كيف لا تزال أجسامنا مليئة بالأسرار وما أهم ألغاز الجسم ؟

ساهمت التطورات العلمية في مجال الطب في كشف حلول للكثير من ألغاز الجسم مما ساعد الباحثين على التوصل لأمراض جديدة واكتشاف علاج نهائي لها، لكن يظل هناك مجموعة من ألغاز الجسم يعجز العلماء عن حلها حتى الآن على الرغم من تخصيص سنوات عديدة وأموال طائلة في محاولات مستميتة لحل تلك الألغاز، وفي هذا المقال سوف نحاول استعراض أهم الألغاز الخاصة بالجسم البشري والتي لم تحل حتى يومنا هذا.

أغرب ألغاز الجسم البشري

الفروق بين الجسم البشري وأجسام الشمبانزي

من المعروف أن فصيلة القرود عموماً من أرقى فصائل الحيوانات وأكثرا تشابهاً مع الإنسان في كثير من الخصائص وتعتبر حيوانات الشمبانزي بالأخص من أكثرها تماثلاً لدرجة أنك إن قمت بحلاقة شعر شمبانزي وأخذ عدة صور لجسمه من الجلد وحتى الأعماق فبالكاد تستطيع أن تميز بينها وبين صور مماثلة لإنسان بشري، إلا أنه تلك الحيوانات تعتبر أقوى من البشر بحوالي 3 أو 4 أضعاف؛ فعلى سبيل المثال إن قمت بإحضار قرد وإنسان بنفس الوزن بالضبط فستلاحظ فروقاً شاسعة في القوة البدنية بينهما تميل لصالح القرد. حاول العلماء تفسير مثل تلك الظاهرة مفترضين تارة أن نقاط ترابط العضلات مع العظام في جسم الإنسان أضعف من مثيلاتها في أجساد القرود وتارة أن كثافة ألياف النسيج العضلي البشري أقل بكثير من نسيج عضلات القرود لكن كل تلك هي محض فرضيات لا ترقى لتكون دليلاً قاطعاً أو بالأحرى حل لهذا الجزء من ألغاز الجسم. ففي إحدى المرات حاول عالم حيوان يدعى هانت تتبع قرد يزن حوالي 50 كجم إثناء حياته في غابات إفريقيا فوجده يكسر أفرع شجرة صلبة تدعى الشجرة الحديدية فقط بأطراف أصابعه وبكل سهولة، وعندما حاول هانت فعل المثل استلزم الأمر منه استعمال كلتا اليدين وبقوة مفرطة لقطع فرع واحد فقط من تلك الشجرة، ولعل في ذلك رحمة من الله سبحانه وتعالى حيث أعطى من القوة للقرود ما يعينها على الحياة البرية الصعبة.

يد مهيمنة واحدة فقط!

على مدار السنوات وهذا السؤال لا يجول في بال العلماء فقط بل ومعظم الأشخاص كذلك وهو لماذا يولد الإنسان ويحيا بيد مهيمنة واحدة فقط، فمعظم البشر لديهم اليد اليمنى هي اليد المهيمنة ونسبة بسيطة هم من يستعملون يدهم اليسرى أكثر. وفي فترة من الفترات افترض العلماء كمحاولة لتفسير ذلك أن السبب وراء أن معظم البشر لديهم اليد اليمنى هي المهيمنة فقط هو أن مركز الكلام يقع في الفص الأيسر من المخ والكلام مهارة تتطلب حركات دقيقة وصعبة للغاية من العضلات وبالتالي فتحتاج إلى ألياف عصبية كثيرة ومتشعبة ومترابطة فتجد أن الألياف العصبية في الفص الأيسر أكثر من تلك الموجودة في الفص الأيمن، وبما أن الألياف العصبية الواردة من المخ جميعها تقوم بالعبور للنصف المقابل من الجسم فكان من الطبيعي أن تكون اليد اليمنى هي المهيمنة أكثر. إلا أن تلك النظرية سرعان ما ثبت عدم صحتها إذ أنه وجد نسبة لا يستهان بها من أصحاب اليد اليمنى المهيمنة لديهم مراكز الكلام في الفص الأيمن من المخ وليس الفص الأيسر، بل وأكثر من ذلك فوجد أن معظم من لديهم اليد اليسرى هي المهيمنة لديهم مركز الكلام في الفص الأيسر من المخ؛ ولذلك فحتى تلك الساعة لم ينجح العلماء في حل ألغاز الجسم المتعلقة باليد المهيمنة.

ثدي كبير طيلة الوقت

كجميع الثدييات تقوم المرأة بإرضاع أطفالها عند ولادتهم عبر ثديها، إلا أنه هناك فرق كبير بين النساء وكافة الثدييات الأخرى فأنثى البشر هي الوحيدة من بين إناث الثدييات التي تحافظ على حجم ثدي كبير طيلة حياتها حتى وإن لم تلد أو ترضع، وكغيرها من ألغاز الجسم حاول العلماء التوصل إلى حل لهذا اللغز حتى نشأت نظرية تقول بأن الثدي يظل ممتلئاً بالدهون طيلة فترة حياة المرأة حتى يجعلها قادرة على إرضاع أطفالها جيداً فعندما تبدأ في الرضاعة تضخ تلك الدهون مع لبن الأم إلى الطفل فيتغذى عليها إلا أن تلك النظرية فشلت في الفوز باقتناع الكثير.

لغز وجود فيروسات بالجسم البشري

منذ زمن توصل الطب إلى أن جسم الإنسان يحتوي على نسبة ثابتة من البكتيريا التي تعيش بانتظام في داخله وتقدر تلك النسبة ب 1 – 3% من وزن الجسم، لكن وجود البكتيريا في الإنسان لم يعد من ألغاز الجسم إذ توصل العلماء إلى الدور الذي تقوم به تلك البكتيريا في داخلنا؛ فبعضها مهمته تنظيف الجلد والحفاظ على نضارته بينما البعض الآخر يساعد على إتمام عملية الهضم كما تأكد العلماء من أن زوال تلك الأنواع من البكتيريا من جسم الإنسان سيؤدي لا محالة إلى الإصابة بالعديد من الأمراض المناعية على رأسها مرض السكري. لكن على صعيد آخر توصل العلماء إلى وجود عدة أنواع من الفيروسات تعيش هي الأخرى داخل جسم الإنسان وتقوم بدور ما لم ينجح أحد في الكشف عنه حتى الآن حيث كان يعتقد قديماً بأن تلك الفيروسات هي أنواع خاملة سرعان ما ستنشط وتسبب أمراضاً معينة إلا أن بقاء تلك الفيروسات وتواجدها في كل من أجريت التجارب عليهم يؤكد أن دورها في جسم الإنسان هو لصالحه وليس ضده لكنه فقط واحد من ألغاز الجسم الذي ينتظر الحل.

وجود الزائدة الدودية

الزائدة الدودية هي جزء صغير من الأمعاء الغليظة في بدايتها يتفرع منها كدودة زائدة مستقلة عن التجويف الرئيسي للأمعاء، وكثير ما نسمع عن مرضى أصيبوا بالتهاب في الزائدة الدودية لجئوا بسببه إلى إجراء عملية جراحية وإزالتها تماماً بل امتد الأمر ليصل إلى بعض الأطباء ممن يقومون بإزالتها حتى بدون حدوث التهابات كتحسب مسبق لذلك مما يعني بكل تأكيد أن إزالتها لا تضر الجسم بشيء وهو ما أثبته الطب من زمن بعيد، ولكن يكمن السؤال هنا هل للزائدة الدودية دور خفي ويعتبر واحد من ألغاز الجسم أم لا؟ حيث أن الانطباع المبدئي يقول بأنه لم يخلق الله شيء إلا لسبب وهو ما دفع العلماء للبحث عن دور تقوم به تلك الزائدة في جسم الإنسان لكن بلا جدوى؛ فقد قالت بعض الدراسات أن دور الزائدة يكمن في مدرب للجهاز المناعي للإنسان خاصة في مراحله العمرية الأولى بينما تقول دراسات أخرى أن دورها يمثل منزلاً للبكتيريا التي تساعد على تسهيل عمليات طرد الفضلات من الجسم. إلا أن كل ذلك محض نظريات لم تثبت صحتها بعد وحتى الآن لم يعرف لهذا الجزء من الجسم دور محدد واضح.

الوعي والإدراك

يعتبر الوعي البشري من أعقد ألغاز الجسم التي لم يتمكن العلم من التوصل لحل لها حتى الآن، فعلى مدى سنوات طوال تمكن علماء المخ والأعصاب من تحديد المراكز الوظيفية المختلفة للجسم كالكلام والحركة والإحساس والبصر وغيرها إلا أن الوعي والإدراك يظل مكاناً مجهولاً لم يعرف أحد له مركزاً بعد، فعندما تقارن بين أنسجة مخ إنسان على قيد الحياة ويعي ما حوله وآخر ميت أو في غيبوبة كاملة لن تجد فرقاً سوى أن الألياف العصبية للأول تستقبل وترسل الإشارات بينما الثاني لا بدون وجود عطل أو خطأ في مكان معين من الجهاز العصبي. وإن لم تكن قد اندهشت بعد فتخيل الأمر على أنك قد اشتريت سيارة حديثة وفجأة تعطلت ولم تعد تسير أبداً وفشل كافة خبراء السيارات في العالم على تحديد مكان العطل بها.