تسعة
الرئيسية » عمل ومهارات » كيف تساعد عادات الأغنياء الغريبة في زيادة ثرواتهم؟

كيف تساعد عادات الأغنياء الغريبة في زيادة ثرواتهم؟

تعتبر عادات الأغنياء غريبة وبعضها مثير للحيرة، إلا إنها تساعدنا على فهم أعمق لكيفية تفكير أغنياء العالم الحقيقين، فما هي، وكيف تكون واحداً منهم؟

عادات الأغنياء

على النقيض من أي تصور، عادات الأغنياء الغريبة تزيد من ثورتهم لأنها تنم عن فلسفة التعامل مع النقود بطريقة مختلفة. فالعالم اليوم تعدى مراحل الجنون في التضخم الاقتصادي، ورغبة الجميع بامتلاك مظاهر الثروة والغنى ولو كانت كاذبة. والبنوك توفر عدة قروض في كل أنحاء العالم، مما يجعل العديد من متوسطي الحال يبدون كالأغنياء في يوم وليلة. ومظاهر الترف تلك تتناقض بشكل عجيب مع عادات الأغنياء الحقيقين كما سنرى. وأتحدث هنا عن أغنياء العالم الفعلين والغير معلن عن ثروتهم الضخمة. والأغنياء الذين يسكنون بجوارنا ولا نلاحظ عليهم الغنى أبدًا. لذلك لابد من تعلم فلسفة عادات الأغنياء حتى تصبح واحد منهم عن حق.

كيف يعيش الأغنياء خارج الوطن العربي

دعنا في البداية نتفق أننا لا نعرف الكثير عن أغنياء العالم. لأننا ننظر فقط إلى أغنياء العرب بأموالهم الطائلة وممتلكاتهم العجيبة. ولكن مع الأسف، لا يجاري أغلب أغنياء العرب أغنياء العالم. مما يجعلك تتأكد في اختلاف طريقة التفكير والحياة مع عادات الأغنياء بالعالم. ونحن نأخذ أغنياء العالم كنموذج لأنهم الأكثر والأغنى والأقرب إلى الاستمرار في الغنى. وسترى بنفسك أن الأثرياء عن حق لا يعيشون ترف أغنياء العرب. فهم يفضلون التمتع بالحياة عن الممتلكات. ويتعاملون مع النقود بشكل مختلف لأنها جاءت عن كّد وعمل لا عن طريق الوراثة. فهم يفرقون بين أهمية القيمة المالية للمتعة والاستثمار الصحيح، والقيمة المالية للممتلكات الفانية. فانظر إلى هؤلاء وتعلم منهم.

كيف يفكر الأغنياء

من بعض عادات الأغنياء نكتشف أن تفكيرهم يختلف كليًا عن تفكير مدعين الغنى تجاه الأمور المختصة بالمال. وإليك بعض تلك الأفكار.

لا عيب من شراء الأشياء المستعملة

قد تقرأ العنوان وتقول في نفسك، مستحيل، إلا إنها الدراسات من تثبت ذلك. بالطبع هناك حدود، فالملابس الداخلية والأطعمة والمستلزمات الصحية كلها خارج نطاق التفكير. أما ما هو غير ذلك، فلا يخجل الأغنياء من شراء المستعمل وتخطي الماركات الحديثة. بخلاف مدعين الغنى الذين يرغبون دومًا بالجديد معتقدين أنه الأفضل. على سبيل المثال، حين يفكر الغني في شراء سيارة، لن يبحث عن ماركة أصلية طراز العام، بل سيبحث عن سيارة مستعملة من طراز قديم نسبيًا. فهم يحسبون حساب ذلك الفرق في المصاريف، ويفضلون ادخار المال للاستثمار فيما بعد في شيء أفضل.

يفكر الأغنياء في الاستهلاك الذي ينوب السيارة في السنين الأولى من العمل، إذًا لا داعي من إنفاق المال في شيئًا لن يدوم. وإن قرر الأغنياء شراء سيارة جديدة ستكون نيتهم الاحتفاظ بها إلى عشر سنين على الأقل. لا يتبع تلك القاعدة بعض أبناء الأثرياء. وذلك لأن هؤلاء لم يتم تعليمهم على التفكير مثل الكبار بعد. وينطبق الأمر على ديكورات المنزل وغيرها من الأثاث. إنهم يقدرون قيمة السلعة المستعملة والجيدة.

يشترون العقار لجودته

مبدئيًا، يشتري الأثرياء عقاراتهم بالسيولة النقدية فورًا، ولا يعملون بنظام القسط أو الديون. ولا يفكرون أبدًا في شراء عقار يزيد عن دخلهم السنوي بأكثر من مرتين ونص. أما التفكير الأهم وهو شراءهم للعقار لجودته ومتانته لا لشكله وروعة تصميمه الحديث. من عادات الأغنياء في العالم شراء عقار يعود تاريخيه لوقت مضى. والقليل فقط يشترون عقار جديد أو يحاولون بناء واحد. وينظرون إلى القيمة التاريخية للعقار على دليل عن جودته. وهنا تجد سيكولوجية التفكير في وضع القيمة المالية للجودة لا للمظهر.

من يشتري المباني الفاخرة وعروض التلفاز التي تتخطى الملايين، هم من يمتلكون الغرور والأنانية العالية، ومن لديهم مشاكل مالية يخفونها، ومن سيمتلكون رهونات ضخمة متعبة. تضيع الأموال في العقارات والممتلكات الحديثة البراقة، هي من صفات الفقراء بعد امتلاك بعضًا من المال. والدليل هو الخسارة التي تطيل بمن يكسبون المال في حظ سريع. ليعود بهم الحال إلى الفقر مرة أخرى ولكن مع ندم واحساس بالخسارة.

لا يوجد للتقاعد مكان في عادات الأغنياء

يعتمد أغلب تفكيرنا نحن العاديون، إلى اشتياقنا بتلك اللحظة التي لن نعمل بعدها مجددًا. وهي لحظة التقاعد والاكتفاء بالمعاش. تلك الفكرة خارج نطاق تفكير الأغنياء تمامًا. أغلب أثرياء العالم عاشوا عمرهم في بناء مملكتهم شيئًا فشيئًا. مع الادخار والاستثمار والتفكير الصحيح في قيمة المال. يتعمدون امتلاك أعمالهم الخاصة حتى لو كانت صغيرة ومرهقة في البداية. إنهم من يوظفون أنفسهم، ولن يمضوا حياتهم في جمع المال لأشخاص آخرون ويأخذوا هم القليل (كما نفعل نحن).

امتلاك عمل لنفسك، يجعلك أكثر تحفزًا ونشاطًا وإلهامًا للعمل. التقاعد بالنسبة هو أمر كارثي بمعنى الكلمة. دعونا نواجه الأمر، نحن أداة في يد أصحاب العمل الحقيقي. وفكرة التقاعد بُنيت من الأساس ليحلم بها هؤلاء العمال “المثقفين”، ويتمنون لحظات الراحة قبل لحظات النجاح.

وضع المال في شيء ملموس

يختلف تفكير الأغنياء عن الفقراء في تلك النقطة. فمن عادات الأغنياء شراء الرسومات الثمينة، لو كانوا يحبونها. أو شراء أنتيكة تاريخية عريقة، أو جوهرة لا يوجد منها الكثير. هذه ليست من مظاهر الثراء كما يعتقد البعض، فهم سيستمتعون بهذه الأشياء بالفعل، ولكنهم بالحقيقة يشترونها من أجل قيمته التي تزيد.

من السهل إنفاق مال تراه أمام عينك، ولكن من الصعب بيع قطعة أثرية ثمينة. يفكر الأغنياء أنه من الأفضل أن يمتلكوا المال في صورة ملموسة مثمنة، وليس بشكل نقدي. لأن كمية الشيء الملموس تزيد مع الوقت، والمال النقدي أسرع في الإنفاق. ومن هنا يتوفر الوقت لعقد قرارات أكثر عقلانية في استثمار المال، بدلًا من القرارات اللحظية. وتلك الفكرة هو ما يفتقده الفائزون باليناصيب والحظوظ النقدية، والتي تنفق بسرعة دون استثمار صحيح بتعقل.

الفرق بين الأغنياء والفقراء

نعرض هنا بعد الفروقات المهمة بين عادات الأغنياء التي تزيد من غناهم، وعادات الفقراء التي تبقيهم كما هم. حاول أن تستوعب تلك الأفكار.

يشترون لمدى الحياة

عادة شراء الأرخص لأنه الأفضل هي لمدعين الغنى وليس الأغنياء الحقيقين. فما هو الأفضل، شراء حذاء بمئة دولار يعيش لمدة خمس سنوات في حالة جيدة، أم شراء خمسة أحذية تعيش الواحدة منها عام واحد ب20 دولار للواحد؟ الإجابة التي تلاحظها في عادات الأغنياء هو الاختيار الأول. إنهم يمضون القليل من الوقت في التفكير في الفائدة العائدة من الحذاء، وكيف يمكن استثماره بالشكل المثالي، قبل التفكير في شكله وسعره. كما لن يضيع الغني وقته في الذهاب إلى المتجر خمس مرات. فهو يرى أن القيمة المالية المدفوعة في الشيء يجب أن يتم استردادها بالكامل في الفائدة المردودة.

وهذا هو السبب في شراء الأثرياء لبدلة تزيد عن ألف دولار. قد يكون مبلغ مبالغ فيه بالنسبة لنا. ولكن ستلاحظ أنها تستمر معه لسنين عديدة. بل وسيرغب في إصلاح أيًا ما يطرأ عليها ليستمر في ارتدائها مدى الحياة إن استطاع. وكمثال حقيقي، ارتدى الأمير تشارلز ابن الملكة إليزابيث في حفل زفافه الثاني كاميلا باركر، بدلة بعمر ثلاثين عام. وعلى الرغم من هذا يعد تشارلز من أفضل وأشيك الرجال في عالم الملابس والأزياء.

ينتظرون الصفقة المربحة

في دراسات عديدة، يتم تخير المشاركين في امتلاك مبلغ 5 دولارات في التو واللحظة، أو امتلاك 10 دولار بعد شهر. أغلب المشاركين يختارون ال5 دولارات. إنه جنون لأن ال10 بالتأكيد هو المبلغ الأكبر. ويرجع الاعتقاد بان هذا ينم عن الاحتياج المادي اللحظي. هذا العطب في التفكير لا يوجد في عادات الأغنياء. بل الأغنياء الحقيقين يفضلون الانتظار لشهور أو حتى سنين ليحصلوا على الصفقة الأكثر ربحًا. لن يدفعون المال سوى حين يتأكدوا من تساوي القيمة المالية مع قيمة الفائدة العائدة من الشيء.

بهذا الشكل استطاع الأثرياء تخطي محنة القصاد الاقتصادي في عام 2008. لأنهم لم يضعوا أنفسهم من الأساس تحت رحمة الحلم اللحظي. كما فعل العديد من مدعين الغنى حين اشتروا بيوت لا يمتلكون سعرها ولا تمتلك جودة حقيقة، بقروض البنوك السهلة.

مفهوم الاقتصاد

في تلك النقطة يظهر الفرق الواضح بين مفهوم الاقتصاد عند الأغنياء وعند مدعي الغنى. إنه ليس مفهوم في الاستثمار الاقتصادي، بل إنه مفهوم للحياة بأكملها. “القرش الذي تم ادخاره، هو قرش تم ربحه”، هذا هو المثل الذي يعيش به الأغنياء في حياتهم اليومية. فكلما اقتصدت في إنفاق المبالغ الصغيرة والكبيرة، كلما زاد غناك بسرعة أكبر. الاقتصاد في الإنفاق هو حالة من السعادة الكبيرة للغني، حين يستطيع توفير المال من بعض الأمور الصغيرة.

على سبيل المثال، يمكن للغني الاحتفاظ بأشياء تبدو لا قيمة لها، كأكياس التسوق مثلًا. ولكن الآن عندما يحتاج هذا الغني إلى كيس تسوق، لن يضطر لشراء واحد. كل ما يمكن توفيره سيكون بمثابة زيادة في الثروة. وهذا لا ينم عن بخل، بل عن عقلية استثمارية صحيحة. لنأخذ مثال أخر: الأطعمة الكثيرة التي يتم طبخها في البيت ولا تصل إلى أي معدة، يمكن أن يتم توفيرها بحساب كمية الطعام المطلوبة. أو المشتريات التي في غنى عنها، يمكن توفير أموالها. إن الاقتصاد في المال يمنحك فرصة أكبر لصرفه في شيء أفضل ومهم. فلن تحرم نفسك من الأشياء الأكثر أهمية وقيمة. فلو كان الفرق قرشًا واحدًا بعد الادخار، سيقوم به الأغنياء.

اتباع ميزانية محكمة من عادات الأغنياء

جميع الأغنياء بالعالم يهتمون بعمل ميزانية واتباعها بالشكل الصحيح. اتباع الميزانية أمر ضروري خاصة في هذه الأيام، حيث ترتفع الأسعار بشكل جنوني ويحتاج المرء أن يكون متأهبًا. يمكننا القول إن الوقت الذي تمضيه الغني مع زوجته (لأنهم يميلون للزواج بمن يفكر مثلهم) أو بمفرده في تحضير الميزانية الشهرية أو السنوية، هو الوقت المستقطع من الزمن الذي يحتاجه للوصول إلى الثراء.

اجلس ساعات في بداية الشهر لتحسب الميزانية المطلوبة في الأمور الأساسية. وكن أمينًا وصادقًا وصارمًا في حساب الأساسيات مهما كانت صغيرة. ثم اطرح المتبقي لتعرف كم من المال ستملك للحاجيات الغير أساسية. وكم من المال تريد أن تدخر لأمر هام أو موقف طارئ. اشتراك الزوجة والأولاد الكبار سيكون أمر مفيد جدًا، وتعليمي لكل أفراد العائلة. الميزانية تتواجد في كل شيء، وليس العمل فقط. والأهم هو الالتزام بها بقدر المستطاع. المال الغير محسوب هو مال مهدور، وهذه عادة الفقراء.

خاتمة

ليس من العيب أن ترغب في الثراء، ولكن العيب حين تفكر مثل الفقراء وترغب في الغنى السريع. أود أن أرشح لك كتاب “The Millionaire Next Door: The Surprising Secrets of America’s Wealthy”. إنه واحد من أفضل الكتب الحديثة التي تتأمل في عادات الأغنياء بدراسات مؤكدة، لتتعلم سر غناهم وثروتهم. وقد ذكرنا العديد من الأفكار المأخوذة من هذا الكتاب، ولكن ليست كلها لكثرة الأفكار وتحليلات الدراسات.

أيمن سليمان

كاتب وروائي، يعشق منهج التجريب في الكتابة الروائية، فاز ببعض الجوائز المحلية في القصة القصيرة، له ثلاث كتب منشورة، هُم "ألم النبي (رواية)، وإنها أنثى ولا تقتل (رواية)، والكلاب لا تموت (مجموعة قصص)".

أضف تعليق

تسعة عشر − ثمانية عشر =