يعاني البشر في أوقات كثيرة من أمراض متعددة، تؤرقهم، ويحسون معها بالألم وعدم انتظام حياتهم اليومية، ويدفعهم ذلك إلى الذهاب للطبيب في محاولة لعلاج هذا المرض والتخلص من آلامه، غير أن بعض الأمراض ما هي إلا مقدمات أو أعراض لأمراض أخرى لم تظهر أعراضها بعد، ولا يحس بها الشخص، أطلق عليها العلماء اسم أمراض الظل نظراً لكونها خفية وكامنة وغير ظاهرة، ويمكن أن تكون أمراض الظل اشد فتكاً وخطورة على حياة الإنسان من تلك الأمراض الظاهرة التي يحس بها المريض ويسعى للشفاء منها.
ولسنوات عديدة، لاحظ الأطباء أن المرضى الذين يعانون من مرض واحد قد يصابون بمرض آخر ليس له علاقة بالمرض الأصلي. على الرغم من أنهم لا يعرفون السبب الدقيق لتطور أمراض الظل ، يعتقد البعض أن الجينات أو سوء السلوكيات الصحية يمكن أن تكون عوامل مساهمة. في حالات أخرى، قد يتسبب مرض واحد ضررًا يسبب المرض الثاني. وعليه، يمكن أن تساعد التوعية بخطورة أمراض الظل الشائعة المرضى على تعزيز التشخيص المبكر والعلاج.
استكشف هذه المقالة
ارتفاع ضغط الدم ومرض السكري
في دراسة إحصائية قام بها باحثون في جامعة هارفارد شملت أكثر من 38 ألف سيدة واستمرت هذه الدراسة لما يزيد عن العشرة أعوام، وجد باحثو جامعة هارفارد أن هناك علاقة ما تربط ما بين الإصابة بارتفاع ضغط الدم وبين الإصابة بمرض داء السكري، فوجدوا أن ارتفاع ضغط الدم المستمر والمزمن يضاعف من خطر الإصابة بمرض السكري، حيث يزداد خطر الإصابة بمرض السكري إذا زاد ضغط دم الشخص بمرور الوقت حتى إذا ظل ضغط الدم أقل من مستوى الخطر.
ومن الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم التدخين، وتناول المشروبات الكحولية، وانخفاض النشاط الجسماني وزيادة الوزن، وحدوث اضطرابات في وظائف كلا من الغدة الدرقية والغدة الكظرية.
أما مرض السكري، فأسباب حدوثه هو زيادة الون بإفراط، والإكثار من تناول الأطعمة المصنعة التي تحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبعة والضارة لجسم الإنسان، أو حدوث تلف في خلايا بيتا المسئولة عن إفراز الأنسولين الذي يقوم بتمثيل السكر في الدم.
وغني عن البيان أن الوقاية من الإصابة بارتفاع ضغط الدم وأيضاً مرض السكري تستلزم محاولة الانتظام في ممارسة الرياضة مع زيادة النشاط الحركي للجسم وعدم الاستسلام للكسل والخمول، وأيضاً التوقف عن التدخين وتناول المشروبات الكحولية، مع لأخذ في الاعتبار تناول الغذاء الصحي الخالي من الدهون تجنباً لارتفاع نسبة الكوليسترول في الدم. ويقول الخبراء أن من يعانون من ارتفاع ضغط الدم لفترات طويلة يجب عليهم أن يخضعوا لفحص نسبة السكر في الدم.
الربو والاكتئاب من أكثر أمراض الظل شيوعًا
أظهرت الأبحاث التي أجريت على عدد من المحاربين القدامى، أن الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات الإجهاد اللاحق للصدمة، احتمال تعرضهم للإصابة بالربو التحسسي أكثر من ضعفي احتمال الإصابة بالربو من أولئك الذين يعانون من الإجهاد الطبيعي أو المعتاد. ويتوقع البعض أن صعوبات التنفس قد تسبب القلق أو الاكتئاب، ويعتقد آخرون أن المشاكل النفسية قد تجعل الربو أسوأ.
وكما هو معلوم فإن مرض الربو يصيب الشعب الهوائية في الجهاز التنفسي ويسبب ضيق في التنفس. أما الاكتئاب فهو مرض نفسي يشعر معه الشخص بالإحساس بالحزن العميق والفراغ والوحدة، وقد يصاحب هذا المرض بعض الأعراض الجسمانية مثل الشعور بألم في الظهر والإحساس بالإرهاق بصفة شبه مستمرة. وفي المراحل المتطورة لمرض الاكتئاب، قد يتعرض المريض لأحد الأمراض القلبية.
لذا فإن الأسلوب الأفضل لتجنب هذه الأمراض هو الاندماج في الأنشطة الاجتماعية، وتعميق الروابط الأسرية والالتقاء بالمعارف والأصدقاء في أماكن مفتوحة ومتنوعة، كما ينصح أيضاً بمزاولة الرياضة حتى ولو كانت خفيفة وغير مرهقة مثل المشي.
ومن ناحية أخرى يلزم تجنب العادات الحياتية التي قد تساعد على زيادة احتمالية الإصابة بالربو مثل عدم التواجد في أماكن مغلقة لفترات طويلة، وعدم استنشاق الأدخنة والغازات التي من شأنها أن تهيج الجهاز التنفسي.
بطانة الرحم المهاجرة والورم الميلانيني
يعد مرض بطانة الرحم من الأمراض الشائعة لدى النساء، فقد تظهر بطانة الرحم خارج الرحم ذاته أو في أماكن أخرى من البطن.
أما الورم الميلانيني، هو أخطر أنواع سرطانات الجلد، وغالبا ما يصيب تلك الخلايا المسئولة عن إنتاج صبغة الميلانين التي تعطي للجلد لونه.
وقد أكد باحثون فرنسيون أن النساء المصابات بمرض بطانة الرحم المهاجرة أكثر عرضة بنسبة 62% للإصابة بالورم الميلانيني من النساء الأصحاء، وعلى الرغم من عدم وجود علاقة ظاهرة وواضحة بين الإصابة بكلا المرضين وما هو سبب ذلك التلازم، لكنهم يقولون إن أحد الاحتمالات المطروحة هو حدوث خلل جيني يسبب كلا المرضين، وينصح الأطباء كل سيدة تعاني من مرض بطانة الرحم المهاجرة أن تتأكد من عدم إصابتها بالورم الميلانيني.
الشقيقة (الصداع النصفي) ومرض القلب والسكتة الدماغية
كشفت دراسة أجريت في عام 2007 أن هناك تلازماً بين الإصابة بالصداع النصفي أو ما يعرف بالشقيقة، وبين الإصابة بالنوبات القلبية أو السكتة الدماغية، وأظهرت الدراسة أن من يتعرض للإصابة بالصداع النصفي بمعدل مرتين خلال الشهر هو أكثر عرضة بنسبة 50 في المائة للإصابة بنوبة قلبية من الأشخاص الذين لا يعانون من الصداع النصفي. كما أوضحت الدراسة أن الذين يتعرضون للصداع النصفي بشكل أسبوعي هم أكثر عرضة للإصابة بسكتة دماغية بأربعة مرات من الأشخاص الأصحاء.
للتخفيف من هذه المخاطر يقول الأطباء أن تناول الطعام بشكل صحيح، والتحكم في الوزن ومستويات الكوليسترول وممارسة الرياضة تساهم بشكل فعال في تقليل نسبة الإصابة بالسكتة الدماغية أو النوبات القلبية.
المتلازمة الأيضية وحصوات الكلي من أمراض الظل
المتلازمة الأيضية هي مجموعة من الأعراض يمكن حصرها في الإصابة بداء السكري، والسمنة المفرطة، وانخفاض حاد في مستويات الكوليسترول الجيد مقابل ارتفاع مستويات الكوليسترول الضار، وإفراز البروتين في البول، ويمكن أن يصاب المريض بكل هذه الأعراض أو بعض منها، كما أن المريض لا يصاب بهذه الأعراض دفعة واحدة وإنما تباعاً.
أما فيما يتعلق بمرض حصوات الكلي، فتلك الحصوات عبارة عن بلورات تتكون بشكل رئيسي من البول محتوية على أملاح ومعادن مترسبه فشل الجسم في التخلص منها عن طريق الجهاز البولي.
وقد لاحظ الباحثون أن نسبة كبيرة من المرضى الذين أصيبوا بالمتلازمة الأيضية لديهم استعداد كبير لتكون حصوات في الكلى بنسبة تزيد عن 54% عند المقارنة بالأشخاص الأصحاء، وقد اكتشف الباحثون في دراسات إحصائية موسعة أنه يكفي للمريض أن يصاف بثلاث أعراض فقط من المتلازمة الأيضية حتى يكون معرضاً للإصابة بحصوات الكلى.
الخاتمة
بعد قراءة المقال وضح لنا أنه من المهم أن نهتم بصحتنا والعمل على ممارسة الرياضة والابتعاد عن التدخين، لأن تلك النصائح تعد هي أسس السلامة لدى الفرد، وقراءتنا للمقال أوضحت أنه من الممكن أن نتفادى حدوث الأمراض المستعصية والتي يصعب علاجها إذا تم اكتشافها مبكرا، وأن معرفة أمراض الظل تساعدنا كثيرا على تفادي حدوث كوارث مرضية، وأنه من السهل تجنبها عن طريق اتباع الإرشادات التي تم ذكرها في المقال.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
الكاتب: إنجي حسن
أضف تعليق