على عكس ما قد يظنه البعض من أن عملية إنتاج الألبان هي عملية بسيطة ولا تحتاج لعدد كبير من الخبرات، فإن إنتاج الألبان يتطلب المرور بالعديد من المراحل التي تتسم بالتعقد وتحتاج لعاملين ذوي كفاءة عالية، فالبقرة في المزرعة لا يمكن لها أن تقوم بإنتاج اللبن إلا بعد أن تكون قد قامت بولادة العجل الأول لها، وعادة ما تصل إلى هذه المرحلة أعني الحمل والولادة بعد أن تكون البقرة قد أتمت العامين من عمرها، والبقر في الحمل شبيه بالبشر، حيث تبقى البقرة حاملاً لمدة 9 أشهر، ومن المعتاد أن تحمل البقرة مرة كل عام، وبمجرد أن تصبح البقرة حاملا فإنه يمكن حلبها لمدة 7 اشهر ومن ثم يتوقف المزارع عن حلبها في الشهرين السابقين لعملية الولادة حتى تستطيع تكريس طاقتها لولادة العجل الجديد، ومن المعلوم أن البقرة تستغرق حوالي من 50 إلى 70 ساعة لكي تقوم بتحويل العلف إلى لبن كذلك فإن معظم البقر يقوم بإنتاج حوالي 25 ليتر من اللبن يومياً.
المراحل العامة التي تستغرقها عملية إنتاج الألبان
مرحلة الرعي
تستغرق البقرة في المتوسط حوالي ثمان ساعات في الأكل، بالإضافة إلى 8 ساعات في النوم، بالإضافة إلى 8 ساعات في عملية الاجترار، والاجترار هو عملية تقوم البقرة خلالها بهضم الطعام عن طريق إعادة مضغ ما أكلته سابقا من العشب، وعادةً ما يتم تزويد البقر بحزمة طازجة من العشب في أول النهار بعد أن تكون قد أنتجت الحليب ، وحزمة أخرى طازجة في آخر النهار بعد أن تكون قد حُلبت للمرة الثانية، ويمكن إطعامها بعض الحبوب أو القش بينما تكون في عملية الحلب وذلك في حالة عدم توافر عشب كافٍ خلال اليوم.
حصاد الحليب Harvesting Milk
المعتاد للبقر أن يتم حلبها مرتين في اليوم، إلا أن هناك بعض القطعان التي تتمتع بدرجة عالية من القدرة على توفير الإنتاج والتي يمكن حلبها ثلاث مرات في اليوم، وعادة أيضا ما يتم حلب البقر في تمام الساعة السادسة صباحاً، وتكون المرة الثانية في تمام الساعة الخامسة مساءً. ويستغرق الوقت الذي يتطلبه حلب البقرة في المرة الواحدة حوالي 5 دقائق، لكن هناك العديد من المحددات الأخرى التي تتحكم في المدة التي تستغرقها عملية الحلب للمرة الواحدة، حيث أن الأمر يتوقف بعض الأمور منها نوع المعدات التي تستخدم في الحلب وكمية اللبن الذي تنتجه البقرة، حيث تمتلك معظم مزارع إنتاج الألبان الكبرى آلات تكفي لحلب ما بين 20 إلى 40 بقرة في ذات الوقت، وهو ما يؤدي إلى نتيجة هامة جداً ألا وهي أن كبر حجم الآلات وقوة طاقتها الاستيعابية يؤدي إلى تقليل المدة التي تضطر الأبقار للانتظار خلالها لكي تخضع لعملية الحلب، وتتوفر آلات الحلب في مصانع إنتاج الألبان على تقنية تقوم بتقليد الحركات التي يقوم بها العجل الصغير عند رضاعه وهو ما يحفز الحليب للتدفق من الضرع.
تخزين الحليب
تكون الأحواض أو الصوامع المخصصة لحفظ الحليب مبردة بأحدث التقنيات التي تضمن جودة وكفاءة توزيع البرودة بما يضمن الجودة النهائية التي يخرج بها الحليب، ويكون لهذه الأحواض أو الصوامع مختلف الأشكال والأحجام، حيث يتم تخزين الألبان في المزرعة في درجة حرارة لا تزيد عن 4 دراجات مئوية ولمدة لا تزيد عن 48 ساعة، ويتم تحريك تلك الأحواض أو الصوامع بصورة مستمرة لضمان حسن توزيع البرودة ولهدف آخر أيضا ألا وهو لضمان ألا تنفصل الدهون عن الحليب مكونة طبقة من القشدة، وعندما يتم إرسال هذه الشحنة من اللبن لكي يتم التعامل معها في المرحلة التالية يتم تنظيف أدوات التخزين التي تكون من المعدن غير القابل للصدأ وذلك لكي يتم الاستعداد لجوة الحلب الثانية التي تتم في حدود الخامسة مساءً.
نقل الحليب Transportation
يتم جمع الحليب ونقله من المكان التخزين داخل مصنع إنتاج الألبان كل 24 ساعة أو كل 48 ساعة على حد أقصى، وتكون الناقلات التي تتولى عملة نقل الحليب مجهزة ومزودة بمعدن غير قابل للصدأ بالإضافة إلى أنها تكون معزولة عزلاً جيداً لضمان لضمان الحفاظ على برودة اللبن خلال نقله إلى قسم المعالجة من مصنع إنتاج الألبان، ومن الأمور التي تضمن الكفاءة والسرعة في الأداء أن سائقي الصهاريج التي تقوم بنقل اللبن أن هؤلاء السائقين غالباً ما يكونوا حاصلين على دورات تدريبية تؤهلهم للحصول على ما يكفي من الخبرة لتقييم جودة اللبن قبل القيام بنقله إلى قسم المعالجة، وهناك العديد من المعايير التي يقوم السائقين على أساسها بتقييم اللبن على أساسها، من هذه المعايير اللون والرائحة ودرجة الحرارة، فقبل أن يتم الاستعداد لضخ اللبن من الحافظة التابعة لمزرعة ما إلى الصهريج الذي يتولى عملية النقل، فإنه يتم أخذ عينة لقياس درجة الحرارة، ويتم ذلك مع اللبن التابع لكل مزرعة، وعند التأكد من مطابقة اللبن الموجود في كل حوض حافظ على حدة للمواصفات يتم اتخاذ اللازم لنقله إلى قسم المعالجة في مصنع إنتاج الألبان.
فحص المعمل Laboratory Testing
تتم مرحلة فحص المعمل عن طريق أخذ العينات التي تم سحبها قبل عملية النقل وكذلك من الشحنة المجمعة من جميع المزارع وعمل بعض الاختبارات الأكثر تقدما عليها، قبل السماح لها بالمرور، من الأمثلة على الاختبارات التي يتم إخضاع العينات لها، الاختبارات المتعلقة بنسب الدهون في اللبن، والاختبارات المعلقة بعدد الخلايا Cell Count والبروتينات والبكتيريا الموجودة في اللبن، وإذا كان اللبن غير مطابق للمواصفات التي يلتزم بها المصنع يتم رفض الشحنة، ومما يساعد على الالتزام بقواعد الجودة يتم تسوية حساباتهم على أساس درجة الجودة التي تتمتع بها ألبان مزارعهم.
معالجة اللبن Processing
كما أسلفنا القول فإن اللبن حال السماح باستخدامه فإنه يتم ضخه إلى الجزء المتعلق بالمعالجة من مصنع إنتاج الألبان، حيث انه في هذه المرحلة يخضع اللبن لعمليات تضمن تجانس اللبن بالإضافة إلى عملية البسترة.
تتضمن عملية البسترة العديد من المراحل تبدأ بعملية تسخين كل جزيء من اللبن حتى يصل إلى درجة حرارة معينة ومن ثم يتم تثبيت هذه الدرجة من الحرارة لمدة محسوبة من الزمن تبدأ بعدها عملية التبريد مع ضمان عدم تعرض اللبن لأي ملوثات، وتتم عملية البسترة لسببين اثنين كما يلي:
1- ضمان أن جميع منتجات الألبان هي منتجات صالحة للاستخدام الآدمي وذلك عن طريق تدمير كافة البكتيريا التي قد تكون ضارة بالصحة.
2- زيادة مدة الصلاحية للبن عن طريق تعطيل بعض الإنزيمات غير المرغوب فيها عن العمل وكذلك بعض بكتيريا التلف Spoilage Bacteria.
أخيراً، هناك عمليات معالجة أخرى للألبان تتضمن تخفيض محتوى الدهون في اللبن عن طريق اتباع أساليب الفلترة الدقيقة Micro Filtration، وزيادة مدة الصلاحية عن طريق تعريض اللبن لدرجات عالية من الحرارة Ultra High temperature UHT، والتي تكون مفيدة خصوصا لأغراض صناعة الألبان المستخدمة في منتجات الزبادي ومنتجات الألبان ذات النكهات المختلفة.