تسعة
الرئيسية » صحة وعافية » التفاعلات الهرمونية : كيف تتحكم الهرمونات بحياتك ؟

التفاعلات الهرمونية : كيف تتحكم الهرمونات بحياتك ؟

من المعروف أن الهرمونات ذات تأثير على أجسادنا وعلى عقولنا، في السطور التالية تستعرض الكاتبة كيف يمكن أن تتحكم التفاعلات الهرمونية بحياتك وكيف تتحكم بها.

التفاعلات الهرمونية

ربما تظن أن حياتك تحدث نتيجة تصرفاتك وأفعالك الناتجة من داخلك تماما دون تدخل أي شيء آخر، ولكن عندما تقرأ هذا المقال ستكتشف أن التفاعلات الهرمونية تملك رأيا آخر في هذا الموضوع. الهرمونات هي مواد كيميائية يتم إفرازها من خلال الغدد الصماء بالجسد. هذه الهرمونات تتجه إلى كل سنتيمتر داخل جسدك حاملة معها رسائل وأهداف يتم من خلالها التفاعلات الهرمونية التي تخالفك الرأي يا عزيزي القارئ. هذه الهرمونات هي عبارة عن ذرات كيميائية معظمها ذرات كاربون. هذه الذرات هي التي تقوم بكافة النشاطات المختلفة داخل جسدك من أبسطها كالنمو والجوع إلى أعقدها كالتكاثر والمشاعر. ما هي هذه الهرمونات وتلك التفاعلات الهرمونية إذا؟ وكيف تتحكم في حياتنا بطريقة تفوق تحكمنا نحن شخصيا بها؟ هذا هو ما سنعرفه في السطور القادمة من هذا المقال.

التفاعلات الهرمونية : فهم أفضل لكيفية تحكم الهرمونات بأجسادنا

ما هي الهرمونات؟

كطريقة مثلى لمحاولة معرفة التفاعلات الهرمونية وطريقة تحكمها فينا، علينا معرفة الهرمونات أولا وماهيتها. وأفضل طريقة لمعرفة الهرمونات، هي معرفة طريقة عمل منظومة الغدد الصماء المسئولة عن هذه الهرمونات. سنحاول جعل الموضوع أكثر تبسيطا وسهولة دون التدخل في تفاصيل علم الأحياء وسنكتفي بذكر أسماء بعض الغدد والوظيفة المسئولة من الهرمونات التي يتم إفرازها بواسطة تلك الغدة.

الغدد المسئولة عن التفاعلات الهرمونية

الغدة النخامية هي الغدة تتحكم بشكل كبير في إفراز الغدد الأخرى وتعتبر الغدة المسئولة عن إفراز تلك الغدد. هذا يجعلها مسئولة عن العديد والعديد من المهام من أهمها هرمونات النمو.

بقية الغدد تتحكم في مهام منفصلة كالغدة فوق الدرقية التي تتحكم في مستوى الكالسيوم في الجسد. أما الغدة الدرقية فتتحكم في حرق السعرات الحرارية ومعدل ضربات القلب. بالنسبة للغدة التيموسية فتكون مسئولة عن الجهاز المناعي والنضوج. الغدة البنكرياسية تقوم بإفراز الأنسولين الذي يتحكم في مستوى السكر بالجسد. نوع غدة آخر يُسمى الكظرية/أدرينالية تقوم بالتحكم في هرمونات الضغط والكورتيزول والرغبة العاطفية. الغدة المهادية تتحكم في درجة حرارة الجسد، الجوع، الحالة المزاجية، العطش، النوم والرغبة العاطفية.

كيف تؤثر التفاعلات الهرمونية على صحتنا؟

كما أوضحنا فيما سبق، الذرات الكيميائية التي تدعى “هرمونات” هي المسئولة عن كل التفاعلات الهرمونية والتنقلات داخل خلايا جسدك بمختلف أنواعها. فيما يلي، سنتعرف على بعض التأثيرات المثيرة جدا لهذه التفاعلات الهرمونية على بعض أعضاء جسدنا. سنعرف التأثيرات السيئة لهذه التفاعلات الهرمونية وكيف نتخلص منها. وأيضا التفاعلات الهرمونية الجيدة وكيف نحافظ عليها. وسنتمكن من الحصول على فهم أفضل وأكثر وعيا لما يحدث داخل أجسادنا.

الكورتيزول

عندما تشعر ببعض الخطر أو الإنهاك الجسدي والنفسي، تقوم الغدة المهادية بإفراز كميات كبيرة من هرمون الكورتيزول داخل مجرى الدم الخاص بك. هذا الهرمون يٌعرف باسم آخر وهو “هرمون التوتر”! التفاعلات الهرمونية الناتجة عن إفراز هذا الهرمون هو أنه يقوم بإسراع نبضات قلبك مما يسمح لعقلك بالحصول على المزيد من الأوكسجين. كما انه يقوم بتوفير طاقة عالية عن طريق استنفاذ مخزون الدهون والجلوكوز داخل جسدك. ربما تبدو لك هذه الأعراض جيدة ومحببة، فأنت ستحصل على الكثير من الطاقة والتخلص من بعض الدهون أيضا! لكن الحقيقة هي أن الدراسات أثبتت بأن التعرض الدائم للتوتر والضغط لمدة طويلة سيقوم باستنزاف مخزون الكورتيزول الذي بداخلك مما سيتركك عازلا ومستنزفا أمام هجمات الخطر والإنهاك القادمة.

كيف تتحكم في التفاعلات الهرمونية للكورتيزول؟

أبسط الطرق للمحافظة على منسوب الكورتيزول لديك معتدلا دون زيادة قد تضرك أو نقصان سيحرمك من الراحة هي أن تقوم ببعض التمرينات الرياضية –ويستحسن الرياضة الخاصة بتقوية عضلة القلب- كثلاث ساعات في الأسبوع على حد معتدل. ولكن احذر أن تتمرن أكثر من اللازم، فكلما حافظت على تمرينك قصيرا وفعالا كلما استطعت الحصول على أفضل النتائج منه. فطبقا لأخصائية التغذية “ناتاشا ترنر” صاحبة كتاب “الحمية الهرمونية Hormone Diet”، التريض لأكثر من 40 دقيقة يقوم بزيادة منسوب الكورتيزول في جسدك. وهو الشيء الذي نحاول تجنبه الآن.

ميلاتونين

يطلق على هذا الهرمون أنه “هرمون النوم” تبدأ التفاعلات الهرمونية لهذا الهرمون عندما تبدأ الشمس في الغروب ويشعر جسدك بدخول الليل، فتقوم الغدة الصنوبرية بإفراز هذا الهرمون، وتعتبر ساعات المساء الأولى هي أعلى المراحل لإفراز هذا الهرمون. هذا الهرمون شديد الأهمية حيث أنه يساعد في مهاجمة الضغط والتوتر ويعمل كمضاد للأكسدة مما يحمي خلايا جسدك من التكسر. يبدو الأمر جيدا إلى هذا الحد، السيئ في الموضوع هو أن هذا الهرمون يستلزم ظلاما تاما للتمكن من أداء وظيفته، الأضواء الطبيعية أو الصناعية ستقوم بوقف إفراز هذا الهرمون فورا مما سيمنعك كل الفوائد التي يعطيها لك. بل في الحقيقة، أثبتت الدراسات أن المستويات المنخفضة من هذا الهرمون لدى الفرد تكون سببا في إصابته بالسمنة والسكر وربما السرطان!

كيف تحافظ على التفاعلات الهرمونية للميلاتونين؟

كما أوضحنا أن التفاعلات الهرمونية لهذا الهرمون يلزمها ظلام تام، لذلك احرص على أن تكون غرفتك مظلمة تماما وخالية من أي إشعاع أثناء نومك. هذا يتضمن التلفاز والهاتف والحاسوب وكل ما يمكنه أن يكون مصدرا للإشعاع بجوارك. عليك أن تطفئ كل مصادر الإشعاع وربما تعتمد على أغطية النوافذ السوداء لضمان أفضل عزل للضوء. الشيء الثاني والغريب نوعا ما هو ما أثبتته بعض الدراسات عن أن الملابس الضيقة تقوم بالحد من إفراز هرمون الميلاتونين بنسبة 60%! لذلك، حاول أن تنام في ملابس مريحة وغير مؤذية لجسدك وهرموناتك. وبالنسبة للغذاء، فتناول بعض الطعام الصحي البسيط قبل النوم يكون دائما عادة جيدا. ربما سترغب بتناول بعض التوت قبل النوم عندما تعلم أنه ثري بالميلاتونين.

الأوكسيتوسين

في كل مرة تمسك فيها بيد صديقك أو شريك حياتك، يقوم هذا الهرمون بالانطلاق والمرح داخل جسدك. يطلقون عليه اسم آخر وهو “هرمون السعادة”! التفاعلات الهرمونية الناتجة عن هذا الهرمون تقوم برفع الدعم المعنوي للفرد وتجعله أكثر قدرة على الثقة بالأشخاص الذين يكونون سببا في إفراز هذا الهرمون. يقوم هذا الهرمون أيضا بالعمل على تقليل الضغط الناتج عن الحياة الطبيعية، وعندما يرتفع منسوبه كثيرا فإنه يكون محفزا للرغبة العاطفية.

كيف تحافظ على منسوب الأوكسيتوسين؟

أفضل طريقة لتحافظ بها على التفاعلات الهرمونية لهرمون السعادة هي بالتواصل مع الأشخاص الذين تحبهم والحفاظ على علاقات جيدة ستقوم بدورها بإشعارك بمشاعر أفضل. الحصول على حيوان مدلل أيضا والارتباط به بإمكانه أن يحث على إفراز هذا الهرمون بداخلك عند اللعب معه.

السيرتونين

هناك دائما ثلاثة هرمونات ستجدهم يتم ذكرهم سويا معظم الوقت، الأوكسيتوسين، الدوبامين وهذا الهرمون الذي بحوزتنا حاليا وهو السيرتونين. هذه الهرمونات الثلاثة بتركيز مختلف لكل منهم في الدم يتم الحصول على حالة مزاجية معينة تتراوح من السعادة إلى الحزن وغيرهم من الحالات المزاجية. لذلك، يمكننا القول أن هرمون السيرتونين مسئول جزئيا عن الحالة المزاجية لدينا. ارتفاع منسوب هرمون السيرتونين في الدم سيعمل على تحسين حالتك المزاجية وربما مساعدتك في القدرة على القيام بأكثر من عمل في نفس الوقت. أما بالنسبة لانخفاض منسوبه عن المعتاد، فإنه يؤدي إلى التصرفات القهرية كعدم القدرة على التخلص من فكرة معينة مثلا. وأحيانا يصل تأثير انخفاض هذا الهرمون إلى الاكتئاب.

كيف تحافظ على منسوب السيرتونين مرتفعا لديك؟

بإمكانك الحصول على هرمون السيرتونين عن طريقين وكلاهما يكمنان في وجبتك الغذائية. أول مكون يساعدك على تكوين السيرتونين هو الكربوهيدرات، لذلك ربما عليك أن تكتشف أفضل الحميات الغذائية من أجلك، فالحمية الغذائية التي تحرمك من الكربوهيدرات قد تسبب لك التعاسة في المقابل. المكون الثاني هو حمض أميني هام جدا يدعى “التربتوفان”، هذا الحمض الأميني يمكنك الحصول عليه بتناول بعض الزبادي أو الموز كما تقول الدكتورة “سوزان كلينر.”

الغدة الدرقية

هذه المرة لن نتحدث عن هرمون بعينه، ولكن سنتحدث عن الغدة الأم التي تقوم بإفراز الهرمونات. أشهر هرمونات الغدة الدرقية هما الثيروكسين وثلاثي يوديدالثيرونين. الوظيفة الأساسية للغدة الدرقية هي أنها تعمل كوسيلة موازنة داخل الجسد، فهي تقوم بالمحافظة على وظائف الجسد المختلفة دون زيادة مفرطة أو نقص حاد فيها. الدور الآخر شديد الأهمية للغدة الدرقية هي أنها تعمل كمنظم لعملية الهضم والحصول على الطاقة اللازمة للجسد. أكثر الأشياء التي تضر بالغدة الدرقية وبالتالي الهرمونات الناتجة عنها هي سوء التغذية والتعرض لغط مزمن. هذه الأشياء تقوم بإخلال عمل الغدة الدرقية مما يتركك إما بالكثير جدا أو القليل جدا من هذه الهرمونات. هذا الخلل يكون تأثيره الشعور الدائم بالإرهاق، الإمساك أو البرد.

كيف تواجه مخاطر الغدة الدرقية؟

أحد الأشياء شديدة الخطورة على جسدك عامة والغدة الدرقية خاصة هي مادة البيسفينول أ BPA. هذه المادة الكيميائية تعتبر من المواد شديدة الخطورة وتتواجد بكثرة في المنتجات البلاستيكية من حولنا، لذلك علينا أن نكون شديدي الحرص عند الحصول على المواد البلاستيكية وأن نتأكد من أنها خالية من ذلك المنتج. علينا أن نحذر أيضا لأنها قد تختبئ في أبسط الأشياء التي نستعملها كالزجاجات البلاستيكية.

المعدة

لعل أول ما يخطر في بالك عند سماع كلمة المعدة هو الطعام، وهذا الأمر صحيح جدا. الهرمونات التي يتم إفرازها في المعدة أهمها هرمون اللبتين وهرمون الجريلين. هذان الهرمونان مسئولان سويا عن تنظيم عملية تناول الطعام لدى الإنسان. عندما تشعر بالجوع وتكون معدتك فارغة، تقوم المعدة والقناة البنكرياسية بإفراز هرمون الجريلين الذين يقوم بإرسال الإشارات إلى عقلك بأن معدتك فارغة وأنك تشعر بالجوع. عندما تلبى احتياجاتك الغذائية وتتناول ما يكفيك من الطعام، تبدأ الدهون داخل جسدك بإفراز هرمون اللبتين لتقوم بسد شهيتك وإخبارك بأنك اكتفيت من الطعام. لعلك تتساءل الآن إذا كان الأمر بهذه السهولة بين الهرمونات حيث يقوم هرمون بإخبارك أنك جائع وآخر يخبرك أنك اكتفيت .. لماذا إذا لا نتوقف عن تناول الطعام وكسب المزيد من الوزن! يحدث هذا لأن هذه العملة المتبادلة بين الإحساس بالجوع والشبع يمكن قطعها في منتصف الطريق إذا قمت بتناول الكثير من السكر. ما يفعله السكر هو أنه يمنع إفراز هرمون اللبتين مما يتركك في إشارة خاطئة دائمة بأنك جائع وتحتاج إلى الطعام.

كيف تنظم عمل هرمونات المعدة؟

لعلك الآن تملك لمحة عما يجب عليك أن تفعله لتنظيم عمل هرموني اللبتين والجريلين. عليك أن تكون حريصا في حميتك الغذائية وأن لا تتناول أكثر من احتياجك من السكر في اليوم، فالنساء مثلا لا يلزمهم أكثر من 6 ملاعق صغيرة سكر في اليوم. لا تنس أن السكر ليس معناه الكريستالات البيضاء اللي نضعها في مشروباتنا فقط، ولكنه موجودة في معظم أطعمتنا المنزلية الصنع أو التي نطلبها من الخارج. فكن حريصا عند تناول طعامك.

هذه بعض الإرشادات البسيطة التي تساعدك في المحافظة على جسدك وإبقاء التفاعلات الهرمونية في النطاق المسموح لها دون إفراط أو نقص.

أفنان سلطان

طالبة جامعية، أهوى القراءة واعتدت الكتابة كثيرا منذ صغري. على أعتاب التخرج ولا أدري بعد ماذا سأفعل.

أضف تعليق

إحدى عشر − 4 =