أسباب التدخين كثيرة ومتعددة، فكثيرًا ما يبدأ معظم الأشخاص بالتدخين عندما يكونون في سن المراهقة، ويدمنون في الوقت الذي يصلون فيه إلى مرحلة البلوغ، وقد حاول البعض الإقلاع عن التدخين ولكن عادوا إلى السجائر مرة أخرى باعتبارهم قد وصلوا إلى مرحلة من مراحل الإدمان القوي، حيث يلجأ البعض إلى التدخين نتيجة تكاثر وتنامي ضغوط الحياة بشكل مستمر ومكثف وهو ما يحاول من خلاله المدخن تفريغ الشحنات الموجودة بداخله، وقد أدت استراتيجية الوقاية من تدخين السجائر إلى العديد من الدراسات التي تحاول التعرف على عوامل التنبؤ أو عوامل الخطر التي تدفع الناس إلى التدخين، ومن خلال إجمالي الدراسات فهناك نتائج أن الأطفال والمراهقين يشكلون غالبية المدخنين الجدد، وحاولت الدراسات الانتهاء إلى مجموعة من العوامل التي تبرز أسباب لجوء الشباب إلى التدخين، وبالفعل تم التوصل إلى كثير منها والتي سنطرح جزء منها هنا، خاصة بعدما تبين من خلال حملة أطفال بلا تبغ في الولايات المتحدة الأمريكية أن هناك 400 حالة وفاة سنويًا بأمريكا بسبب التدخين، نتيجة الإقبال المتزايد من الشباب على التدخين بداعي أن ذلك يجعلهم أكثر نضوجًا.
ما هي أسباب التدخين ؟
تقليد الأبناء لآبائهم والأوصياء الذين يدخنون
إذا كنت الوالد أو الوصي أو قريب أحد المراهقين وكنت تدخن، قد يكون من السهل على أبنائك في سن المراهقة أن يبدؤوا في التدخين في سن مبكر، فكلما كان الأب يدخن بصورة كثيفة كان ذلك أحد محفزات الأبناء على الاتجاه للتدخين، باعتبار أن الأب هو الشخص الأكثر تأثيرًا في حياتهم، فالأطفال ينظرون إلى آبائهم ويتطلعون إليهم لمعرفة كل ما هو إيجابي وطبيعي وما هو سلبي وضار، وبالتالي سيكون الطبيعي بالنسبة لهم أن يقتنعوا بالتدخين ويبدؤون في الإندماج في هذه العادة بشكل ملفت، ويقتنعون بما يردده بعض الآباء بأن التدخين يساعد البالغين على الحد من التوتر، والاسترخاء، والبقاء مستيقظا، بالإضافة إلى نمذجة التدخين كسلوك طبيعي، فالعديد من المدخنين الحاليين لا يناقشون مخاطر التدخين مع المراهقين من أبنائهم؛ لذا لابد أن يجرب الآباء التحدث مع أبنائهم حول التدخين، بحيث يبدأ الأب في التحدث مع أطفاله عن عادات التدخين، وأخطار التدخين، وسؤالهم عما يفكرون في التدخين، وما سمعوه من أصدقائهم، وإذا كانوا يعتقدون أنه على ما يرام، فلابد من اقتناعهم أنها ليست طبيعية أو مريحة.
صداقة الشباب الذين يدخنون في سن المراهقة
وفقًا للعديد من الدراسات التي أقيمت الفترة الماضية حول التدخين في سن المراهقة، فقد وجد أن هناك ما يقرب من 9 أشخاص من كل 10 مدخنين بدؤوا التدخين قبل سن 18 عامًا، و 99% بدؤوا في سن 26، فالمراهقين في سن الدراسة الثانوية نجدهم كثيرًا ما يرتبطون وتجمعهم تصرفات متشابهة بدرجة كبيرة ويحاولون دائمًا تقليد بعضهم البعض وهو ما يجعل هناك شرائح عديد من الشباب يتجهون للتدخين في مرحلة عمرية مبكرة، فالصداقات التي تنشأ بين الأفراد في سن المراهقة بعيدًا عن سيطرة الأسرة تجعل استخدام التبغ هو واحد من الخيارات العديدة التي سيقوم بها الطالب خلال هذه السنوات التكوينية، لذ يبقى العامل المحدد في كل ذلك هو ما إذا كان الشباب سيستجيبون لضغط الأقران الذين يدخنون أم لا؟.
إظهار الاستقلال أو التحدي
من أسباب التدخين محاولة إظهار الاستقلال، حيث يمر معظم المراهقين بفترة من الزمن حتى يمارسون حريتهم الشخصية، ويظهرون أنهم قادرون على اتخاذ قرارات الكبار ويكونون مسؤولين عن خياراتهم الخاصة، هذه عملية صحية وطبيعية لجميع الشباب، ومع ذلك، إذا كانوا يتعرضون بشكل متزايد لاتخاذ قرارات الكبار، فإنها يمكن أن تصبح تحديا، والتحدي غالبًا ما يكون عاملًا محفزًا للمراهقين لبدء التدخين، خاصة إذا كانوا يعتقدون أن والديهم سيكونان غاضبين معهم، لذا فمصادقة الأبناء والتحدث معهم بقدر كبير من الهدوء حول أضرار التدخين وخطورته في المستقبل على صحتهم يعد أحد أهم وأبرز العوامل الواجب توافرها على مستوى التعامل السري بين الأبناء والآباء، وعدم ترك الشباب للدخول في تحدي كبير مع أنفسهم وبالتالي احتمالية دخولهم إلى عالم التدخين، خاصة وأن كثير من الأشخاص يعتبرون التدخين هو جزء من قوة شخصية الفرد في المجتمع وأنه قادر على فرضه شخصيته بين الأفراد المحيطين به لاعتقاده أنه أصبح ناضجًا بدرجة كبيرة.
المواقف الأسرية والمشاكل الشخصية
بالنسبة للأشخاص البالغين والذين يدخنون بشكل مكثف، فقد يكون لديهم الكثير من الضغوط بسبب المشاكل الاقتصادية والشخصية، وقد يكونوا عاطلين عن العمل أو يعملون ولكنهم لا يملكون ما يكفي من المال لرعاية أنفسهم وأسرهم، وقد يكونوا بلا مأوى، وقد يكون البعض في زيجات سيئة أو العلاقات التي يوجد فيها الإساءة البدنية واللفظية، لذا فإن كل هؤلاء الأشخاص قد يدخنون ليشعروا بالاسترخاء أو لمنحهم الطاقة، وبالتالي يسهل عليهم التعامل مع التدخين والإدمان سواء الكحول أو الكوكايين أو الهيروين، وبالنسبة للتأثير الأسري أيضًا فغالبا ما يكون لدى الشباب الذين يبدؤون التدخين في سن المراهقة؛ أشقاء أو آباء أو أجداد أو أحد أفراد الأسرة يدخنون بكثافة، وبالتالي فكلما كان أحد أفراد الأسرة يعتاد التدخين كلما زاد ذلك من درجة توجه الشباب في سن المراهقة بهذه الأسرة إلى التدخين.
أسباب التدخين الأخرى
من بين الأسباب التي تزيد بدرجة كبيرة من لجوء بعض الأشخاص للتدخين هي إعلانات التبغ التي يتم إذاعتها في كثير من المحطات الإعلامية، حيث نجد هذه الرسائل موجهة اليوم نحو المراهقين في البرامج التلفزيونية، خاصة بعد أن ولت أيام الإعلانات التجارية للتبغ وآلات بيع السجائر والإعلانات المطبوعة، ولكن آثار الرسائل والمستهدفات الخاصة بالتبغ لا تزال هي نفسها، فالطريقة الأكثر فاعلية لمكافحة مخاطر ما تبثه وسائل الإعلام بشأن التدخين هو أن تقول وتذكر أبنائك بانتظام إجمالي المخاطر والأضرار الناجمة عن التدخين، وأن تحد من كمية وسائل الإعلام التي يتفاعلون معها والتي تظهر التدخين في ضوء إيجابي.
التدخين لفقدان الوزن يعد أحد برز أسباب لجوء عدد من الأفراد للتدخين، خاصة الأشخاص الذين لديهم قلق مستمر بشأن وزنهم، وبالتالي فإنهم يتمسكون بكافة الأسباب سواء الإيجابية أو السلبية للتخلص من وزنهم الزائد.
توافر التبغ بشكل كبير، فبالرغم من أنه من غير القانوني بيع منتجات التبغ للقاصرين إلا أن غالبية الدول يدخن بها القصر، فالسجائر أصبحت متاحة بشكل كبير للشباب، وفي الواقع، كلما زاد عدد المدخنين الذين يدخنون حول الأطفال، كلما ازداد عدد الأطفال الذين يتاح لهم فرصة التعامل مع السجائر منذ سن مبكرة، لذلك كثيرًا ما نجد أن هناك بعض الأشخاص يبدؤون في التدخين بسبب توافر السجائر بشكل كبير حولهم وزيادة أعداد المدخنين أيضًا بجانبهم.
هناك بعض الأشخاص يكون لديهم مبرر دائم للتدخين وهو أن التدخين بشكل كثيف خلال وقت قصير يخفف إلى حد ما من درجة الإجهاد، وبالتالي يبدأ بعض الناس في استخدام التبغ لاعتقادهم أنه يساعدهم على التعامل مع المشاكل الشخصية أو الملل.
على مدار الفترات الطويلة الماضية تزايد بشكل ملفت إجمالي عدد الأشخاص الذين يدخنون خاصة في المراحل العمرية الصغيرة، وهو ما يرتبط بشكل مباشر بتكاليف اجتماعية هائلة في مجال الرعاية الصحية، وبالتالي فإن مكافحة أسباب التدخين والقضاء عليها من المجتمع تسهم بدرجة كبيرة في منع وقوع ضحايا جدد للتدخين خاصة من الشباب المراهقين.
أضف تعليق