تعتبر السكتة القلبية من أهم الأسباب المؤدية للموت عالمياً بين الأشخاص الذين يتعدى عمرهم الأربعين عاماً، محتلة بذلك المركز الأول بالمناصفة مع أمراض أخرى كالزهايمر وسرطان الثدي والإيدز ومضاعفات مرض السكري وسرطان القولون وغيرها من الأسباب؛ ومن حسن الحظ أن إسعافات السكتة القلبية تعد من أسهل الإجراءات الطبية التي من الممكن لأي شخص أن يتعلمها بدون الخوض في تفاصيل طبية معقدة- على عكس الأمراض الأخرى المؤدية للوفاة- وهي تعتمد بشكل رئيسي على إجراء الإنعاش القلبي الرئوي لمريض السكتة القلبية بغرض الإبقاء على وظائف التنفس والإمداد الرئوي بالمقدار الذي يحتاجه الجسم حتى حضور النجدة الطبية.
تعلم أهم إجراءات إسعافات السكتة القلبية
كيف يمكن تمييز مريض السكتة القلبية من غيره؟
مريض السكتة القلبية غالباً ما تأتيه أعراض المرض متمثلة في نوبات إغماء مفاجئة من دون أي تحذير مسبق؛ حيث يتوقف القلب عن العمل مما يقطع الإمداد بالأكسجين عن أعضاء الجسم الأخرى وعلى رأسها الرئتين فيتوقف التنفس وكذلك المخ والجهاز العصبي مما يسبب حالة الإغماء التي يعانيها المريض، ولذلك فإن وجدت شخصاً ما أمامك يسقط فجأة دون سابق إنذار فتوجه إليه بسرعة لمعرفة ما إذا كان في حاجة إلى إسعافات السكتة القلبية أم لا. وهو ما سيمكنك معرفته من خلال الخطوات التالية:
قياس نبض المريض
بسبب توقف القلب والجهاز الدوري عن العمل فإن النبض كذلك يتوقف ولذلك فإن حاولت قياس النبض لن تفلح في ذلك، وقياس النبض يشتمل على موقعين رئيسيين أولهما في مفصل الرسغ أسفل إصبع الإبهام مباشرة ويتم قياسه باستخدام الأصابع الثلاثة الوسطى لليد، وثاني الموقعين في أعلى الرقبة أسفل زاوية الفك السفلي الخلفية ويتم قياسه باستخدام إصبعي السبابة والوسطى (لكن احذر كل الحذر من قياس النبض في منطقة الرقبة على كلا الجانبية في نفس الوقت فقد يؤدي ذلك إلى سد كلا الشريانين مما يمنع وصول الدم للمخ ويسبب الوفاة في غضون دقائق؛ لذلك قم بقياس كل جانب على حدة).
تفحص تنفس المريض
كما وضحنا من قبل آلية عمل السكتة القلبية فإن المريض المصاب بها يتوقف التنفس لديه بشكل كامل بسبب قطع الإمداد الدموي عن الرئتين؛ وعلى ذلك فحتى تتأكد من إصابة المريض وحاجته إلى إسعافات السكتة القلبية فإن عليك أن تحاول استكشاف ما إذا كان المريض يتنفس بشكل طبيعي أم لا. واستكشاف التنفس يتم بثلاثة حواس الأولى هي بحاسة النظر حيث تشاهد ما إن كان صدر المريض يتحرك صعوداً وهبوطاً باستمرار أم لا، وثاني الحواس هي حاسة السمع بحيث تقوم بتقريب أذنك من المريض عند أنفه وتحاول سماع صوت الشهيق والزفير هل هي متواجدة أم لا أما آخر تلك الحواس فهي حاسة اللمس وبكل بساطة ضح إصبعك بالقرب من فتحتي الأنف وانظر ما إن كنت تشعر بدخول وخروج الهواء أم لا.
فحص درجة وعي المريض
حاول التحدث إلى المريض ومناداته باسمه- إن كنت تعرفه- أو محاولة إفاقته بيديك ولكن بلطف وبدون عنف وتذكر أنك لم تجزم بعد أنه مصاب بالسكتة القلبية.
كل تلك المحاولات التي تتم لمعرفة ما إن كان المريض في حاجة إلى إسعافات السكتة القلبية أم لا يجب أن تتم سريعاً وفي غضون أقل من دقيقة واحدة؛ حيث أن كل ثانية تمر من دون إسعاف المريض تؤدي إلى مزيد من الضرر يلحق بأعضاء جسمه نتيجة قطع الإمداد بالأكسجين عنها ولاسيما أنسجة المخ العصبية التي إن أصيبت بضرر فلن يمكن تعويضه.
البحث عن مساعدة
أول خطوات إسعافات السكتة القلبية هي بطلب المساعدة من رجال الإسعاف إما عن طريق الهاتف أو بإرسال شخص ما إلى أقرب مستشفى لطلب النجدة، أما إن كنت وحيداً مع المريض وبدون هاتفك أو بدون شخص آخر يساعدك فبالتالي عليك أن تختار ما بين محاولة إنقاذ المريض بنفسك أو الذهاب لطلب النجدة وتركه وحيداً فإن الأولوية في تلك الحالة تكون لإسعاف المريض أولاً ومحاولة إفاقته ومن ثم- بعد نجاح خطوات الإسعافات- تقوم بالبحث عن خدمة طبية خاصة.
بدء الإنعاش القلبي الرئوي
يشتمل الإنعاش القلبي الرئوي على شطرين بالتناصف أولهما هو الضغط على صدر المريض في منتصفه بالضبط وذلك للضغط على عضلة القلب حتى تقوم في كل ضغطة بضخ الدم كما تفعل في الأحوال العادية، أما الشطر الثاني فهو القيام بعملية تنفس صناعي للمريض عن طريق إدخال الهواء إلى جهازه التنفسي في كل مرة. يتم تطبيق الإنعاش القلبي الرئوي على كل من ثبت حاجته إلى إسعافات السكتة القلبية بالتعليمات الموضحة مسبقاً.
اتخاذ الوضعية السليمة للإنعاش
حتى تتمكن من استعمال يديك في الضغط على صدر المريض لبدء الإنعاش بالشكل الملائم يجب عليك أولاً أن تضعه في الوضع المناسب للإنعاش وهي أن يكون المريض مستلقياً على ظهره وكلتا يديه بجوار جسمه بحيث لا تغطي أي جزء من الصدر أو البطن وذلك حتى تتمكن من مراقبة حركة التنفس إن عاودت الظهور مرة أخرى. ولا يستثنى من ذلك الشرط إلا حالة واحدة فقط إذا كنت تشك في إصابة المريض بكسور في الرقبة أو العمود الفقري عندها لا تقم على الإطلاق بتحريك المريض وحاول مساعدته على قدر المستطاع وهو ثابت على وضعيته؛ وذلك لأن تحريك المريض في تلك الحالة سيؤدي إلى قطع الأعصاب بشكل كامل وبالتالي سيصاب المريض بالشلل أسفل منطقة الكسر نتيجة قطع الإمداد العصبي وهو ما يستحيل إصلاحه مهما كانت المستشفى مجهزة مما سيفقد أي أمل في علاج المريض من الشلل الدائم الذي سيلحق به.
الضغط على منتصف الصدر
بداية إسعافات السكتة القلبية ستكون مع تحريك عضلة القلب أولاً وذلك عبر ضم يديك الاثنتين معاً بحيث تشكل قبضة واحدة تحقق أعلى درجة ضغط ممكنة وتقوم بوضعها في منتصف الصدر تماماً أعلى عظمة القص (العظمة الواصلة بين نصفي القفص الصدري من الضلوع). يجب أن تكون درجة الضغط قوية بما يكفي بحيث تضغط الصدر للداخل بما يبلغ ثلث ارتفاعه كاملاً ثم تقوم بإزاحة الضغط لتسمح للضلوع بالعودة لمكانها الطبيعي مرة أخرى وتبدأ في ضغطة جديدة وهكذا، أما معدل الضغط فيجب أن يبلغ 100 ضغطة كل دقيقة واحدة ويمكن أن يقل قليلاً عن ذلك لكن احرص على ألا يتعدى هذا المعدل حتى تحقق الفائدة المرجوة منه.
التنفس الصناعي
الشطر الثاني من الإنعاش القلبي الرئوي هو القيام بعملية تنفس صناعي للمريض بحيث تجبر الهواء على الدخول إلى رئتيه، قم أولاً بحساب عدد ضغطات الصدر التي تقوم بها بحيث كلما انتهيت من 30 ضغطة يجب عليك أن تقوم بعمل التنفس الصناعي مرتين متتاليتين للمريض ثم تعاود الضغط على الصدر وهكذا. وطريقة التنفس الصناعي تكون بإزاحة الرأس أولاً للخلف قليلاً حتى يتم فتح ممر الهواء لأقصى درجة ممكنة ثم تقوم بنفخ الهواء داخل فم المريض وتراقب مستوى صدره في نفس الوقت حتى ترى أنه يرتفع مع دخول الهواء عندها تبعد فمك لتترك مساحة لهواء الزفير أن يخرج ومن ثم تقوم بتكرار العملية مرة أخرى.
من المفترض ألا تتعدى فترة إسعافات السكتة القلبية دقائق معدودة حتى يحدث أحد أمرين إما أن يفيق المريض من تلقاء نفسه أو تكون قد تمكنت من إحضار مساعدة ما، ودمتم سالمين.
أضف تعليق