تسعة
الرئيسية » اعرف اكثر » منوعات » كيف يرتبط فصل الشتاء والإبداع وكيف نستغل ذلك؟

كيف يرتبط فصل الشتاء والإبداع وكيف نستغل ذلك؟

الكثير من البشر يتساءلون ما هي علاقة الشتاء والإبداع بعضهما ببعض! فهناك العديد من اللوحات العالمية وكذلك شعراء من عرب تكلموا عن الشتاء وارتباطه بالسحر والإبداع والتفكير العميق.

الشتاء والإبداع

هناك دائما رابط غريب بين الشتاء والإبداع، تجده دائمًا عند الفنانين والكُتاب وأصحاب الحس الإبداعي. حيث أنهم يجدون في الشتاء الملجأ والإلهام الحقيقي لهم. الحس الفني عندهم متعلق تمامًا بفترة الشتاء، وكل واحد له أسبابه. ولكن الحقيقة هي أن في الشتاء بالفعل يزداد الشعور الوجداني لدى البشر بالتضخم. وذلك لأسباب عديدة سيتم ذكرها. أيضًا في الشتاء يزداد الشعور بالحب بين البشر. يظهر الحنين والاشتياق إلى الدفء. يبدأ العقل في استرجاع الذكريات بصورة أكبر من بقية الفصول. وهناك دراسة أمريكية جرت على أكثر الفصول التي ترتبط بالأحداث الشخصية المهمة في حياة البشر، وكان فصل الشتاء بلا منازع هو أكثر فصل يحمل ذكريات عند هؤلاء الناس. تُرى ما هو السبب وراء كل هذا الترابط بين الشتاء والإبداع والذكريات؟

ما هو فصل الشتاء؟

فصل الشتاء هو أحد فصول السنة الأربعة، يبدأ في 21 ديسمبر وينتهي في 20 مارس من كل عام. ولو كان شتاء في نصف الكرة الأرضية الجنوبي، إذًا هذا يعني أن نصف الكرة الشمالي في فصل الصيف، والعكس صحيح. ويتميز فصل الشتاء بالعديد من الصفات التي لا يتشابه فيها مع أي من فصول السنة الأخرى. مثل حدوث هبوط حاد في درجات الحرارة. وهطول الأمطار والثلوج بصورة كثيفة، وغيرها. وهذا له تأثير كبير في ارتباط الشتاء والإبداع.

الشتاء والإبداع والهدوء

مما لا شك فيه، أن فصل الشتاء هو أهدأ فصول السنة. بسبب الطقس البارد عادة مما يجعل الجميع يسرعون في الليل إلى مساكنهم حتى ينعموا بالدفء والنوم المريح. ولكن من زاوية أخرى هناك أشخاص يستغلون هذا الهدوء وهذا الجو الرائع. والذي يختلف تمامًا عن الصيف المزدحم حتى ساعاته المتأخرة في الليل. فاستغلال المبدعين واضح لفصل الشتاء. حيث أن الرسامين يتجهون لرسم النجوم في أي مكان وأي زاوية يريدونها. ولن يعانون من انشغال الناس بهم، أو إلقاء التعليقات السخيفة. مع الهدوء في الشتاء والإبداع ينتج الرسام أفضل لوحاته. مثل لوحة “أربعة مواسم” للفنان الفرنسي فرانسو بوشير التي رسمها عام 1755. وتعد واحدة من أعظم اللوحات الزيتية.

الكُتاب مع الشتاء والإبداع

الكُتاب يعشقون الشتاء لأنه هادئ. والهم الأكبر فيه هو الشعور بالدفء. لذلك الشاعر أو الروائي أو الكاتب غالبًا يتأمل في المطر. يتأمل في ندف الثلج الذي يتساقط في فصل الشتاء، والجو قمة في الهدوء. الشتاء في حد ذاته لوحة للطبيعة. لا يشوبها الإنسان بالزحام. ولذلك يجد الكاتب دومًا ملاذه في فصل الشتاء حيث الهدوء والمشروبات الدافئة التي تعمل على إشعار الإنسان أنه على ما يرام وفي أمان. هذا غير أن الشتاء قاسي وبيئة جيدة جدًا للمشاعر المختلطة، التي من الممكن أن يتكلم عنها الكاتب في صوره وتشبيهاته. حيث كلما كانت التشبيهات طبيعية، كلما أعطى هذا ثراء للسرد القصصي أو الشعر.

في الشتاء يخف الشعور بالاكتئاب

في فصل الشتاء يقل وقت النهار ويزداد وقت الليل بجوار الهدوء المطلق في الليل. كل هذا يعطي الناس فرصة لأن تطلق مشاعرها للبرد والدفء. أيضًا الشعور بالدفء يعطي انطباع بالأمان سيكولوجيًا. وكلما كان الإنسان يشعر بالدفء في جو صقيع، كلما كان هذا ينطبع على نفسيته بشعوره بالأمان. مما يجعل الشخص متقبل جدًا لفكرة الإقبال على الحياة وانتظار الصباح لبداية يوم جديد. ما يجعل الشتاء والإبداع مترابطين هو المشاعر التي تنتج عن فصل الشتاء. التخلص من الاكتئاب في حد ذاته تجربة شعورية جميلة وصعبة. خبرة شعورية كبيرة. لذلك لا يمر هذا الوقت على الفنان أو حتى الشخص العادي مرور الكرام. بل وقتًا جيدًا للخيال الخصب وإنتاج الأفكار البديعة.

علاقة الأكل بالشتاء والإبداع

في الشتاء يزداد معدل الحرق لدى جسم الإنسان. مما يجعله يشعر بالجوع أوقاتًا كثيرة. فيأكل الشخص كثيرًا عن بقية الفصول. علميًا، الأكل سبب من أسباب الراحة النفسية والشعور بالسعادة. ولذلك يزداد معدل النمو عند الإنسان في الشتاء. أيضًا يزداد الاستقرار الهرموني. فينعكس ذلك على نفسية الشخص. الراحة النفسية تجعل الشخص يبدع أو مؤهل لأن يطلق العنان لخياله الخصب. فيندمج الشتاء والإبداع كسبب ونتيجة في هذه المعادلة البيئية اللطيفة.

جمال الطبيعة في الشتاء

الطبيعة هي مصدر كل جمال. أو المعنى المجرد لكلمة “جمال”. حيث كل ما هو طبيعي ويسبب راحة للنفس يدعى جمال. ومن أكثر مميزات فصل الشتاء أن به طبيعة ساحرة وخلابة، وهذا ناتج من طبيعة الطقس. ففي بعض البلدان عندما يأتي فصل الشتاء يأتي معه الثلج في هيئة أمطار ثلجية خفيفة. هذه الثلوج تتجمع على البيوت وعلى الشوارع وتعطي لونًا أبيض لكل شيء. فتجعل الشوارع وكل ما فيها عبارة عن لوحة جميلة صالحة للكتابة عنها. أو لرسمها أو حتى للتصوير. فهناك العديد من المصورين الفوتوغرافيين، كل شغلهم الشاغل هو التقاط أجمل الصور على الإطلاق لفصل الشتاء. هذا بالإضافة إلى الاحتفالات بأعياد الميلاد وبداية السنة الجديدة في كل العالم، مع الجو الأسري الرائع. كل هذا يجعل الناس في راحة ونفسية سعيدة. مما يخلق جو صالح لارتباط الشتاء والإبداع.

كثرة تفاصيل فصل الشتاء

كثرة التفاصيل في فصل الشتاء تجعله مصدر إلهام. فهناك مشاهد عديدة واختلافات جوهرية في كل منطقة بيئية. وهذه البيئات المختلفة عندما يأتي عليها فصل الشتاء يكون لها طابعها الخاص. مما يجعل الشتاء والإبداع في سرد هذه التفاصيل والبحث عنها ووصفها والاستمتاع بها مصدر إلهام كبير لأي فنان أو حتى لأي شخص عادي. فالشتاء في الصحراء، يكون له طابع مختلف جدًا عن الشتاء في البلاد البعيدة عن خط الاستواء. ففي الصحراء مثلًا لو مشيت في الليل من الممكن أن تجد مشهد عبقري من الثلوج والرمال والقفر. شيء متضاد وتفاصيل قليل أن تتجمع. هذه التفاصيل عندما تضعها في عمل أدبي أو في لوحة مرسومة أو حتى في صورة، ستكون مشهد جديد على الناس الذين يعيشون في المدينة باستمرار ولا يدركون وجود هذه الحياة والبيئة المختلفة عنهم.

ممارسة الرياضة في فصل الشتاء

الشتاء والإبداع في الرياضة أمر طبيعي. حيث أن الصيف يكون حار وممارسة أي نوع من أنواع الرياضة سيؤدي إلى فقد كبير في سوائل الجسم. لدرجة أن في لعبة كرة القدم، عندما تُقام بطولة دولية في أجواء صيفية حارة، يتم وقف اللاعبين كل 22.5 دقيقة ليشربوا المياه ويرتاحوا لمدة خمس دقائق. وهذا إجراء احترازي لعدم حدوث أي هبوط مفاجئ للدورة الدموية لأحد اللاعبين نتيجة الجفاف. أما في الشتاء فالأمر مختلف تمامًا، فالرياضة بالنسبة للجسم تكون مصدر من مصادر الدفء الطبيعي. ولذلك ممارسة الرياضة في الشتاء تكون ممتعة أكثر من الصيف بكثير. وهذا الاستمتاع يزيح الشعور بالتعب من أي رياضي، بل يشعر أنه يريد أن يتفوق ويبدع في الرياضة التي يمارسها. ويشعر بالقوة والرغبة في المثابرة.

ختام

فصل الشتاء والإبداع مرتبطين بسبب البيئة الصالحة لعملية التفكير والإنتاج الذهني والنفسي والجسدي. مما يجعل الإنسان قادر على إعطاء أفضل ما لديه، والتفكير بتركيز أكبر من بقية الفصول التي يكون فيها الإنسان مشتت بصورة أكبر.

أيمن سليمان

كاتب وروائي، يعشق منهج التجريب في الكتابة الروائية، فاز ببعض الجوائز المحلية في القصة القصيرة، له ثلاث كتب منشورة، هُم "ألم النبي (رواية)، وإنها أنثى ولا تقتل (رواية)، والكلاب لا تموت (مجموعة قصص)".

أضف تعليق

واحد + تسعة =