إرنست هيمنغواي هو كاتب روائي أمريكي حاصل على جائزة نوبل ويعد من أهم كتاب الرواية والقصص القصيرة على مستوى العالم، تم تلقيبه باسم “بابا” وكانت تغلب عليه النظرة السوداوية في رؤية العالم خلال بداية حياته إلا أنه قام بعد ذلك بتجديد أفكاره فقام بإعلاء قيمة القوة النفسية لعقل الإنسان في أغلب أعماله التي غالباً ما كانت تتمحور حول الصراع الثنائي بين الإنسان وقوى الطبيعة الأخرى، جدير بالذكر أن إرنست هيمنغواي قد شارك في الحربين العالميتين الأولى والثانية حيث كان يخدم على سفينة أمريكية حربية كانت مهمتها تتمحور في إغراق الغواصات التابعة لألمانيا وحصل جراء مشاركته في الحربين على أوسمة رفيعة المستوى، وأثرت الحرب بشكل كبير في أعمال إرنست هيمنغواي ورواياته.
استكشف هذه المقالة
إرنست هيمنغواي : حياته
إرنست هيمنغواي ولد عام 1899 في مقاطعة إلينوي بالولايات المتحدة الأمريكية، وكان والده يعمل طبيباً ووالدته ذات اهتمامات موسيقية، يذكر أن والد هيمنغواي كان مولعاً بالتاريخ الطبيعي والصيد وفي سن مبكرة وتحديدا خلال عام 1909 اشترى والد هيمنغواي له بندقية صيد أضحت بعد ذلك رفيقة عمره أردته قتيلا خلال انتحاره عام 1961، وتجدر الإشارة إلى أن إرنست هيمنغواي دخل معترك الحياة المهنية في وقت مبكر حيث عمل في بداية حياته كصحفي في جريدة “كنساس ستار” ثم تطوع لصالح الصليب الأحمر الإيطالي عام 1918م وذلك في آخر أيام الحرب العالمية الأولى وخلال فترة تطوعه أُصيب بجروح بالغة جعلته يمكث أشهرا طويلة في المستشفى وخضع للكثير من العمليات الجراحية وبسبب تلك الجروح حصل على رتبة ملازم بالإضافة لنوط الشجاعة، بعد ذلك وخلال عام 1921 عمل إرنست هيمنغواي كمراسل صحفي لجريدة “تورنتو ستار” بولاية شيكاغو ثم هاجر لباريس عام 1922 حيث أجرى مقابلات صحفية مع كبار الأدباء والشخصيات مثل موسوليني وكليمانصو، كما قام بالتعرف أيضا خلال فترة مكوثه بباريس على الكثير من الأدباء الفرنسيين حيث كانت حينذاك الحركة الثقافية الفرنسية تعيش أزهى عصورها وعن عمله الصحفي تلقى إرنست هيمنغواي جائزة بوليترز الأمريكية في مجامل الصحافة وذلك خلال عام 1953.
إرنست هيمنغواي : مسيرته الأدبية
إرنست هيمنغواي بدأ بنشر أولى أعماله الأدبية عام 1923 وكان هذا العمل هو مجموعته القصصية ” ثلاث قصص وعشرة أناشيد” ولكن أول عمل لهيمنغواي يلفت انتباه الجمهور لم يظهر للنور إلا خلال عام 1926 وهو “الشمس تشرق أيضا” والتي لاقت نجاحاً باهراً وقد أدى هذا النجاح منقطع النظير إلى تشجيع هيمنغواي على نشر مجموعة قصص هي “الرجل العازب” وذلك خلال عام 1927.
جدير بالذكر أن عائلة هيمنغواي كانت تقطن في ولاية فلوريدا وعندما قام بزيارتهم عام 1923 وجد والده قد انتحر بإطلاق رصاصة في الرأس، بعد ذلك وخلال عام 1929 عاد هيمنغواي إلى أوروبا بصحبة زوجته الثانية “بولين بفيفر” حيث قام وقتها بنشر واحداً من أهم أعماله الأدبية وهو رواية “وداعا أيها السلاح” وقد حققت الرواية نجاحاً هائلاً وتم تحويلها إلى فيلم ومسرحية بسرعة كبيرة، وإن كانت المسرحية لم تحقق نفس النجاح الذي حققته الرواية وكانت تلك الكبوة الصغيرة دافعاً قويا لهيمنغواي لكي يقوم بكتابة رواية متميزة يرسخ بها تاريخي الأدبي فكانت رواية “وفاة في العشية” عام 1932. ومع بداية عام 1933 بدأ إرنست هيمنغواي في زيارة دولة كوبا باستمرار وهناك كتب روايته ” الفائز يخرج صفر اليدين” ثم توقف عن النشر لمدة عامين لتظهر بعد ذلك رائعته ” روابي أفريقيا الخضراء” التي تناول فيها رحلته لشرق قارة أفريقيا من أجل صيد الطرائد البرية والتي تعد هوايته منذ الطفولة.
وتجدر الإشارة إلى أن إرنست هيمنغواي قد توقف عن الكتابة الأدبية في الفترة الزمنية من عام 1926 وحتى عام 1938 وذلك بسبب عودته للعمل كمراسل حربي من أجل تغطية الحرب الأهلية الأسبانية وقد سمح له العمل كمراسل وقتها في التعبير عن عدائه للفاشية الصاعدة في ذلك الوقت بل وشارك في الحرب ضد الفاشيين والنازيين وشاركت معه أيضا زوجته الثالثة ” مارتا جيلهوورن” وذلك كمراسلة على الجبهة الصينية –الروسية عام 1940 وكان هذا العام علامة فارقة في التاريخ الأدبي لهيمنغواي حيث قام بنشر ورايته “لمن تقرع الأجراس” التي حققت نجاحاً منقطع النظير وتجاوزت مبيعاتها المليون نسخة في العام الأول من إصدارها ونال عن حقوق الفيلم المقتبس عنها مبلغ 150 ألف دولار وكان مبلغاً ضخماً للغاية في تلك الفترة الزمنية.
يُذكر أن أدب إرنست هيمنغواي قد عكس بشكل كبير تجربته الشخصية في الحروب التي خاضها؛الحربين العالميتين الأولى والثانية والحرب الأهلية الأسبانية، وقد تميز أسلوب هيمنغواي بالجمل القصيرة والبساطة، وشخصياته دوماً أبطال يتحملون مصاعب الحياة دون ألم أو شكوى حيث تعكس تلك الشخصيات طبيعة شخصية هيمنغواي، وجدير بالذكر أن إرنست هيمنغواي قد ترك بصمة قوية على الأدب الأمريكي والأدب الإنساني بصفة عامة والذي يعد هيمنغواي واحدًا من أعمدته.
رواية الشيخ والبحر
إرنست هيمنغواي حصل على جائزة نوبل للأدب عام 1954عن رواية الشيخ والبحر التي يجسد فيها مبدأ صراع الإنسان الأبدي مع الحياة وذلك من خلال سرد تجربة صياد عجوز مصاب بسوء الحظ يُدعى “سنتياجو” والذي لم يقم باصطياد سمكة واحدة منذ 85 يوم، وقد كان هناك ولد صغير يقوم بمساعدته ولكن منعه والديه من الخروج بصحبة الشيخ العجوز مما جعل الرجل العجوز يعاني من سوء الحظ وحيداً، وفي إحدى المرات خرج مبكراً وقام باصطياد سمكة مارلين ضخمة للغاية قامت بسحب قاربه لمدة يومين كاملين وفي اليوم الثالث استعمل كل قوته وجذب سمكة المارلين إلى السطح وقام بقتلها بحربته ثم قام بربطها على طول قاربه، ولكن تنقض عليه أسماك القرش وتمزق لحم السمكة ويحاول الصياد العجوز أن يقوم بإبعادها وينجح في نهاية الأمر وبعد العودة للمرفأ وبعد رحلة طويلة وعناء شديد يكتشف أنه لم يتبق من السمكة سوى الذيل والهيكل العظمي والرأس، يعود الصياد إلى كوخه خائر القوى ورغم سوء حظه العاثر إلا أنه يقرر الخروج للصيد في اليوم التالي لأنه تعلم الكثير من الصيد.
إرنست هيمنغواي : انتحاره
إرنست هيمنغواي بدأ يعاني من اضطرابات عقلية شديدة في آخر حياته وانتقل للعيش في منزله بكوبا، وبعد ثلاثة أشهر من انتقاله لكوبا وخلال عام 1961 وجدته زوجته في صباح أحد الأيام يحمل بندقيته وينطلق بعيداً فقامت بتهدئته وإرساله إلى المستشفى من أجل تلقي علاج الصدمات الكهربائية وبعد إطلاق سراحه من المستشفى بيومين أطلق إرنست هيمنغواي النار على نفسه من بندقيته المفضلة التي أهداها له والده وهو صغير، ولم يُعرف سبب إقدام هيمنغواي على الانتحار إلا أن لعائلته تاريخاً طويلاً وغريباً مع الانتحار فقد انتحر والده وأختاه غير الشقيقتين “ليستر” وكذلك “أورسولا” ثم انتحرت حفيدته “مارغاوك هيمنغواي” ويعتقد البعض وجود مرض وراثي بعائلة هيمنغواي يتسبب في زيادة تركيز الحديد بالدم مما يؤدي لتلف البنكرياس ويسبب عدم الاستقرار في المخ والاكتئاب، وقد تحول منزل هيمنغواي في كوبا إلى متحف يضم جميع صوره ومقتنياته.
ختاما، يعد إرنست هيمنغواي من أهم الروائيين وكتاب القصة العالميين ولم يكن مجرد مؤلف روايات عظيم ولكنه كان أيضا محارباً شجاعاً وبطل حرب يُشهد له بالمواقف القوية ولكن كان تأثير الحروب التي خاضها هيمنغواي قوياً على حياته الشخصية حيث دخل في حالة نفسية سيئة تُسمى ثنائية القطب ولم يطلب مساعدة من المتخصصين حتى ساءت حاله في أيامه الأخيرة بشكل كبيرة.
أضف تعليق