هل تتذكر وأنت تشاهد فيلما سينمائيا عربيا أو أجنبيا أن تتعرف ويكون لديك الفضول لتعرف من هو كاتب السيناريو؟ هل تعلم بداية الفارق بين كاتب قصة الفيلم وكاتب السيناريو؟ في العادة في اغلب افلامنا العربية يكون كاتب القصة هو نفسه كاتب سيناريو الفيلم. لكن الفارق موجود فكاتب القصة هو الشخص الذي يكتب متن وحكاية الرواية او القصة التي تدور احداثها امام الشاشة, أما السيناريو فهو النص الادبي الذي يشكل الحوار المتبادل بين ابطال العمل السينمائي او التليفزيوني, ولذلك جرت العادة توضيحا للامر نجد في تتر الفيلم يكتب “سيناريو وحوار” لأن السيناريو لا يقتصر على الحوار المتبادل فقط, لكن هو التوصيف الدقيق والتفصيلي للمشاهد الموجودة بقصة الفيلم. يعني تجد القصة تقول ان الفتاة كانت تجلس في كرسي امام البحر تتفكر في حبيبها الذي غاب عنها وتركها وتزوج صديقتها, فيكون السيناريو عبارة عن توصيف سينمائي لكيفية خروج هذا المشهد الروائي امام الشاشة ليصل للمتفرج بدقة, فتجده يخرج على صورة ان الفتاة تجلس على الكرسي امام البحر الذي تموج مياهه بهدوء يناسب المشهد, وتتذكر الفتاة اثناء تفكيرها بعض ذكرياتها مع حبيبها الذي خذلها فيظهر ذلك بشكل فلاش باك على شاشة السينما بمشاهد مصورة خاطفة تجمعها مع حبيبها الغادر, ويكون الحوار هو الحوار المتبادل بينها وبين حبيبها في مشاهد البلاي بلاك وفي حديث النفس للنفس وهي جالسة امام البحر.
ويأتي سؤال اخر كنا قد ذكرناه من قبل عند حديثنا عن فن كتابة الرواية, وهو هل يعتبر فن كتابة السيناريو موهبة أم علم يمكن لغير الموهوب بدراسته؟
فن كتابة السيناريو :
والاجابة ان هذا الفن ايضا يحتاج للعاملين واذا اضطررنا للاستغناء عن احدهما ستكون الموهبة الي حد كبير هي الباقية لأن من الصعب جدا ان يخرج كاتب سيناريو بمجرد انه قام بدراسة العلم والمادة نفسها فأتقن الاسلوب والطريقة لكن غابت الموهبة وبالقطع ستغيب البصمة الخاصة والاتقان. والعكس أيضا صعب فالموهبة وحدها سينتج عنها كاتب سيناريو غير مدرك بأبعاد الكتابة واشكالها وكيف يطور من أداءه, وسيكون بكل تأكيد غير محترف, لذلك تجد كتاب السيناريو في هوليوود دائما يجمعون بين الموهبة والدراسة, وقد تجد في بعض الاحيان افراد لديهم القدرة المدهشة على كتابة القصة والسيناريو ويقومون بالاخراج في نفس الوقت ومن الامثلة الشهيرة المخرج والفنان الشهير ميل جيبسون صاحب فيلم القلب الشجاع ومخرج فيلم الام المسيح, ومن الامثلة ايضا المخرج العبقري جيمس كاميرون صاحب الفيلم الشهير تيتانيك.
أما في مجال السينما العربية وخاصة السينما المصرية فهي تشهد بكل تأكيد انحطاط غير مسبوق ولا يقتنع احدكم ان الثورة لها دخل بهذا, فالثورات كانت دائما سببا لخروج الشعب من ظلم واستبداد ورجعية وتخلف الي نور وحضارة وامل ونجاح, وما نحن فيه من نوعية سيناريوهات عجيبة وافلام اعجب من عينة قلب الاسد, وعبده موتة والقشاش فهي افلام عشوائية تشبه المناطق العشوائية التي بسبب تقصير حكومتنا عششت في جوانب وعلى اطراف المدن واصبحت مجتمع غير سوي ينحدر بأخلاق الامة يوما بعد يوم بكل اسف, واذا بحثت عن أي قصة او سيناريو ستجد حوار مسف عبارة عن افيهات قبيحة تتوالي على سمعك ومشاهد بذيئة تتابع امام عينيك ولن تخرج بشئ.
كتابة السيناريو بشكل احترافي وراقي
أما كتابة السيناريو بشكل احترافي وراقي يكون باتباع الخطوات المدروسة وهي قراءة الرواية او القصة اكثر من مرة وبتدقيق وتركيز, ثم استخلاص عناصرها الاساسية والثانوية واهمها طبعا المشاهد الروائية ووصفها بالتفصيل, والشخصيات وطبائعها بدقة سواء الشخصيات الاساسية او الثانوية ورسم ملامح لكل شخصية, ومن ثم دراسة الامكانيات المتاحة لرسم المشاهد السينمائية, حتي يستطيع كاتب السيناريو الكتابة بشكل مناسب للفيلم او للقصة, ويجب ان يطبع عمله بطبيعة اللغة المستخدمة في الرواية, فلا يصح ان يحول اللغة الراقية للغة ركيكة في السيناريو والحوار. بعد ذلك يبدأ في توصيف المشاهد وترتيبهم, وفي النهاية يبدأ في سرد الحوار على لسان الابطال. وعند الانتهاء يتابع كاتب السيناريو والحوار تصوير هذه المشاهد في الاستوديو حتى يتدخل وقت اللزوم في تعديل ما قام به او تغييره تماما او الاضافة اليه.