تسعة
الرئيسية » تعليم وتربية » جامعة وكلية » أيامك الجامعية : كيف تستثمرها بأكبر فائدة ممكنة ؟

أيامك الجامعية : كيف تستثمرها بأكبر فائدة ممكنة ؟

أيام الدراسة في الجامعة ليست مخصصة للدراسة فقط، بل هناك الكثير من الأمور التي من الممكن الاستفادة منها في أيامك الجامعية ، هنا نرشدك إلى ذلك.

أيامك الجامعية

اعتقد أنك سمعت مراراً وتكراراً من جميع من حولك أن “أيامك الجامعية ستكون أفضل وأروع أيامك يا ولدي في الحياة، فبعدها ستبحث عن العمل والزواج والأطفال ولن يكون لديك الوقت والصحة مثل هذه الأيام، فتمتع بها قدر المستطاع.” جميعنا سمعنا هذه العبارة وتحفز لدينا حب كبير لهذه الأيام وكلنا اشتياق لدخول هذه التجربة العظيمة، وحين تبدأ تلك المغامرة حقاً تكتشف أنها كانت خدعة وأنها لم تكن مثل ما يقولون ويوصفون فتبدأ في الانطواء على النفس وتصور أن المشكلة هي أنت وأنها ستكون أياماً سوداء، ولكني اليوم أكتب لك عزيزي القارئ هذا المقال حتى تعرف ما أنت مقبل عليه وتأخذ فكرة صحيحة عن هذه الحياة وبالتالي تستفيد أكبر استفادة من هذه التجربة ومن أيامك الجامعية.

طريقة استغلال أيامك الجامعية بكفاءة

الانتقال من الاعتماد الكلي على المنزل

من بعد معرفتك عن الجامعة والكلية المناسبة لك والتقدم لها، يبدأ التفكير في الخطوة الثانية وهي كيف ستذهب إلى هناك يومياً، هل بالمواصلات أم ستسكن بالقرب منها، بالتالي سيصير عليك الاعتماد على نفسك في أشياء كنت تعتمد على أمك وأباك فيها، أمثلة على ذلك إن كنت تنوي السكن بعيداً: غسيل الملابس، تجهيز الأكل بنفسك، الاهتمام بنظافة المكان وإيقاظ نفسك بنفسك، وكلها أمور كانت تفعلها الأم دون إدراكك بأهميتها ولكن الأيام القادمة يجب أن تتعلم كيف تفعلها بنفسك بمساعدة بسيطة قد يستطيع توفيرها أهلك عن بعد. ولكن لا تهلع فالأمر أبسط مما تتخيل ويحتاج فقط بعض التعلم وتنظيم الوقت وستصبح قادراً على تخطي عقبة الانتقال والخروج من كنف الاعتماد الكامل على الأم في أيامك الجامعية المقبلة.

الوجوه الجديدة في أيامك الجامعية الجديدة كلياً

من أصعب الأمور التي تبدأ أن تدركها أن أغلبية أصحابك قد تفرقوا عنك تماماً وذهب كل واحد إلى وجهته وتركوك وحيداً وأن عليك أن تبدأ من الصفر في تكوين صدقات جديدة وصدمات بديات العلاقات والتفرقة من هو جيد ومن يجب الابتعاد عنه وكلها أمور متعبة في بادئ الأمر فتشعر بالوحدة والانكماش على الذات، لكن يا صديقي خذ الأمور من رؤية مختلفة لأنك عندك فرصة حقيقة لترك الماضي وبداية صفحة جديدة بيضاء تكتب فيها قصة مختلفة مع أصدقائك والتعرف عن وجوه وشخصيات جديدة وبذلك مع كل شخصية قصة جديدة ومغامرة جديدة في حياة مختلفة عن حياتك لأن خبرات التعرف على بشر من مناطق وثقافات مختلفة تتساوى مع زيارتك لهذا المكان، أنت أيضاً بيدك التعامل مع ناس جديدة لا تعرف عنك شيء فلا يعرفون الأمور التي قد تخجل من ذكرها ويعرفونها أصدقائك وبيئتك القديمة، أيامك الجامعية هي صفحة ناصعة البياض فاكتب فيها قصتك الجديدة التي تريد أن تعيش بها باقي أيام حياتك.

أسلوب الدراسة الجديد

أسلوب الدراسة الجامعية تختلف تماماً عن الدراسة في المراحل المدرسية العادية، ومهما كان مقدار كرهك اليوم لدراستك المدرسية لصعوبتها وثقلها خاصة في علمنا العربي الذي قد يعاني بعض الشيء من الطرق القديمة المتعبة في التعليم، فستجد أن الدراسة في أيامك الجامعية هي أثقل بكثير مما تتخيل لأن بطبيعة الحال فالدكاترة يريدون لا فقط إعطاء خبرة مبدئية للطلاب بل الإدراك والمعرفة الكاملة عن دراسة (أياً كان ما تدرسه) في الكلية لأنها من هنا ستنطلق لعالم الواقع وخاصة إذا كنت ستدخل كلية من الكليات التي تسمى بالعملية والتي ستحتوي على عمل متواصل ستعتقد أن لا نهاية له. أنا لا أريد إخافتك أنا فقط أريد أن أنبهك أنك يجب أن تحب ما سوف تدرسه لأنك ستدرسه بطريقة مكثفة، ولأنك لن تجد دائماً الكتب والأوراق المناسبة بل سيكون عليك البحث بنفسك في المواضيع وفتح كذا مرجع ومطالعة الجديد حتى يتثنى لك أن تدرس جيداً. لا تجعل من ضغط الدراسة يتغلب عليك بل أدرك تماماً أن ضغط العمل في الحياة أصعب واجعل من هذا تدريب على المثابرة وتحمل الضغوطات.

الأنشطة الجامعية

تشتهر الجامعة بأنها المكان المناسب الذي تطلق به طاقتك الكاملة في كل ما تحب وتتعلم أشياء حتى أنت قد لا تدرك أنك قد تحبها، اعلم هذا يا صديقي أنه كلما كنت منفتحاً لما هو جديد كلما تعرفت على نفسك أكثر وقد تندهش بتغير مسار حياتك كلها بسبب أنك اكتشفت شيء جديد في نفسك. توجد قصص لا نهاية لها لشباب وشابات قرروا دخول كلية ما وبعدها اكتشفوا أنهم لا يريدون تكملة هذا المشوار وأنهم لديهم طموح ويريدون تجربة شيء أخر وصدقني ينجحون فيه أكثر مما قد ينجحون في مكانهم ولأن أيامك الجامعية هي فترة ليس فقط لتغيير مكانك وأصدقائك بل لتغير واكتشاف نفسك التي قد تختلف نظرتك للحياة بسببها. استغل هذه الفرصة ولا تضيعها من يدك وكلما تثنى لك وقت في اكتشاف وتعلم مهنة أو خبرة أو حتى الذهاب لمكان جديد فأطلق لنفسك العنان لعالم المجهول والمغامرات الغريبة، حتى إن آل بك الحال متألماً أو تائه في مكان ما مجهول فهذه هي الخبرة والحياة وهذا ما سيوصلك بالنهاية إلى نفسك وهدفك الحقيقي، لا تلزم نفسك بقدر أكبر من طاقتك ولكن استغل كل ثواني في أيامك الجامعية.

الفشل

بعض أو الأغلبية لا يحققون ما قد حلموا به من الصغر لظروف ما لم تستطيع دخول الكلية التي قد تكون حلمت بها، فتبدأ بالاعتقاد أنه نهاية المطاف لحلمك الكبير وأنه لا مجال للعودة وأنك ستصير مثل كل بشر لا هدف ولا مستقبل بيديك وشخص “عادي”، لا يا صديقي امسح هذه الفكرة من رأسك ولا تجعل الإحباط واليأس يتملكك فأحلام الصغر للصغر وأحلام الكبر هي الأحق التي تمشي وراءها، اجعل من عالم كليتك الجديدة ساحة لمغامرة الوصول للمعرفة الهدف، اكشف أولاً دراستك بشكل رحب وصدر مفتوح وحتى وإن وجدتها حقاً لا تناسبك فأمامك حلاً من اثنين إما أن تأخذ خطوة شجاعة بتغيرها تماماً أو أنك تكمل بها وتبحث خارجاً عن ما يناسب شخصيتك أكثر فالأمر لن يقتصر على الشهادات وإنما على مدى قدرتك على استيعاب الحياة والتصدي لها وتوسيع مجال معرفتك وخبراتك، ومن هنا تبدأ في استكشاف حلمك الحقيقي الذي يستحق منك المجهود في تحقيقه. أنت محظوظ صديقي المقبل على الحياة الجامعية لأن غيرك قد يكون دخل المجال الذي كان يفضله منذ الصغر وبعدها بسنوات اكتشف أخيراً عدم حبه الحقيقي له ووقتها كان من الصعب التغير.

لا تجعل للمجتمع وكلام البشر عن أيامك الجامعية وكليتك يعميك عن نفسك ولا تجعل خوفك من الفشل ومن أن تكون خاطئاً يجعلك تتراجع عن التجربة، أيامك الجامعية هي مطرقة يمكن أن تستخدمها لتكسير معتقدات المجتمع ومعتقدات البشر فيك، ولا تجعل من كلمة “المستقبل المضمون” وكلمات الآباء الرنانة التي ينصحوك بها من وجهة نظرهم لضمان مستقبل مريح لك تخدعك فلا يوجد ما هو مضمون، فقط أنت ومجهودك ومحاربتك للواقع هو من يوفر لك مستقبل كريم في كل النواحي سواء المالية أو المستقبل الباهر وكلها من أيامك الجامعية.

التعامل مع الجنس الآخر

أنت تدرك بالطبع أن من بعد أيامك الجامعية ستبدأ في التفكير في العمل ثم الزواج، أغلبية مدارسنا التعليمية بالعالم العربي هي منفصلة من حيث البنات والأولاد أما الحياة الجامعية عكسها وتكون مختلطة، بحسب أخلاقنا العربية عليك التعامل باحترام تام للجنس الآخر ولكن من قال إنك يجب أن تعزل نفسك تماماً فإنها فرصة لتتعامل بشكل عاقل ومهذب في العمل والدراسة للتفهم الطرف الأخر ويبدأ يتكون إدراك لطرق التعامل مع الجنس الآخر بدون خجل مما يؤهلك لمعرفة التعامل في المستقبل، وقد يتكون في بعض الأوقات قصة حب حقيقة تعيش معك مستقبلك في سعادة.

المواصلات

في ذهابك ومجيئك من الجامعة يتعرض أغلبية الطلاب إلى مسافات طويلة خاصة من يفضلون الرجوع إلى البيت كل يوم قد يكون هذا الوقت ساعة أو أكثر من يومك سواء الذهاب أو الإياب وإذا حسبت تلك الساعات وكم تقدر من عمرك ستجد أنها تأخذ الكثير من وقتك، في اليابان من الأشياء التي تعتبر تقليد هي حمل كتاب في حقيبة اليد حيث إن وجد وقت في السفر يستغل في قراءة هذا الكتاب، الآن أجهزة الهواتف التي لا غنى عنها في يدك تمكنك من حمل ألاف الكتب دفعة واحدة، لا تترك هذا الوقت يضيع هباء واستغله في المعرفة الجديدة، قد تقول أنك تكره القراءة وأنا أقول لك أن القراءة مثلها مثل الرياضة يجب أن تمارس مرة واثنين وأكثر حتى تبدأ في محبتها ومعرفة أنك حقاً تستفيد منها بل وجعلها عادة يومية مفيدة، وإن لم تستطيع الكتابة فعلى الأقل استمع إلى ما تحب واجعل من وقت الطريق مساحة للتمتع بالموسيقي ومشاهدة الطريق والتفكير بما تشاهده فهذا يشغل عقلك وكأنك في صالة جيم لعقلك.

فترات الراحة

لا تنسى صديقي القارئ أن محور أيامك الجامعية هو في تغير الروتين اليومي للحياة المدرسية حيث يمكنك أنت تنظيم وقتك بنفسك ويجب عليك تقدير الأهمية التامة لفترات الراحة في يومك، توجد في بلجيكا أهم المدارس وأفضل الطرق التعليمية في العالم وهي على رأس قائمة النجاحين في العالم، هل تعرف سر نجاح هذه التجربة؟ أنهم يقللون وقت الدراسة للطلاب قدر المستطاع وترك لهم الوقت للعمل على الاستمتاع بالحياة والراحة واكتشاف الجديد من هذا الوقت، أنت قد لا تستطيع إقناع المسؤولين بهذا النظام ولكن يمكن العمل به في النطاق الشخصي الصغير فنظم وقتك حتى تأخذ أقساط من الراحة للاستمتاع بالحياة وإليك بعض الأفكار: ممارسة الرياضية خارج البيت في ملاعب الجامعة، ممارسة اليوجا والتأمل وتعلم التنفس الجيد والراحة والهدوء، أخذ أقساط كافية من النوم، الاستماع إلى فيلم جديد أو الذهاب لحفلة موسيقية قريبة، الخروج في رحلة إلى منتزه أو حديقة أو ملاهي مع أصدقائك، الجلوس بلا أي عمل لمدة ساعة أو اثنين فقط لتهدئة البال والاستجمام بنفسك في خلوة شخصية سواء في الخارج في مكان هادئ أو حتى بالبيت على الفراش إذا لم تستطيع الخروج، كلها أمور تجدد نشاطك وكأنك تعيد تشغيل نفسك مثل الحاسوب وتعلم هذه الأمور من أيامك الجامعية حتى تصير عادة وواقع بعد ذلك.

في الأخير عزيزي القارئ أحب أن ألفت انتباهك أن أيامك الجامعية تتمحور حول اكتشاف نفسك والجديد واكتشاف الحياة الأقرب إلى الواقع وتحدي نفسك للدخول إلى عالم العمل والحياة الواقعية بكل قوة وخبرة قوية، فاستغل أيامك الجامعية ولا تجعلها تمضي هباء لأنك بعد ذلك ستتمنى لحظة من هذه الأيام قد تدرك أنك كان يجب عليك عيشها بطريقة مختلفة والتي كانت قد تغير حياتك ومسارها تماماً.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

17 − 13 =