تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » تعرف على » العملات المعدنية : كيف تصنع العملات المعدنية في البنوك المركزية؟

العملات المعدنية : كيف تصنع العملات المعدنية في البنوك المركزية؟

ظهرت العملات المعدنية قبل ظهور العملات الورقية، وما تزال إلى اليوم تُعتمد في الفئات الصغيرة من العملات، تعرف على كيفية تصنيع العملات المعدنية في البنوك.

العملات المعدنية

وعلى مر العصور كانت العملات المعدنية ولا زالت هي التي تحرك كل شيءٍ، وتتحكم في حياة الأفراد، والمجتمعات، والمؤسسات بشكل كبير، فالعملة هي أساس التعامل، ربما من أساسيات البقاء على قيد الحياة في وقتنا الحالي، في الوقت الذي فيه الحياة المادية هي السمة الأساسية، والوتيرة الحالية للعيش، صار الفرد في رحلة البحث  الدائم عن المال، وجعله ذلك يفقد الكثير بالمقابل رغمًا عنه، ربما ليس عيبًا كبيرًا أن يكون المال المتحكم في كل شيء، ولكن العيب أن يكون هناك من لا يستطيع أن يجد قوت يومه، مقابل من يعيشون ببذخٍ تام، فانعدام العدالة الاجتماعية جعل الأمر أشبه بغابةٍ، يعيش فيها نوعان من البشر هما على طرفي النقيض تمامًا. إنك تنظر إلى تلك العملات المعدنية وتتعجب كثيرًا كيف بإمكانها أن تمتلك كل تلك الصلاحيات، السلطة، وهذا الشأن! لذا ففي تلك الأسطر القادمة سنتعرف معًا أكثر على العملات المعدنية.

تاريخ تصنيع العملات المعدنية في البنوك

ما هي العملة؟

كلمة العملة هي أحد مشتقات الفعل “تعامل”، وتأتي من التعامل الذي يتم بين الأفراد، فالإنسان عندما لم يستطع أن يعيش وحيدًا في مجتمعه، لحاجته الدائمة إلى الآخرين، ولأنه بطبيعة الحال لا يمتلك كل شيء، فصارت هناك ضرورة ملحة إلى التعامل مع الغير، فـ”العملة” هي أساس هذا التعامل، وهي وحدة التبادل، أو التعامل التجاري بين الأفراد، والعملات تختلف أشكالها على مر العصور، ويوجد منها العملات المعدنية ، والورقية، والعملة ذاتها تختلف قيمتها في كل بلدٍ عن البلد الآخر. فمثلًا الدينار الكويتي يعد أغلى العملات قيمةً في الوقت الحالي. والعملات أو النقود تنقسم إلى نقود حقيقية، ونقود تقديرية، فالنقود الحقيقية هي التي لها قيمة، أو وجود مادي، مثل العملة التي كانت متداولة في البلاد العربية قبل الحرب العالمية الأول، كالليرة مثلًا، أو الجنيه الإنجليزي، والعملات التقديرية، هي التي تكون أساس التعامل بين الناس، ولكن في واقعها لا قيمة مادية لها، كأنها رمز فقط للتعامل المادي، مثل: الدولار الأمريكي، أو الدينار العربي. فالعملة لا قيمة لها في حد ذاتها، ولكن قيمتها تكمن في كونها وسيلة أو وسيط للتبادل.

أهمية النقود

يبدو أن المهمة الأساسية للنقود وهي تسهيل عملية التبادل، والتعامل التجاري بين الناس، فعندما كان نظام المقايضة موجود كانت هناك صعوبات تواجه هذه الطريقة ومنها أنه عند شراء سلعة غالية، كان من المفترض أن يتم مقايضتها بالعديد من الأشياء، ولكن عند وجود النقود صار الأمر سهلًا أكثر، فإن قيمة النقود محفوظة في ذاتها، وليس في عدد الأشياء أو حجمها، فالنقود عبارة عن وحدة قياس للقيمة، كما أنها تستخدم في حفظ القيمة أيضًا، بمعنى أن الشخص يمكن أن يقوم بحفظ النقود للفترة الزمنية التي يريدها إلى حين أن يقوم بصرفها، كأن يدخرها مثلًا فهي مصدر مالٍ لا يفسد، وهذا على خلاف النقود السلعية، فإن السلع معرضة للتلف والفساد جراء تخزينها. كما أن من أهمية النقود استخدامها في الشيكات والسندات مثلًا، كمعيار عند الدفع المؤجل.

أنواع النقود

مفهوم النقود يشمل العديد من الأنواع، ولكل نوع مفهومه الخاص به، فمثلًا هناك النقوم السلعية، وتلك التي كانت تستعمل في البداية قبل ظهور النقود التي نعرفها، حيث كان يتم التعامل التجاري عن طريق تبادل السلع، وهناك العملات المعدنية ، والتي هي موضوع حديثنا اليوم، والنقود الورقية، أو يطلق عليها النقود الورقية النائبة، وتلك ظهرت عوضًا عن النقود المعدنية، ومع التطور الطبيعي لنظام الصرف والبنوك، والانتشار الكبير لها، وتوجد أيضًا النقود الكتابية، وهي التي تعرف بالشيكات، حيث يستطيع حاملها أن يصرف ما تحتوي عليه ورقة الشيك عندما يريد من البنك، ويتم هذا الأمر من خلال دفتر الشيكات، ولا زالت الوضع في تطور مستمر، فظهور ما يعرف بالنقود الإلكترونية، يجعلنا نتأكد من أنه لا نهاية للتطور الذي يحدث في العالم. فالنقود الإلكترونية والتي تتمثل في الكروت الشخصية، أو الفيزا كارد، أو الماستر كارد، وهي عبارة عن بطاقات مغناطيسية مصنوعة من البلاستيك، وهي تسهل على الشخص عملية عمل النقود خاصةً المبالغ الباهظة عند السفر والتنقل أو الشراء، وعملية سحبها من البنك أيضًا، كما أن نظام الخصوصية يحمي تلك النقود من السرقة، أو الضياع، وهذا النوع من النقود الإلكترونية ينقسم إلى: بطاقات صرف بنكي، وبطاقات دفع، وبطاقات ائتمان.

العملات المعدنية

العملات المعدنية ، أو النقود المعدنية، هي عبارة عن قطع من المعدن، والتي تصنع بأشكال، وأحجام معينة، وتنتجها الحكومة بأعداد كبيرة، وهذا من أجل تحسين عملية التجارة. وعندما كان يتم التعامل في بداية الأمر عن طريق النقود السلعية، كانت الحاجة ماسة إلى اختراع طريقة أخرى للتعامل، تكون أيسر، فظهرت طريقة النقود المعدنية، بديلًا عن السلعية، وكانت العملات المعدنية في بداية الأمر تصنع من الحديد، والنحاس، أو الزنك، ومن ثم فقد تمت صناعتها من الذهب والفضة.

تاريخ العملة

لقد ذكرنا أن بداية التعامل بين الناس كانت تتم عن طريق النقود السلعية، أو عن طريق تبادل السلع، فمثلًا يتم تبادل كمية معينة من القمح بكمية معينة من الزيتون، وكانت تلك الطريقة تسمى “المقايضة”، من العوض، وهو أن يأخذ شخص شيئًا من شخص آخر، ويعوضه عن هذا الشيء بسلعة، أو ما يقومان بالاتفاق عليه، ولكن تلك الطريقة كانت بها بعض العيوب، منها أن بعض السلع التي كان يتم الاتفاق عليها لا تقبل التجزئة، وأيضًا عدم الاتفاق بين الطرفين على السلعة، كما أن السلع لا تسمح بالتخزين، مما لا يسمح بنظام الدفع المؤجل، ولهذا لم يكن نظام مقايضة السلع عمليًا كفاية كي يستمر، لذا تطورت تلك الطريقة إلى المقايضة بأشياء ثمينة أخرى كالمعادن مثلًا، مثل الذهب والفضة، بمعنى أن يقايض مقدار معين من القمح مثلًا بما يعادله من فضة، وقد تم اختيار هذه المعادن لما تختلف به من مزايا عن المعادن الأخرى، وقد اختلفت كثيرًا العملات القديمة عن العملات لدينا في الوقت الحاضر، فمثلًا في العصر البرونزي وجد أنه كانت رؤوس الفؤوس -التي تستعمل لقطع الأشجار في ظاهر الأمر- عملةً للتبادل، وأيضًا وجد أن بعض القبائل في إفريقيا إلى يومنا الحالي تستعمل بعض الأصداف والأحجار الكريمة. ولكن الذي أراه غريبًا بعض الشيء استعمال الملح كعملة لها وزنها قديمًا في بعض الحضارات، مثل الحضارة الرومانية، واليونانية، حيث كان النبلاء عند الرومان يتقاضون أجورهم بالملح، وبهذا فإن قيمة الملح كانت كبيرة جدًا في هذه المناطق. ومن العملات المعدنية التي ظهرت في البداية، عملات صنعت من “الالكتروم” وهو عبارة عن خليط من الفضة والذهب، وقد ظهرت في عام 600 قبل الميلاد في آسيا الصغرى.

صناعة العملات المعدنية

تتم صناعة النقود المعدنية في الغالب من مواد النحاس، والنيكل، والزنك، وتكون نسبة النحاس الأكبر، ولكن بعض البلاد لا تزال تستخدم الحديد، والكربون، والقصدير، والألومنيوم، وبعض الدول تستخدم الذهب، وتمر صناعة العملات المعدنية بعدة خطوات، تبدأ أولًا بتصميم شكل العملة، حيث يتم اختيار الشكل المناسب، من عدة أشكال مقترحة من قبل نقاشي سك العملة، وكانت تلك التصاميم قديمًا تنقش باليد، ولكن مع التطور التكنولوجي، أصبح الحاسوب من يقوم بهذه المهمة، وبعد أن تتم خطوة اختيار التصميم المناسب، يتم عمل نموذج بالصلصال أكبر من حجم العملات المعدنية ، تتم طباعة هذا التصميم على قطعة الفولاذ المصنعة، وبهذا يتم صناعة الآلاف من القطع النقدية في وقتٍ قصير عن طريق آلات خاصة، ويتم صقل تلك العملات داخل أفران خاصة، ومن ثم فإنها تُغسل وتجفف في آلات خاصة أيضًا، ثم تقوم آلات أخرى بتهذيب العملات، وفي النهاية يتم التأكد من جودة العملة، ومن كونها خالية من الشوائب، وبهذا فهي جاهزة للصرف.

عندما نتحدث عن العملة والنقد، فإننا نتحدث عن بابٍ كبير، لن نستطيع أبدًا أن نُلمَّ به كما يجب، فتلك العملات المعدنية رغم صغر حجمها إلا أن قيمتها تتحكم في كل شيءٍ بشكلٍ مرعب، وانهيارها يؤدي إلى انهيار كل شيءٍ أيضًا!

رقية شتيوي

كاتبة حرة، خريجة جامعة الأزهر، بكلية الدراسات الإسلامية والعربية، قسم اللغة العربية.

أضف تعليق

أربعة عشر + سبعة =