديد من الأماكن قبل ميلاد المسيح، ووجود الدلائل أيضا. ويلعب الآن كرة القدم ما يقرب من 250 مليون لاعب حول العالم، وتتكون المباراة الرسمية من نصفين، مدة كل نصف 45 دقيقة، وبينهما استراحة 15 دقيقة، ويوجد حكما مسؤولا عن احتساب الوقت، وقد يسمح باللعب وقتا إضافيا بدلا من الوقت الذي يضيع أثناء تبديلات اللاعبين. وفي هذا المقال سنوضح سبب اختراع كرة القدم ومتى حدث ذلك وآراء الباحثين في البلد التي اخترعتها.
استكشف هذه المقالة
متى تم اختراع كرة القدم ؟
يرجع تاريخ اختراع كرة القدم إلى عصور ما قبل الميلاد، فقد اكتشف الباحثون بعض الكرات المصنوعة من الكتان وأُخر من جلود الحيوانات في مقابر الفراعنة أي قدماء المصريين، كما اكتشف علماء الآثار بعض الكرات المصنوعة من الحجر والمحفوظة حاليا في المتحف المصري، وتوجد العديد من الرسومات على جدران المعابد الفرعونية التي تكشف عن ممارسة المصريين لرياضة كرة القدم في عهد الأسرة الحادية عشر وخصوصا في مدينة صان الحجر، وقال المؤرخ هيرودوت أن المصريين لعبوا الكرة المصنوعة من جلد الماعز أو القش عام 460 ق.م.
مارس اليابانيون كرة القدم عام 600 ق.م. وطوروا قوانينها واطلقوا عليها كيماري اسوبي وتعني رياضة الكرة، فيكون المرمى عبارة عن قائمتين من غصن النباتات، يصل ارتفاعهما إلى خمسة أقدام، وتستمر المباراة لعشرين دقيقة.
ويرى بعض المؤرخين أن الصين هي أول من اخترع لعبة كرة القدم، عام 2500 ق.م. ووضع قوانينها الإمبراطور هوانج لي، وكانت تعرف حينها باسم التسو تشو، وهي من الألعاب المتوحشة حيث تُقدم الولائم إلى الفريق الفائز، أما الفريق الخاسر فيتم جلده.
كما لعب اليونانيون بالكرة عام 600 ق.م. واسموها بابسكيروس، وكذلك لعب الإغريق كرة القدم وكانت ضمن تدريبات جنود إسبرطة لرفع لياقتهم البدنية.
وكل تلك الممارسات للعبة كرة القدم، هي ممارسات قديمة بقوانين مختلفة وبعيدة تماما عن القوانين الحالية، لذلك فلا يمكن الجزم بأن شعبا من هؤلاء الشعوب هو المسؤول عن اختراع كرة القدم .
قصة اختراع كرة القدم
إن أول من اخترع كرة القدم في شكلها الحديث هم الإنجليز في عام 218م، وانتشرت ممارستها وزاد اهتمام الناس بها فلم تخل أي مباراة من شجار المشجعين واللاعبين، حتى أصدر الملك إدوارد الثاني قانونا بتجريم كرة القدم وسجن كل من يمارسها وذلك عام 1314م، وفعل مثله الملك إدوارد الثالث عام 1349م، وذلك كي يتفرغ شباب الدولة للفروسية ورمي القوس والسهام حتى تقوى الدولة من الناحية الحربية. وقد سمح الملك جيمس الأول بعودة كرة القدم استجابة لمطلب الشباب عام 1551م، ومنعت الملكة إليزابيث ممارسة كرة القدم عام 1572م وفرضت عقوبة السجن أسبوع لمن يخالف القانون، لكن الشعب لم ينفذ ذلك القانون. ويُذكر أنهم لعبوا كرة القدم ببقايا جثث الجنود الدنماركيين خلال احتفالهم بجلاء الدنماركيين عن أرضهم.
وفي البداية، لم يكن للعبة قوانين محددة، لذلك اتسمت بالعنف الشديد والشجارات العديدة، حتى منتصف القرن التاسع عشر متى كتب أصحاب المدارس مع بعض المدرسين قوانين تنظم اللعبة بين المدارس، وعُقد اجتماع في كامبردج حضره ممثلو المدارس للاتفاق على تلك القوانين وعرفت حينها بقوانين كامبردج لكرة القدم وذلك عام 1801م، كما أنشئ أول اتحاد كروي عام 1869م وعرف باتحاد كرة القدم أو كأس الاتحاد الإنجليزي.
سبب اختراع كرة القدم
يختلف سبب لعب الناس لكرة القدم قديما تبعًا لكل شعب، فقد لعبت النساء كرة القدم في مصر القديمة ليعجبن سيدهن، وكانت كرة القدم من إحدى التمارين العسكرية في الحضارة الصينية، كما لعبها الناس لتقوية جسدهم، ولإثبات رجولتهم، ومن باب الترفيه أو المنافسة بين القبائل والأسر، ولا شك أن كرة القدم تأسر قلوب من يمارسها ويشاهدها، وإلا لما استمرت كل تلك الفترة، وما عارض الناس القوانين لممارستها كما حدث في بريطانيا.
مواصفات كرة القدم
في بداية اختراع كرة القدم لم تكن هناك مواصفات محددة للكرة، حتى عام 1872م حدد الاتحاد الإنجليزي لاتحاد الكرة مواصفات معينة لكرة القدم، فيجب أن يكون محيطها 27-28 إنشا، ووزنها 400-450 جرام، وقطرها 8.6-9 إنشا، وتلك المواصفات قائمة حتى الآن.
صُنعت كرة القدم قديما من جلود الحيوانات، وتطورت صناعتها بمرور الوقت ويتم صناعتها اليوم من نوع معين من المطاط، ويتم اختبار الكرة التي تستخدم في بطولات كأس العالم من قبل الفيفا ويتم اختبار جودتها من قبل الخبراء وباستخدام الإنسان الآلي.
قوانين كرة القدم
كرة القدم من الألعاب الجماعية، تتكون من فريق، ليتكون كل فريق منهما من 11 لاعب، تُلعب في ملعب مستطيل به مرميين على جانبيه، وتهدف اللعبة إلى إحراز أكبر عدد من الأهداف في مرمى الفريق المقابل. لا يُسمح للاعبين بلمس الكرة بأيديهم، وإنما يكون اللعب بالقدمين فقط، أما حارس المرمى فهو اللاعب الوحيد المسموح له بلمس الكرة بيديه أو بذراعيه على أن يكون ذلك في منطقة الجزاء، ويُسمح للاعبين بضرب الكرة برأسهم، ويفوز الفريق الذي سدد عدد أكبر من الأهداف، وإذا تعادلت أهداف الفريقين، فتنتهي المباراة بالتعادل أو يلعب الفريقين وقتًا إضافيًا، وذلك تبعا لنظام البطولة، وتقام بطولة كأس العالم لتلك اللعبة مرة كل أربع سنوات، ومرت قوانين كرة القدم بعدة تطورات وتغيرت مرارا حتى وصلت إلى حالها اليوم.
أنواع البطاقات في كرة القدم
بدأ استخدام البطاقات بعد فترة كبيرة من اختراع كرة القدم وذلك عام 1966م على يد حكم كرة القدم الإنجليزي كين آستون وكان مسؤولا عن التحكيم في بطولة كأس العالم وعينه اتحاد كرة القدم لذلك. في إحدى مباريات الربع النهائي للبطولة، أقيمت مباراة بين إنجلترا والأرجنتين في ملعب ويمبلي، واتهم أحد اللاعبين الحكم بعدم إعطاءه قرارات واضحة خلال المباراة، مما جعل آستون يبحث عن طريقة لتوضيح قراراته للاعبين والإداريين، فاقترح نظام البطاقات، واستخدمت البطاقات لأول مرة في نهائيات كأس العالم عام 1970م والتي أقيمت في المكسيك، ويوجد لونين من البطاقات؛ الأصفر والأحمر.
تستخدم البطاقة الصفراء عند تحذير اللاعب مع استمراره في اللعب ويدون الحكم ذلك، وأقر اتحاد كرة القدم بعض الأسباب التي تؤدي لتحذير اللاعب، مثل: سلوك غير رياضي، معارضة القوانين بالأفعال أو الكلام، انتهاك القوانين عن عمد، تأخر اللعب، نزول الملعب دون الحصول على إذن من الحكم، الخروج من الملعب دون الحصول على إذن من الحكم، عدم احترام المسافة التي يجب أن تكون بين الضربة الركنية أو الضربة الحرة.
أما البطاقة الحمراء فتستخدم لطرد اللاعب من الملعب، ويستمر فريقه باللعب من دونه، وتُستخدم في تلك الحالات: عندما يسلك اللاعب سلوكا عنيفا، يرتكب مخالفة خطيرة، البصق، تعمد منع تسديد هدف محقق، إهانة اللاعب لغيره أو سبه أو التعدي عليه، الحصول على بطاقة صفراء للمرة الثانية.
وتستخدم البطاقة الحمراء والصفراء في ألعاب أخرى غير كرة القدم، مثل: كرة الطائرة، كرة الماء، الهوكي.
الاتحاد الدولي لكرة القدم
يُعرف باسم الفيفا، وهو الهيئة المنظمة للعبة كرة القدم على مستوى العالم، تأسس عام 1904م، ويقع حاليًا في مدينة زيورخ في سويسرا، ويضم 211 اتحاد لكرة القدم في العالم.
يرجع سبب نشأة الاتحاد الدولي لكرة القدم إلى توحيد القوانين الخاصة بكرة القدم، فقبل تأسيسه، كانت الأندية والمدارس تمارس اللعبة بقوانين مختلفة، وفي عام 1863م اجتمع 11 مندوبا للأندية والجمعيات الفرنسية في باريس لتوحيد قوانين اللعب، وتأسس الاتحاد الويلزي ثم الإسكتلندي وتبعه الاتحاد الأيرلندي، وعام 1882م اجتمعت تلك الاتحادات وأسست الاتحاد الدولي لكرة القدم، لكن وقتها كانت اللعبة في بداية انتشارها في العالم كله، وانتقلت عن طريق البحار والتجار البريطانيين، حتى شملت كل دول العالم، حتى تم إنهاء الاتحاد السابق وتأسيس الاتحاد الحالي وكان أول رئيس له هو الفرنسي روبير غيرين.
كرة القدم النسائية
لعبة كرة القدم ليست حكرا على الذكور فقط، بل تلعبها النساء أيضًا في الأندية المحلية والدولية، وتقام المسابقات بين الفرق النسائية، وأول من اقترحت اختراع كرة القدم النسائية هي إليزابيث بروجاني عام 1899م. شاعت كرة القدم النسائية خلال الحرب العالمية الأولى، وذلك نتيجة مساهمة المصانع في دعم النساء لممارسة كرة القدم، وكان أمهر فريق نسائي هو فريق ديك وكير في مدينة بريستون في إنجلترا، وكان يضم العاملات في مصنع تابع للإسكتلنديين، وكان للاعبات دور كبير في جمع التبرعات للكثير من القضايا الهامة خلال الحرب، وفي بعض الأوقات كانت تحتل كرة القدم النسائية شعبية أكثر من كرة القدم للرجال، لكن اتحاد كرة القدم منع النساء من إقامة مبارياتهن على ملاعبه عام 1921م. أما إيطاليا فتعد أول دولة تسمح بنظام الاحتراف للكرة النسائية بشكل جزئي وذلك في سبعينات القرن الماضي، بينما سمحت به الولايات المتحدة بشكل كلي وأقامت اليابان أول دوري للمحترفات عام 1992م.
أما أول كأس عالم للنساء فعُقد في الصين عام 1991م وفاز فريق الولايات المتحدة الأمريكية، وأقرت الفيفا ببطولة العالم للنساء عام 2002م وحدثت البطولة الأولى في كندا.
منافسات كرة القدم
يوجد نوعين من المنافسات: عالمية ومحلية.
المنافسة العالمية
كأس العالم هو أكبر المنافسات العالمية وينظمه الفيفا، وتحدث كل أربعة أعوام، ويشترك حوالي 190-200 منتخب وطني في التصفيات تحت إشراف اتحاد كل قارة، وبعد التصفيات يشارك 32 منتخب وطني فقط في المنافسة لمدة أربعة أسابيع، وفاز المنتخب الألماني بآخر كأس عالم عام 2014م وأٌقيمت الفعاليات في مدينة ريو دي جانيرو.
ويأتي بعد كأس العالم، كأس القارات من حيث الأهمية، ويُنظم عن طريق اتحاد القارات، ويشارك فيها منتخبات الدول الواقعة في القارة نفسها، وتلك البطولات هي: كأس الأمم الأوربية، كأس آسيا، كأس أمريكا، كأس الأمم الأفريقية، كأس كونكاكاف الذهبية، كأس أوقيانوسيا للأمم، وكأس العالم للقارات الذي يقام بين الدول الفائزة في منافسات القارات مع المنتخب الفائز بكأس العالم ومنتخب الدولة المستضيفة للبطولة، وتعد بمثابة تمهيد لكأس العالم.
المنافسة المحلية
يوجد نظام دوري في كل دولة ينظمه الهيئة المسؤولة عن كرة القدم، ويحصل كل فريق على نقاط معتمدة على النتائج التي يحققها، وفي نهاية الموسم يحصل الفريق على كأس الدوري اعتمادا على أعلى نقاط حققها.
تُعد ممارسة كرة القدم من الهوايات المناسبة للاستفادة من أوقات الفراغ، أو الحصول على الأموال الطائلة في حال استطعت اللعب مع أحد الأندية، كما أن مشاهدة مبارياتها أمر ممتع للغاية.
أضف تعليق