تعتبر مشكلة الحساسية من حليب الأم من المشاكل التي تجر في ذيلها مجموعة أخرى من المشاكل؛ والسبب الرئيسي في ذلك هو قلة الوعي لدى الكثيرات من الأمهات؛ واللاتي لا يمكنهن تصديق أن الحليب الطبيعي من الممكن أن يكون ضارا لأطفالهم. نعم، لا يختلف اثنان على أن أفضل غذاء للطفل الرضيع هي الرضاعة الطبيعية؛ ولكن يحدث في بعض الأحيان أنها تسبب المشاكل للطفل الرضيع وتؤثر بالسلب على صحته. وفي حال معاناة الطفل من الحساسية من حليب الأم، فلابد من التوصل إلى العلاج الأمثل للمشكلة؛ وليكن ذلك على وجه السرعة.
استكشف هذه المقالة
أعراض حساسية الحليب عند الرضع
معلوم أن طبيعة الطفل الرضيع أنه يطمئن وقت أن تحتضنه أمه وترضعه رضاعة طبيعية؛ لما لذلك من أثر كبير على صحته النفسية وهدوئه النفسي. فالطفل يسعد ويهدأ لمسمع دقات قلب أمه؛ كما أن حليب الأم نفسه يكون مناسبا تماما له؛ من حيث الدفء والنكهة والنوع الذي يناسب المرحلة العمرية والعناصر التي يحتوي عليها وغير ذلك. هذا في الطبيعي؛ أما من غير الطبيعي أن نجد الطفل ينفر من الرضاعة الطبيعية ويبتعد عن ثدي أمه، أو يرضع لثوان عدة ثم يبتعد، ثم يأتي ثانية لفترة لا تتجاوز ثوانٍ القلائل، ثم يبتعد من جديد. وتفسير ذلك أن الطفل المسكين يعاني من الحساسية من حليب الأم ويتأذى منه فيبتعد عنه، ثم ما يلبث أن يرضع ثانية، كونه جائعا، وليس أمامه خيار آخر. كذللك من أعراض الحساسية من حليب الأم مرأى الطفل وهو يتحرك حركات عصبية ويبدو عليه الغضب وعدم الارتياح والسعادة وقت الرضاعة. وعادة ما تسمع الأم أصوات غير طبيعية بمعدة طفلها الرضيع فور نزول الحليب إليها؛ ما يعني أن معدته لا تستطيع التعامل مع الحليب ولا يمكن هضمه بسهولة. ومن أكثر أعراض الحساسية من حليب الأم شيوعا أن تجدي طفلك يبكي من الجوع ويبكي عند الشبع؛ ما يعني أن وجود الحليب بمعدته يؤلمه ويسبب له الأذى. ومن الطبيعي للغاية أن تجدي حركة الأمعاء وعملية الهضم لدى طفلك تصحبها الاضطرابات بشكل كبير طيلة الوقت؛ فهو إما يصاب بالإسهال أو بالمغص أو بالانتفاخ وكثرة الغازات المزعجة والبكاء المستمر.
أعراض حساسية اللاكتوز عند الرضع
ليس هناك فرق بين مصطلح الحساسية من حليب الأم وحساسية اللاكتوز عند الرضع؛ ذلك أن الحساسية من حليب الأم هي عدم تحمل سكر اللاكتوز الموجود بالحليب البقري ومشتقاته؛ والتي تصل للطفل عن طريق حليب الأم الطبيعي أو الحليب الصناعي الخاص بالأطفال الرضع. وحساسية الحليب ليست بالأمر الهين؛ لأنها قد تؤثر سلبا على حياة الطفل؛ خاصة بالأشهر الأولى من عمره. وتصيب الحساسية من حليب الأم 2% من الأطفال؛ وهذا شيء لا يدعو للقلق؛ لأن 90% من هذه الحالات تتحسن وتختفي الحساسية لديها بعد إتمام العام الأول.
ولزيادة الإيضاح؛ فإنه عادة ما يتم إكمال هضم الطعام بالأمعاء؛ واللاكتوز هو عبارة عن نوعين من السكر؛ وهما سكر الجلوكوز وسكر الجلاكتوز. وهذان النوعين مرتبطين عن طريق رابطة؛ ووقت مروره بالأمعاء تقوم بإفراز أنزيم يسمى بأنزيم اللاكتيز؛ والذي يقوم بدوره بتكسير تلك الرابطة بين سكر الجلوكوز وسكر الجلاكتوز حتى يتم امتصاصهما بشكل طبيعي ليستفيد منهما الجسم. والأطفال الذين يعانون من الحساسية من حليب الأم أو عدم تحمل اللاكتوز يكون لديهم مشكلة ما في إفراز هذا الأنزيم؛ بمعنى أن يكون الإفراز لديه قليل أو منعدم.
حساسية اللبن البقري عند الرضع
لأننا اعتدنا على إعطاء الطفل اللبن، سواء البقري أو الجاموسي أو الزبادي، في بداية تناوله للطعام الصلب، فكثيرا من الأمهات لا تقتنع بسهولة أن هناك ضرر قد يصيب طفلها جراء هذا التصرف؛ خاصة إن كانت قد فعلت الشيء نفسه مع أطفالها الأكبر سنا. ويجب على جميع الأمهات أن يعلمن أنه مع تطور العلوم والأبحاث يكتشف الأطباء الجديد كل يوم. وقد أثبتت الدراسات الحديثة أن تناول الأطفال الحليب البقري أو أيا من منتجات الألبان الأخرى قد يسبب حساسية من منتجات الألبان، وهي لا تقل خطورة من الحساسية من حليب الأم التي نتحدث عنها في هذا المقال؛ بل إنه هذه الحساسية قد تلازمه مدى الحياة. وتكمن مشكلة اللبن البقري والجاموسي في احتوائهما على مادة بروتينية تسمى بالكازين. وتتواجد هذه المادة بتلك الألبان بنسب أكبر بكثير من تلك الموجودة بلبن الأم الطبيعي؛ مما يتسبب للطفل بحساسية جلدية أو حساسية في الجهاز الهضمي؛ الأمر الذي يسبب له إسهالا مستمرا؛ كما أنه يسبب في بعض الحالات نزيفا في القناة الهضمية؛ مما يصيب الطفل بالأنيميا المفرطة، أو يعرضه للإصابة بالسمنة التي يتبعها الإصابة بمرض السكري من النوع الأول بعد مرور فترة من الوقت.
ولأن الحليب البقري والجاموسي في الغالب يكون غير معقم وغير مضمون من ناحية النظافة، فقد يصيب الطفل بالنزلات المعوية أو أي عدوى بكتيرية، وقد ينقل له الكثير من الأمراض. والقاعدة العامة والخطوة الأولى لتقليل احتمالية إصابة طفلك بحساسية اللبن البقري، ومنتجات الألبان عموما، هي تأجيل تقديم الطعام الطلب حتى يتم الطفل ستة أشهر من عمره؛ ذلك أن الطفل قبل هذا الوقت في الغالب لا تكون لديه القدرة على التعامل مع الطعام؛ وبالتالي تبدأ مناعة الجسم بمهاجمة الطعام على أنه جسم غريب؛ ومن هنا يبدأ الطفل رحلة المعاناة من حساسية الطعام التي قد تحدث بعد معانة أخرى من الحساسية من حليب الأم ولا يتقبل جسمه أنواعا معينة من الأطعمة. والخطوة الثانية لتقليل فرصة الإصابة بالحساسية هي تأجيل تقديم الحليب البقري والجاموسي ومنتجات الألبان جميعها قبل أن يتم الطفل عامه الأول.
وأفضل بداية لإطعام الطفل هي إعطاؤه مسحوق الأرز، على أن تبدأ بملعقة، ثم ملعقتين، ثم وجبة كاملة. وبعد أن يكون الطفل قادرا على تناول وجبته الأولى، تدخل الأم الوجبة الثانية؛ وهي عبارة عن خضار مسلوق ومهروس ناعما للغاية؛ حتى يسهل على الطفل بلعه وهضمه؛ لأن الطعام غير المهروس تماما لا يستطيع جسم الطفل امتصاص العناصر الغذائية به بشكل جيد. والسبب في تقديم الخضار قبل الفاكهة هو أن الطفل قد يرفض الخضار إن جرب الفاكهة المحتوية على السكر أولا. وبعد أن يتقبل طفلك الوجبة الثانية، والتي تعطينه إياها بنفس أسلوب تقديم الوجبة الأولى، ملعقة واحدة من كل نوع من الخضار، ثم ملعقتين، ثم وجبة كاملة، تجرب الأم كل نوع جديد من الخضار بنفس الأسلوب، وبعد أن يتقبل الطفل الخضار تبدأ الأم في إدخال الفاكهة له بنفس الطريقة.
الطريقة المثلى للتعامل مع الحساسية من حليب الأم
إذا كان رضيعك يعاني من الحساسية من حليب الأم ، يحاول طبيب الأطفال المختص عمل فحوصات مخبرية للدم أو البراز لحين الوصول إلى نوع الغذاء الذي يسبب الحساسية للطفل؛ فإن كانت الحساسية لديه من منتجات الألبان، تنصح الأم بوقف تناولها نهائيا وأخذ الكالسيوم الذي تحتاجه هي وطفلها عن طريق الحبوب التي يصفها الطبيب. بعد ذلك تراقب الأم الطفل لترى إن كان هناك تحسنا أو ظل الوضع على ما هو عليه؛ فإن تحسن الطفل، فبها ونعم؛ وإلا تحاول، بالاستعانة بطبيبها، البحث مجددا عن نوع الغذاء الذي يسبب المشكلة. وفي حال وجد أن الحساسية من حليب الأم جعلت من الرضاعة تجربة مؤلمة للطفل، جسديا ونفسيا، فالحل إيقاف الرضاعة الطبيعية؛ رأفة بطفلها وحرصا على صحته. وفي هذه الحالة يناسب الطفل اللبن النباتي أكثر من اللبن الحيواني؛ وهو اللبن المستخلص من الصويا.
وقد أحدث العلماء والأطباء تغيرا كبيرا في هذا المجال؛ فصنعوا حليبا نباتيا خاص بالأطفال الذين يعانون من الحساسية من حليب الأم المحتوي على البروتين الحيواني. وفي الغالب يرتاح الطفل عند البدء في إعطائه لبن الصويا؛ ذلك أن نسبة الأطفال الذين لا يناسبهم حليب الأم ولا لبن الصويا لا تتعدى 5%؛ أما النسبة الكبيرة، 95%، فتتحسن تماما مع الحليب النباتي الخالي من اللاكتوز. وتعويضا عن الكالسيوم الذي يستفيد به الطفل من لبن الأم، تستطيع الأم إعطاؤه الخضروات المحتوية على الكالسيوم عند بداية تناوله الطعام الصلب؛ كالبروكلي والسبانخ؛ كما يمكن تقديم اللبن الزبادي أو الحليب الرائب لتحقيق أقصى استفادة. ولا ننسي الحبوب الكاملة؛ مثل الأرز والعدس، واللحوم والأسماك؛ لأن هذه الأطعمة غنية جدا بالفيتامينات التي يحرم الطفل الذي لا يرضع طبيعيا منها.
ترجيع الرضيع لحليب الأم
يعتبر الترجيع أو الارتداد المريئي من المشاكل التي قد تشكل خطورة على حياة الطفل الرضيع؛ في حال لم يتم التعامل معه بالشكل الصحيح. والطبيعي أن يمر حليب من الأم للحلق ومنه للمريء، ثم إلى رأس المعدة التي تدفع به إلى المعدة. والمهمة الرئيسية لرأس المعدة هي قيامه بالانفتاح حتى يسمح للحليب بالدخول إلى المعدة، ثم ينغلق ثانية حتى لا يسمح للحليب بالخروج ثانية. ويحدث في بعض الأحيان عند الأطفال الرضع أن رأس المعدة لا ينغلق بعد دخول الحليب إلى المعدة؛ مما يؤدي إلى ارتداد كل ما في المعدة إلى المريء ثانية، أو إلى الحلق، أو حتى إلى خارج الفم.
أما عن أسباب ترجيع الرضيع لحليب الأم، فقد يكون أحدها الحساسية من حليب الأم أو عدم اكتمال نمو عضلة رأس المعدة؛ وقد يكون الجهاز الهضمي بالكامل لم يكتمل نموه كذلك؛ وبالتالي فجميع العضلات تكون من الضعف بحيث لا تستطيع القيام بعملية الفتح والغلق وقت اللزوم، وقد تظل مفتوحة طوال الوقت مما يؤدي إلى استمرار خروج الحليب عن طريق الفم. وفي بعض الأحيان يكون السبب وراء الترجيع عند الرضع هو صغر حجم المعدة؛ الأمر الذي يجعلها غير قادرة على استيعاب كمية الحليب التي تنزل لها من الفم فتعيده إليه مرة أخرى.
والحقيقة أن ترجيع الطفل بسبب الحساسية من حليب الأم يكون له أكثر من شكل؛ وشكله يحدد ما إذا كان الرضيع يعاني بالفعل من مشكلة الارتداد المريئي أم أن ما يحدث هو أمر طبيعي؛ فإذا كان صغيرك يخرج من فمه كمية صغيرة من الحليب بعد عملية الرضاعة دون أن يبدو عليه أي انزعاج، بمعنى أنه لم يبكي أو يتألم، ولم تشعري بأن هناك ضغط على معدته، ولم يحدث كذلك بعد الترجيع أية مشاكل مثل ضيق التنفس، إذا كان الأمر كذلك، فإن هذا يعتبر أمرا طبيعيا يحدث لغالبية الأطفال، ولا يصنف على أنه ترجيع أو ارتداد مريئي. ولا تنصح الأم في هذه الحالة باللجوء للأدوية لعلاج طفلها؛ لأن هذه المشكلة عادة ما تزول وتختفي وحدها بعد مرور أربعة أو خمسة أشهر من عمر الطفل؛ حيث تصبح عضلة رأس المعدة لديه أكثر قوة.
أما إذا كان الطفل يعاني من الترجيع المتكرر، الذي يصحبه ضيق بالتنفس أو شعور بالألم أو ضغط على المعدة أو وجود الكثير من الغازات بالأمعاء أو مغص بالمعدة أو كان الطفل لا يكتسب المزيد من الوزن أو كانت صحته تتدهور ويظهر عليه أعراض المرض؛ مع استمرار كل هذه الأعراض لأسابيع متتالية، إذا حدث فإن هذا الطفل يعاني غالبا من الترجيع والارتداد المريئي. وفي هذه الحالة تنصح الأم باستشارة الطبيب المختص ليقوم بتشخيص الحالة وإعطائها العلاج المناسب.
وهناك بعض الأساليب التي تساعد الأم وطفلها الذي يعاني من الحساسية من حليب الأم وتقلل من ترجيع الحليب لديه؛ ومن أهمها الحرص على إرضاع الطفل وهو في وضع عمودي أو شبه عمودي حتى يسهل مرور الحليب إلى معدته واستقراره بها. والتكنيك الذي لا يقل أهمية عن طريقة الرضاعة هو مساعدة الطفل على التجشؤ كل ثلاث لخمس دقائق طيلة مدة الرضاعة؛ ويكون ذلك بحمل الطفل وإسناد رأسه على كتفك أو جعله في وضعية الجلوس مع القيام بالخبط الخفيف لعدة مرات على ظهره حتى يتجشأ ويخرج الهواء الذي كان قد دخل مع الرضاعة. كذلك إن كان الطفل يرضع من خلال ببرونة الحليب فلابد من التأكد من أن عدد الفتحات بها تناسب عمر الصغير.
وفي بعض الحالات يصف الطبيب إضافة القليل من الأرز المطحون، أو دقيق الأرز، مع الحليب حتى يستقر بالمعدة بشكل أفضل ولا يرتد ثانية للفم، ولكن في هذه الحالة لابد أن تكون فتحة الببرونة مناسبة لتمرير الأرز مع الحليب. وإذا كنت عزيزتي الأم ترضعين صغيرك رضاعة طبيعية، فبإمكانك تناول كميات كبيرة من الأرز حتى يثقل الحليب ويساعد على إبقائه بمعدته وعدم ترجيعه. وفي حال نام الطفل بعد الرضاعة فيفضل تنويمه بوضع عمودي، وذلك بحمله على كتفك لمدة ثلاثين دقيقة، ثم وضعه على سطح مرتفع عن سطح الأرض، وسادة مثلا، بحوالي 45 درجة؛ حتى يساعد ارتفاع رأسه على عدم خروج الحليب من معدته. كما يفضل تنويم الطفل على ظهره أو أحد جنبيه وليس على بطنه.
ولا يناسب إطلاقا هز الطفل أو تحريكه كثيرا بعد عملية الرضاعة؛ فذلك من شأنه أن يؤدي إلى الترجيع. ولو حدث وخرج الحليب بالفعل من فم رضيعك، فلا تقومي بإرضاعه وقتها؛ ظنا منك أن الحليب قد خرج بالكامل من معدته؛ بل انتظري حتى موعد رضعته القادمة وأرضعيه بشكل طبيعي. ويتوجب عليك استشارة الطبيب المعالج إذا كان طفلك يتقيأ كمية كبيرة من الحليب بعد كل رضعة؛ أي ما يعادل خمسة ملاعق كبيرة؛ أو إذا كان الحليب الذي يتقيؤه الطفل له لون مختلف عن الطبيعي؛ كالأحمر أو البني أو الأخضر؛ أو إذا ظهرت علامات الجفاف عند الطفل؛ والتي تظهر في جفاف الحفاضة أو نوم الطفل لفترات طويلة أو كونه متعبا في معظم الأوقات.
وعادة ما تنتهي مشكلة الحساسية من حليب الأم والترجيع تماما لدى الأطفال عند بلوغ عامهم الأول؛ لأن نمو الجهاز الهضمي يكتمل تماما في هذا التوقيت؛ وبالتالي تصبح عضلات المعدة أقوى بكثير. ولكن إذا تجاوز الطفل عامه الأول وظلت تلك المشكلة ملازمة له، فقد يكون سبب ذلك تهيج بالمريء أو ضغط على الحجاب الحاجز؛ والذي يتسبب فيه مشاكل أخرى كالبدانة أو الإمساك أو تناول أنواع معينة من الطعام أو أدوية معينة أو ارتفاع الحرارة.
متى يصبح حليب الأم ضارًا؟
ليس هناك غذاء للطفل الرضيع أفضل من حليب الأم؛ والسبب في ذلك يعود لاحتواء حليب الأم على أكثر من سبعة عناصر لا يمكن أن يتواجدوا في أي حليب سواه؛ منها مضادات للحساسية وأنزيمات ومضادات للطفيليات ومضادات للفيروسات وعناصر للنمو وهرمونات وأجسام مضادة. وكل هذه العناصر لا يمكن أم تتواجد حتى في حليب الأطفال الصناعي؛ والذي يصنع أساسا من الحليب البقري المضاف إليه الكثير من العناصر الأخرى في محاولة ليضاهي لبن الأم؛ ولكنه لا يشبهه على الإطلاق. كل هذا ليس بغريب عنا، ولكن الغريب والمستغرب أن يكون حليب الأم ضار للطفل. ويكون حليب الأم ضار في بعض الحالات، منها معاناة الطفل من الحساسية من حليب الأم وبعض حالات الإصابة بالصفراء. ولكن المطمئن أن هذا لا يحدث إلا بنسبة ضئيلة للغاية، حوالي 2%. ويمكنك عزيزتي الأم معرفة ما إذا كان حليبك هو المسبب للصفراء عند طفلك الرضيع في حال أوقفت الرضاعة الطبيعية لمدة 24 ساعة ولاحظ الطبيب هبوطا سريعا في نسبة الصفراء. وفي هذه الحالة تعمد الأم إلى استبدال الرضاعة الطبيعية بالرضاعة الصناعية؛ وذلك بشكل مؤقت لحين تمام شفاء الطفل الرضيع.
كذلك يتحول حليب الأم من مصدر للغذاء والوقاية من الأمراض إلى سم يدخل إلى جسد الطفل ويفعل به الأفاعيل. ويعتمد ذلك على جانبين؛ الجانب الغذائي والجانب النفسي. فإذا كانت الأم تختار الأطعمة الصحية التي تساعد طفلها على النمو وتعطيه كفايته من جميع العناصر الغذائية، وفي نفس الوقت تتمتع بصحة نفسية جيدة فإن الطفل سيستفيد أيما استفادة من هذا الحليب؛ ونادرا ما سيصاب بالأمراض؛ أما إن كانت الأم تأكل من الأطعمة ما يضر أكثر مما ينفع أو كانت حالتها النفسية والمزاجية سيئة، فإن طفلها الرضيع سيكون دائما متعب الجسد متعكر المزاج؛ هذا إلى جانب أن مناعته ستضعف تماما وستلازمه الحساسية من حليب الأم ، وقد يصل الأمر إلى حد الوفاة. ولا نغفل في هذا المقام لفت نظر الأم إلى الضرر الكبير الذي يقع على الطفل إذا كانت تدخن أو تتعاطى بعض المواد المخدرة؛ أو حتى تكثر من تناول المسكنات أو أدوية احتقان الأنف التي تخفف المخاط.
ويصاب الطفل بمشكلة الحساسية من حليب الأم في حال أصيبت الأم بأحد الأمراض؛ مثل نزلات البرد والنزلات المعوية والالتهاب الرئوي وحمى التيفود. ومثل هذه الأمراض تحتم على الأم منع طفلها من الرضاعة الطبيعية بشكل مؤقت لحين شفائها. وهناك من الأمراض ما يمنع الأم من إرضاع طفلها رضاعة طبيعية بشكل دائم مطلق؛ وهي الأمراض التي تضعف من صحة الأم وتؤثر على حالة جسدها العامة؛ لأن تعبها سينتقل حتما لطفلها، مثل الإصابة بالسل أو الأمراض النفسية أو حالات الصرع.
والخطأ الذي تقع فيه بعض الأمهات أنه بمجرد علمها بأن الحليب الطبيعي يحتوي على كميات من الميكروبات، منها البكتيرية والفيروسية والفطرية وهكذا، بمجرد علمها بذلك تشعر بالقلق من أن يعاني طفلها من الأمراض أو الحساسية من حليب الأم ، بل قد تدخل الكثير من الطعام الصلب لطفلها لتقليل رضاعته الطبيعية. ولكن الحقيقة هي أن الدراسات الحديثة والقديمة قد أثبتت أن هذا يعد أمرا إيجابيا وليس سلبيا على الإطلاق؛ فهذه طبيعة الحليب التي خلقها الله تعالى. وهناك الكثير من الفوائد لهذه الميكروبات بحليب الأم؛ ومنها أن وجودها بالحليب يعمل على إضعافها قبل أن تصل إلى الطفل، مما يسهل على جسده عملية التغلب عليها في المستقبل من خلال جهازه المناعي القوي. ومن الفوائد المهمة كذلك لهذه الميكروبات أنها تساعد الطفل على تكوين ميكروباته الصديقة الموجودة في الجزء السفلي من الجهاز الهضمي؛ وغير ذلك من الفوائد الجمة لميكروبات الحليب.
وننوه على كل أم أن تراقب طفلها بعين دقيقة؛ حتى إذا كانت هناك مشكلة، مثل مشكلة الحساسية من حليب الأم أو غيرها، حاولت البحث عن حل لها في وقت باكر؛ فليست العبرة بتناول الطفل لغذائه؛ وإنما يهمنا الحالة الصحية والنفسية له.
ملحوظة: هذا المقال يحتوي على نصائح طبية، برغم من أن هذه النصائح كتبت بواسطة أخصائيين وهي آمنة ولا ضرر من استخدامها بالنسبة لمعظم الأشخاص العاديين، إلا أنها لا تعتبر بديلاً عن نصائح طبيبك الشخصي. استخدمها على مسئوليتك الخاصة.
أضف تعليق