تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » الشخصية » أضرار المسئولية المفرطة : كيف تكون المسئولية مضرة أحياناً ؟

أضرار المسئولية المفرطة : كيف تكون المسئولية مضرة أحياناً ؟

بكل تأكيد، لدى كل شخص مسؤوليات متعددة عليه أن يقوم بها، بعض هذه المسؤوليات بسيط لكن الآخر قد يكون مفرطًا، تعرف على أضرار المسئولية المفرطة هنا.

أضرار المسئولية المفرطة

أضرار المسئولية المفرطة للأسف هي أضرار قد لا يراها الكثيرون وقد تصل في بعض الأحيان لا قدر الله إلى الوفاة ولا أريد أن أكون صادم أو تشاؤمي، ولكن الحقيقة أن هناك أشخاص كثر لا يعرفون أضرار المسئولية المفرطة في الحياة العادية ويتعاملون طبيعي ولا يعلمون أن من كثرة الضغط الذي يقع عليهم مراراً وتكراراً يجعل منهم أشخاص مستعبدين لأشياء وأشغال قد تحرمهم من حياتهم، ويمر بهم الوقت وهم لم يعيشوا جزء من حياتهم كما يودون. وأنا أعلم جيداً أن الأمر أحيانا يكون خارج عن السيطرة وأن السبب الرئيسي وراء المسئوليات المفرطة يكون الفقر المدقع والافتقار إلى الاحتياجات اليومية البسيطة حيث يكون مصير مجموعة من الناس “الأسرة” على عاتق فرد واحد وهو الأب وأحياناً الأم وهنا يكون الأمر أصعب جداً، ونجد هذا كثيراً في هذه الأيام في الأسر البسيطة حين يموت عائلها وراجلها ويترك خلفه امرأة وثلاث أطفال مثلاً، فتخيل الوضع عزيزي القارئ هنا المسئوليات قد تتسبب أحياناً في مشاكل جمة سنذكرها. لذلك إن كنت غير مضطر على فعل شيء فمن فضلك لا تفعله واشتري حياتك وزمنك ووقتك لأجل شيء مفيد لأن هناك أشخاص غيرك المسئوليات ليست بالنسبة لهم مجرد اختيار بل هي أمر واقع إن لم يفعلوها فالأمر يعني أن مستقبل بعض الأشخاص سوف يتدمر.

اعرف أضرار المسئولية المفرطة

الاستنفاذ

وهو أول عرض من مرض أضرار المسئولية المفرطة والاستنفاذ عبارة عن شخص يبدأ في فقدان الطاقة العاطفية والنفسية التي تدفعه لفعل الأشياء، وربما هذا الكلام معقد شيئاً ما لذلك سنبسط لك عزيزي القارئ هذا الكلام بأمثلة بسيطة جداً وعملية جداً قد تحدث في يومك وحياتك وأنت لا تعلم هذا، ومن ضمن الأمثلة البسيطة: أنك تجد أحد اللذين يتحملون الكثير من المسئولية ومعتادين على فعل الأشياء على المدار اليومي والزمن الطويل، يحدث تغير مفاجئ مرة واحدة في حياتهم وأصبحوا غير قادرين على تأدية المهام وعندما تتكلم معه لا يتكلم معك بجدية ويأخذ الأمر على محمل اللامبالاة، ومن ثم تتفكر في داخلك كيف حدث هذا لهذا الشخص الذي كان لا ينقطع عن فعل الأشياء بالتزام رهيب، ولكن الإجابة هي أن هذا هو أول ضرر من أضرار المسئولية المفرطة. حيث استنفذ الرجل داخلياً مع كثرة الإرهاق والتعب وعدم الراحة فتجده فجأة قال لنفسه “وما فائدة ما أفعله!” والحقيقة أن ما يفعله له أهمية كبرى، ولكنه لأنه مستنفذ فصار يقلل من أهمية مسئولياته لئلا يشعر بالذنب وهذا طبيعي، فهناك مثل مشهور يقول “القشة التي قصمت ظهر البعير.” فهذا ما يحدث، الضغط النفسي جراء المسئوليات يتراكم ويتراكم حد أنه يصل إلى الذروة وتفرغ البطارية العاطفية الداخلية للإنسان فيصير شخص مستنفذ عاطفياً لا يريد فعل شيء وليس لديه الرغبة في فعل شيء.

الإرهاق النفسي

وهذا من أكثر أضرار المسئولية المفرطة شيوعاً وهو يترتب بشكل أساسي على الاستنفاذ العاطفي، حيث تجد أن الشخص من كثرة العمل لا يشعر أنه كما يرام ويفكر دائماً أنه لا يستمتع بحياته، وهنا لا أتكلم عن الذين يفعلون شيئاً يحبونه بل أتكلم عن المسئوليات المفرطة حيث لا يكون لك مجال لنفسك حتى تراعيها أو تأكل أو تشرب بل كل ما تفعله لغرض شيء أخر غيرك أنت، وهذا قاتل للأعصاب ويجعل الحزن والاكتئاب ضيف ثقيل مستمر وهذا الأمر يسيء النفسية أكثر. فتجد أن الشخص تحول إلى رجل مرهق نفسياً طوال الوقت ممتعض يرى دائماً الآخرين أفضل منه حالاً ولا يتعاطف مع أي شخص لأنه يرى همومه أكثر ثقل من هموم البشر جميعاً، لذلك التواصل البشري الخاص بمثل هؤلاء الناس يكون ضعيف وصعب وغالباً جارح لأنهم لا يراعون أحد من كثرة الهم والإرهاق النفسي والذي يكون سببه أحيانا الإرهاق الجسدي. وهنا تكون النقطة الفاصلة حيث الجسد والنفس معاً عندما يكونان في حالة سيئة يبدأ الانهيار العصبي في الولوج على حياة الشخص، عن طريق العصبية المفرطة وعدم احتمال سماع الأصوات العالية والرغبة في الانتقام بصورة كبيرة، وهذا من ضمن أضرار المسئولية المفرطة حيث يكون المرء قد وصل لمرحلة اللا عودة من النفسية المدمرة والروح المكسورة التي تجرح كل من يقترب منها.

اليأس والاستسلام

مثل هؤلاء عزيزي القارئ الذين يقعون تحت ضغوط مسئوليات تستطيع أن تسبب انهيار عصبي يصلون غالباً إلى قناعة أخيرة غريبة ولكنها في هذا الوقت من حياتهم تكون منطقية وهي “الانسحاب من كل شيء” حيث يرى الشخص أنه يعمل هذا وذاك ولا سبيل غيره لتحقيق العيش لهذه الأسرة مثلاً، ليكون في النهاية اليأس والاستسلام هو الرد الوحيد على هذه الضغوط ولكن هل هذا صحيح؟!، في الحقيقة جزء من هذا صحيح وجزء منه خاطئ ولتوضيح الفكرة رجاء ركز معي لأهمية الفكرة، عندما تزداد عليك الضغوط بشكل سلبي وترى بعينك أضرار المسئولية المفرطة تتسرب إلى حياتك إذاً فعليك أن تأخذ وقفة في حياتك حتى تستطيع أن تكمل، وهذه الوقفة تتمثل في التخلي عن بعض المسئوليات ولا أسميها يأس أو استسلام ولكن الموضوع يصبح خاص بالأولويات. فمهما كان أنت إنسان واحد واستحاله أن تفعل كل الأشياء وحدك، لذلك يجب عليك أن تتخلى عن بعض الأشياء التي قد تمنعك عن فعل الشيء الأساسي الهام جداً في حياتك. ومن هنا يصبح الموضوع له وجهان حيث عندما تتخلى عن بعض الأشياء ستستطيع أن تكمل الهام ولكنك ستشعر أنك مقصر في الأمور الأخرى التي اعتدت أن تفعلها وكانت بمثابة ضغط رهيب عليك، لذلك عندما تتخلى عن شيء فرعي رجاء لا تفكر فيه كثيراً وركز على الأهم حتى لا تجد نفسك في الأخير تنسحب من المسئوليات كلها مرة واحدة وتصل لمرحلة من السلبية لم تكن تتوقعها لنفسك حيث أضرار المسئولية المفرطة تكون قد تمكنت منك وكرهتك في كل شيء يخص المسئولية. ونرى هذا كثيراً في مجتمعنا العربي خصوصاً عندما نستمع أن هناك شخص انتحر لأنه لا يعلم من أين يأتي بالأكل لأطفاله وهو يعمل طوال اليوم فييأس ويهرب من الحياة كلها ليتخلص من الشعور بالذنب.

التحرر المتطرف

وهذا من ضمن لعنات أضرار المسئولية المفرطة وسأقول لك غالباً لمن يحدث، فذلك النوع من الأضرار يحدث غالباً لهؤلاء الذين يعيشون فترات عمرية من المفروض بها أن تكون جامحة ولكنهم يقضونها في العمل أو تحمل مسئولية ثقيلة لا تناسب عمرهم تماماً، فيحدث أن يصير هؤلاء الناس تحت الضغط الزائد ومع الحاجات النفسية التي تأتي تباعاً لعمرهم مثل سن المراهقة مثلاً فيكون الوضع متأزماً جداً نفسياً بالنسبة لمثل هؤلاء، فيصيرون ناقمون على الحياة بصورة قاسية ولهم العذر في الحقيقة، حيث أن حربهم النفسية والضغوط الناتجة من المسئولية كفيلة جداً أن تجعل منهم أشخاص لا يشعرون بوجودهم. فيبدأ هذا السن في التمرد تدريجياً على كل شيء وعلى العمل وعلى المسئولية ناسياً أي أحد وقد يكون هذا بالنسبة لك عزيزي نوعاً من الأنانية ولكن في الحقيقة إن كنت مكانه كنت ستشعر مثله لأن حربه داخلية وخارجية، حيث ليس لديه أي شيء يردعه سوى الله فتجد الفتى يذهب نحو الممنوعات والمخدرات قائلاً “سأنسى همومي” وحماس الشباب يجعل تجربة الأشياء سهل جداً، لذلك الإحصائيات تقر أن أكثر الفئات استخداماً للمخدرات هم المعدمين مادياً من الشباب بسبب حالتهم النفسية التي تؤثر عليهم سلباً لدرجة الجنون، فيتجهون للمخدرات لتغيب العقل والنفس ليعيشوا في عالمهم الخاص ومن هنا تصبح أضرار المسئولية المفرطة قاتلة للشباب خصوصاً.

المسئولية المفرطة، أخطاء مفرطة

وهذا طبيعي جداً أن يكون نتيجة منطقية لأضرار المسئولية المفرطة. حيث وبعد كل الذي ذكرناه عن هذه الأضرار من إرهاق ذهني وعصبية مفرطة وتعب جسدي، هل لديك شك أن يكون الإنتاج دقيق أو جيد؟ بالطبع لا، فإنتاج أي شيء ناتج عن نفسية سيئة لابد أن يكون سيئاً، وهل مثلاً لو كان العمل قائماً على التعامل البشري، فالتعامل البشري سيكون طبيعي؟ بالطبع أيضاً لا، لأن الشخص حينها سيكون عبارة عن بالون مزود بالهواء لحد أخره لينتج في الأخر نفسية مشدودة وأعصاب مشدودة فتجد الأخطاء كثيرة وتجد الجزاء اليومي يتبع الشخص أينما ذهب وهذا في حد ذاته يثير الأعصاب زيادة، فينفجر البالون ويخلف ضرراً كبيراً أي كانت المسئولية. لذلك عزيزي لا تفرح حينما يضع أحدهم عليك مسئولية ويقول لك افعلها لتشعر أنت بأهمية ذاتك وتفاجأ مع الوقت أن الإرهاق الذي تسببه لك هذه المسئولية غير طبيعي ويجعلك تخطئ في أشياء كثيرة. لذلك في العمل تعلم دائماً أن تعمل ما يخصك فقط وحاول جاهداً ألا تضع على نفسك مسئوليات كبيرة فوق طاقتك بل افهم نفسيتك وطاقتك واعمل على أن تكون مسئولياتك معادلة لقدرتك على العمل.

المسئولية والتقصير المجتمعي

ربما عزيزي لا تعرف قيمة هذا الضرر من ضمن أضرار المسئولية المفرطة ولكن هذا هو الأخطر على الإطلاق، من حيث لا يقتصر تأثيره عليك وحدك بل يخص تأثيره على المحيطين بك من أسرتك وأولادك وأبوك وأمك وكل من يحيطون بك. وكمثال توضيحي على ذلك هناك نوع من الأشخاص الذي يحب أن يكون عليه ضغط كبير في المسئوليات ليضيع فيه يومه فيكون له ذلك، ليأتي في الأخير مرهق راجعاً إلى منزله، فهل سيكون له طاقة أن يلاعب أطفاله؟ بالطبع لا، بل سيذهب إلى الفراش دون فصال، ليرتاح ثم يعود لنفس العمل ثاني يوم وفي النهاية يجد أن أولاده يمتلكون عشر سنوات وهو لا يعلم عنهم أي شيء، ويجد أن زوجته لا تعني له سوى أنها فرد يعيش معه ولا تتفكر أن هذا مبالغة بل هذا عزيزي القارئ من ضمن أعلى طلبات الطلاق في المحاكم وهي أن الزوجين لا يجدون الوقت الكافي ليتحدثوا سوياً، فينتج بينهم شيء اسمه “الغربة الداخلية” حيث أنهم ينامون بجانب بعض ولكنهم يشعرون أنهم غريبون عن بعض، وهكذا تكون أضرار المسئولية المفرطة تسبب مشكلة اجتماعية كبيرة إن انتشرت بين الناس.

في النهاية عزيزي القارئ يجب عليك أن تعلم أن الموضوع أحياناً قد يصل إلى صحتك ونسمع كثيراً أن هناك أشخاص أتتهم ذبحة صدرية أو جلطة في المخ بسبب الإرهاق النفسي الزائد الذي يعانوه من شيء ما. لذلك كما قلت سابقاً اشتري نفسك كلما استطعت إذا وجدت أن أضرار المسئوليات المفرطة تبلعك، وحاول قدر الإمكان أن ترتب أولوياتك في المسئوليات لتعرف ما المهم وما هو الغير مهم الذي من الممكن أن تستغني عن فعله أو التفكير فيه، لتجد لنفسك حيز من الراحة بعيداً عن الضغط الناتج من التفكير في الأشياء المسئول عنها لأنه أحياناً التفكير في المسئوليات يكون أصعب من تنفيذ المسئولية نفسها.

سلفيا بشرى

طالبة بكلية الصيدلة في السنة الرابعة، أحب كتابة المقالات خاصة التي تحتوي علي مادة علمية أو اجتماعية.

أضف تعليق

واحد + 7 =