أكلات مطبخ رمضان واحدة من أهم الأشياء التي تجعلنا نحب رمضان وننتظره من العام للعام بجانب العبادات والأجواء الرمضانية المميزة إلا أن الأكلات المختلفة في رمضان تجعل له رونقا خاصا، فهواة الطعام يحبون رمضان لكونه عامرا دائما بالأكلات المميزة والرائعة التي لا نراها ربما إلا في رمضان، حيث هناك الكثير من الحلويات التي لا تباع إلا في رمضان ولا يعاد إنتاجها في غير رمضان وهناك الكثير أيضًا من الأطعمة التي تفقد رونقها في غير رمضان، فما هي الأكلات المميزة لكل مطبخ عربي؟ هذا ما سنتحدث عنه في السطور التالية.
استكشف هذه المقالة
فلسطين
من أكلات مطبخ رمضان المميزة للتراث الشامي والفلسطيني تحديدا تبرز المقلوبة كدرة تاج المطبخ الشامي وواحدة من أهم الموائد التي لا تخلو منها أي مائدة فلسطينية، تعود المقلوبة لمئات السنين لذلك هي تعتبر من التراث الفلسطيني وقد أطلق عليها “الباذنجانية” حتى أتى صلاح الدين الأيوبي وأطلق عليها المقلوبة، تتكون المقلوبة من الأرز والخضروات ولحم الضأن، أو الدجاج إن وجد، وتحضر بوضع شرائح الطماطم ثم الباذنجان المقلي وفوقهما طبقة من الارز ثم الدجاج ومبشور الجزر ويوضع من الأعلى طبقة أخرى من باقي الارز، يمكن وضع القرنبيط والبطاطس بدلا من ذلك ولكن تعتبر المقلوبة من أهم أطباق فلسطين الرئيسية على مائدة الإفطار في رمضان، خصوصًا في قطاع غزة. جدير بالذكر أن اللبن والسلطة العربية من أهم الأطباق الجانبية التي تقدم إلى جانب المقلوبة، وسميت بهذا الاسم لأنها تصنع على شكل طبقات ثم تقلب في طبق مسطح، لذلك تسمى مقلوبة.
سوريا
ومن فلسطين إلى سوريا حيث نرص أكلات مطبخ رمضان على المائدة السورية ولعل أشهر الأطباق الرمضانية في سوريا هي الأكلات المشبعة باللحم وأبرزها الكبة بجميع أنواعها سواء كانت كبة لبنية أو كبة مشوية والتي تقدم في اليوم الأول من أيام شهر رمضان عادة حيث اعتاد السوريون على الاستعانة بالكبة على يوم صيام طويل ومرهق، والكبة اللبنية تتكون من اللحم الناعم والبرغل أو حبوب القمح المحمصة، بالإضافة إلى البصل والدهن والفلفل والبهارات، ويتم وضعها في اللبن بعد تسويتها وتقليبها في درجة حرارة متوسطة، وتختلف عنها الكبة المشوية بإضافة دبس الرمان لها، وترطيبها بشحم الخروف كي لا تكون جافة عند الأكل ولكنها مثل الكبة اللبنية لكن بدون لبن.
أيضًا من الأطباق الشائعة على المائدة الرمضانية في سوريا المحاشي بجميع أنواعها سواء كان كوسة أو باذنجان أو ورق عنب. أما عن الحلويات فحدث ولا حرج، فمن أفضل من الشام لصناعة الحلويات؟ من البرازق إلى الكنافة النابلسية والقطايف اللذيذة التي انتقلت إلى مصر بالتبعية.
الأردن
ومع الأردن ونعرض أكلات مطبخ رمضان في الأردن ولا ريب أننا لا ينبغي أن نتحدث عن رمضان في المملكة الهاشمية دون أن نأتي بسيرة المنسف، المنسف ليس أكلة أردنية فحسب بل لها علاقة أيضًا بالتراث الأردني القديم حيث هناك أساطير تنسج حوله، ولذلك فهو يقدم في كافة المناسبات ولا تخلو منه المائدة الرمضانية، يتكون المنسف من ثريد لحم الضأن مع اللبن والخبز والأرز، المنسف نوعا مرتبط بالبيئة البدوية للمملكة الأردنية، يتكون في بعض مناطق الأردن من الجميد أو الكشك، وهو من منتجات الألبان المكثفة المجمدة، وفي بعض المناطق يتم طبخه بالسمك، لكن يشاع أكله في شهر رمضان أكثر إما بلحم الضأن أو بالدجاج. سُمي المنسف بهذا الاسم لأنه كان يعتمد قبل الأرز على الجريش أو البرغل أو الدشيش وهو القمح المدشوش وكان يتم “تنسيفه” أي طحنه بواسطة أدوات بدائية قبل ظهور الآلات، لذلك سمي بهذا الاسم.
لبنان
لازلنا في منطقة الشام للتعرف على أكلات مطبخ رمضان في كافة الدول العربية ويظهر لنا الفتوش في لبنان كمعلم من معالم لبنان، والفتوش يتميز بأنه طعام الفقراء والأغنياء على حد سواء ويضرب بجذوره في عمق التراث اللبناني، يتكون الفتوش من الخضروات: الطماطم، الخيار، الخس، البقدونس، النعناع، الثوم، الفجل، البصل. ويضاف إليهم عصير الليمون وزيت الزيتون بالإضافة إلى الخبز المحمص، ويعتبر الفتوش من طقوس اليوم الأول في شهر رمضان، أما الكبة الشامية فتفرض نفسها بقوة في قسم اللحوم على المائدة اللبنانية في رمضان. وبالنسبة للحلويات فتشتهر لبنان وخصوصًا الجنوب اللبناني بحلوى كلاج رمضان التي نادرا ما يتم إعدادها في غير رمضان.
مصر
وإلى مصر نصل بعد أكلات مطبخ رمضان في الشام، وفي مصر نعرف أن الطبقية تفرض نفسها ولكن تجاهد معظم الأسر لجعل اليوم الأول في رمضان عامرا بأصناف وألوان الأطعمة المختلفة، والمحشي عادة ما يترسخ في ذهن أي أم مصرية، سواء محشي كوسة أو باذنجان أو ورق عنب، فضلا عن أكلة المسقعة باللحمة المفرومة التي تتكون من باذنجان وصلصة يضاف إليها لحمة مفرومة، والملوخية دائما حاضرة سواء كانت باللحم أو الدجاج أو البط، حيث يعتبر البط من أهم الأطعمة في مصر خصوصًا في الولائم الكبيرة التي تجمع شمل كل العائلة خصوصًا في اليوم الأول في رمضان حيث يمكن لبطتين أن تشبع عائلة كاملة وعادة ما تربي ربات البيوت البط طوال العام لاستثمارها في شهر رمضان، الفقراء عادة يتشبثون بالفول كوسيلة لسد الجوع سواء في الإفطار مع البطاطس المقلية والمخلل والجرجير أو على السحور مع البيض والزبادي حيث يطلق عليه في مصر “مسمار البطن” أي الذي يقوم بتثبيت المعدة وبالتالي عدم الشعور بالجوع، ويتنوع الفول المدمس حيث يكون بالزيت والشطة والليمون أو بالسمن أو بالصلصة أو بالخلطة، هناك تنويعات مختلفة له.
بالنسبة للحلويات فعادة ما تكون الحلويات مشتقة من المطبخ الشامي لكن الكنافة والقطايف بالنكهة المصرية مختلفة نوعا ما، ويكثر عمل البسبوسة والجلاش والزلابية والفطائر بالإضافة للقمة القاضي وبلح الشام. وفيما يختص بالتراث المصري الأصيل: يظهر الكشك الصعيدي كحلوى اندثرت تماما وبالكاد يذكرنها الجدات. بالنسبة للمشروبات فيبرز التمر الهندي والسوبيا وعرق السوس بالإضافة إلى قمر الدين اللذيذ.
العراق
لا ريب أن العراق قد مر بحضارات عدة، من سومرية لبابلية وآشورية وإسلامية، بالإضافة لهبات التغيير المختلفة، المطبخ العراقي مطبخ متنوع جدا، ومتفاعل مع جيرانه بشكل جيد ومنفتح ثقافيا وفي نفس الوقت محتفظا بأصالته، لذلك فإن أكلات مطبخ رمضان على المائدة العراقية تتنوع بين الدولمة والتي تعد من أشهر الأكلات العراقية وتتكون من المحاشي حيث يمكن عملها بالباذنجان أو الكوسة أو ورق العنب بالإضافة للحم المفروم بالإضافة إلى البهارات وعصير الليمون ودبس الرمان وتقدم بجوار السلطات واللبن الرائب ولا تخلو مائدة أول يوم رمضان منها، أما رمضان الشتوي فالمرأة العراقية جاهزة لقهره بشوربة العدس الدافئة بالبصل والكركم، ومثلما يوجد لحوم ويوجد بقوليات يوجد أيضًا طعام يتكون من الخضروات حيث يظهر التبسي بالصوص ليملأ فراغ قسم الخضروات في المطبخ العراقي.
بالنسبة للحلويات فأهل العراق مشهورين بالزلابية العراقية اللذيذة وهي نفس مقادير الزلابية في باقي الدول العربية ولكنها تختلف في الشكل قليلا حيث تكون في شكل أقراص تتكون من خطوط تلتف حول محورها وهي أشبه ما تكون بحلوى “المشبك” المصرية، بالإضافة للمكاوية وكليج التمر. بالنسبة للمشروبات فمن حظ العراقيين أن يصادف موسم الرمان شهر رمضان، ولع أهل بغداد بعصير الرمان غير طبيعي لدرجة أنه ينتشر في الشوارع باستمرار حتى في غير رمضان.
تونس
وبعد الهلال الخصيب وشمال شرق أفريقيا نأتي إلى بلاد المغرب العربي ونبدأ بتونس ونستعرض أكلات مطبخ رمضان في تونس ونستهله بالكمونية واحدة من أشهر وألذ الأكلات التونسية وتتكون من اللحم البقري المُشفى والثوم والبصل وصلصة الطماطم والفلفل والتوابل، ولا ينبغي أن نمر على تونس دون أن نذكر الكسكسي المختلف كليا عن الكسكسي المغربي والجزائري حيث الكسكسي التونسي أحمر اللون لخلطه بالهريسة والسلطة في تونس تتكون من خضروات مثل سائر الدول ولكن يضاف في المنتصف إلى جوار الطماطم والخيار والزيتون والبصل والليمون نصف علبة من التونة.
أكلات مطبخ رمضان في المغرب
وما زلنا في دول المغرب العربي ومع المغرب الآن واستكمالا لعرض أكلات مطبخ رمضان تبرز الحريرة كطقس مقدس من طقوس اليوم الأول في رمضان والحريرة هي شوربة من تراث المطبخ المغربي وهي عبارة عن شُقف لحمة أي تقطعيها إلى مكعبات صغيرة عند القصّاب، مع الزبدة والشعرية والدقيق والصلصة والزعفران والملح والفلفل الأسود ويتم مزج هذه المقادير جيدا على عدة مراحل ويتم تزيين المنتج النهائي بالبقدونس، أما الحلويات في المغرب فتبرز الشباكية كواحدة من أبرز الحلويات المغربية وهي تشبه إلى حد كبير الزلابية في العراق كما يوجد نوع آخر منها اسمه “المخرقة” وهي نفس فكرة الكنافة تقريبا.
السعودية
ومن المغرب العربي إلى أشهر أكلات مطبخ رمضان في الخليج العربي وفي السعودية وبسبب الطبيعة البدوية والموروثات السائدة في شبه الجزيرة العربية فإن المطبخ السعودية يتميز بلمسة بدوية بارزة ويعتمد في الطبخ على لحم الضأن والماعز إلى حد كبير بالإضافة لدخول الأرز بكثرة في الطعام السعودي ولعل الكبسة من أشهر الأكلات والأطعمة التي قدمها المطبخ السعودي ليس في السعودية فحسب بل صدّرها إلى معظم مناطق الوطن العربي وتتكون من اللحم والبهارات والأرز البسمتي والبصل والثوم، ولا يختلف المفطح في المقادير كثيرا غير أنه يضاف إليه المكرونة ويزين بالبيض المسلوق على السطح أما السليق فهو من نفس الفئة تقريبا حيث يتكون من لحم الضأن أو الدجاج بالإضافة إلى الأرز والحليب وصلصة الطماطم والبهارات، وهذه الأكلات تعد أعمدة المطبخ السعودي في رمضان.
اليمن
وأخيرا وليس آخرا حيث لا تنتهي أكلات مطبخ رمضان أبدا نصل إلى اليمن حيث تبرز السلتة اليمنية كواحدة من أشهر الأكلات المائدة الرمضانية حيث تتكون من لحم الضأن المقطع إلى مكعبات متوسطة الحجم فضلا عن مكعبات الطماطم والحلبة والبهارات مع الثوم والكراث والبصل وتقدم السلتة عادة في إناء من الفخار كما جرت العادة، وتختلف الهريسة اليمنية عن حلوى الهريسة في الشام ومصر حيث الهريسة اليمنية تتكون من “هريس” القمح أي مدشوش القمح أو “الجريش” كما يطلق عليه في الشام بالإضافة للحم الماعز مع الفلفل الأسود والقرفة.
تتنوع أشكال وألوان أكلات مطبخ رمضان غير أنه لا يختلف على أن المطبخ الرمضاني في سائر الدول العربية متنوع ومتعدد الأشكال ولا يخفى علينا من خلال ما عرضنا أنه متشابه في جوهره إلى حد كبير لاعتماده على اللحم والأرز ولقد رأينا عدة أشكال للأرز بالبهارات مع لحم الضأن في عدة دول بالإضافة إلى الحلويات، مما يعني أن المطبخ العربي قدر احتفاظه بأصالته إلا أنه متطور ومتفاعل أيضًا.
أضف تعليق