تسعة
الرئيسية » مجتمع وعلاقات » تفاعل اجتماعي » كيف تعد الحياة الرتيبة أحيانا أمانا لنا من التعرض للصدمات؟

كيف تعد الحياة الرتيبة أحيانا أمانا لنا من التعرض للصدمات؟

يكثر الحديث عن الحياة الرتيبة مؤخرا، يتسابق الجميع لإبراز كراهيتهم لها كما يتبرأن من الفشل، وكأننا نحيا في مغامرات هوليودية طوال الوقت، إنه أمر غريب حقا، ما السر في هذا السباق؟ ألا يدرك هؤلاء كيف تمنحهم الرتابة الأمان في كل وقت؟

الحياة الرتيبة

تمثل الحياة الرتيبة كابوسا مرعبا بالنسبة للكثير من البشر، ولا فرق في ذلك طبيعة حياتهم وإن كانت رتيبة أم غير ذلك، فقد أصبحت الرتابة شبحا نتحدث عنه دون تعريفه أو توضيح ماهيته، والأمر يبدو مضحكا فقد تجد في محيطك من يتحدث بكراهية عن الحياة الرتيبة وعن عدم قبوله بها مطلقا؛ وعندما تتأمل حياته وخياراته بشكل عام تجدها غارقة في الرتابة والملل، وبشكل شخصي قد أتفهم هذا الحديث من رحالة يجوب العالم متنقلا بين الدول والقارات، ولكن أن يصدر من صديقك الموظف والذي زوجته والدته لابنة خالته فهو حديث مضحك، ولعل السبب في انتشار تلك النغمة هو الهوس بالشغف ومطاردة الأحلام وتحقيق النجاح المثالي، ومن أسباب ذلك عدم معرفة ماهية الحياة الرتيبة وأهم خصائصها، وهو ما سنعرضه في هذا المقال قبل الحديث عن فوائد تلك الحَياة الرتيبة، فما يجهله البعض هو وجود مميزات لا تعد لتلك الحياة، كما سنوضح دور الحَياة الرتيبة في توفير الأمان لنا وحمايتنا، فاقرأ المقال حتى نهايته.

ما معنى الحياة الرتيبة ؟

الحياة الرتيبة ما معنى الحياة الرتيبة ؟

كلما سمعت أحدهم يتحدث عن الحَياة الرتيبة رغبت بسؤاله عن معناها بالنسبة له، وكيف يمتلكون القدرة على نفيها عن حياتهم بالرغم من انطباق تعريفها عليهم؟ فتلك الحياة لا ينفيها إعلانك لكراهيتها ومزجه بالحديث عن حب التغيير والتجديد، ذلك أن الَحياة الرتيبة هي الحياة المكررة الخالية من المفاجآت والتغيير والمجازفة، كما يعتبر شعور الشخص بالملل هو أهم ركن في تعريف الحَياة الرتيبة، فالأمر لا يقف عند شكل الحَياة الرتيبة نفسها، بل يمتد ليشمل شعور الشخص بها، فما يعتبره البعض مسليا للغاية ويتمنونه، قد يراه البعض رتيبا ومملا، الحََياة الرتيبة يا عزيزي هي حياة ثابتة تتسم بالركود وتخلو من التحديات، ويراها صاحبها مملة سواء كان يفضلها أم لا، ولا تنتفي صفة الرتابة عن حياتك لمجرد إعلانك حب التغيير وكراهية الملل، فمادام عملك ثابتا وجدول حياتك ثابت ولا تسافر بكثرة فهذه هي الحياة الرتيبة يا صديقي، ولها خصائص واضحة سنتحدث عنها بشكل مفصل.

خصائص الحياة الرتيبة

لا تتضح معالم الحياة الرتيبة بدون معرفة وفهم خصائصها، وخصائص الحَياة الرتيبة هي أركانها الرئيسية، هي ما يساعدك على تمييزها وسط آلاف الأنماط المختلفة للحياة، فخصائص الحياة الرتيبة هي سماتها الثابتة، وهي العامل المشترك في كل حياة رتيبة يعيشها أي شخص، وما يلي هو أهم تلك الخصائص

الثبات

تتسم الحياة الرتيبة بالثبات في أغلب عناصرها ومعظم جوانبها ونواحيها، أي أنها لا تشهد الكثير من التغييرات أو صور التقلبات المعتادة بالنسبة لحياة الآخرين، فتجد عادة الحَياة الرتيبة هي حياة ثابتة فيما يخص العمل والأسرة، فمن يحيا تلك الحياة الرتيبة لا يعمل في الأعمال الحرة على سبيل المثال، ولكنه يفضل العمل الثابت بشكل منتظم، ولا يميل لكثرة التنقل بين المهن والوظائف والشركات، كما يظهر عنصر الثبات في شكل الحياة الأسرية المستقرة والروتينية أيضا، ويمتد الثبات إلى كيفية إنفاق الوقت وأماكن الخروج وباقي العناصر.

الاستمرار

يعد الاستمرار من أهم خصائص الحياة الرتيبة، أي أن ثباتها في المجمل لا يرتبط بفترة مؤقتة في الحياة، بل هو أسلوب حياة يستمر طوال العمر، فيتبعه الشخص عادة من طفولته، وهو سلوكه المستمر وطريقة تصرفه منذ القدم، فعادة يستمر عنصر الثبات طويلا، فما يحدث هو اختلاف الوعاء الذي يحوي تلك الَحياة الرتيبة، ولكنها تظل نفسها، فتتحرك من الحياة الرتيبة خلال فترة الدراسة إلى الَحياة الرتيبة خلال فترة الخدمة العسكرية، وهكذا بالنسبة للعمل، وتتكرر في سن التقاعد، كما تكون هي نفسها قبل الزواج وبعده، فالاستمرار هو أبرز سمات الَحياة الرتيبة والذي يساعدك على معرفتها.

تغليب العقل على العاطفة

من خصائص الحياة الرتيبة أنها لا تفسح المجال كثيرا أمام العاطفة، فلا يعتمد صاحبها في قراراته على ما يحبه أو العكس، ولا يسمح لرغباته بالقيادة مطلقا، يسهل عليه دوما التفكير بعقلانية مجردة فيما يتعلق بالقرارات المصيرية، وحتى فيما يتعلق بالقرارات اليومية العادية لا يفكر فيها من ناحية التسلية والمتعة بل من ناحية النفع والفائدة.

غياب عنصر المخاطرة

تخلو الحَياة الرتيبة كليا وتماما ونهائيا من المخاطرة، فقد أوضحنا تغليب عقل صاحبها على عاطفته، ومن الطبيعي أن يتمثل هذا التفكير المنطقي والعقلاني في الابتعاد عن المخاطرة، فعندما يتعلق الأمر بخصائص الحَياة الرتيبة تتلاشى المجازفات، ويتم تفضيل كل ما هو آمن ومضمون، حتى في ظل وجود فرص أفضل عند المخاطرة والتجربة، وينطبق هذا على كل شيء، حتى في اختيار المشروبات والوجبات في المطاعم وعند اختيار مدارس الأبناء أو شقة للسكن، كما يبرز هذا الجانب بشكل أوضح عند الاستثمار وتحريك الأموال.

الهدوء

يعد الهدوء من أبرز خصائص الَحياة الرتيبة، بل هو أهم ركائزها الأساسية، وعادة ما تكون الدافع بالنسبة لمن يحيا تلك الحياة نحو الاستمرار فيها، فتتسم الحَياة الرتيبة بالهدوء والسكون لقلة التغيير فيها وثباتها واستمرارها على هذا النحو، ويأتي الهدوء من الخصائص السابقة أيضا، فخلو الَحياة الرتيبة من المجازفات يجعلها هادئة بدون ترقب وانتظار وقلق، كما يتمثل الهدوء في اختيار كيفية إنفاق الوقت اليومي والإجازات، ويكون المنزل هو الاختيار الأول، ويلي المنزل الأماكن الهادئة الخالية من الزحام، فالابتعاد عن الصخب قاعدة رئيسية لمن يعيش الحياة الرتيبة.

العزلة وإهمال الجوانب الاجتماعية

الحياة الاجتماعية هي أحد أسباب التغيير في حياتنا جميعا، وهي السبب في تكوين العلاقات والتعلق بها والانفعال بأحداثها وخلافه، وتحتاج تلك العلاقات لمشاركة الآخرين الأنشطة وتبادل الزيارات والخروج، وكلها أشياء لا تتوفر بالنسبة إلى الحياة الرتيبة التي يعيشها البعض، فمن خصائص الحَياة الرتيبة ميل صاحبها نحو العزلة، وهو ما يؤدي بالتبعية لإهمال العلاقات الاجتماعية التي تستلزم الطاقة والخروج.

الانغماس في العمل وقلة الترفيه

تخلو الحياة الرتيبة من الترفيه بشكل كبير، أو يكون الترفيه في أقل معدلاته، إذ أن صاحب الحَياة الرتيبة لا يميل إلى خرق العزلة بالخروج، ولا يرغب في المخاطرة أيضا ولو حتى المخاطرة بالهدوء الذي توفره له الَحياة الرتيبة، كما يحتاج الترفيه لتجربة أماكن جديدة ومشاركة الآخرين المزيد من الوقت، ويتوازى مع قلة الترفيه الانغماس في العمل، والعمل هو المساحة المعتادة بالنسبة للشخص، لا تحمل له المفاجآت أو تحاول تغيير عاداته، فهي منطقة آمنة بالنسبة لأصحاب الحياة الرتيبة.

فوائد الحياة الرتيبة

الحياة الرتيبة فوائد الحياة الرتيبة

تتعدد فوائد الحياة الرتيبة بشكل يكاد لا يصدق، وهو ما يجهله أغلبنا ممن يبالغون في الشكوى من الحياة الرتيبة وكأنها تمنعهم عن الخلود ودخول موسوعة جينيس، وهي مميزات وفوائد حقيقية مثبتة بالدراسات العلمية، ونحن لا ندافع عن نمط محدد للحياة، ولا نرغب في الترويج لتلك الحياة الرتيبة أو غيرها، ولكن ما يهمنا هو التعريف بفوائدها الكثيرة، والتي يمكنك استغلالها والاستفادة منه، يمكنك ذلك في حالات عدم القدرة على تغييرها، ولكل شيء في الدنيا جانب إيجابي بجوار الجانب السلبي، وليس أقل فوائد الحَياة الرتيبة ما تمنحه لنا من أمان، وكيف تجنبنا التعرض للصدمات الناتجة عن المجازفات والمخاطرة والخسارة أثناء محاولات الاستمتاع ومطاردة الأحلام، ولكننا سنخصص فقرة مستقلة للحديث عن هذا، وسنركز هنا عن الفوائد الأخرى التي نحصل عليها من الحياة الرتيبة

حسن استغلال الوقت وإدارته

نظرة لطبيعة الحَياة الرتيبة المحافظة، والتي تميل للهدوء والعزلة فعادة ما توفر لصاحبها الكثير من الوقت، فلا يتم إهدار الوقت في أي شيء قليل القيمة أو عديم النفع، كما يندر إهدار الوقت على سبيل المثال في أي مخاطرة غير مضمونة العواقب، هذا بالإضافة لدور التفكير العقلاني في الحسابات التي تقلل الخسارة بكافة صورها، ومن أهم صور تلك الخسارة خسارة الوقت.

زيادة المهارات الإبداعية

أثبتت الدراسات العلمية تأثير الحَياة الرتيبة على مهارات الشخص الإبداعية، فالوقت الذي توفره لهم يمنحهم الفرصة للتفكير طويلا، وهو ما يساعدهم في تجربة الأنماط المختلفة للتفكير وابتكار الجديد منها وغير المألوف، ولعلك تلاحظ كيف ترتبط حياة كبار الكتاب بأنماط الحياة الرتيبة، وهو ما يساهم في تعزيز مهاراتهم الإبداعية، ويجعلهم يخلقون العوالم الجديدة المكتملة في الكتب والروايات، وتنطبق تلك المهارات الإبداعية على السلوك وطريقة التصرف والتعامل وليس التفكير فقط.

الراحة والاسترخاء

الراحة هي أعظم فوائد الحَياة الرتيبة وأكثرها أهمية بالنسبة للجميع، فالاستقرار وقلة المفاجآت وغياب التحديات والتقلبات والتغييرات الحادة هو ما يمنح صاحب الحياة الرتيبة الشعور بالراحة والقدرة على الاسترخاء، فكل خصائص الحياة الرتيبة تتفاعل مع بعضها البعض بالشكل الذي ينتج الراحة، فيصعب تحقيق الراحة في كل حياة أخرى تتسم بالحيوية وكثرة التجارب والخسائر والمكاسب والخوف والقلق والغضب، وعلى العكس من ذلك لا ينتظر صاحب الحياة الرتيبة لأي شيء، لا يترقب ولا يهدر وقته ولا يغامر بخسارة ممتلكاته ومجهوده، وبالتبعية يمكنه الجلوس في منزله وأن ينعم بالهدوء والاسترخاء المحببين للقلوب، كما يستطيع النوم بهدوء ممتزج بالصفاء وراحة البال.

القدرة على حل المشكلات

أثبتت الدراسات العلمية أيضا أن الحَياة الرتيبة تساعد صاحبها في حل مشكلاته، فهي التي توفر له الوقت والحالة النفسية المناسبة التي تمكنه من تأمل مشكلاته والتفكير فيها، فبالهدوء وراحة البال وبالمهارات الإبداعية التي تتزايد لديه بحكم استمراره في التفكير يتوفر له المناخ المناسب لحل مشكلاته وتحليلها بشكل جيد جدا، فعند التفكير بجميع مشكلاته سواء كانت كبيرة أم صغيرة، يفعل ذلك بهدوء وبدون القلق والخوف والشعور بالاضطرابات والضغوط التي يشعر بها أي أحد غيره من أصحاب الحياة الحيوية الممتلئة بالتجارب والخطط والحسابات والنتائج المرتقبة.

اكتساب مهارات التعلم

تحتاج عملية التعلم إلى الصبر والجلد والمثابرة، فلا يوجد علم ترفيهي، فأغلب العلوم تكون مملة للغاية، خاصة في البداية، ولا تشعر بلذة المعرفة قبل تجرع مرارة التعلم نفسها وبذل الجهد، وهو ما يحدث مع الرياضة أيضا وكل ما يتطلب الوقت والجهد، ومؤخرا ظهرت موضة تقديم كل المواد العلمية بطرق هزلية مسلية، وهو ما أدى لتسطيحها وعدم قدرة البعض على تحمل ملل التعلم الجاد، وعلى العكس من ذلك فمن يعيش الحَياة الرتيبة يصبح مدربا على هذا الملل والشعور به، فيمكنه ممارسة الرياضة أو تعلم أي شيء، كما يجد الوقت لذلك.

التواضع والوعي بالذات

تساهم الحياة الرتيبة في زيادة تواضع الشخص، وهي التي تخلصه من الغرور والمبالغة في تصوير الذات، ذلك أنها لا ترتبط بالمغامرين وأصحاب الإنجازات الضخمة التي تحتاج إلى المخاطرة والإصرار وتحمل الخسائر، وهذا ما يجعل الحياة الرتيبة تؤدي لتواضع صاحبها، كما تعرفه بحقيقة قدراته وتعرفه بأولوياته، فعندما تفضل الراحة على الإنجاز يعطيك هذا انطباعا عن نفسك ويعرفك بتفضيلاتك، كما تساعدك الحَياة الرتيبة على المشاركة في الأعمال الخيرية البسيطة، ويصبح الأمر واضحا، ستساعد الآخرين وتحصل على المشاعر الجيدة التي تحتاجها، وهو ما يقلل الأنانية تماما، وكل هذا يؤدي إلى تقبل الواقع بعقلانية، كما يقلل الضغوط الناتجة عن الهوس بالتميز وتحقيق الإنجازات الخرافية، هكذا ببساطة هي الحياة الرتيبة.

سهولة الشعور بالسعادة والرضا

يخلط البعض بين الحياة الرتيبة والحزن، وهو خطأ شائع، فلا تعني الحياة الرتيبة السعادة ولا تعني الحزن بالضرورة أيضا، ولكنها مرحلة الحياد أو الرمادي، هو الشعور العادي الطبيعي بدون حدوث شيء مختلف، ولكن لا يحتاج صاحب الحياة الرتيبة إلا لأقل القليل حتى يشعر بالسعادة، وذلك بعكس أصحاب المغامرات ومعتادي التسلية، فغالبا ما يحتاجون لمضاعفة مستويات التجارب والبحث عن تجارب جديدة طوال الوقت حتى يشعرون بالسعادة، أما صاحب الحَياة الرتيبة فقد يشعر بالسعادة بمجرد حدوث أي تغيير طفيف في حياته، وبالتبعية يسهل الشعور بالرضا كذلك.

حماية النفس والجسد

تحمي الحياة الرتيبة صاحبها من الأخطار التي يتعرض لها غيره، ذلك أنها ترتبط العقلانية والتعقل وتجنب المخاطرة والمغامرات، وكل ما سبق يؤدي للالتزام صاحب الحياة الرتيبة بسلوكيات حماية نفسه وجسده وصحته وممتلكاته كذلك، فلن يحاول من يحيا حياة رتيبة تجربة قيادة السيارة بأقوى سرعة، كما لن يتسلق الجبال أو يحاول لعب القمار أو إدمان العقارات المخدرة، وهل هناك حماية للنفس من الإصابات والمخاطر أفضل من هذا؟ بالطبع لا يوجد.

دور الحياة الرتيبة في توفير الأمان

الحياة الرتيبة دور الحياة الرتيبة في توفير الأمان

حماية الحَياة الرتيبة لنا من الصدمات هي أحد فوائدها المعروفة، ولكنها تعد أعظم فائدة على الإطلاق، مما يجعلها جديرة بالحديث عنها بشكل مستقل، ويتمثل الأمان الذي يصاحب الحَياة الرتيبة في عدة أمور، أهمها عدم الإقدام على المغامرة التي تحمل مخاطرة في طيها، وهو ما يؤدي لتأمين سلامة الشخص جسديا وربما نفسيا بتجنيبه الصدمات العاطفية وتوتر المشاعر الناتج عن الخسارة، كما يؤدي لتأمين المال وتوفيره بعدم المخاطرة باستثماره في مجال خطير أو غير مضمون، فكما تعلم عزيزي القارئ أن العقلانية والرتابة من أهم خصائص الَحياة الرتيبة، وتتكاتف كل خصائص الحَياة الرتيبة ومميزاتها لصناعة حصن منيع يعمل على تأمين الفرد وحمايته من كل أشكال الخطر.

ربما لا تكون الحَياة الرتيبة هي الأفضل، ليست هي الحياة التي يتمناها الجميع لأنفسهم، بل أنها تقلقهم وتخيفهم، والأغلبية يتعاملون مع الرتابة كأنها الموت! والأمر في النهاية اختيار شخصي يتراوح بين شخص وآخر، فهي اختيار يحدده أولويات صاحبه، ما يشغلني فقط هو الشعور باضطرار البعض للهاث والتسابق مع الآخرين وعمل ما لا يعجبهم أو يطيقون؛ لا لشيء سوى عدم وصمهم بالفشل الذي ينسبه الكثيرون زورا إلى الحَياة الرتيبة، ولا علاقة للفشل بالرتابة، ولا يعقل أن تكون الراحة أهم أولوياتك وتجبر نفسك على السفر والخروج حتى لا يتم اعتبارك ممل أو اعتبار حياتك رتيبة، كما يهمنا معرفة فوائدها الكثيرة، فلا تخلو الحيَاة الرتيبة من الفوائد كما يعتقد الجميع، بل لها عظيم الأثر على حسن استغلال الوقت وتوفير الهدوء وزيادة المهارات الإبداعية والقدرة على حل المشكلات، كما تساعد على إزالة الضغوط وتقليل احتمالات الخسارة إلى أقل معدلاتها، هذا كله بالإضافة لحمايتنا وتوفير الأمان من الصدمات، في النهاية الحياة الرتيبة ليست سيئة تماما.

أحمد ياسر

أضف تعليق

19 + تسعة =