تسعة
الرئيسية » دين » كيف تؤدي صلاة الاستسقاء ؟ وما هي الحالات التي تؤدى فيها؟

كيف تؤدي صلاة الاستسقاء ؟ وما هي الحالات التي تؤدى فيها؟

هناك العديد من الصلوات التي سمعنا عنها، إلا أننا لا نعرف كيفيتها، أو أهميتها، و صلاة الاستسقاء واحدة من تلك الصلوات، لذا في هذا المقال سنتعرف عليها أكثر.

صلاة الاستسقاء

صلاة الاستسقاء من الصلوات التي من النادر أن تسمع عنها، كالكثير من الصلوات التي لا نعرف ماهيتها، أو كيف تؤدى، وهذا للعديد من الأسباب التي سيكون جهلنا بالدين أولها، أو لعدم وجود الظروف التي تستدعي تلك الصلوات، و صلاة الاستسقاء واحدة من تلك الصلوات، فهي تستدعي وقتًا معينًا، وبكيفية معينة، فسبحان الذي جعل لنا في كل وقتٍ صلاة، وفي كل حاجةٍ صلاة! ونحن في هذا المقال سنتكلم عن صلاة الاستسقاء ، لنعرف كيف تؤدى، ومتى تؤدى.

ما هي الصلاة لغة، واصطلاحًا؟

تأتي الصلاة في اللغة: بمعنى الدعاء، وسميت بذلك لأنها تكون بمثابة الصلة بين العبد وربه، حيث يناجي الله، ويدعوه، متضرعًا، ذليلًا، مُفتقرًا لرحمته–عز وجل-، أما في الاصطلاح، فهي الصلاة المعروفة، المفروضة من الله –تعالى- على عباده، والتي تبدأ بالتكبير، وتختتم بالتسليم، وتتكون من القيام، والركوع، والسجود، والجلوس، وتُقرأ سورة الفاتحة في كل ركعة، وما تيسر من القرآن الكريم، مع التسبيح، والتحميد، وهناك الصلوات المفروضة، وهي خمس صلوات: الفجر، والظهر، والعصر، والمغرب والعشاء. وهناك صلاة النافلة، أو التطوع، وهي أي صلاة تخرج عن الصلوات الخمس، فمثلًا توجد الصلوات التي تكون مصاحبة للصلوات الخمس، وهناك صلوات أخرى غير المفروضة، مثل: صلاة الجمعة، والعيدين، وهناك صلوات عند الحاجة، مثل: صلاة الاستخارة، وصلاة الحاجة، و صلاة الاستسقاء ، وصلاة الجنازة، وغيرها من الصلوات، ولكل صلاةٍ كيفيتها، ووقتها المخصص لها.

ما معنى الاستسقاء في اللغة؟

الاستسقاء هو اسم مصدر، من الفعل “استسقى” في الماضي، وفي المضارع “يستسقي”، وفي الأمر “استسق”، ومفعوله “مُستسق”، وهذا المصطلح قد يُراد به: طلب السقيا، أو المطر، وقت الجفاف، ومنه صلاة الاستسقاء ، وقد يُراد به معنى في الطب، وهو عبارة عن مرض، ويكون هذا المرض تجمع كبير لسائل في تجويف البطن، أو أنسجة وتجاويف مختلفة، أو هو تجمع الماء الموجود في الدم من الأوردة إلى البطن، وهذا يسمى “بالاستسقاء البطني”، وهناك “الاستسقاء الدماغي”، وهو مرض خِلقى في أغلب الحالات، وفيه يحدث تضخم للجمجمة، مما يؤدي إلى حدوث ضغط على الدماغ، وهدم للأعصاب، وهذا بسبب تجمع السائل في الدماغ. ولكن ما نتحدث عنه هنا هو الاستسقاء بمعنى طلب السقيا، وهذا الطلب يكون من الله عن طريق صلاة الاستسقاء .

أنواع الاستسقاء “طلب السُقيا”

يأتي طلب السُقيا من الله في عدة أوجه، ومنها صلاة الاستسقاء ، وهي التقرب إلى الله بصلاة لطلب الماء، وهي الأفضل بالطبع، وأيضًا قد تأتي على هيئة الدعاء في خطبة الجمعة، أو بالدعاء فقط من غير صلاةٍ أو خطبة، وهناك طلب السقيا بالاستغفار.

ما هي صلاة الاستسقاء ؟

هي عبارة عن صلاة نافلة، ولها كيفية مخصوصة، يتم فيها الدعاء لله، والاستغفار، طلبًا للماء عند وجود جفاف، أو جدب وقحط، بسبب انقطاع الأمطار في مكانٍ معين، وتؤدى صلاة الاستسقاء كغيرها من الصلوات في المسجد، إلا أن صلاتها في العراء، أو الخلاء أفضل، وهكذا تتشابه هي وصلاة العيدين.

أحكام صلاة الاستسقاء

صلاة الاستسقاء مثل صلاة العيدين في أكثر من وجه، تتشابه معها في الحكم، في كونها سنة مؤكدة، وفي عدد الركعات، وفي أنها جهرية، وصلاتها في الخلاء أفضل، خاصةً خارج الحدود السكنية، أي خارج المدن، والعمران، وهذا الفعل بالطبع اقتداءً برسول الله –صلى الله عليه وسلم-، وبالطبع فإنها تصلي في جماعة مع الإمام، كما أنها تُصلى أكثر من مرة حتى يهطل المطر. كما أن خطبة صلاة الاستسقاء ، اختلف الفقهاء في وقتها، فمنهم من قدمها على الصلاة، ومنهم من أخرها، ومنهم من أجاز الأمران من شأن تقديمها، أو تأخيرها.

وقتها

تصلى صلاة الاستسقاء وقت انقطاع المطر، في أي وقتٍ في اليوم، عدا الأوقات التي نهى الله عن صلاة التطوع فيها، وهي خمسة أوقات، من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ومن طلوع الشمس حتى ترتفع، وعند قيام الشمس في الظهيرة حتى زوال الشمس، ومن صلاة العصر إلى غروب الشمس، ومن شروع الشمس حتى غروبها، وهذا فيما يخص صلاة النافلة بالطبع.

آداب صلاة الاستسقاء

هناك آداب خاصة بـ صلاة الاستسقاء ، مثل أن يقوم الإمام بتذكير المصلين بالتوبة، والاستغفار عن المعصية، وأن يعمل على تليين قلوبهم، وأن يردوا الحقوق إلى أصحابها، فما انحباس المطر إلا عقوبة من الله، كما  أنه يجب عليهم أن يتوجهوا إلى مكان الصلاة في خشوع، وخضوع، وتضرع إلى الله.

صلاة الاستسقاء ، مشروعيتها، وفوائدها

إن الله –عز وجل-  يبتلي عباده من المؤمنين، والكافرين، حتى يذكرهم بحاجتهم الدائمة إليه، وهذا الأمر يحملهم على التضرع الدائم، والدعاء إلى الله، ومن الجميل أن هذا الأمر يكون مُصاحبًا لتوبة وندم منهم على ذنوب كانت في الأصل سببًا في البلاء،  ومن أنوع الابتلاءات التي قد تُصيب العباد، الفقر، والقحط، والجدب، على الرغم من قدرة الله على كفاية عباده شر الفقر، والحاجة، إلا أنه يُصيبهم ليتذكروا دائمًا حاجتهم إليه، وهذا ما جُبل عليه الإنسان من طبعٍ، فهو كثير النسيان، بحاجة إلى من يذكره دائمًا، فعند حصول البلاء، يتضرع الإنسان إلى الله –سبحانه وتعالى- طلبًا للفرج، ولا يحصل الأمر إلا مع قلب ذليل إلى الله، فمتى توجه العبد إلى الله بهذا الخضوع، وهذه التوبة، طلبًا للرزق، والمعونة، فحاشا لله أن يرده خاويًا، خائبًا على عقبيه، بينما التمادي في معصية الله، لا يورث للعبد إلا غضب الله عليه، وهذا الغضب –والعياذُ بالله- أساس الفقر، والكرب، فلا تُجاب دعوتهم، ومطالبهم، حتى يقيموا حق الله في كل شيء، ولهذا شُرعت صلاة الاستسقاء .

صلاة الاستسقاء في عهد النبي –صلى الله عليه وسلم-

حدثت صلاة الاستسقاء في عهد رسول الله –صلى الله عليه وسلم- حين شكا الناس غياب المطر، فقام رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فخرج بأصحابه متوجهًا إلى البقيع، فصلى صلاة الاستسقاء ، ودعا الله –سبحانه وتعالى-، فما لبث حتى رجعوا، ونزل المطر، كما أنه دعا الله في خطبة الجمعة، فاستجاب الله دعوة نبيه، وهطل المطر، لمدة أسبوع.

صلاة الاستسقاء ، وكيفيتها

تبدأ صلاة الاستسقاء بأن يتجمع الناس، ويكون هذا بأن يُنادى للصلاة، ليس بالأذان المعروف، ولكن بقول المنادي “الصلاة جامعة” ويقم بتكرارها حتى يتجمع الناس للصلاة حوله في مكان الصلاة إن كان المسجد، أو الخلاء، وكما ذكرنا فإن تلك الصلاة تشبه صلاة العيدين، حيث يصلي الإمام بالمصلين، فيبدأ الركعة الأولى بتكبيرة الإحرام، ثم يتبع تلك التكبيرة بسبع تكبيرات، ثم يقرأ سورة الفاتحة، وبعدها يقرأ سورة الأعلى، ثم يستكمل صلاته كما يصلي عادة، بأن يركع، ثم يسجد، وبعدها يقوم للركعة الثانية، والتي يقوم فيها بالتكبير خمس تكبيرات، ثم  يقرأ سورة الفاتحة، وبعد يقرأ سورة الغاشية، ثم يركع ويسجد، ويقوم بالتسليم. وبعد الانتهاء من الصلاة يقوم الإمام حتى يخطب في الناس، وبعد الانتهاء من الخطبة، يقوم الإمام بتحويل رداءه، وتبعه الناس في ذلك، ثم يرفع يديه للسماء، ويتبعه الناس في ذلك أيضًا، ثم يدعو الله في تضرع، وخشوع.

دعاء صلاة الاستسقاء

توجد العديد من الأدعية التي وردت في صلاة الاستسقاء عن رسول الله –صلى الله عليه وسلم-، والتي منها أن يرفع العبد يديه، وأن يدعو العبد ربه بأن يقول: اللهم أغثنا، ويقوم بتكرارها، أو أن يدعو الله أن يسقي العباد، وينشر رحمته، وأن يُحيي بلدته، أو يقول: اللهم اسقنا غيثًا هنيئًا، نافعًا، غير ضار، وأن تحيي هذه البلاد، وتغيث العباد. كما دعا رسول الله –صلى الله عليه وسلم- الله أيضًا، بأن ينبت الزرع، ويدر الضرع، ويسق عباده من بركاته. وقد عرف عن الرسول إلحاحه في الدعاء، وفي الطلب من الله –عز وجل-، من صور الدعاء أن يحول الإمام عباءته، أو يقلبها، ويتبعه المأمومون في ذلك الأمر، ثم يرفع يديه، ويجتهد في الرفع، دليلًا على تضرعه، وافتقاره لله، ورغبته بأن يتقبل الله منه، ويتبعه المأمومون في ذلك أيضًا.

من فاتته صلاة الاستسقاء

من المعروف أن صلاة الاستسقاء تتم في جماعة مع الإمام، ولكن عند فواتها، فللفرد أن يصلي منفردًا، ويدعو الله بنزول المطر، وانقطاع الجدب، والجفاف. ولكن لا تصلى تلك الصلاة في المنزل، ولكن لكل إنسان الحق في التضرع إلى الله –سبحانه وتعالى- في صلاته، بأن يذكر حاجته، وما يرغب فيه.

صلاة الاستسقاء للنساء

لم يأت في الشرع ما يمنع صلاة المرأة طلبًا للسقيا، فلم تخص تلك الصلاة الرجال دون النساء، فيجوز للمرأة أن تخرج لأداء الصلاة، بشرط التزامها بشروط الخروج العامة، من عدم التبرج، وغيرها، وبالنسبة إلى تحويل الرداء، أو قلب العباءة مما يقوم به الرجال، فيجوز للمرأة عدم فعل ذلك، بل هو الأفضل بالنسبة إليها، إن خافت على نفسها الانكشاف وغيره، وهذا في حال الصلاة في الخلاء، فيكون في قلبها العباءة مفسدة.

قصة سيدنا موسى مع صلاة الاستسقاء

كان في عهد نبي الله موسى –عليه السلام-، رجل عاصٍ من بني إسرائيل، لم يترك المعصية لمدة أربعين عامًا، وقد انقطع المطر في هذا الوقت، كما انقطع الخير أيضًا، ولهذا قام نبي الله موسى –عليه السلام- مع قومه حتى يصلوا صلاة الاستسقاء ، طلبًا للمطر من الله، وبعد أدائهم الصلاة، لم ينزل المطر، وعندها أخبر سيدنا موسى قومه، أن المطر لن ينزل، لوجود عاصٍ من بينكم، يعصي الله منذ أربعين عامًا، فمنع الله المطر لهذا السبب، ولن ينزل المطر حتى يخرج هذا الرجل، وعندها أحس هذا العبد العاصي بعظم الفضيحة إن خرج، فناجى هذا العبد ربه، فهو في حيرة من أمره، إن خرج كانت فضيحته، وإن ظل مستترًا، سيموت وقومه من الجوع والعطش، فاستغفر الله، ودعا الله أن يستره، فتاب الله عليه، وستره، ونزل المطر على قوم موسى –عليه السلام-، وأخبر الله سيدنا موسى أن توبة العبد كانت سببًا لهطول المطر، فأراد نبي الله موسى أن يعرف العبد حتى يفرح به، وبتوبته، إلا أن الله –سبحانه وتعالى- أبى أن يدله عليه، وستره سترًا جميلًا، فسبحانه هو الغفور الرحيم.

سبحان الذي إن عصيناه، فتح لنا باب توبته، وردنا إليه ردًا جميلًا، وسبحان الذي يقبل توبة عبده كلما تاب، وكلما أقبل عليه، فيتوب عليه، ويكشف الضر والحزن، ويتقبل القلوب، ويغفر الذنوب، ويقبل الدعاء، ويستجيب لعباده، ولو بعد حين.

رقية شتيوي

كاتبة حرة، خريجة جامعة الأزهر، بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، قسم اللغة العربية.

أضف تعليق

خمسة عشر + 18 =