أصبحت عملية التمثيل الغذائي من أهم الأمور التي تشغل بال العلماء؛ خاصةً وأن أمراض التمثيل الغذائي باتت أحد أبرز المسببات لأمراضٍ أخرى تتعلق بنمو الجسم وخلاياه، بحيث تؤثر سلبًا على طبيعة الشخص وقدرته على الحركة والتفكير وممارسة شؤون حياته اليومية، ومن المؤسف أن المنطقة العربية لا تلقي بالًا لتلك الأمراض وتتجه في الغالب لعلاج أعراضها الناتجة عنها والتي قد تصيب المخ أو الأطراف أو الجسم بالكامل، بينما لا يملك الكثيرين ثقافة الاهتمام بعملية الأيض أو التمثيل الغذائي تلك إلا في بعض حالات نادرة تتعلق بالريجيم والسمنة وغيرها من أمور، وفي الوقت ذاته نجد الغرب قد سار أشواطًا كبيرة للغاية في هذا الاتجاه؛ حيث أصبح من البديهي أن تجري الأسرة لطفلها فور ولادته العديد من التحاليل التي تضمن الكشف المبكر عن أي من أمراض التمثيل الغذائي التي تكون في معظم الأوقات وراثية من الأب والأم، وفيما يلي نسلط الضوء أكثر على أمراض التمثيل الغذائي وأعراضها وسبل انتقالها المرض وتشخيصه وعلاجه.
استكشف هذه المقالة
ما هو التمثيل الغذائي؟
التمثيل الغذائي هي العملية التي تحدث في أجسام الكائنات الحية بهدف الحصول على الطاقة اللازمة لأن تمارس مختلف أنشطة حياتها وكذا نمو أجسامها، وتُعْرَف تلك العملية أيضًا بِاسم الأيض أو الاستقلاب، وهذه العملية لا تتم في خطوة واحدة، بل إنها عبارة عن سلسلة طويلة من التفاعلات الكيميائية التي تحدث داخل الجسم بهدف تحويل الطعام وما يحويه من سكريات وكربوهيدرات ودهون إلى خلايا وأنسجة بشرية وذلك كله بالاعتماد على ما يسمى بالأنزيمات، ولا شك أن التمثيل الغذائي مهم للغاية لبقاء الإنسان أو الكائن الحي عامة على قيد الحياة؛ ولذا فإن أي خلل في هذه العملية ينتج عنه أمراض التمثيل الغذائي وما تسببه من أعراض قد تبدو خطيرة وتصيب الإنسان بالعجز عن ممارسة حياته بشكل طبيعي.
وكما أوضحنا أن عملية التمثيل الغذائي هي المسؤولة عن مهمتين أساسيتين، يمكن تقسيمهما لمهمة هدم وأخرى بناء؛ فمهمة الهدم هي المسؤولة عن تكسير وتفتيت العناصر والمواد الغذائية الأساسية وتحديدًا السكريات والدهون والبروتينات والكربوهيدرات وتحويلها إلى ذرات صغيرة للغاية، بينما تفاعلات البناء فهي تلك التي تحدث مباشرةً فور الانتهاء من تكسير المواد الرئيسية وهدمها، ليتم تحويلها إما إلى طاقة وإما لبناء الخلايا والأنسجة المكونة للعضلات.
أعراض الخلل في التمثيل الغذائي
لما كان التمثيل الغذائي مهمًا جدًا لصحة وحياة الكائن الحي وبناء جسمه، فإن الخلل الحادث فيه بات يشكل الكثير من الأعراض المرضية الناتجة عن سوء عملية الأيض تلك، وفيما يلي بعض أبرز تلك الأعراض الدالة على أمراض التمثيل الغذائي :
- قد يصاب الشخص بحالة من الغثيان والدوخة والخمول لفترات طويلة كنتيجة مباشرة لعدم استفادة الجسم من الطاقة الناتجة عن حرق الطعام، وقد تتضاعف تلك الحالة لتصل حد فقدان الوعي.
- إن من أعراض الخلل في عملية التمثيل الغذائي، نجد نوبات الصرع وحالات التشنج التي تصيب الكثيرين لا سيما الأطفال حيث ضعف الطاقة المستخلصة من الطعام، وكذلك ضعف نمو الخلايا المخية.
- قد يتسبب سوء التمثيل الغذائي في إصابة الجسم بأعراض تتعلق بانخفاض القدرة على الحركة أو استعمال الأطراف بشكل طبيعي، ومن ذلك أيضًا انخفاض قدرة الفرد على القيام والجلوس بشكل طبيعي أو استعمال الأيدي والأرجل والإمساك بالأغراض وحملها.
- في مراحل متقدمة من ضعف عملية التمثيل الغذائي، يصاب بعض الأشخاص بحالات العمى وفقدان البصر الكامل، وذلك نتيجة سوء نمو الخلايا الخاصة بعملية الإبصار.
- يعتبر تدهور القوى العقلية للإنسان من الأمور الشائعة كذلك نتيجة لسوء عملية التمثيل الغذائي، وتظهر تلك الأعراض أكثر على كبار السن بسبب سوء استخلاص الطاقة وانخفاض قدرة الجسم على بناء خلايا جديدة.
- في بعض الأحيان يصاب الإنسان بحالة من الاختناق وعدم القدرة على التنفس، هذه الحالة يصاحبها تسارع كبير في ضربات القلب وقد ينقطع التنفس تمامًا ويسقط الإنسان مغشيًا عليه.
- تتسبب أمراض التمثيل الغذائي أيضًا في الإصابة بكثير من الالتهابات الفيروسية أو الالتهابات البكتيرية في خلايا الدم، وخلايا الجسم بشكل عام، ويكون ذلك ناتجًا عن ضعف المناعة.
- في بعض الأحيان يصاب المريض وخاصةً الأطفال بحالة من اليرقان واصفرار لون الجلد وبياض العينين كذلك، ويصاحبه في معظم الأوقات ظهور روائح غريبة تصدر من الجسم.
- من أشهر الأعراض الناتجة عن أمراض التمثيل الغذائي أن يصاب الجسم بمشكلات في الطول والوزن نتيجة ضعف بناء ونمو الخلايا، وهذا أيضًا يصاحبه خلل ذهني يجعل الطفل مشتتًا طوال الوقت وغير قادر على التركيز والتذكر بكفاءة.
- يحدث كنتيجة مباشرة لفشل وسوء عملية الأيض، أن ترتخي عضلات الجسم بشكل كبير، ويصبح الشخص في حالة من الضعف وسوء المظهر بعد الترهلات العديدة التي تصيب أنحاء جسده.
- في حالات ما ليست بالشائعة، يصاب الإنسان بتضخم في الطحال أو في الكبد، أو أن يشمل هذا التضخم كلا من العضوين على السواء، وفي هذا الوضع تكون الحالة ماسة لتدخل طبي سريع لتشخيص الأمر وعلاجه.
كيف تنتقل أمراض التمثيل الغذائي ؟
توصلت الدراسات الطبية إلى أن أمراض التمثيل الغذائي تعد أحد أبرز الأمراض الوراثية التي تصيب الأطفال نتيجة إصابة والدَيْهم بها، ومن الشائع أنها تصيب الأطفال من الذكور أو من الإناث بنفس الدرجة تقريبًا، وبطبيعة الحال يكون الأبوين قد أصيب هما أيضًا بهذا المرض بالوراثة من والدَيهم بسبب خلل في الجينات، ويقول العلماء أن المرض لا ينتقل إلى الأطفال حال إصابة الأب فقط أو الأم فقط، ولكن الإصابة تنتقل من الأبوين إذا كانا الاثنان مصابَيْن في الوقت ذاته، ورغم ذلك فإنه ليس من الضروري أن ينتقل المرض للأطفال، ولكن حدد العلماء نسبة 25% لاحتمالية نقل المرض للأطفال أثناء الحمل.
كيف يتم تشخيص أمراض التمثيل الغذائي ؟
لا ينتشر تشخيص أمراض التمثيل الغذائي بنسبة كبيرة في المنطقة العربية، إلا أن الغرب والدول المتقدمة باتت أكثر حرصًا على عملية التشخيص تلك، والتي تتم في الغالب عبر سحب عينة من دم المولود أو من البول في الأسبوع الأول من ولادته، كما أن من سبل التشخيص كذلك أن تؤخذ العينة من جلد المريض أو أنسجته العضلية المختلفة أو حتى من بعض الأعضاء الداخلية كالكبد على سبيل المثال، كما أن العينة قد يتم سحبها من الأم من المشيمة أو مما يسمى بالسائل الأمينوسي الذي يحيط بالجنين في رحم أمه أثناء مرحلة الحمل، وجدير بالذكر أن العديد من التحاليل والفحوصات الدورية العادية والبسيطة قد يرجع لها الفضل في الكشف عن أمراض التمثيل الغذائي ، مثل التحاليل الخاصة بقياس نسبة السكر في الدم أو فحوصات الأمونيا وفحوصات قياس نسبة الحموضة في الدم، وكما قد تكشف كذلك عن العديد من الأمراض الخفية.
أمراض التمثيل الغذائي للبروتينات
تعتبر البروتينات أحد أهم المصادر الرئيسية لبناء خلايا أجسام الكائنات الحية، كما أنها مفيدة لتوليد الطاقة من أجل ممارسة مختلف أنشطتنا اليومية، وتتكون البروتينات من أحماض أمينية يحتاج الجسم لتكسيرها بهدف الاستفادة منها وتحويلها لطاقة، ولكن في بعض الأحيان يعجز الجسم عن عن تكسير تلك الأحماض فتزداد نسبتها في الجسم بشكل أكبر؛ محدثةً نوعًا من التسمم للخلايا، وهذا بدوره ينتج أحد أمراض التمثيل الغذائي للبروتينات وهي أحد الأمراض النادرة عالميًا.
وتتلخص أعراض هذا المرض في ظهور بعض المشكلات الصحية مثل الخمول الدائم والغثيان الذي قد يصل حد الإماء في بعض الحالات، وهذا المرض لا يظهر في الغالب سوى بعد مرور أسبوع من ميلاد الطفل وخضوعه لعملية الرضاعة، ومن الأعراض كذلك نوم الطفل لساعات طويلة جدا، وكذلك تكرار التقيؤ بعد الرضاعة مباشرة، يصاحبها عزوف الطفل عن الرضاعة، وبالتالي قلة إدرار البول، وفي بعض الأحيان تصدر من الطفل بعض الروائح الغريبة من مسام الجلد، ومع تطور الأمر قد تحدث تشنجات عصبية وبعض نوبات الصرع.
أمراض التمثيل الغذائي للكربوهيدرات
تعتبر الكربوهيدرات من أكثر المواد الغذائية التي تدخل للجسم مع كل وجبة طعام تقريبًا، وهي تساهم كثيرًا في بناء الجسم والحصول على طاقة؛ ولذلك نجد أن أي خلل في عملية التمثيل الغذائي للكربوهيدرات تكون نتائجه سيئة على صحة الفرد بشكل عام، ومن أمراض التمثيل الغذائي للكربوهيدرات ما يلي:
عدم تحلل سكر اللبن
وعندما يعجز التمثيل الغذائي عن تحليل سكر اللبن، فإن الكربوهيدرات تلك تصل إلى القولون فتتغذى عليها البكتيريا المحللة لها في الأمعاء، وينتج عن ذلك انتشار قدر كبير من الغازات في القولون ما يسبب انتفاخات وإسهالًا وغيرها من مشاكل سوء الهضم، وهذه الأعراض منتشرة لدى نسبة كبيرة للغاية من البشر حول العالم.
الدم الجلاكتوزي
يطلق عليه أيضًا الجلاكتوسيميا، وهذا المرض يعتبر وراثي مثل باقي أمراض التمثيل الغذائي وينتج عن عدم قدرة عملية التمثيل الغذائي على أن تقوم بتحويل السكر من نوع الجلاكتوز إلى سكر آخر من نوع جلوكوز، وبالتالي تزداد نسبته في الدم بشكل كبير ويتسبب في مشكلات بالكبد والكُلَى وكذلك القشرة المخية.
تخزين الجليكوجين
من أعراض سوء التمثيل الغذائي للكربوهيدرات، أن يعجز الكبد وكذلك العضلات عن تخزين سكر الجليكوجين، وهذا الأمر يتسبب في حدوث اضطرابات عديدة تصيب البالغين أكثر من الأطفال، ومع تطور الأمر قد تصل حد الإصابة بتليفات أو تضخم في الكبد، ويصاحب ذلك فقدان كبير في الخلايا والأنسجة المكونة لعضلات الجسم، مع ظهور بعض الالتهابات في مختلف أعضاء الجهاز الهضمي، ومعاناة المريض من تقلصات عضلية عند ممارسته لتمارين رياضية أو أي مجهود عضلي كبير.
مرض السكري
يعتبر مرض السكري أحد أمراض التمثيل الغذائي للكربوهيدرات؛ حيث يعجز الجسم عن إنتاج مادة الأنسولين؛ فيترتب عليها حالة من الاضطراب في قدرة الجسم على تنظيم الجلوكوز في الدم، ومع ارتفاع نسبة الجلوكوز تلك يصاب الإنسان بمرض السكري، ويصاحب ذلك فقدان كبير في وزن المريض، وحاجته المتكررة للتبول، وعلاوةً على ذلك فإن شهيته للطعام تزداد أكثر، كما أن العطش وشدة الاحتياج للماء تكون مصاحبة كثيرًا لهذا النوع من أمراض التمثيل الغذائي للكربوهيدرات، وقد تحدث مشكلات عصبية عديدة وأخرى تتعلق بتراكم الدهون في الدم، وأخيرًا زيادة احتمالات التعرض لغيبوبة.
أمراض التمثيل الغذائي للدهون
تعرف تلك الأمراض أيضًا بأمراض أكسدة الدهون، وفيها يعجز الجسم عن أكسدة الأحماض الدهنية الموجودة في الطعام، ولأن تلك الأكسدة مهمة للغاية لمد الجسم بالطاقة وبناء الخلايا، فإن الجسم يصاب ببعض المشكلات التي إن لم يتم اكتشافها وتشخيصها في أسرع وقت ممكن، فإن عواقبها قد تكون وخيمة للغاية؛ حيث تعود بأضرار عديدة على كل من الكبد والقلب، وكذلك تتضرر العين كثيرًا، وبالطبع يمتد الضرر ليشمل العضلات التي هي في حاجة ماسة للبناء والطاقة، ولعل تضاعف تلك الأعراض يتسبب في إغماءات متكررة، وكذا قد يتسبب في موت الإنسان نتيجة عدم وجود طاقة تحرك أعضاءه الأساسية وعضلات جسده.
وقد تبدأ الأعراض على هيئة نقص في نسبة السكر بالدم، أو الإصابة بضعف واضح وملحوظ للغاية في الشهية والإقبال على الطعام، وتنتشر الالتهابات في مختلف أنحاء الجسم مسببة آلام عديدة، وأيضًا العديد من حالات القيء والغثيان والإسهال وصعوبة التنفس أو نوبات الإصابة بالتشنج، وهذا المرض عند انتشاره في الأطفال المواليد يتسبب في حدوث الموت المفاجئ دون حتى الكشف على سببه أو تشخيصه، وهو ما يسمى طبيًا بموت المهد.
أمراض التمثيل الغذائي عند الرضع
هناك قرابة الست وثلاثون مرضًا وراثيًا يتعلق بالتمثيل الغذائي يصيب الأطفال الرضع وحديثي الولادة، وهذه الأمراض قد تكون قاتلة على الفور في حال لم يتم اكتشافها وتشخيصها والبدء في العلاج المبكر لها، وفي الغالب يولد الأطفال المصابون بأي من أمراض التمثيل الغذائي بحجم ومظهر طبيعي للغاية، ولكن بمرور الوقت يتطور الوضع وتبدو الأعراض والعلامات على صور ضعف عام وتقيؤات دورية وعزوف عن الرضاعة وغالبًا ما يكون الأبوين على صلة قرابة بحيث انتقل لهما المرض هما الاثنين، ومن الفحوصات التي قد تثبت ذلك أن يبدو الكبد متضخما على غير العادة في الأطفال الرضع من نفس العمر، وقد يخرج من مسام الجلد أية روائح غريبة.
ولتشخيص تلك الحالات يتم اللجوء لبعض المعامل والتحاليل المخبرية الدقيقة التي تتطلب تخصصات معينة، بهدف التعرف على نسبة الأمونيا ونسبة البيكربونات في الدم، وقد يحتاج الأمر لسحب عينة من الأنزيمات الكبدية أو عينة من الدم أو من البول، وفي النهاية تظهر المشكلة إما أمراض التمثيل الغذائي للبروتينات أو للدهون أو للكربوهيدرات، وعلى كل حال يجب معالجتها سريعًا، ورغم عدم وجود علاج ناجع إلى وقتنا هذا، إلا أن الاكتشاف المبكر يسرع كثيرًا من مقاومة المرض بأكبر قدر ممكن.
أمراض التمثيل الغذائي الوراثية
إن الأمراض الوراثية الناتجة عن ما يسمى بالأيض أو الاستقلاب أو أمراض التمثيل الغذائي لا حصر لها سواءً الأمراض ذاتها أو الأعراض المتعلقة بها، وغالبًا ما تصيب الأطفال وتنتقل إليهم من أبوين مصابَين بالمرض ذاته نتيجة طفرات جينية حدثت في آبائهم وأمهاتهم على السواء، ولذلك نجد أنها تنتشر أكثر بين أولئك المتزوجون وبينهم صلة قرابة ما، وهذه الأمراض قد يكون سببها عدم قدرة الجسم على تكسير الأحماض الأمينية فيتسبب في انتشار البروتينات في الجسم بشكل ضار يسبب تسمم للخلايا، بعد عدم القدرة على استعمالها في الطاقة أو بناء أنسجة الجسم، كما قد تنتج أمراض التمثيل الغذائي نتيجة عجز الجسم عن تحليل الكربوهيدرات، وبالتالي تراكمها أو تحللها على يد البكتيريا المعوية؛ الأمر الذي ينتج عنها مشكلات مرضية سيئة، أما عدم قدرة الجسم على أكسدة الدهون فيتسبب أيضًا في أمراض كبدية ومشكلات وأزمات عضلية عديدة تضعف الجسم بشكل كبير وتتسبب في إغماءات عديدة.
وفي النهاية تتشابه أعراض أمراض التمثيل الغذائي كثيرًا ما بين ضعف عام في الجسم، ونقص حاد في الوزن نتيجة عدم القدرة على بناء العضلات والخلايا، وضعف عام يصيب الأطراف ويمنعها من ممارسة الأنشطة الطبيعية كالقيام والجلوس والإمساك بالأشياء وحملها وتحريكها، وهذا الأمر حين تطوره يسبب مشكلات صحية تتعلق بالخلايا الذهنية والقشرة المخية وتضعف قدرة الفرد على التركيز ويبدأ رحلة المعاناة من الإغماءات والتفاوت العقلي واليرقان والدوخة وما إلى ذلك من مشكلات.
كيف تعالج أمراض التمثيل الغذائي ؟
لم يصل الطب الحديث بعد لأية علاجات من شأنها أن تقضي تمامًا على مسببات أمراض التمثيل الغذائي المعروفة، ولكن تبقى الوقاية والكشف المبكر هو أساس التعافي التدريجي والقدرة على التخفيف من حدة الأزمة وتحجيم مضاعفات المرض قبل أن يؤثر سلبًا على نمو خلايا المخ، وبالرغم من عدم وجود علاج ناجع تمامًا للمرض، إلا أن الطب الحديث استطاع أن يوفر بعض العقاقير التي يمكنها التخفيف من حدة الأعراض، ولكن بشرط أن يتفق ذلك مع اتباع حمية غذائية مناسبة تضمن التقليل من تناول العناصر التي يعجز الجسم عن تكسيرها وهضمها؛ ولذا فإن العلاج يختلف حسب نوع الخلل في التمثيل الغذائي وشدته.
فمن الأدوية تلك التي تحوي بعض الفيتامينات أو أشباه الفيتامينات، وهي مواد وعناصر يعلمها المتخصصون جيدًا، وكذلك يتم تناول بعض المضادات الحيوية التي تعمل على تخفيض نسب السموم في الدم وطردها من الجسم، وهي السموم التي تراكمت نتيجة تسمم الخلايا بالأحماض الأمينية صعبة التكسير لعدم وجود إنزيمات مناسبة وفي أحيان نادرة يحتاج الطبيب لإجراء ما يسمى بغسيل الدم للحفاظ على الطفل من التسمم، أما الحميات الغذائية فتتنوع ما بين تقليل نسبة البروتينات أو تقليل نسبة الكربوهيدرات أو كذلك التقليل كثيرًا من نسبة الدهون التي يتناولها المصاب، حتى لا تصيب الجسم بأعراض سوء التمثيل الغذائي.
الوقاية من أمراض التمثيل الغذائي
لا شك أن الوقاية خيرٌ من العلاج، وللأسف الشديد معظم أمراض التمثيل الغذائي هي أمراض وراثية، وبالتالي حتى الوقاية لن تمنع الإصابة بها، ولكن هذا لا يمنع أن الكشف المبكر عن المرض يعد أحد أنواع الوقاية دون تطور المرض ومضاعفاته، ولذا فإن الفحوصات والتحاليل التي تُجْرَى على الأطفال حين ولادتهم تكون مفيدة للغاية كنوع من الوقاية العلاجية للكشف المبكر عن أية مشكلات في التمثيل الغذائي بالبروتينات أو الكربوهيدرات أو حتى الدهون، وقد يفيد الكشف السريري كثيرًا في هذا الأمر، كما أن فحوصات الدم والبول والأنسجة تفيد كثيرًا أيضًا في فحص الأطفال في الأسبوع الأول من ولادتهم، حيث نتعرف على الكثير من الأمراض ويتم تقديم الغذاء والعلاج المناسب لتحجيم تطورها، بدلًا من إهمالها حيث تظل خفية لشهور طويلة ثم تسيطر على الجسم بأكمله بمضاعفات وأعراض غير محدودة ولا محمودة.
وإن من سبل الوقاية كذلك أن يلجأ الأبوين لعقد جلسات خاصة تسمى بجلسات الاستشارة الوراثية، ويكون الهدف منها هو التعرف على المزيد من الأعراض والأخطار التي إن تمت ملاحظتها فإنه يجب التحرك سريعًا للكشف والتشخيص الطبي، حيث يشرح الطبيب مختلف أمور وأعراض الخلل الوراثي وأمراض التمثيل الغذائي ، مع تقديم بعض النصائح والإرشادات الهامة لضمان نمو الطفل بأفضل ما يمكن، كما قد يحتاج الطبيب لإجراء بعض الفحوصات للجنين أثناء الحمل، حيث يسحب عينات للتحليل من مشيمة الأم أو من السائل الأمينوسي المحيط بالطفل في رحم الأم.
تعتبر أمراض التمثيل الغذائي من الأمور الخطيرة التي تستوجب الاهتمام الكامل بها لضمان عدم الإصابة بأية أعراض مرضية ناتجة عنها لا سيَّما لدى الأطفال حديثي الولادة؛ حيث المناعة الضعيفة وعدم القدرة على مقاومة تلك الأمراض بعد، والتمثيل الغذائي هو الذي يقوم على تحويل الطعام إلى طاقة وكذا خلايا وأنسجة تبني الجسم وأعضائه الداخلية؛ ولذلك فإن أي خلل في هذه العملية قد ينتج عنه مشاكل في الطول والوزن، علاوةً على مشاكل في قدرة الأعضاء على ممارسة دورها بشكل كامل، وتحديدًا خلايا المخ والكبد والطحال وكذلك الأطراف واليدين والقدمين وقدرة الإنسان على الحركة وحمل وتحريك الأشياء والإمساك بها بشكل طبيعي، وتعتبر أمراض التمثيل الغذائي من الأمراض الوراثية التي يكتسبها الجنين وهو في رحم أمه كنتيجة مباشرة لإصابة كلا من الأب والأم بهذا المرض نتيجة طفرات حدثت في الجينات الوراثية لآبائهم وأمهاتهم، ولكنه ليس من الضروري أن تنتقل هذه الإصابة إلى الأطفال؛ حيث حدد العلماء نسبة 25% احتمالية انتقال مثل تلك الأمراض.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
أضف تعليق